ترجمة: خالد النظاري – وكالة ديبريفر
يتم تغيير مسار الأسلحة المحظورة من اليمن إلى الصومال، علماً بأن انتشارها بات له تبعات أمنية خطيرة على البلد وعلى البلدين الجارين إثيوبيا وكينيا.
وبعيداً عن الصومال، فإن تدفق الأسلحة إلى الشباب (وهي مليشيا ليست لها علاقة بتلك التي بالصومال) في شمال موزمبيق منذ اندلاع الصراع في إقليم كابو دلغادو عام 2017 ظل يزداد تطوراً ويجد طريقه إلى جنوبي تنزانيا.
لقد ظلت الحكومات المحاذية لشمال موزمبيق يساورها القلق حيال الاستقرار الإقليمي جراء تأثير الصراع هناك – والذي ظل منذ منتصف العام 2021 يشهد تدخلاً من قبل قوات الكونغو الديمقراطية وراوندا في محاولة لتحقيق الاستقرار في الإقليم المضطرب.
إن الصراع في الصومال يعمل حالياً على توسيع الروابط الدولية، إذ أن بعض الأسلحة المقدمة من إيران للمتمردين الحوثيين في اليمن (الذين يخوضون حرباً ضد التحالف العربي بقيادة السعودية) تصل إلى شرق أفريقيا.
إن هذا الانتشار للأسلحة المحظورة التي يتم تغيير مسارها من اليمن إلى الصومال قد بات له تبعات أمنية خطيرة على البلد، بل وعلى إثيوبيا وكينيا المجاورين للصومال.
وبعيداً عن الصومال، فإن تدفق الأسلحة إلى الشباب (التي ليست لها علاقة بالمليشيا الصومالية) في شمال موزمبيق منذ اندلاع الصراع في إقليم كابو دلغادو عام 2017 ظل يزداد تطوراً ويجد طريقه إلى جنوبي تنزانيا.
هذه هي النتائج التي توصل لها تقرير صادر عن المبادرة العالمية ضد الجريمة المنظمة العابرة للحدود (المبادرة العالمية) بتاريخ 14 مارس، والذي يظهر التنامي العام للجريمة المنظمة في شرق وجنوب أفريقيا منذ العام 2019، حيث أن الأسلحة المحظورة تقع بالخطأ في أيدي أطراف منخرطة بجرائم عابرة للحدود — سرقات وإرهاب ومخدرات ومتاجرة بالبشر.
والمبادرة العالمية هي عبارة عن شبكة دولية تضم 500 خبير حول العالم وتوفر منصة لتشجيع النقاش والآليات الإبداعية لتكون بمثابة لبنات بناء لاستراتيجية عالمية ضد الجريمة المنظمة.
وفي جريدة ريسك بولتينز (أو نشرات المخاطر) لهذا العام حول شرق وجنوب أفريقيا، تقول المبادرة العالمية إن مؤسسات فاشلة في جنوب أفريقيا (مثل السجل المركزي للأسلحة النارية) سمحت بوصول أسلحة من مصادر حكومية إلى شبكات إجرامية.
لقد وجدوا بأن تدفق الأسلحة إلى الصومال ناجم عن انتشار الأسلحة المحظورة المشحونة بحراً من إيران إلى المتمردين الذين يحاربون في اليمن.
المهربون والشحنات
في ديسمبر 2021، تمكنت قوات البحرية الأمريكية من اعتراض قارب في البحر العربي شمالاً. وكان القارب، الذي يعتقد أنه كان في طريقه إلى اليمن، كان يحمل 1,400 بندقية هجومية وأكثر من 200 ألف صندوق ذخيرة.
ويقول التقرير إن "فريقنا تمكن من رصد اسلحة في أماكن مختلفة في الصومال، والتي يبدو أن مصدرها هو الشحنات المتجهة في الأصل إلى اليمن، مما يبين كيف يمكن لصراعٍ ما أن يكون له تأثير في زعزعة استقرار أماكن أخرى والمنطقة بأكملها."
كما أن مشروع تعزيز استجابة أفريقيا للجريمة المنظمة، الذي نشر مؤشر الجريمة المنظمة للعام 2021، يُظهر وجود زيادة عامة في الجريمة المنظمة في شرق وجنوب أفريقيا منذ العام 2019. ففي جنوب أفريقيا، تم تهريب بنادق عيار 47 إلى شمال موزمبيق من منطقة البحيرات العظمى (بروندي والكنغو الديمقراطية) من أجل تلبية الطلب بين أوساط اللصوص الذين ينشطون في محمية نياسا وحديقة كويريمباس الوطنية خلال السنوات عندما كانت أزمة سرقة الفيلة في موزمبيق في ذروتها.
ويعتقد بعض المحللين أن الشبكات الإجرامية ظلت تستغل طرق التهريب التاريخية في شمال موزمبيق لنقل البضائع مثل المخدرات والمجوهرات المقتناة بصورة غير قانونية والأخشاب.
لقد بات الركن اليمني اليوم سبباً للقلق بالنسبة للمنطقة، ففي الفترة بين ديسمبر 2020 وأغسطس 2021 قام باحثو المبادرة العالمية الميدانيون برصد ما إجماليه 417 من الأسلحة الصغيرة والخفيفة في الصومال خلال عملية مسح لـ13 من المواقع المختلفة.
حوالي 38 من هذه الأسلحة (أي ما نسبته 9.1 بالمئة من الإجمالي) كانت بنادق من نوع 56-1 وتم العثور عليها في 8 مواقع. كما أن الأرقام التسلسلية للبنادق عيار 56-1 التي تم العثور عليها في الصومال كانت في مجملها مماثلة لتك الموثقة في عديد من عمليات المصادرة البحرية، مما يدل على أنها مصدرها مشترك.
إن جزء من هذا الدعم الإيراني ظل يتألف من عمليات نقل لأسلحة صغيرة وخفيفة إلى اليمن، تم تنفيذ 24 منها من قبل شبكات معقدة للتهريب البحري العابر للحدود.
إن اللقاءات المتكررة وتنقل الشحنات ما بين قوارب ذات مصدر إيراني ويمني وصومالي تعمل على تمويه مكان منشأ شحنات الأسلحة وتفادي الاكتشاف والضبط.
ومن خلال تحليل الأرقام التسلسلية للبنادق عيار 56-1 المضبوطة في فبراير ومايو 2021 يتبين أن هذه الأرقام في الغالب متتالية، مما يشير إلى إمكانية أنها كانت تمثل جزء من عملية نقل بين بلدان متعددة من الصين (حيث تمت صناعة هذه الأسلحة) إلى إيران.
لقد ظلت الحكومات المحاذية لشمال موزمبيق يساورها القلق حيال الاستقرار الإقليمي جراء تأثير الصراع هناك – والذي ظل منذ منتصف العام 2021 يشهد تدخلاً من قبل قوات الكونغو الديمقراطية وراوندا في محاولة لتحقيق الاستقرار في الإقليم المضطرب.
في شهر نوفمبر عام 2021 على سبيل المثال، دعا رئيس جنوب أفريقيا سيريل رمافوسا ورئيس كينيا يوهورو كنياتا إلى زيادة التعاون من أجل مواجهة الإرهاب في موزمبيق، معتبرين أن ذلك يمثل تهديد إقليمي أكثر من كونه تهديد للبلد نفسه.
ولقد توصل بحث صادر عن المبادرة العالمية إلى أن الجزء الأكبر من أسلحة المتمردين يأتي مباشرةً من مصادر عسكرية موزمبيقية ويشتمل على أسلحة تم الاستيلاء عليها من معسكرات تابعة لقوات الأمن ومواقع حدودية ومخازن أسلحة تابعة للشرطة في المدن والقرى التي سيطر عليها المتمردون وتخلت عنها قوات الأمن الموزمبيقية بالانسحاب منها.
ويفيد هذا البحث بأن "نتائج العام 2021 يمكن أن تقدم رؤية حول كيف أن الجريمة المنظمة ظلت تتحور على مدى السنتين الماضيتين في شرق وجنوب أفريقيا. وهذا بدروه يمكن أن يبين كيف لمجريات الأمور أن تواصل التطور في العام 2022."