جماهير غاضبة في جنوب اليمن تردد "لا تحالف بعد اليوم": هل تتجه الأمور نحو اللا عودة؟ (تقرير خاص)

عدن (ديبريفر) سامي الكاف
2018-09-06 | منذ 5 سنة

جماهير غاضبة في جنوب وشرق اليمن خرجت تهتف "لا تحالف بعد اليوم"

بدت مدينة المكلا في محافظة حضرموت شرقي اليمن نهار أمس الأربعاء 5 سبتمبر على موعد من الغضب العارم في احتجاجات لم تشهد مثلها من قبل خلال السنوات الثلاث الفائتة.

قام محتجون غاضبون بتمزيق لوحات إعلانية كبيرة فيها صور لقادة دولة الإمارات العربية المتحدة. وأصيب ثمانية أشخاص في هذه الاحتجاجات برصاص قوات الأمن التي حاولت تفريق المحتجين الذين أغلقوا عدداً كبيراً من الشوارع الرئيسية والفرعية في المدينة الواقعة شرقي البلاد على ساحل البحر العربي.

وطالب المحتجون برحيل التحالف العربي الذي تقوده السعودية وشريكتها الإمارات من جنوب اليمن، مُرددين: "لا تحالف بعد اليوم". وفي مدن أخرى في جنوب اليمن مثل: الضالع وردفان وسيئون، خرج آخرون يرددون ذات المطالب.

بدأت الأمور في جنوب اليمن "تتجه نحو اللا عودة" وفق مراقبين تحدثوا لوكالة "ديبريفر" للأنباء. وأضافوا: "من الطبيعي أن تصل الأمور الى هذا المستوى من الغضب العارم طالما وأن أوضاع الناس تتدهور على نحو سريع ومخيف ويتم تجاهلها من قبل الحكومة اليمنية ودول التحالف العربي الداعمة لها على حد سواء".

لكن الأمر مختلف بالنسبة إلى وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش الذي اتهم حزب الإصلاح (فرع الأخوان المسلمين في اليمن)، بالوقوف وراء تمزيق صور قيادات ورموز دولته.

كتب الرجل على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي تويتر: "السلوك المخزي تجاه رموز الإمارات والتحالف في حضرموت وبعض مناطق الجنوب والتي يوجهها الإصلاح لن تثنينا عن تأدية المهمة، قناعتنا أنها أقلية حزبية لا تريد لليمن الخير والتحالف في سعيه لتثبيت الاستقرار لن تهزه هذه التصرفات".

وبدا جلياً أن تغريدة الوزير الإماراتي، استفزت قيادات حزب الإصلاح الذي سارعوا بالنفي وأبرزهم رئيس الحزب، محمد اليدومي الذي قال في منشور على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: " نحن في التجمع اليمني للإصلاح أعلناها مراراً وتكراراً أننا لسنا لؤماء حتى ننكر جميل من وقف مع شعبنا وبلادنا في أحلك الظروف وأشدها قتامة، وامتزج دماء أبنائهِ بدماء أبنائنا في ساحة الدفاع عن عقيدتنا واستقلالنا... وسنترك من يُشكك في هذا زوراً وبهتاناً للتاريخ…!! وصدق الله العظيم ﴿سَتُكتَبُ شَهادَتُهُم وَيُسأَلونَ﴾ .. فاللهم لا شكوى إلا إليك وأنت حسبنا وكفى".

على أرض الواقع بدت الأمور مغايرة؛ فالأوضاع تتدهور على نحو سريع ومخيف فعلاً؛ وقد انهارت العملة الوطنية على نحو غير مسبوق إذ تجاوز سعر الدولار الواحد حاجز الـ 600 ريال مطلع الأسبوع.

بدأت الاحتجاجات الغاضبة ضد تدهور الأوضاع في جنوب اليمن صباح الأحد الفائت 2 سبتمبر في عدد من مديريات محافظة عدن التي تتخذها الحكومة اليمنية "الشرعية" المعترف بها دولياً، وتقع المحافظة تحت قبضة قوات مسلحة تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً. وبدأت الاحتجاجات تنتشر في باقي المدن الواقعة تحت سيطرة التحالف العربي.

وفي حين كان يُنتظر من المحتجين اشهار مطالباتهم بطريقة سلمية، انتهت الأمور إلى غير ما كان متوقعاً. تم اغلاق العديد من المحلات التجارية بقوة السلاح عبر مجاميع مسلحة، وإحراق إطارات السيارات في عدد من الشوارع والطرق وقطعها.

وفي مساء اليوم نفسه 2 سبتمبر، اجتمع الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في العاصمة السعودية الرياض بقيادة حكومته واللجنة الاقتصادية وبحضور نائبه علي محسن الأحمر، ووجّه باتخاذ "التدابير الكفيلة بعودة الاستقرار التمويني والغذائي والخدماتي إلى وضعها الطبيعي"، وذلك في محاولة لامتصاص غضب الشارع.

قال هادي مخاطباً رئيس الحكومة وأعضاء اللجنة: "ينتظر منكم الشعب اليمني وضع التدابير والحلول الناجعة لنتجاوز معاً الوضع الراهن والانتصار في معاركنا ذات الأوجه المتعددة عسكرياً واقتصادياً وانسانياً أمام جماعة الكهنوت التي تستثمر معاناة شعبنا ولا تكترث مطلقاً لأوضاعه".

وأضاف: "يجب عليكم التركيز على محورين مهمين يتمثل الأول في تنمية الإيرادات، وذلك من خلال اتخاذ كافة الإجراءات في مختلف المجالات تؤدي لتوريد كافة إيرادات الدولة الى البنك المركزي مثل الضرائب والجمارك وغيرها من الإيرادات، والعمل على تصدير النفط من كل الحقول في مارب وشبوة وحضرموت عبر ميناء النشيمة وميناء الضبة، وكذا البدء بتصدير الغاز عبر بلحاف، المحور الثاني المصروفات والعمل على وضع تصور لإجراءات تحد من المصروفات وتحديد الأولويات وإيقاف اَي مصروفات ثانوية وتفعيل أجهزة الرقابة على المال العام".

وأردف الرئيس اليمني قائلاً: "علينا التفكير في كافة الحلول، وكيفية استغلال الوديعة بطريقة صحيحة وكذلك العمل على تغطية احتياجات المواطن الأساسية والمشتقات، فالمسؤولية تقع عَلى عاتق الجميع واليمن بلدنا جميعا والأمانة كبيرة".

رغم ذلك تواصلت الاحتجاجات الغاضبة غير عابئة بما وجّه به الرئيس هادي الذي غادر عقب ذلك الاجتماع مباشرةً إلى الولايات المتحدة الأمريكية للعلاج، ولم تنحصر الاحتجاجات على مدينة عدن وباقي مدن جنوب اليمن بل توسعت إلى الشرق وتحديداً في محافظة حضرموت كبرى المحافظات اليمنية مساحة.

الاحتجاجات الغاضبة تواصلت على نحو يشير إلى أنها في طريق "اللا عودة"، وعلى الأرجح سوف تستمر طالما الأوضاع تتدهور ولم يستطع أحد ايقافها حتى الآن.

الاحتجاجات الغاضبة تواصلت على نحو يشير إلى أنها في طريق "اللا عودة"

في هذه الغضون يعمل المجلس الانتقالي الجنوبي كل ما بوسعه لتستمر الاحتجاجات كورقة ضغط سياسي بغية إشراكه في المفاوضات التي من المقرر أن تبدأ غداً الجمعة 7 سبتمبر في جنيف بين الحكومة اليمنية والحوثيين.

ودعا المجلس الانتقالي الجنوبي في بيان أصدره الاثنين الفائت 3 سبتمبر "جماهير شعبنا العظيم إلى الخروج في كل مناطق الجنوب للتعبير عن ذلك بكل الطرق السلمية". لكن، وفق شهود عيان، تفرض مجاميع تابعة للمجلس العصيان المدني بقوة السلاح على عدد من مدن الجنوب وتصدر تعليماتها بإغلاق الطرقات والمحلات والمؤسسات المختلفة بالقوة، وتهدد بمعاقبة من يخالف ذلك بالقتل.

يضيف المجلس الانتقالي الجنوبي في بيانه: "ندعو جماهير شعبنا الجنوبي العظيم، الى التعبير عن رفضهم ومقاطعتهم لأي مشاورات أو مفاوضات يتم فيها القفز على تطلعاتهم وتعمد تغييبهم وتهميش تاريخهم والغاءه".

وقال المجلس الانتقالي الجنوبي في بيانه: "نؤكد لدول التحالف العربي اننا وبقدر التزامنا معهم في مساندتهم لدحر ذراع إيران في المنطقة، فإننا سندافع وبكل الوسائل عن قضيتنا الوطنية وشعبنا الجنوبي الصابر ومستقبلنا السياسي من عبث الشرعية وتهديدات جماعة الحوثي".

لكن الجماهير الغاضبة خرجت تهتف في عدد من مدن الجنوب بصوت واضح: "لا تحالف بعد اليوم".

وأصدر مجلس الحراك الثوري الجنوبي، وهو كيان آخر يمثل المواطنين جنوبي اليمن، بياناً أمس الأربعاء 5 سبتمبر يؤكد فيه مساندته لتلك الجماهير الغاضبة التي خرجت إلى الشوارع تردد: "لا تحالف بعد اليوم".

وجاء في البيان: "اليوم تنطلق ثورة ثالثة لطرد احتلال جديد تمثل بدول التحالف الهمجي والمتخلف بعد أن سطر ثورتيه السابقة ثورة 14 اكتوبر 1963 وثورة الحراك المبارك والتي تفجرت بشكل رسمي في 7 يوليو 2007 وبهذه الثورة وجه شعبنا بوصلته بشكل صحيح وحدد هدفه بوضوح نحو الحرية الكاملة والاستقلال التام ورفض التبعية لأي كان ومهما كانت الظروف والأسباب".

و أضاف: "انطلقت هذه الثورة المباركة بعد أن تجرع شعبنا خلال الأعوام الماضية أبشع جرائم التجويع والحصار ومن تدمير ممنهج للبنى التحتية، وتعددت وتنوعت وسائل التعذيب والتنكيل التي أستخدمها تحالف الاحتلال بلغ حد جرائم حرب وهذا ما أكدته التقارير الدولية وفي مقدمتها تقرير لجنة خبراء الأمم المتحدة وتقارير منظمة هيومن رايتس وتش، المعنية بحقوق الإنسان. لقد جعل هذا التحالف من الشرعية المزعومة ذريعة وجسر عبور للهيمنة والسيطرة على الممرات البحرية والبرية والجوية الجنوبية مستغلا بعض المندفعين عن طيب نية وبعض المرتزقة من أبناء الجنوب متوهماً بأنه بتلك التصرفات والوسائل وعبر أدواته سيتمكن من تركيع شعب الجنوب الذي عجز عن تركيعه الانجليز ومن بعده حكومات صنعاء".

حدد مجلس الحراك الثوري الجنوبي أهدافه بوضوح، وقال مُخاطباً الجماهير الغاضبة: "إن المجلس الثوري للحراك باعتباره النواة التنظيمية الأولى والمؤسسة للحراك السلمي الجنوبي يعلن لكم ومن خلالكم وقوفه وانحيازه التام لثورتكم الشعبية المباركة ويحث كل أعضائه وقواعده للتفاعل في تلك الثورة وتقديم كل ما يلزم لمساندتها وتصعيدها وفقاً للهدف الذي اطلقه الشعب والذي لخصه في شعار تلك الثورة وهو (لا تحالف بعد اليوم) كما يحث المجلس الثوري جماهير الشعب على الآتي: 1- عدم السماح للقوى التابعة للاحتلال الجديد بركوب موجة الانتفاضة. 2- الحذر من حرف مسار الثورة عن هدفها الرئيسي في الحرية والاستقلال وطرد الاحتلال القديم والجديد. 3- تنظيم الفعل الثوري بحيث يوجه لضغط على الاحتلال ومصالحه وتجنيب المواطنين وعموم الشعب تبعاته وضبط بعض الظواهر السلبية التي تضر ولا تفيد مثل قطع الطرقات العامة أو تعطيل مصالح المواطنين فمثل تلك الأعمال يجب حصرها على مواقع وأماكن تواجد الاحتلال وأزلامه".

لكن الأمور في محافظة الضالع اتخذت منحى أشد خطورة وتطرفاً. قام المجلس الانتقالي الجنوبي بالتنسيق مع قيادة السلطة المحلية ورئيس وأعضاء الغرفة التجارية والصناعية ومدراء ونواب بعض المكاتب والوزارات المعنية بالمحافظة وكذا القيادات الأمنية والعسكرية في الشرطة والحزام الأمني والجيش وشخصيات نقابية واجتماعية باتخاذ سبعة قرارات عمدت إلى تطبيق الانفصال عن شمال اليمن كأمر واقع.

وهذه القرارات هي: 1- ايقاف العمل في جميع المكاتب الحكومية بالمحافظة باستثناء المستشفيات والكهرباء والمياه ومحطات الوقود ويتولى الجيش الجنوبي ممثلةً بالهيئة العسكرية والمقاومة والأمن والحزام بحماية تلك المرافق الموقوفة. 2- ايقاف التوزيع الغذائي (البيع بالجملة) من قبل التجار للحفاظ على ذلك المخزون الغذائي للناس. 3- تشكيل لجنة مكونة من الانتقالي والنقابات والرقابة الشعبية للنزول اليومي الى المحلات التجارية لضمان ضبط الأسعار وعدم التلاعب بها. 4- ايقاف جميع ايرادات المحافظة وعدم السماح بتوريدها للبنك المركزي في عدن، حيث انه يتم صرف تلك الايرادات من قبل الحكومة لأغراض شخصية وعبثية لمحاربة المواطن الجنوبي. 5- توريد تلك الايرادات من قبل جميع المكاتب الى البنك المركزي فرع الضالع. 6- منع جميع الصادرات عبر محافظة الضالع للمناطق الشمالية سواء كانت نفطية أو سلع غذائية بسبب شرائها من قبل كبار التجار في الشمال وإعادة بيعها للجنوب بأسعار خيالية. 7- القيام بوضع استمارات خاصه بالإقامة لأبناء الجمهورية العربية اليمنية في اقرب مركز شرطة.

تقول الناشطة اليمنية رندا الحرازي على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: "اختلط الحابل بالنابل من قراءتي لما يدور في ساحة الانتفاضة الموقتة (اعتمد المأجورين بالانتفاضة بهذا الوقت للضغط على المجتمع الدولي بأن من يمثل الجنوب هو الانتقالي والذي لا يمثل إلا نفسه وهو المستفيد الوحيد من الامساك بقبضة الجنوب والممارسات العنجهية تثبت بأنهم ليسوا إلا مجرد متسلقين باسم الجنوب)".


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet