قالت وسائل إعلام روسية، اليوم الثلاثاء، أن موسكو بدأت بنشر أقوى مجموعة سفن حربية في البحر الأبيض المتوسط لمنع هجوم أمريكي محتمل على سوريا بذريعة "هجوم كيميائي" مفبرك في محافظة إدلب الحدودية مع تركيا يشنه النظام السوري.
وكشفت صحيفة "إزفيستيا" أن روسيا حشدت أكبر قوات عسكرية بحرية لها إلى البحر الأبيض المتوسط منذ أن تدخلت في سوريا في 2015.
وأوضحت الصحيفة أن القوة الروسية تضم عشر سفن معظمها مسلحة بصواريخ كروز من طراز كاليبر بعيد المدى، بالإضافة إلى إرسال غواصتين، مؤكدة أن المزيد من القوات البحرية في الطريق إلى البحر الأبيض المتوسط.
وأظهر تحليل لحركة الملاحة البحرية الدولية، أن روسيا أرسلت عدة فرقاطات إلى البحر المتوسط عبر مضيق البوسفور، وفقاً لرويترز، التي أظهرت صور لها أن الفرقاطتين، الأميرال جريجوروفيتش، والأميرال إيسن، أبحرتا عبر المضيق صوب البحر المتوسط السبت الماضي.
كما جرى تصوير الفرقاطة بيتليفي وسفينة الإنزال نيكولاي فيلتشينكوف وهما تبحران، أمس الاثنين، عبر المضيق التركي الذي يربط بين البحرين الأسود والأبيض المتوسط، فيما كانت سفينة الصواريخ فيشني فولوتشيك، قد مرت عبر المضيق في وقت سابق من أغسطس الجاري.
إلى ذلك أكد القائد السابق لأسطول بحر البلطيق، الأميرال فلاديمير فالوييف، أنه تم تعزيز القوات الروسية في البحر الأبيض المتوسط لمنع حدوث هجوم صاروخي محتمل من قبل الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي على مواقع لقوات الحكومة السورية.
واضاف فاليوييف لوكالة "سبوتنيك" الروسية: "تم نشر مجموعة كبيرة من القوات البحرية الروسية هناك لمنع وقوع هجوم ضد سوريا، بما في ذلك من أجل تحييد ضربات الصواريخ المجنحة "توماهوك" على أهداف البنية التحتية السورية".
وأكد الأميرال فاليوييف أن وجود السفن الحربية الروسية في هذه المنطقة يتوافق مع العقيدة العسكرية البحرية لبلاده وتهدف إلى ضمان سلامة سوريا.
تأتي التعزيزات الروسية والأمريكية في وقت تستعد قوات الرئيس السوري بشار الأسد حليف موسكو، لشن هجوم لاستعادة السيطرة على محافظة إدلب آخر منطقة كبيرة تسيطر عليها المعارضة المسلحة في شمال البلاد.
واتهمت روسيا الولايات المتحدة بحشد قواتها في الشرق الأوسط استعدادا لتوجيه ضربة محتملة لقوات الحكومة السورية، تحت مبرر شن النظام السوري هجوم كيميائي "مفبرك" على مناطق في إدلب، مؤكدة أن هناك تحضيرات لقوى غربية وبدعم من المخابرات البريطانية لشن هذا الهجوم ومن ثم اتهام النظام السوري بذلك، لتتخذ واشنطن وحلفائها من ذلك مبرراً لضرب سوريا.
أقوى سفن حربية
وتعد مجموعة السفن الحربية التي تتكون من ١٠ سفن، بما في ذلك سفن مسلحة بصواريخ مجنحة "كاليبر" وغواصتين عززت موسكو قواتها بهما في البحر الأبيض المتوسط، هي الأقوى منذ دخول روسيا الصراع السوري قبل أكثر من ثلاث سنوات دعما لقوات الرئيس السوري بشار الأسد.
وأكد خبراء عسكريين روس، إن نشر هذه المجموعة في البحر، يأتي لدعم هجوم الجيش السوري في محافظة إدلب، مشيرين إلى أن روسيا تعمل كضامن للاستقرار في المنطقة ولا تعطي فرصة لإعادة إشعال حرب واسعة النطاق.
وقال الخبير العسكري، دميتري بولتينكوف، أن الجيش السوري يستعد الأن للقيام بعملية في محافظة إدلب، وهي المنطقة الوحيدة في البلاد التي تخضع لسيطرة الجماعات المسلحة غير الشرعية، مؤكداً أنه إذا لزم الأمر، فإن السفن الروسية ستدعم الهجوم السوري.
وأوضح أنه تم إرسال ثماني حاملات صواريخ "كاليبر" في آن واحد إلى البحر المتوسط لهذا السبب وهذه الأنظمة تطلق النار بفاعلية على الأهداف الساحلية، لذا يمكنها توفير دعم ناري قوي للقوات السورية التي تقوم بعمليات برية.
ونقلت "سبوتنيك" عن المحلل السياسي الروسي رولاند بيجاموف، قوله إن تعزيز القوات في البحر الأبيض المتوسط مرتبط في المقام الأول بنشر الولايات المتحدة قوات عسكرية بحرية، وبالتصريحات الاستفزازية حول هجوم كيماوي وشيك لاتهام الجيش السوري.
فيما ذكر مدير المكتب الصحفي لمجلس الشعب السوري، ناجي عبيد، أن وجود السفن الحربية الروسية في سوريا يتفق مع القانون الدولي ويتم تنفيذه بموافقة الحكومة السورية.
وأشار عبيد الى إن الوجود الروسي مهم لمنع الدول الغربية من عرقلة وضع نهاية للحرب، معتبراً أن القوات الروسية هي الضامن للاستقرار في المنطقة ولا تسمح بحرب اقليمية واسعة.
أمريكا تعزز قوتها
وكان الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية، اللواء إيغور كاناشينكوف، أعلن في وقت سابق، أنه وفقا لمصادر مستقلة، يستعد إرهابيو "هيئة تحرير الشام" للقيام بعمل استفزازي لاتهام دمشق باستخدام الأسلحة الكيماوية ضد السكان المدنيين في محافظة إدلب السورية.. موضحاً أن التحالف الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة يخطط لاستخدام هذا الاستفزاز كذريعة لضرب مواقع حكومية في سوريا.
ولفت كوناشينكوف إلى أنه وصلت قبل أيام قليلة المدمرة أمريكية "بي 1 بي" من قاعدتها في قطر إلى البحر الأبيض المتوسط لضرب أهداف في سوريا، كما انضمت إليها المدمرة "يو إس إس سوليفان" التابعة للبحرية الأمريكية المزودة بـ56 صاروخ كروز، فيما نشرت القوات الأمريكية في قطر القاذفة الاستراتيجية بي-1بي الأمريكية المزودة بـ24 صاروخا مجنحاً "جو أرض" AGM-158 JASSM.
وسبق وأن شنت الولايات المتحدة هجمات بعشرات الصواريخ المجنحة على أهداف سورية في أبريل الماضي، استناداً إلى بيانات مأخوذة من شريط فيديو خاص بـ"الخوذ البيضاء" زعمت فيه أن النظام السوري شن هجوماً بأسلحة كيماوية على مدنيين.
وضربت الولايات المتحدة سوريا بدعم من الدول الغربية، دون انتظار تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
وقالت تقارير إخبارية روسية "اليوم الثلاثاء" إنه حين ضربت امريكا سوريا بعدة صواريخ في أبريل الماضي، لم يكن هناك مجموعة قوية كالتي توجد الأن، مشيرةً إلى أن الطراد الصاورخي الروسي "مارشال أوستينوف" سيؤمن منطقة حظر جوي في منطقة طرطوس وقاعدة حميميم بوسائل الدفاع الجوي إس-300 إف "فورت" أو سيعرقل مسار الصواريخ المحتملة التي تمر عبر المجال الجوي اللبناني.
وأشارت التقارير إلى أن موسكو تعد مفاجأة أخرى لصد الهجوم الأمريكي المرتقب تكمن في وصول طائرة النقل العسكري مجهولة الطراز "إيل-76" أو "أن-124" التي رصدها السكان المحليون في سوريا منذ عدة أيام، وما زال مجهولا ماذا نقلت هذه الطائرة حتى الآن.
وذكر موقع "توبوار" الإخباري أن روسيا ستشكل مجموعة للدفاع الجوي في المناطق الوسطى والجنوبية السورية، لتعترض صواريخ "توماهوك" القادمة من الخليج.
ويؤكد مسؤولون عسكريون روس أن موسكو لن تسمح بتكرار سيناريو ضرب سوريا في أبريل الماضي ولهذا عززت قواتها باقوى وأحدث الأسلحة والصواريخ والسفن الحربية لمنع الهجوم المحتمل.
ويرى مراقبون ومحللون غربيون أن ما يجري في البحر المتوسط من تحشيد عسكري ضخم للأسلحة الثقيلة والبارجات الحربية والصواريخ المدمرة من قِبل واشنطن وموسكو، ينذر باندلاع حرب عالمية كبرى بين أكبر قوتين ودولتين في العالم، أمريكا وروسيا، تكون الأرض السورية الشرارة التي تنطلق منها لتشعل نارها كافة دول منطقة الشرق الأوسط.
وكان نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف، أكد في وقت سابق أن الولايات المتحدة الأمريكية تخطط لمنع هجوم محتمل للجيش السوري على محافظة إدلب السورية، مشيراً إلى أن واشنطن تريد أن تمنع محاربة الإرهاب في هذه المنطقة بأي طريقة، وهي المنطقة الوحيدة في سوريا، التي لا يزال يسيطر عليها المسلحون.
روسيا تتهم المخابرات البريطانية
وكشفت وزارة الدفاع الروسية، الأحد، عن معرفة الأجهزة الاستخبارية الروسية بوجود خبراء أجانب في محافظة إدلب الحدودية مع تركيا شمال غربي سوريا، للإعداد لهجمات كيميائية مفبركة.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، الجنرال إيغور كوناشينكوف، إنه يجري تحضير ضربة على كفر زيتا جنوبي إدلب، خلال الأيام المقبلة بأسلحة حرارية مسممة، مبيناً أن هناك مجموعات من القاطنين في شمالي إدلب سيشاركون في الهجوم الكيميائي.
وأوضح أنه بعد الهجوم الكيماوي الذي يجري تحضيره في سوريا، سيرتدي بعض الناس خوذ بيضاء، ليصوروا مقاطع فيديو يتم نقلها لوسائل إعلام عربية وناطقة بالإنجليزية، ليتهمون النظام السوري بتنفيذ الهجوم.
واتهم كوناشينكوف، المخابرات البريطانية بالمشاركة في خطة الهجوم الكيميائي على المدنيين في إدلب، قائلاً: "تنفيذ هذا الاستفزاز الذي تشارك فيه بنشاط المخابرات البريطانية، سيصبح مبرراً جديداً لقيام الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بضربة جوية وصاروخية ضد دوائر الدولة والمنشآت الاقتصادية السورية".
وفي تطور جديد اليوم الثلاثاء، قال وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، إن الولايات المتحدة أجرت اتصالات فعالة مؤخرا مع روسيا، بشأن الأسلحة الكيميائية في سوريا، غير أن ماتيس لم يكشف عن ما دار في الاتصالات.
وأضاف ماتيس، في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس هيئة أركان الجيش الأمريكي جوزيف ماتيس، "ما يحدث في سوريا حرب أهلية، وهناك عملية مفاوضات ومحادثات في جنيف، ولا ينبغي أن يكون للأسد مستقبلا في أي حل سوري".
وأكد وزير الدفاع الأمريكي، إنه تم توجيه تحذير لإيران وسيتم محاسبتها على أي تصرف سيئ في المنطقة.
وأشار إلى أن لدى روسيا قدرة كبيرة وتأثير كبير في سوريا، وعليها مطالبة إيران بالخروج من هناك، متسائلاً: "ماذا يفعل الإيرانيون في سوريا؟". وأوضح أن بلاده تطالب روسيا القيام بالعمل الصحيح في سوريا، وأن واشنطن تعرف أن التحدي كبير، حد تعبيره.
وتدعم موسكو بقوة النظام السوري، وساهم تدخلها العسكري المباشر في الحرب منذ 2015 في تغيير موازين القوى على الأرض لصالح النظام الذي خسر في السنوات الأولى مساحة واسعة من الأراضي.
وتسببت الحرب المستعرة في سوريا منذ أكثر من سبعة أعوام في تشريد ستة ملايين شخص داخل سوريا وفرار 5.5 ملايين آخرين إلى الخارج فضلا عن مقتل مئات الآلاف.