تراجعت مؤشرات الأسهم في البورصة السعودية ، اليوم الأربعاء ، للمرة الأولى منذ بداية العام ، اثر مخاوف المستثمرين جراء تراجع الاسواق الناشئة .
وهبط المؤشر الرئيسي لسوق الأسهم السعودية 3.9 بالمئة في أواخر التعاملات، متراجعا عن متوسطه في 200 يوم للمرة الأولى هذا العام. وأغلق المؤشر منخفضا 3.1 في المئة ، بما في ذلك عملاق البتروكيماويات السعودي سابك الذي انخفضت اسهمه بنسبة 4,44%.
ووفقاً لأحدث مسح شهري لـ"رويترز" شمل مديري المشتريات في الشرق الأوسط ، تبين أن مديرين كثيرين أصبحوا أقل إيجابية بكثير تجاه الأسهم السعودية بسبب التقييمات المرتفعة والقلق الأوسع بشأن الأسواق الناشئة.
وأبدى المستثمرون أيضا قلقهم من تراجع أسعار النفط، مع هبوط خام القياس العالمي مزيج برنت 0.98 في المئة إلى 77.44 دولار للبرميل .
ونقلت وكالة "فرانس برس" عن محمد زيدان، من شركة "ثينك ماركتس" ومقرها دبي قوله إن "السوق السعودي تأثر بالتباطؤ في الأسواق الناشئة الرئيسية، وأصبح التجار قلقون من ان تضرب هذه النزعة المملكة".
وأضاف "هناك أيضا مخاوف من ان يتأثر الاقتصاد السعودي والاقتصادات الاخرى في الخليج من احتمال اندلاع حرب تجارية عالمية".
وتسود حالة من التشاؤم لدى المستثمرين في أرجاء الأسواق الناشئة، في ظل تراجع مؤشر إم.إس.سي.آي للأسواق الناشئة 1.3 في المئة، بفعل مخاوف من تصعيد محتمل في النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين، والقلق بشأن متانة أسواق ناشئة مثل تركيا والأرجنتين.
وتعتبر السوق المالية السعودية هي الاكبر في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا بقيمة تبلغ نحو 500 مليار دولار اميركي.
رؤية"2030" وتحديات التمويل
تواجه رؤية "2030" التي يتبناها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ، تحدياً كبيراً في تمويلها بعد تجميد بيع أسهم "ارامكو" ، حيث كان من المفترض طرح نسبة 5 بالمئة من أسهم الشركة للاكتتاب العام بهدف تمويل عملية تحويل المملكة إلى اقتصاد يرتكز على التكنولوجيا ووقف ارتهانه التاريخي للنفط.
ويسعى صندوق الاستثمارات العامة الذي يترأسه بن سلمان إلى اتخاذ خطوات جذرية لتعزيز السيولة التي يحتاجها بشدة لتمويل عدد كبير من الاستثمارات غير النفطية، من الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا.
وأعلنت السعودية نيتها بيع 5 بالمئة من أسهم "أرامكو" على اعتبار أن ذلك سيكون جزءاً مهماً من خطط الإصلاح الاقتصادي الطموحة، حيث تعد الشركة أكبر منتج للنفط في العالم، وافترضت أن قيمة الشركة تقدر بنحو ترليونَي دولار، وهو ضعف تقييم "آبل"، وسعت كبريات البورصات العالمية من أجل طرح الأسهم والحصول على امتياز الإدراج.
وفي الشهر الماضي ، نقلت وكالة "رويترز" عن مصادر سعودية مطلعة قولها إنه تم إيقاف الاكتتاب العام على أسهم أرامكو ، في حين رد بيان للحكومة السعودية على هذا الخبر بأنه لم يتم وقف البيع، وإنما هناك تأخير، وإن الحكومة ستظل ملتزمة بالاكتتاب العام في الوقت الذي تختاره وعندما تكون الظروف مناسبة.
وبحسب وكالة "رويترز" نقلاً عن مصادر فإن قرار وقف طرح أرامكو جاء بعد أن أبلغ عدد من أفراد الأسرة المالكة وشخصيات إدارية واقتصادية الملك سلمان بأن الطرح العام الأولي لن يكون في صالح المملكة بل إنه قد يؤثر سلبا عليها، وذكرت المصادر أن الهاجس الرئيسي لدى هذه الشخصيات تمثل في أن هذا الطرح سيدفع أرامكو للإفصاح الكامل عن كل تفاصيلها المالية.
وفي حين يسعى صندوق الاستثمار لتعويض العجز في التمويل الناتج عن إيقاف بيع أسهم أرامكو، أعرب محللون عن شكوكهم حيال استراتيجية "الإنفاق من اجل النمو" التي يتبعها الصندوق والذي يتبع ما وصفوه بأنه "صفقات مبهرة" بدلا من استثمارات طويلة الأمد تحقق عائدات آمنة وتولّد فرص عمل، خاصة مع ارتفاع معدلات البطالة.
ونقلت وكالة "فرانس برس" عن إيلن والد التي ألّفت كتابا اقتصاديا عن السعودية قولها أن "نمط الاستثمارات الذي يتبعه صندوق الاستثمار يشبه كثيرا نمط صندوق رأس المال الذي يحمل مخاطرة، وهذا أمر مثير للقلق لصندوق سيضطر بالضرورة إلى تحقيق عوائد ثابتة على المدى الطويل".
من جانبها قالت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني ،الاثنين، أن "تأجيل الاكتتاب العام يعني ضمنا أن التنويع الاقتصادي الذي تريده الحكومة سيحتاج إما إلى تقليص او الى تمويل عن طريق اصدار ديون القطاع العام المباشر أو غير المباشر"، بمعنى الاقتراض من المصارف او عبر اصدار الصكوك والسندات.
ويرى مراقبون أن الأزمة الدبلوماسية التي اندلعت مؤخرا بين السعودية وكندا بسبب انتقادات ضد سجل حقوق الانسان في المملكة، بالإضافة إلى حملة الاعتقالات التي طالت أمراء ورجال اعمال ومسؤولين على خلفية تهم بالفساد، ستزيد من القلق لدى المستثمرين الأجانب ، وهو مايمثل تحدياً آخر يواجهه صندوق الاستثمار السعودي .