قال تقرير اقتصادي إن انقطاع وتوقف صرف مرتبات الموظفين الحكوميين في اليمن منذ 19 شهراً، دفع ستة ملايين فرد للعيش في فقر مدقع.
وطالب التقرير الصادر اليوم عن مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي (منظمة مدنية غير حكومية)، بسرعة دفع المرتبات لاسيما العاملين في قطاعي الصحة والتعليم، والمؤسسات غير الإيرادية، مستغرباً حالة التجاهل واللامبالاة من قبل جميع الأطراف، تجاه هذه القضية الإنسانية الخطيرة.
وأضاف "هذه القضية تسببت في دخول ما يزيد عن ستة ملايين فرد في دائرة الفقر الشديد، في حين يزداد الوضع سوءا مع شهر رمضان المبارك ومتطلبات الإنفاق لهذه الأسر".
وحمل التقرير الاقتصادي الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والحوثيين المسيطرين على أغلب محافظات شمال البلاد مسؤولية هذه المأساة الإنسانية، الناجمة عن انقطاع المرتبات.
وأشار التقرير إلى تراجع الحد الأدنى للأجور في اليمن لأقل من 45 دولارا في الشهر، مقارنة بـ95 دولار في السابق، بسبب تراجع العملة المحلية، بنسبة 143 بالمائة منذ بدء الحرب.
وذكر التقرير ان التقديرات تشير إلى ان الحكومة الشرعية أنفقت خلال العام الماضي ما يقارب 700 مليار ريال، وبالمقابل جمع الحوثيين (أنصار الله) في المناطق التي تسيطر عليها إيرادات تفوق 400 مليار ريال في حين ظل أكثر من 500 الف من الموظفين المدنيين الواقعين تحت سيطرتها بدون مرتبات منذ سبتمبر 2016م.
وقال إن النسبة الأكبر من الموظفين المدنيين الواقعين تحت سلطة جماعة الحوثيين، تعيش وضعا صعبا حيث يتم تسليم مرتبات الموظفين في المؤسسات الإيرادية فقط.
ومنذ أن قررت حكومة هادي في سبتمبر أيلول 2016 نقل مقر البنك المركزي من صنعاء إلى عدن وتعيين محافظ جديد له خلفا لمحمد بن همام، تدهور الوضع المالي للبلاد وبات أكثر فوضوية وعبثية في اليمن.
كما أدى الخلاف بين أطراف الصراع على البنك المركزي إلى انقطاع صرف مرتبات موظفي الدولة منذ عام ونصف تقريبا وعددهم مليون و200 ألف موظف ترصد لهم الحكومة نحو 75 مليار ريال شهريا، وذلك على خلفية نقل مقر البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن.
وقبل صدور قرار نقل البنك كانت الرواتب تصرف لجميع موظفي الجهاز الإداري للدولة في جميع المحافظات.
واتهمت حكومة الشرعية الحوثيين باستنزاف البنك واحتياطيات البلاد من النقد الأجنبي البالغة 4.7 مليار في نهاية عام 2014 وتسخيرها للمجهود الحربي لتنخفض إلى أقل من مليار دولار أمريكي فقط في العام الماضي منها نحو مليار دولار وديعة سعودية سابقة بجانب ملياري دولار وديعة سعودية أودعت هذا العام 2018 لتعزيز قيمة العملة المحلية المتداعية.
بينما تقول جماعة الحوثيين (أنصار الله) إن الحكومة التي تدعي إنها شرعية تنصلت من وعودها والتزاماتها للأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، حينما شرعت في نقل البنك وذلك بصرف المرتبات من الأموال المطبوعة في روسيا المقدرة بـ 400 مليار ريال.
ويعاني اليمن ضائقة مالية غير مسبوقة منذ سيطرة الحوثيين على السلطة وتوقف تصدير النفط الذي تشكل إيراداته 70 بالمئة من إيرادات البلاد وكذا توقف جميع المساعدات الخارجية والاستثمارات الأجنبية وعائدات السياحة ما وضع المالية العامة والقطاع الحكومي للدولة الفقيرة أصلاً، على حافة الانهيار.
كما أدت الإقالة غير المدروسة لبن همام في استمرار التراجع المخيف للريال اليمني وفقدان قيمته أمام الدولار الأمريكي والعملات الأجنبية في سوق الصرف ليسجل أدنى مستوى له على الإطلاق وسط موجة غير مسبوقة من الغلاء وارتفاع وصفه اقتصاديون بالـ"جنوني" لأسعار السلع الغذائية بما ينذر بكارثة اقتصادية على البلاد.
ووصل سعر الريال اليمني حاليا إلى 491 ريالا للدولار الواحد للشراء و493 ريالا للبيع بدلاً من 270 ريالا حينما كان ذلك السعر سائدا حتى نهاية العام 2016.
وبدوره ارتفع سعر الريال السعودي وسائر العملات الأجنبية في السوق اليمنية المتداولة ليصل إلى 130 ريالاً والدرهم الإماراتي 131 ريالاً من 85 ريالاً أواخر العام 2016 للعملتين على التوالي.
وانعكست التطورات المتسارعة في السوق واستمرار تدهور العملة المحلية بشكل مباشر على حياة اليمنيين بفعل تأثر سعر الواردات من المواد الغذائية بسعر الدولار، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية لكافة المواد الغذائية الضرورية والكمالية التي تعتمد البلاد على استيرادها من الخارج.
واليمن منقسم بسبب الحرب الأهلية التي اندلعت قبل أكثر من ثلاث سنوات بين جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران، وتحالف عربي بقيادة السعودية شن آلاف الضربات الجوية على اليمن في حملة لتمكين الرئيس المعترف به دولياً عبدربه منصور هادي من ممارسة عمله، لكن الحملة لم تنجح في إخراج الجماعة وحلفائها في الجيش اليمني من العاصمة صنعاء.
وقتل عشرة آلاف شخص على الأقل في الصراع، كما شردت الحرب ثلاثة ملايين يمني إضافة إلى ما يزيد عن 45 ألف مصاب.
وتحذر الأمم المتحدة منذ أكثر من ثلاثة أعوام من أن اليمن أصبح على شفا المجاعة، فيما يقدر برنامج الأغذية العالمي عدد المحتاجين للمساعدات بـ20 مليونا العام الماضي 2017، أي أكثر من ثلثي سكان البلاد بالمقارنة مع 17 مليونا في العام 2016.
وانتشر الجوع في اليمن بعد أن أصبح أصبح ساحة قتال في صراع سياسي بين السعودية وايران، ما يهدد بحدوث مجاعة كبيرة في أوساط اليمنيين.