بقلم: جين كينينمونت
ترجمة: خالد النظاري – وكالة ديبريفر
أثناء زيارة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسن للسعودية هذا الأسبوع، تمثل التركيز الرئيسي لزيارته في إقناع ولي العهد محمد بن سلمان على ضخ المزيد من النفط بهدف تعويض ما فقدته الأسواق العالمية من النفط الروسي.
وقد تساءل بعض النقاد عن مدى جدوى تقليص التعويل على حاكم فشستي يخوض حربا مع بلد مجاور من خلال الاتكال على حاكم فشستي آخر يخوض هو الآخر حرباً مع بلد مجاور.
وفي الحقيقة، فبعد أيام قليلة على قيام السعودية بإعدام جماعي للمرة الأولى منذ سنوات، وفي الوقت الذي يقترب التدخل العسكري بقيادة السعودية من نهاية عامه السابع، فإنه من الصعب أن ينطلي على أحد الترويج البريطاني بأن ممالك الخليج تعتبر جزء طبيعي من جهود بريطانيا الرامية لبناء شبكة حرية حول العالم.
وعلاوةً على ذلك، هنالك اختلافات جوهرية بين حرب اليمن وحرب أوكرانيا، الحربان المنسيتان في أعمدة المعلقين التي تحمل طابع "طرح مواضيع جديدة".
إن التدخل العسكري بقيادة السعودية، الذي بدأ في مارس 2015، جاء في الأساس بطلب رسمي من الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والتي كان تم تشكيلها في إطار مرحلة انتقالية على انقاض حكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
وكانت تلك الحكومة قد تعرضت لانقلاب من قبل ائتلاف يضم جماعة الحوثيين (وهي مليشيا وحركة سياسية مدعومة من إيران) وعلي صالح الذي كان يسعى لاسترداد سلطته.
وبالتالي فإن هذا السياق يختلف كثيراً عن غزو روسيا الهادف للإطاحة بحكومة منتخبة.
وفوق كل ذلك، فإن التدخل السعودي حضي بتفويض واسع النطاق بموجب قرار من مجلس الأمن الدولي (رقم 2216)، على الرغم من أنه لم يكن حينها واضحاً أن هناك من تنبأ بأن هذه الحرب ستكون غير محددة الأمد وأنها ستستمر سبع سنوات ولاتزال قائمة.
بيد أن مسار الحرب قد شهد سقوط العديد من القتلى بين أوساط المدنيين، ولقد ظلت المملكة المتحدة على وجه التحديد تميل لحماية السعودية من إمكانية صدور المزيد من القرارات في مجلس الأمن، حتى في ظل تنامي المخاوف حيال انتهاكات القانون الدولي الإنساني.
وعلى الرغم من ذلك، هناك أيضاً بعض أوجه الشبه السياسية ذات الأهمية، فمن الواضح أن اهتمام المملكة العربية السعودية لم ينصب فقط على إنهاء الانقلاب من أجل إنقاذ المرحلة الانتقالية السياسية في اليمن؛ فعلى العكس من الحال في اليمن، كانت السعودية قد دعمت انقلاباً في مصر ضد حكومة منتخبة لم تكن ترغب بها (تحديداً ضد الإخوان المسلمين عام 2013).
أما في اليمن، فإن قلق السعودية تمثل في أن الحوثيين قد يأخذون اليمن في فلك إيران الجيوسياسي.
لقد ظل السعوديون يستشهدون بالمخاوف من أن الحوثيين قد يتحولون إلى حزب الله آخر على استعداد لشن الهجمات العابرة لحدودهم.
إنهم في الأساس كانوا يعارضون فكرة تغير حال اليمن من جارة تظهر العناد بين الفينة والأخرى إلى بلد موالٍ لخصمهم الرئيسي إيران.
وبلغة السياسة الطبيعية (الجيوسياسية)، فإن هذا الحال فيه بعض أوجه الشبه مع الكيفية التي ترى بها روسيا انضمام أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي (الناتو): كوسيلة لخصمها من أجل نيل سيطرة مباشرة على حدودها.
إن إجراء هذه المقارنة لا يعني أن الأمرين سيان، فحلف الناتو لم يكن على وشك مهاجمة روسيا، ولم يكن في الواقع على وشك ضم أوكرانيا كعضو فيه.
بل على العكس فقد شنت روسيا الهجوم على أوكرانيا في وقت بدا فيه الناتو يعاني نسبياً من الضعف والانقسام، في ظل حكومة جديدة في ألمانيا وإدارة أمريكية تخلت بشكل مذهل عن حلفائها الأفغان. وبدلاً من بحث الناتو عن ذريعة لمهاجمة روسيا، فقد ظل الحلف حتى الآن يرفض مطالبات أوكرانيا بإقامة منطقة حظر طيران.
إذن فلما نجري هذه المقارنة بين اليمن وأوكرانيا على الرغم من أن كل حالة لها ما يخصها من خلفيات وأطر مختلفة؟ ربما أن أهم شبه في كلتا الحالتين هو أن اتخاذ قرار قصف بلد جار ومنع الجار من موالاة خصمٍ قد بدا حتى الآن ضرب من الهزيمة الذاتية (أو إحباط النفس).
إنهما على ما يبدو يتجاهلان الخسارة المتمثلة في تحويل "قلوب وعقول" الشعب الجار ضدك على مدى سنين قادمة.
على غرار بوتين، توقع محمد بن سلمان أن حربه ستكون خاطفة. كلا الزعيمين لديهما دوائر صغيرة من صناع القرار ولا يحبان أن يقال لهما إنهما على خطأ.
لقد كانت بداية دخول السعودية في حرب اليمن الأهلية قبل سبع سنوات. وعلى مدى هذه السنوات السبع لم تصبح اليمن ألطف أو أقرب مودة من ذي قبل، كما أنها لم تتبرأ من كل علاقاتها مع إيران، بل إن الحوثيين ظلوا يكتسبون القدرة على مهاجمة السعودية والإمارات بالصواريخ.
وهذا هو السيناريو على وجه التحديد الذي كان من المفترض من الحرب أن تمنعه.
صحيح أن حرب أوكرانيا ما تزال في أيامها الأولى، لكن هناك إمكانية كبيرة بأن هذا السيناريو سوف يتكرر.
لقد قال لافروف أن الهدف هو جعل أوكرانيا "بلد صديق"؛ كما أن روسيا تتحدث عن الرغبة في نزع طبيعتها العسكرية. ولعل أحد الأهداف يتمثل في الإثبات لأوكرانيا أن الناتو لا يمتلك الإرادة السياسية للدفاع عنها عسكرياً.
بيد أن روسيا على مدى ثلاثة أسابيع ظلت تحول المزيد من ملايين الأوكرانيين ضدها وتعزز من رغبة الشعب الأوكراني في الانضمام لحلف الناتو والاتحاد الأوروبي.
من المستحيل إلى حدٍ ما تخيل أن محمد بن سلمان وبوتين قد خاضا من قبل في حوارٍ حول أخطائهما المشتركة.
لكن هناك دروس في كلتا الحالتين حول كيف أن الحروب نادراً ما تجري بحسب ما خطط لها.
وبالنسبة للملكة المتحدة، ينبغي عليها بذل جهود جديدة من أجل وضع حدٍ عاجل للحرب في اليمن. فلا يمكن للمملكة المتحدة أن تتمنى فقط إبعاد القادة المستبدين، لا ريب أنها بحاجة للعمل مع حكام غير ديمقراطيين فيما يخص عدد كبير من القضايا التي تتطلب تعاون دولي، لكنها أيضاً بحاجة لمزيد من التوازن ومزيد من الثبات على المبدأ، لا سيما عندما تسعى لتشكيل نهجها كسياسة خارجية تعنى بالحرية.
إن الآراء المذكورة أعلاه تمثل وجهات نظر الكتاب وليس بالضرورة يعكس موقف يوروبيان لايدرشيب نتورك أو جميع أعضائها.
إن هدف يوروبيان لايدرشيب نتورك هو تشجيع الحوارات التي قد تساهم في تطوير قدرة أوروبا على التعاطي مع التحديات الملحة في المجالات الخارجية والدفاعية والأمنية في وقتنا الحاضر.