تقرير (ديبريفر) رضخ الرئيس اليمني المعترف به دوليا عبدربه منصور هادي لضغوطات قطبي التحالف السعودي-الاماراتي، مطيحا بأقوى حلفائه في الجنوب محمد صالح بن عديو من منصبه كمحافظ لشبوة والذي ظل مثار إزعاج لأبوظبي وأذرعها المحلية في اليمن.
مراقبون أعتبروا القرار الرئاسي مسمارا جديدا في نعش الشرعية وهدية إضافية منحها هادي لخصومه على طبق من ذهب، حينما فضّل الإطاحة بأخر رجاله الأقوياء وتسليم المحافظة للمجلس الانتقالي بعدما عجزت كل محاولاته السابقة في السيطرة على شبوة سلما وحربا.
مؤكدين أن الرئيس هادي نجح مجددا في تقديم نفسه كحليف غير مأمون الجانب كما فعل في السابق مع بن دغر والميسري والجبواني وجباري وخصروف والبكري وغيرهم ممن جرى التضحية بهم نزولا عند رغبة السعودية والامارات.
بينما ذهب أخرون للبحث عن ذرائع تبدو بالنسبة لهم منطقية لهذا التغيير الدراماتيكي الذي حدث في خضم مخاض عسير تمر به اليمن عموما وبالأخص على المستويين الاقتصادي والعسكري.
وشبه بعض المراقبين تغيير بن عديو والتخلي عن شبوة لمصلحة الامارات كـ "التضحية بالجنين من أجل نجاة الأم".
وقالوا أن سياسة العصا والجزرة التي يستخدمها التحالف السعودي الاماراتي مع الرئيس هادي نجحت في فرض هذا الخيار رغم خطورته المحتملة في ضرب نسيج الشرعية اليمنية (المضروب فعلا) بصورة أكبر، حد تعبيرهم.
وأشار الناشط السياسي اليمني لبيب الذبحاني أن التحالف بدأ التخطيط للإطاحة بمحافظة شبوة منذ تصدره واجهة المطالبات بمغادرة القوات الاماراتية لمنشأة بلحاف الاقتصادية تسليمها للحكومة من أجل استئناف انشطتها للمساعدة في مواجهة الأزمة الاقتصادية التي تعصف باليمن.
وأضاف: كان من السهل مراقبة سياسة العصا التي شرع التحالف بممارستها ضد الحكومة الشرعية منذ ذلك الحين للوصول الى هذا الهدف بداية من الإنتكاسة العسكرية التي حدثت في البيضاء ومن ثم تقدم الحوثيين في المديريات الغربية لمحافظة شبوة ومواصلة الضغط على مأرب عسكريا بالإضافة للإنسحابات المفاجئة التي نفذتها القوات المشتركة الممولة إماراتيا من مشارف مدينة الحديدة.
وتابع الذبحاني حديثه: في المقابل كان الجانب الاقتصادي سلاحا فعالا لاثارة نقمة الشارع، ضمن سياسة العصا وذلك عبر الانهيار الجنوني في قيمة العملة المحلية والتداعيات المصاحبة له، جميع تلك العوامل شكلت مصدر ضغط كبير على هادي وحكومته قبل أن يرمي التحالف أمامهم بجزرة صغيرة تمثلت في استعادة شيئا من عافية الريال اليمني، وهو ما يجعل من هذا القرار مايبرره في نظر البعض.
وطبقا لمصدر مطلع، فقد جاء قرار إقصاء بن عديو في خضم مشاورات رئاسية وحكومية مع الجانب السعودي، من اجل الحصول على وديعة جديدة لدعم الخزينة الفارغة للمصرف المركزي اليمني بمدينة عدن، ضمن المساعي الحكومية للسيطرة على الانهيار الجنوني للعملة.
وكان بن عديو قد أشار في رسالة اعتذار عن قرار تعيينه مستشارا رئاسيا، وهو منصب شرفي لمن لا وظيفة له في الذهنية المحلية، الى تلك الضغوط.
وقال بن عديو في الرسالة انه يقدر "حجم الضغوطات الكبيرة للغاية التي مورست على القيادة السياسية"، من اجل اقالته.
وعرف عن محافظ شبوة المقال مواجهته لنفوذ الامارات وحلفائها باليمن، علاوة على تبنيه نهجا صارما ضد النزعات الانفصالية المتصاعدة، ومحاولات انشاء قوات محلية موازية.
وكان للرجل دور حاسم في إفشال محاولة السيطرة على المحافظة من قبل الانتقالي المدعوم من الإمارات في أغسطس عام 2019، بعد معارك عسكرية، تمكنت القوات الحكومية خلالها من السيطرة على كامل المحافظة.
وفي نوفمبر الماضي دفعت الإمارات بالقيادي المؤتمري عوض محمد عبدالله الوزير العولقي إلى واجهة المشهد في شبوة، حينمت عاد إليها قادما من أبوظبي التي اتخذها مقرا له منذ سبع سنوات تقريبا.
وبدأ رجل الإمارات فور عودته الى مسقط رأسه بعقد اجتماعات قبلية واسعة، وقيادة احتجاجات شعبية مع أنصار الانتقالي للمطالبة بتغيير بن عديو، وهو ما نجح فيه أخيرا عقب القرار الرئاسي الذي صدر البارحة وتعيينه رسميا كمحافظ لشبوة خلفا للمقال بن عديو.