كاتب ومحلل عربي: حوار اليمنيين في جنيف لا أفق له وحوار من أجل الحوار

لندن (ديبريفر)
2018-09-04 | منذ 6 سنة

قد ينتهي مارتن غريفيث إلى نسخة أخرى من جمال بنعمر أو إسماعيل ولد الشيخ أحمد

قال الكاتب والمحلل السياسي العربي خير الله خير الله، إن "الشرعية" اليمنية، لا يمكن ان تنجح في أيّ حوار مع طرف مثل الطرف الحوثي من دون امتلاك القدرة على إثبات أنّها تمتلك بالفعل وسائل ضغط على الطرف الآخر.

وأكد الكاتب والمحلل السياسي اللبناني في مقال تحليلي نشرته جريدة العرب اللندنية، اليوم الاثنين، أن "الشرعية، لم تظهر إلى اليوم أنّها قادرة على لعب دور إيجابي في أي منطقة من المناطق اليمنية وأن تكون بديلا عن الحوثيين".

 وأضاف: "لا يمكن تحقيق أي تقدّم باليمن في ظل التوازنات القائمة على الأرض، ولن يُقْدمَ الحوثي على أي خطوة في اتجاه تشكيل حكومة وحدة وطنية، أو في اتجاه المشاركة في مؤتمر تتمثّل فيه كلّ القوى الفاعلة على الأرض بحثا عن صيغة جديدة لليمن ككلّ"، متسائلاً: "كيف يمكن الحوار مع طرف يؤمن بأنّ في الإمكان العودة إلى عهد الإمامة ويضع نفسه في موقع المرشد في إيران؟".

وتابع: "المفاوضات اليمنية المقرر إطلاقها في جنيف يوم الخميس القادم بين الحوثيين، على الرغم من عدم ذكرهم بالاسم من جهة و”الشرعية” في اليمن من جهة أخرى، سوى محاولة يُظهرُ من خلالها المبعوث الأممي مارتن غريفيث أنه قادر على تحقيق تقدم ما، إضافة إلى إبراز قدرته على جمع الطرفين اللذين يخوضان المعارك في اليمن، في مدينة محايدة مثل جنيف".

وواصل الكاتب خير الله، الملم بالشأن اليمني: "اقتصر خيار غريفيث على “الشرعية” وعلى الحوثيين الذين لم يسمّهم باسمهم، سماهم “القيادة السياسية المشتركة في صنعاء” أي قوة الأمر الواقع. ترك بذلك الباب مفتوحاً أمام مشاركة قياديين في المؤتمر الشعبي العام من الذين يسيطر عليهم “أنصار الله” وممثلين لـ”الشرعية” في لقاء جنيف، تجاهل أن هناك أطرافا أخرى على علاقة بالحرب بطريقة أو بأخرى، تجاهل أيضا وجود قيادة لـ”المؤتمر الشعبي العام” خارجة عن سيطرة الحوثيين".

ولفت إلى أن غريفيث يبدو ما زال يفضّل الابتعاد عن لبّ الأزمة، أي عن وجود مشروع إيراني في اليمن لا ينفع معه أي حوار من أيّ نوع كان.

وأردف قائلا "مرّة أخرى، يتبيّن كم أن الأزمة اليمنية معقدة، وكم لا يزال المبعوث الجديد في مرحلة استطلاعية بعدما اعتقد في الماضي أنّه سيكون قادراً على النجاح، حيث فشل اللذان سبقاه في مهمته، وهما جمال بنعمر وإسماعيل ولد الشيخ أحمد".

وتوقع خير الله أن يكون حوار جنيف "لا أفق له وحوار من أجل الحوار"، وعزا توقعاته هذه إلى سببين: "الأوّل أنّه ليست هناك قواسم مشتركة يمكن الوصول إليها بين الشرعية والحوثيين الذين يسمون أنفسهم (أنصار الله)، وذلك بغض النظر عن العذابات التي يتعرّض لها اليمنيون، أما الثاني، فيعود إلى زعيم الحوثيين، عبدالملك الحوثي الذي يمتلك مشروعا واضحا لا يستطيع التراجع عنه، إضافة إلى أن قراره ليس في يده. يتمثّل هذا المشروع، المرتبط بالمشروع التوسّعي الإيراني، في أنّه يريد البقاء في مناطق معينة وتحويلها شوكة في خاصرة الدول الخليجية العربية في مقدّمها المملكة العربية السعودية".

وقال الكاتب العربي "نجحت الشرعية في أن تكون موجودة في مناطق معيّنة نتيجة الجهود التي قام بها التحالف العربي الذي استطاع وقف تقدّم المشروع الإيراني في اليمن الذي انكشف على حقيقته في الواحد والعشرين من أيلول سبتمبر 2014 عندما وضع أنصار الله يدهم على صنعاء، لكن  الشرعية، لم تفعل حيث وجدت، غير السعي إلى استعادة أسوأ ما في عادات المجتمع المدني، أي الخلافات ذات الطابع الديني والمذهبي من نوع من يدير هذا المسجد أو ذاك… أو السعي إلى نفوذ في مجال معيّن يؤمّنُ دخلا لهذا الشخص أو ذاك من التابعين لأحد مراكز القوى".

ولفت إلى خير الله خير الله إلى أن المبعوث الدولي أخطأ عندما افتعل لقاء جنيف من أجل متابعة الدوران في حلقة مقفلة، فهناك بديهيات يبدو أنّها غابت عنه، حد تعبيره.

ومضى قائلاً: "أولى البديهيات أن الحوثيين لا يمكن أن يتزحزحوا عن مواقفهم في ظل موازين القوى القائمة حالياً. لولا “التحالف العربي”، لكانوا الآن في المكلا وعدن والمخا وفي مأرب وفي كلّ تعز. لولا التحالف الدولي الذي شنّ “عاصفة الحزم” في آذار – مارس 2015، لكان اليمن كلّه تحت السيطرة الإيرانية. هذا هو الواقع الذي لا مفرّ من التعاطي معه".

وأضاف: "في كلّ مرّة حصل اتفاق بين “الشرعية” والحوثيين، استخدم هؤلاء الاتفاق في خدمة مشروعهم. هناك أدلّة لا تحصى على ذلك. لعلّ الدليل الأهمّ “اتفاق السلم والشراكة” الذي وقَّعه الحوثيون في صنعاء مع “الشرعية” بإشراف مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة وقتذاك جمال بنعمر ورعايته. تمّ التوصل إلى الاتفاق بُعيْدَ سيطرة “أنصار الله” على العاصمة اليمنية. ماذا كانت النتيجة؟ لم تمض سوى أيّام قليلة قبل أن يضع الحوثيون الرئيس الانتقالي عبدربّه منصور هادي في الإقامة الجبرية. أجبروه على الاستقالة ولم يسمحوا لرئيس مجلس النواب يحيى الراعي بأن يكون رئيساً مؤقتاً نظراً إلى أنّه كان من قيادات المؤتمر الشعبي العام".

وأوضح: "أكّدَ الحوثيون أنّ السلطة هدفهم، وأن طموحهم إقامة نظام جديد في اليمن مستوحى من التجربة الإيرانية ومن عهد الإمامة في الوقت ذاته. استطاع عبد ربه منصور الفرار من الأسْر وانتقل إلى عدن في شباط – فبراير 2015. جاء بعد ذلك دور الاستفادة إلى أبعد حدود من علي عبدالله صالح الذي ما لبث الحوثيون أن صفّوه بطريقة شنيعة في الرابع من كانون الأوّل – ديسمبر 2017".

وأبان الكاتب والمحلل السياسي اللبناني: "لا يمتلك الحوثي أي مشروع اقتصادي أو حضاري لليمن، كلّ ما يمتلكه هو مشروع يصبّ في خدمة المشروع الإيراني، هذا لا يعني أنّه لا يمثل شيئا في اليمن بمقدار ما يعني أنّه لا يمكن التعاطي معه انطلاقا من مفاهيمه للسلطة والدور الذي يرى أنّه مؤهل للعبه على صعيد اليمن ككلّ، يظل الحوثيون جزءا من التركيبة اليمنية ولا يمكن لأحد إلغاؤهم كلّيا، لذلك يبقى الخيار الأفضل أن يعطوا حجمهم الحقيقي والرهان على عودتهم إلى رشدهم، بعيدا عما زرعه النظام الإيراني في رؤوسهم".

وقال "الأكيد أن ليس في الإمكان مواجهة المشروع الحوثي، أي المشروع الإيراني، عبر “الشرعية” في شكلها الحالي، هناك قسم من هذه “الشرعية”، يتمثل في الإخوان المسلمين، يرى أن التفرّج على ما يدور في البلد هو في مصلحته، لم يشارك هذا القسم في أيّ معركة من المعارك، بل يعتقد أنّ تطور الأحداث سيكون في مصلحته".

وخلص خير الله إلى أنه في غياب أي تغيير للوضع على الأرض وبقاء “الشرعية” على حالها، "سينتهي مارتن غريفيث إلى نسخة أخرى من جمال بنعمر أو إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وسيظل الحوثي يقول: أنا أسيطر على جزء من اليمن. أنا في صنعاء وتعز والحديدة. هل يستطيع أحد إزاحتي من أي موقع أنا فيه؟ لماذا عليّ، إذاً، تقديم أي تنازلات؟".


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet