لندن (ديبريفر) قالت صحيفة "العربي الجديد"، اليوم الخميس، إن التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن يتجه إلى سحب البساط بشكل تدريجي من تحت قوات الحكومة المعترف بها دولياً، من خلال تعزيز تطبيق التجربة الإماراتية التي أسفرت عن تكوين "جيوش رديفة" من الفصائل السلفية في جنوب اليمن.
وأشارت الصحيفة في تقرير بعنوان "اليمن: "جيش رديف" تحت إدارة التحالف"، إلى أن هذا التحول في الاستراتيجية الميدانية، يأتي في ظل احتدام المعارك في مناطق شمال اليمن، تحديداً في مأرب والبيضاء وحجة، وبعد سنوات من تذبذب علاقة التحالف بقيادة الجيش اليمني، الذي يتخذ من مأرب مقراً له، وانعدام الثقة بين الطرفين فضلاً عن اتهامات الفساد التي تلاحق قادة الجيش.
ورأت الصحيفة، أن القناعة لدى السعودية بضرورة الاعتماد على التشكيلات العسكرية الرديفة للجيش، تعززت بشكل أكبر في أعقاب النجاح السريع الذي حققته "ألوية العمالقة" في معركة استعادة ثلاث مديريات غربي شبوة، فضلاً عن مديرية حريب، جنوبي مأرب، خلال شهر يناير الماضي.
وذكرت أن التحالف أصدر بيان في يناير الماضي، أفاد فيه بأن ما سمّاها "ألوية اليمن السعيد" قد التحمت بـ"ألوية العمالقة" في جبهة مأرب الجنوبية، لتكون المرة الأولى التي يتم الإعلان فيها عن التشكيل الجديد، الذي يبدو موازياً لـ"ألوية العمالقة" في المحافظات الشمالية.
وبحسب مصادر عسكرية تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن السعودية ما زالت تدفع بمجاميع من ألوية الحدود التابعة لها إلى مأرب، وتعمل عبر قيادات سلفية موالية لها لإعادة تشكيل تلك القوات، فيما تواصل حشد مقاتلين سلفيين من بعض المحافظات وتجنيدهم ضمن الألوية الجديدة.
وحسب الصحيفة، ما زالت المعلومات حول قوام قوات "ألوية اليمن السعيد" شحيحة، ويوحي حديث التحالف عنها بأنها بمثابة مسمى جديد يشمل كافة القوات التي ستقاتل جماعة الحوثيين، في إطار عملية "حرية اليمن السعيد"، بما فيها الجيش الحكومي و"ألوية العمالقة" وقوات طارق صالح المعروفة بـ"المقاومة الوطنية"، غير أن مصدراً عسكرياً رجح استهداف المساعي الحالية إنشاء ألوية عدة للسلفيين في محافظة مأرب، بإشراف من التحالف.
وفي 11 فبراير الحالي، أعلن التحالف أن "ألوية اليمن السعيد" التي منيت بانتكاسة سريعة في مدينة حرض بمحافظة حجة تعمل بإشراف التحالف، وبالتنسيق مع وزارة الدفاع اليمنية.
وقال مصدر عسكري للصحيفة إن "الموقف الحكومي واضح، فالحكومة ترحّب بكل الجهود التي تتبنّى مواجهة الحوثيين".
وأضاف أن "مساعي التحالف، والسعودية تحديداً، تهدف لجمع كل الطاقات لقتال الحوثيين، في ظل وجود مقاتلين سلفيين يُمكن جمعهم في إطار قوة تشارك في المعارك إلى جانب الجيش".
وأكد المصدر أن "تشكيل ألوية اليمن السعيد يسير بشكل طبيعي ولا يواجه أي عقبات".
وقبل أيام، زار قائد القوات المشتركة للتحالف، الفريق الركن مطلق الأزيمع، جبهات الحدّ الجنوبي للسعودية، والتقى قيادة الوحدات القتالية من الجيش اليمني المشاركة بعملية "حرية اليمن السعيد"، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السعودية (واس). وذلك إطار استنفار القوات لمواجهة الحوثيين الذين استبعد قبولهم بالسلام، في مؤشر إلى تصعيد محتمل في العمليات العسكرية.
وقبل نحو أسبوعين، أكد وزير الدفاع محمد المقدشي أن مؤسسة الجيش بمختلف قطاعاتها وتشكيلاتها "ستبقى عند مستوى الثقة للمضي نحو تحقيق الأهداف المنشودة، وقادرة على صناعة التحولات"، في ما يبدو أنه رد على الاتهامات التي تُكال للجيش بالتقصير في إدارة المعركة.
وأقرّ المقدشي بوجود اختلالات وأخطاء متراكمة داخل مؤسسة الجيش، فرضتها الحرب وسيطرة الحوثيين على مقدرات المؤسسة العسكرية، ووجّه بإجراء "عملية مراجعة شاملة" للإمكانات البشرية والمادية وضبط حركة التنقلات في جميع الوحدات والقوى والقطاعات العسكرية وتصحيح وتوحيد قواعد المعلومات. لكن خطوات تصحيحية كهذه يبدو أنها لم تعد محل ترحاب من التحالف.
وخلصت الصحيفة إلى أنه في ظل المآخذ المتراكمة على الجيش والتحولات الميدانية في الفترة الأخيرة، يبدو أن التحالف يتجه لمنح الثقة للقوات الرديفة التي تأتمر بتوجيهاته فقط ليس في مأرب فحسب، بل في محافظة حجة.
واستدلت بأنه خلال المعركة الدائرة للسيطرة على مدينة حرض الاستراتيجية، دائماً ما تنسب وسائل الإعلام السعودية الإنجازات المحققة إلى "ألوية اليمن السعيد"، وليس إلى قوات الجيش الوطني التي ترابط في تلك الجبهة منذ سنوات.
وحسب الصحيفة فإن "ألوية اليمن السعيد" ستنضم إلى عشرات المسميات لتشكيلات أسسها التحالف بموازاة الجيش الوطني خلال سنوات الحرب منذ عام 2015، واختار قادتها من زعماء سلفيين أو شيوخ قبليين يتبعون للسعودية والإمارات عملياتياً ومالياً..
وقالت إن تلك التشكيلات المقدّرة بأكثر من 60 وحدة قتالية، توزعت ما بين ألوية وكتائب، على امتداد الخريطة اليمنية من صعدة والجوف الحدوديتين شمالاً إلى شبوة وحضرموت شرقاً وعدن ولحج وأبين جنوباً فالحديدة وتعز من جهة الغرب. ولا تتبع تلك التشكيلات لوزارة الدفاع، وتتفوق على الجيش الرسمي في التسليح والإمكانات.
وحسب الصحيفة تدعم الإمارات معظم هذه القوات، ومنها نحو 10 ألوية معروفة بـ حراس الجمهورية والتي يقودها طارق صالح نجل شقيق الرئيس السابق علي عبد الله صالح، في الساحل الغربي، ونحو 30 تشكيلاً تتوزع بين قوات الدعم والإسناد والحزام الأمني وقوات العاصفة، التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، المنتشرة في لحج وعدن وأبين والضالع، إضافة إلى لواء "درع شبوة" الذي تأسس حديثاً على أنقاض النخبة الشبوانية ولواء "بارشيد" في المكلا بمحافظة حضرموت.
وتضاف إلى كل هذه التشكيلات الألوية المشتركة في الدعم بين السعودية والإمارات، وهي نحو 12 وحدة قتالية من "ألوية العمالقة" المنتشرة في الساحل الغربي وفي شبوة وأطراف مأرب الجنوبية والبيضاء، فضلاً عن وحدات ذات دعم سعودي، من بينها "لواء الأماجد" في محافظة أبين، ونحو 25 لواءً على الحدود اليمنية السعودية، وهي قوات تتسم بالعشوائية وبالقليل من التنظيم وكانت عبارة عن إطارات لمقاتلين، ما يصعب حصرها بدقة، إذ تظهر مسميات ألوية وتختفي أخرى بين الحين والآخر.
ورأت الصحيفة إن التحالف يهدف إلى جعل القوات التي تتلقى الأوامر منه بشكل مباشر ولا يعترف بعضها بالحكومة، منافسةً للجيش الحكومي، عبر إثبات فعاليتها في المواجهات على الأرض.
واعتبر الباحث نبيل البكيري، في حديثٍ للصحيفة، أن "تأسيس ألوية عسكرية خارج مؤسسة الجيش اليمني هو مساهمة في تفكيك الكتلة الوطنية الحاملة لمشروع الدولة واستعادة الشرعية وإسقاط الانقلاب".
وعدّ البكيري الاستمرار في تأسيس هذا النوع من الألوية من مسببات إطالة أمد الأزمة في البلاد و"الاستمرار في المتاهة التي يُراد إبقاء المنطقة واليمن فيها لفترة طويلة".