"بوليتيكو" الأميركية: الكونغرس يضع بومبيو في مأزق بشأن الأعمال العسكرية السعودية في اليمن

مجلة "بوليتيكو" الأميركية – ترجمة "ديبريفر"
2018-09-07 | منذ 5 سنة

12 سبتمبر الجاري موعداً حاسماً لدعم واشنطن للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن

Click here to read the report in English

أكد تقرير لمجلة "بوليتيكو" الأمريكية، أن إدارة الرئيس دونالد ترامب، أضحت في مأزق نتيجة على التشديدات الرقابية بشأن صفقات السلاح الأمريكي للسعودية، والتي تستخدمها الأخيرة في حربها مع جماعات الحوثيين "أنصار الله" في اليمن، وتتسبب في سقوط العديد من الضحايا المدنيين.

ولفت التقرير الذي كتبه "نهال توسي" إلى أن أمام وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، مهلة تنتهي في 12 سبتمبر الجاري للشهادة عمّا إذا كانت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تقومان بما يكفي للحد من الضحايا المدنيين جراء الحملة العسكرية المدعومة من الولايات المتحدة في اليمن، مبيناً أنه في حال لم يقدم "بومبيو" شهادته، فإن قانون الإنفاق العسكري، يحظر على الولايات المتحدة دعم السعودية عسكرياً بما في ذلك إعادة تزويد الطائرات الحربية بالوقود، ما يعني التراجع عن دعم واشنطن للتحالف الذي تقوده المملكة.

وأشار التقرير إلى أن شهادة بومبيو تأتي في وقت تزايد فيه أعداد الضحايا المدنيين سيما من الأطفال جراء ضربات جوية للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، ما يجعل وزير الخارجية الأمريكية في مأزق رغم اعتراف السعودية بـ"أخطاء ارتكبت" في قصف حافلة في 9 أغسطس الماضي أسفرت عن مقتل العشرات من الأطفال، وإعلانها عن أسفها وتعهدها بتحسين إجراءات الاستهداف.

وكالة "ديبريفر" للأنباء، قامت بترجمة تقرير مجلة "بوليتيكو" الأميركية، إلى اللغة العربية، وفي مايلي نصه:

 

بقلم: نهال توسي

يتعين على وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، أن يتخذ قريباً قراراً رئيسياً يمكن أن يحد بشدة من دعم الولايات المتحدة لحرب المملكة العربية السعودية المثيرة للجدل في اليمن، حيث تسبب القتال المستمر منذ أكثر من ثلاث سنوات في أزمة إنسانية، وادعاءات بجرائم حرب وغضب من الحزبين في الكونغرس.

أدرج مجموعة من المشرعين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي نصاً في مشروع قانون الإنفاق العسكري في الكونغرس هذا العام، يطلب من بومبيو الشهادة حتى 12 سبتمبر الجاري بشأن ما إذا كانت المملكة العربية السعودية وحليفتها العسكرية، الإمارات العربية المتحدة، تتخذان خطوات هادفة لخفض عدد الضحايا المدنيين وزيادة المساعدات الإنسانية وإيجاد حل سياسي للصراع اليمني. إذا لم يقدم بومبيو الشهادة، فإن القانون يحظر على الولايات المتحدة إعادة تزويد الطائرات الحربية السعودية بالوقود.

يوضح هذا الضغط على بومبيو أن غضب المشرعين الأميركيين يتصاعد بسبب الدور العسكري الأمريكي في اليمن، حيث لقي آلاف المدنيين حتفهم وملايين آخرين يواجهون الموت جوعاً، في ظل خوض التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة معاركاً مع المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة الأميركية تزود مقاتلات هذا التحالف العربي بالوقود أثناء عمليات الاستهداف كما تزوده بالذخائر.

ويُطرح هذا الخيار على بومبيو في وقت يحذر فيه مسؤولو الأمم المتحدة من أن السعوديين ربما يرتكبون جرائم حرب. ففي الشهر الماضي، أصابت غارة جوية للتحالف حافلة مدرسية، وبحسب ما ورد، بصاروخ أمريكي الصنع، ما أسفر عن مقتل 40 طفلاً يمنياً.

لقد أيدت إدارة ترامب وبشكل وثيق، الحكومتين السعودية والإماراتية، وجعلت من مكافحة نفوذ إيران الإقليمي أولوية قصوى، لكن مع تزايد الغضب الدولي، من المتوقع على نطاق واسع أن يحقق الديمقراطيون مكاسب في انتخابات منتصف الفصل التي ستجرى في نوفمبر والتي قد تؤدي إلى جهود تشريعية جديدة لتقليص الدور الأمريكي في القتال الدائر في اليمن بالإضافة إلى احتمال حدوث جلسات استماع محرجة، تضع ضغوطاً متزايدة على بومبيو.

يقول روب مالي، الرئيس والمدير التنفيذي لمجموعة الأزمات الدولية ومستشار كبير سابق في الشرق الأوسط للرئيس باراك أوباما: "أعتقد أننا في نقطة انعطاف بسبب ما يحدث في اليمن وفي الولايات المتحدة. إنه وقت مناسب لأولئك الذين يرغبون في رؤية تغيير المسار".

وكان السيناتورات تود يونج وجين شاهين وسبعة من زملائهم، قد كتبوا رسالة في 29 أغسطس المنصرم إلى وزير الخارجية بومبيو حثته على الامتثال للقانون: "نحن نؤمن بأن مصالح الأمن القومي الأمريكية ومبادئنا الإنسانية تتطلب منا مضاعفة جهودنا للضغط على جميع الأطراف لإنهاء الحرب الأهلية في اليمن وحماية المدنيين، وتوفير الوصول الكامل وغير المقيد للمساعدات الإنسانية".

وحتى إذا قرر بومبيو أنه لا يستطيع أن يشهد بأن التحالف الذي تقوده السعودية يتخذ خطوات لتحسين الوضع، فإنه لا يزال بإمكانه السماح باستمرار دور الولايات المتحدة من خلال التمسك بالتنازل القانوني الذي يقول إنه سيعرض الأمن القومي الأمريكي للخطر إذا تم إنهاء دعم الحملة السعودية الإماراتية، لا يزال على بومبيو أن يشرح بالتفصيل سبب عدم تمكنه من الشهادة وماهي الخطوات التي ستتخذها الإدارة لكبح السعوديين والإماراتيين.

عندما وقع ترامب على قانون تفويض الدفاع الوطني في منتصف أغسطس، أصدر بياناً أثار مخاوف بشأن الشرط المتعلق باليمن، ولم تصدر من بومبيو أي إشارة إلى أنه سيتجاهل هذا الشرط الأساسي.

وأخبر بومبيو الكونغرس في مايو الماضي أن بيع الولايات المتحدة للصواريخ الموجهة بدقة للمملكة العربية السعودية وحلفائها يمكن أن يقلل من الخسائر في صفوف المدنيين من خلال تمكين ضربات أكثر دقة للأهداف العسكرية، وفي أواخر الشهر الماضي، جادل وزير الدفاع جيم ماتيس بالمثل بأن تلك المساعدة مكنت التحالف العربي على تحسين عمليات الاستهداف.

ومع ذلك، حذر ماتيس من أن المساعدات الأمريكية "ليست غير مشروطة".

ورفضت وزارة الخارجية الأمريكية مناقشة أفكار بومبيو قبل الموعد النهائي المحدد في 12 سبتمبر الجاري، قائلة إنها لن تناقش "المداولات الداخلية".

وكان التحالف الذي تقوده السعودية قد اعترف خلال عطلة نهاية الأسبوع الفائت بأن "أخطاء ارتكبت" في قصف حافلة في 9 أغسطس الماضي أسفرت عن مقتل العشرات من الأطفال، وأعربت عن أسفها ووعدت بتحسين إجراءات الاستهداف.

وخلص تقرير لشبكة "سي.إن.إن" إلى أن القنبلة التي استخدمت في حادث 9 أغسطس كانت أمريكية الصنع وبيعت إلى السعوديين كجزء من صفقة الأسلحة التي أقرتها وزارة الخارجية الأمريكية.

قد يعطي البيان السعودي، وزير الخارجية الأمريكي بومبيو بعض الغطاء السياسي للحصول على شهادة، كما أنه من المقرر افتتاح جولة جديدة من محادثات السلام بين أطراف النزاع في اليمن بإشراف مبعوث الأمم المتحدة الخاص مارتن غريفيث هذا الأسبوع في جنيف، ما يمنح بومبيو سبباً ظاهرياً آخرا لتفادي تعكير العملية.

في الأسابيع الأخيرة، وجهت إدارة ترامب انتقادات معتدلة نسبيا لأفعال السعوديين، معربة عن "القلق" بشأن وفيات المدنيين. وفي غضون ذلك، أعلنت وزارة الخارجية في الشهر الماضي، أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ستتبرعان بمبلغ 150 مليون دولار للمساعدة في استقرار واستعادة أجزاء من سوريا، ما يسمح للولايات المتحدة بإلغاء بعض إنفاقها المخطط له على سوريا.

كما تريد الولايات المتحدة من السعودية أن تعزز إنتاجها النفطي في الوقت الذي تتملق فيه واشنطن للدول الأخرى كي تتوقف عن استيراد النفط من إيران.

اليمن، البلد الفقير الذي يبلغ عدد سكانه حوالي 28 مليون نسمة، غارق في صراعات متعددة تشمل القبائل والجماعات الإرهابية والأطراف الأخرى التي تسعى إلى الحصول على الأرض والنفوذ.

في ربيع عام 2015، شنت المملكة العربية السعودية هجوماً يهدف إلى طرد المتمردين الحوثيين الذين أطاحوا في وقت سابق بالحكومة المركزية للبلاد. حصل المتمردون على بعض الدعم من إيران، التي ينظر إليها السعوديون والإماراتيون على أنها تهديداً كبيراً لنفوذهم في الشرق الأوسط.

وبدءاً من الرئيس باراك أوباما، وافقت الولايات المتحدة على مساعدة التحالف الذي تقوده السعودية في سعيها لإعادة تثبيت الحكومة اليمنية "المطرودة". توقع السعوديون والأميركيون في الأصل أن يستغرق الصراع أسابيع، وربما أشهر فقط. لقد ثبت أن ذلك كان خطأ، والبعض منهم يطلق على الوضع في اليمن وصف، أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

لقد دفعت الوفيات المدنية الناجمة عن الضربات الجوية إدارة أوباما إلى تقليص دعمها للحملة المناهضة للحوثيين، بينما كان الرئيس دونالد ترامب أكثر دعماً للدور العسكري الأمريكي، لكن حتى دعمه العام للحكومة السعودية لم يكن كافياً لمنعه من الانتقادات الموجهة ضد الحصار السعودي على الموانئ اليمنية التي قطعت المساعدات الإنسانية التي تحتاجها اليمن بشكل ملح.

ووفقاً لتقرير الأمم المتحدة الأخير فإن في اليمن، حتى أبريل الماضي، "ما يقرب من 17,8 مليون شخصاً يعانون من انعدام الأمن الغذائي و8,4 مليون على حافة المجاعة، ومرافق الرعاية الصحية لم تعد تعمل، كما لم تعد المياه النظيفة متوفرة بسهولة، ولا يزال اليمن يعاني من أكبر حالة تفشي للكوليرا في التاريخ الحديث".

يتهم المسؤولون والباحثون، المتمردين الحوثيين بالتسبب في الكثير من المعاناة، لكنهم لاحظوا وبشكل كبير أن التحالف العسكري بقيادة السعودية يستحق نصيب الأسد في اللوم بهذا الشأن.

فوفقا لتقرير الأمم المتحدة، تسببت الغارات الجوية للتحالف في سقوط معظم الضحايا المدنيين الذين تم توثيق عددهم، ووجد التقرير أنه خلال السنوات الثلاث الماضية، أصابت الضربات الجوية المناطق السكنية والأسواق وجلسات العزاء وحفلات الزفاف والسجون والقوارب المدنية وحتى المرافق الطبية، ولا يُعرف العدد الدقيق للقتلى المدنيين ولكن يُعتقد أنه أعلى من 6500.

كما وجد التقرير دليلاً على أن السعوديين والإماراتيين وحلفائهم ارتكبوا فظائع أخرى "معاملة قاسية وتعذيب وإهانة للكرامة الشخصية والاغتصاب والتجنيد أو تجنيد الأطفال دون سن 15 أو استخدامهم للمشاركة بنشاط في الأعمال العدائية".

وخلص التقرير إلى أن الحوثيين والتحالف الذي تقوده السعودية ربما يكونان قد ارتكبا جرائم حرب.

ورفض مسؤول إماراتي رفيع التعليق على هذه التقارير، بينما لم ترد السفارة السعودية في واشنطن على طلب التعليق.


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet