تقرير (ديبريفر) - تحظى الحرب في اليمن هذه الفترة بزخم دبلوماسي اقليمي وعالمي غير مسبوق، ساهم في تسليط الضوء على القضية ومسارات الحل فيها، وخاصة مع دخول الوسيط العماني كطرف مؤثر في المباحثات، والذي يحظى بقبول جميع الأطراف المعنية بالصراع.
التحركات العمانية الأخيرة، جاءت محمولة على بساط التفاؤل من أجل بناء مساحة لحوار مباشر ومفتوح، في محاولة للتوصل إلى مقاربات قد تبدو ممكنة بالنسبة لهم، بين الأطراف المتصارعة.
لكن المساعي العمانية، وعلى مايبدو، اصطدمت بتعقيدات جديدة، وتصلب في المواقف، على الرغم من الضغوط الامريكية والاوروبية المتزايدة على المتصارعين باليمن لوقف الحرب وايجاد حلول مناسبة لكل القضايا العالقة وفي مقدمتها الوضع الانساني المتفاقم.
والجمعة، غادر الوفد السلطاني العماني مطار صنعاء الدولي، بعدما قضى أسبوعاً كاملاً من المشاورات المعقدة مع زعيم الجماعة الحوثية المدعومة إيرانيا، وكبار معاونيه في مسعى لانتزاع موافقتهم على خطة أممية لوقف إطلاق النار وإحياء العملية السياسية المتعثرة في اليمن.
ومع عودة الوفد العماني إلى مسقط، وسط أجواء سياسية ملبدة وغموض كبير يكتنف نتائج إجتماعاته مع الحوثيين بصنعاء، تراجع منسوب التفاؤل لدى اليمنيين بإمكانية التوصل إلى حلول تسهم في تخفيف معاناتهم المستمرة منذ سنوات، بالتوازي مع التصعيد العسكري في مأرب وسقوط مزيد من الضحايا المدنيين.
وبالنسبة لكثير من المراقبين، فإن وقف اطلاق النار لم يعد هدفاً إستراتيجياً في حد ذاته، بالنظر إلى غياب الرؤية المتكاملة والعادلة لحل سياسي شامل ومستدام، يضمن خلق يمن معافى على المدى القريب والمتوسط.
ويؤكد الناشط السياسي اليمني محمد الخليدي، إن من الصعب الإفراط في التفاؤل بشأن إمكانية تحقيق إختراقات مهمة، إذ لاتبدو فكرة "الحلول الوسطى" مقبولة في الوقت الحالي، وتحديداً من قبل الحوثيين الذين يرفضون تقديم أي تنازلات قد تؤدي إلى التخلي عن جزء ولو بسيط من المكاسب التي حققوها خلال سنوات من الحرب.
وأشار في حديث له مع "ديبريفر"،إلى أن الجماعة الحوثية لاتقبل بالشراكة وبالتالي فهي لا ترغب في الانخراط بالعملية السياسية كأحد الأطراف وإنما كطرف مهيمن، ولذا فإن أي تنازلات قد تقدمها لن تكون سوى مجرد تكتيك مرحلي ومناورة سياسية فقط.
وكانت وسائل إعلام يمنية، سربت منتصف الأسبوع الماضي عدداً من النقاط التي قالت بأنها تمثل البنود المتفق عليها كخطوة أولى لإحلال السلام في البلد المنهك بفعل أعوام من الحرب الدامية والمكلفة أيضا على الصعيد الإنساني.
وتضمنت البنود فتح مطار صنعاء أمام رحلات جوية مباشرة غير محدودة ورفع الحصار عن ميناء الحديدة ووقف كامل العمليات العسكرية بجبهات القتال المختلفة وفي مقدمتها جبهة مأرب التي تشهد منذ فبراير الماضي معارك هي الأعنف منذ إشتعال الحرب.
في حين أشارت مصادر سياسية إلى تعثر المباحثات الأخيرة التي قادتها الدبلوماسية العمانية بطلب أمريكي وأوروبي مع الجماعة الحوثية.
وذكرت المصادر أن جماعة الحوثي، شددت على ضرورة وقف العمليات العسكرية الجوية للتحالف الذي تقوده السعودية ورفع الحصار بشكل كامل عن الموانئ والمطارات اليمنية أولا قبل أي اتفاق لوقف النار، وهي إشتراطات غير مقبولة بالنسبة للأطراف الأخرى التي تعاني من إنعدام الثقة مع الحوثيين.
ووفقاً لمراقبين، ترى الجماعة الحوثية أن الغارات الجوية للتحالف الذي تقوده السعودية هي ما تعيق تقدمهم الميداني وتمنعهم من إلتهام بقية المدن التي ماتزال غير خاضعة لسيطرتها.
ولذلك فان التوصل لتسوية تتضمن وقف وتحييد الغارات الجوية للتحالف سيمثل مكسب اضافي ومفيد للجماعة، قد تستغله مستقبلا لمصلحتها وخاصة أنها الاكثر تنظيما وقوة بين مختلف الاطراف اليمنية،حسبما يقول مراقبون.
وبالرغم من عودة الأمور الى نقطة الصفر حالياً فيما يخص المشاورات التمهيدية التي تقودها الأمم المتحدة والوسطاء الاقليميين والدوليين، إلا أن جماعة الحوثي، لم تقفل الباب نهائيا أمام تلك الجهود، حينما أعلن محمد عبدالسلام كبير مفاوضي الجماعة الجمعة، بأنه سيعود الى مسقط رفقة الوفد العماني لبحث مايمكن مناقشته في الملفات الانسانية والسياسية والعسكرية.
حديث كبير المفاوضين الحوثيين هذا، أبقى الباب موارباً دون إغلاق تماما في وجه الوساطات الدولية،غير أن الأمر الأكثر وضوحاً ، على الأقل في الوقت الحالي، أن أية جهود لحل الأزمة في اليمن ستصدم بجدار صلب يصعب إختراقه ورهان على المجهول، مالم يتم تسوية الملعب السياسي وممارسة ضغوطات جادة على اللاعبين المؤثرين في الصراع.