Click here to read the story in English
اتهمت لجنة حماية الصحفيين الدولية، جميع أطراف الصراع في اليمن، بالقيام بانتهاكات واسعة النطاق ضد الصحفيين وحقوق الإنسان ووضع قيود وإجراءات صارمة ضد من ينتقدونها في جميع أنحاء البلاد التي تعيش منذ ثلاث سنوات ونصف في حرب دامية بين الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والمدعومة من تحالف عسكري تقوده السعودية من جهة، وجماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران من جهة ثانية.
وأشار تقرير نشرته لجنة حماية الصحفيين، إلى أن الصحفيين الذين ينتقدون جماعة الحوثيين لا يستطيعون العمل بأمانة في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، كما أن الوضع لا يختلف عن ذلك في محافظة عدن ومناطق أخرى من جنوبي اليمن كانت تعتبر آمنة في وقت ما، لكنه باتوا الآن يتعرضون للهجوم والمضايقة من قبل ميليشيات مدعومة من الإمارات العربية المتحدة الشريك الرئيسي في التحالف العسكري الذي تقوده السعودية.
وكشف التقرير الذي كتبه جوستين شيلاد، الباحث في لجنة حماية الصحفيين والمختص بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، عن الأوضاع السيئة والخطيرة التي يعيشها الصحفيون في مختلف المناطق اليمنية، وتناول عدد من حوادث الاعتداء والاختطاف والتهديدات التي تعرض لها الصحفيين.
وكالة "ديبريفر" للأنباء قامت بترجمة التقرير الذي حمل عنوان "الصحفيون في اليمن يتعرض للهجوم من جميع الأطراف، والقوى المتناحرة تتخذ إجراءات صارمة ضد النقاد" من الإنجليزية إلى العربية، وتعيد نشر نصه في ما يلي:
تقرير: جوستين شيلاد*
وجد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في تقرير صدر أواخر أغسطس الماضي أن جميع الجماعات المشاركة في الصراع الدائر في اليمن، من الجنوب الذي تسيطر عليه الحكومة مع الميليشيات التابعة لها المدعومة من قبل التحالف الذي تقوده الإمارات والموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي إلى المناطق التي تسيطر عليها حركة أنصار الله أو الحوثيين المتمردة، جميعها كانت مسؤولة عن انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان.
وتعكس نتائج التقرير ما قاله الصحفيون الذين ما زالوا يعملون في البلد الذي مزقه الحرب للجنة حماية الصحفيين، من أنه لا يوجد مكان آمن وأنهم يرزحون تحت ضغط مميت من جميع الأطراف.
ومنذ بدء الصراع عام 2014، قامت لجنة حماية الصحفيين بتوثيق عمليات الاختطاف والهجمات والحرق العمد والقضايا في المحاكم وعمليات القتل، وكما قال الصحفي المستقل سامي الكاف للجنة حماية الصحفيين، "يمكن أن تأتي التهديدات من جميع الجهات، دون استثناء".
وقال صحفيون ينتقدون الحوثيين إنهم لا يستطيعون العمل بأمان في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، لكن لجنة حماية الصحفيين وجدت أن الذين يقومون بالتغطية الإخبارية في عدن ومناطق أخرى من الجنوب كانت تعتبر آمنة في وقت ما، باتوا الآن يتعرضون للهجوم والمضايقة من قبل الميليشيات المدعومة من الائتلاف الإماراتي، مثل الحزام الأمني وقوات النخبة الحضرمية. هذه الجماعات ضغطت على وسائل الإعلام لعدم انتقاد دولة الإمارات العربية المتحدة أو غيرها من الدول الداعمة للحكومة اليمنية، أو نشر تقرير حول القضايا التي تُورط الميليشيات.
ونتيجة لذلك، أخبر العديد من الصحفيين اليمنيين لجنة حماية الصحفيين، أنهم مجبرون على فرض الرقابة الذاتية على سلامتهم.
لم تتلق لجنة حماية الصحفيين رداً على طلبها للتعليق من الحكومة اليمنية والقوات المسلحة، كما لم ترد كل من السفارة الإماراتية في العاصمة واشنطن ووزارة الدفاع الإماراتية ووزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية، على طلب لجنة حماية الصحفيين للتعليق.
وليس بمعزل عن ذلك الحوادث التي تتورط فيها قوات تابعة للحكومة اليمنية أو أخرى مدعومة من الإمارات العربية المتحدة، مثل عملية الاختطاف التي وثقتها لجنة حماية الصحفيين في وقت سابق من هذا العام لسبعة من موظفي أخبار اليوم، الذين احتجزتهم قوات الحزام الأمني لمدة شهر، وقال فتحي بن لزرق، رئيس تحرير جريدة "عدن الغد" للجنة حماية الصحفيين إن كتيبة الطوارئ في عدن احتجزته لمدة ثماني ساعات في 1 يوليو، وأوضح بن لزرق إن الكتيبة تعمل تحت مظلة قوات الحزام الأمني.
وقال بن لزرق إن المجموعة ضربته مرات عديدة، وأخبره قائدها، صامد سناح، أنه محتجز لأن صحيفته نشرت مزاعم بأن ميليشيات استولت على أراض في منطقة جزيرة العمال في عدن وحرمت السكان من دخول المنطقة.
وأضاف الصحفي بن لزرق، أن الجنرال يسران المقطري قائد قوات مكافحة الإرهاب في اليمن الذي يعمل ظاهريا تحت قيادة الحكومة اليمنية أمر في نهاية الأمر بإطلاق سراحه واعتذر عن معاملته.
وفي قضية منفصلة وثقتها لجنة حماية الصحفيين لأول مرة في فبراير، اعتقلت قوات النخبة الحضرمية التي تمولها الإمارات العربية المتحدة، عوض كشميم، رئيس مجلس الإدارة السابق لصحيفة 30 نوفمبر التابعة للحكومة، لقرابة شهر.
وقال كشميم للجنة حماية الصحفيين في 21 أغسطس إن محكمة الجنايات المتخصصة في حضرموت اتهمته "بالتحريض" و"نشر أخبار كاذبة" وأن "الميليشيات التابعة للإمارات" حرمته من الكتابة وفرضت قيود على سفره.
ولم يرد محافظة حضرموت، فرج البحسني، قائد قوات النخبة، والذي قال كشميم أنه هو من أمر باعتقاله، على رسالة البريد الإلكتروني التي أرسلتها لجنة حماية الصحفيين وطلبت منه التعليق.
وتحدث صحفيون آخرون عن تعرضهم لضغوط مباشرة للسير في خط الإعلام الحكومي الرسمي، أو المخاطرة بإغلاق صحفهم، فبعد الهجوم على مطبعة أخبار اليوم في عدن الذي وثقته لجنة حماية الصحفيين في شهر مارس، تم إجبار مؤسسة غير ربحية، هي مؤسسة الشموع، التي تدير الصحيفة، على الانتقال إلى محافظة مأرب، حسبما قال سيف الحاضري، رئيس المؤسسة للجنة حماية الصحفيين. وأضاف أن الموظفين الذين تم اختطافهم من قبل قوات الحزام الأمني، أفرج عنهم بشرط أن يتوقفوا عن العمل مع أخبار اليوم أو المؤسسة.
وعلى الرغم من إعادة توطينهم، ما زالت الصحيفة تتعرض لضغوط بسبب انتقاداتها لسياسات الحكومة اليمنية، والإمارات العربية المتحدة، وقال الحاضري للجنة حماية الصحفيين إن السكرتير الصحفي لمحافظة مأرب، علي الغليسي، اتصل به وهدد بإغلاق الصحيفة إذا ما نشرت أي شيء ينتقد التحالف الذي تقوده السعودية، خصوصاً الإمارات العربية المتحدة.
ولم يرد الغليسي على رسالة إلكترونية من لجنة حماية الصحفيين تطلب فيها التعليق على هذا الأمر.
وقال الحاضري: "حتى هذه اللحظة، لا يزال هناك ضغوط لإغلاق المؤسسة في محافظة مأرب، وعلى الرغم من ذلك، نحن أول صحيفة تصدر من مأرب، وهو مكسب كبير للمحافظة".
وأشار الحاضري إلى إن صحفيي الصحيفة ما زالوا يتلقون تهديدات مباشرة لسلامة أرواحهم. مضيفاً: "أي صحفي ينتقد ممارسات دولة الإمارات في اليمن يتعرض للتهديد والاعتقال وربما القتل".
كما واجهت وسائل إخبارية أخرى أشكالاً مختلفة من الرقابة، مع نفس النتيجة النهائية. سعيد ثابت سعيد، المدير القُطري لقناة الجزيرة في اليمن، قال للجنة حماية الصحفيين في 27 أغسطس الماضي إن الحكومة اليمنية وسعت حظراً قائماً على القناة في محافظة تعز ليشمل جميع المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. كما تم منع القناة من البث في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيين. ولفت سعيد إلى أن القناة تقدمت بطلب لتجديد تصريح العمل في ديسمبر 2017 ولكنها علمت في يناير أن طلب تجديد التصريح قد رُفض.
وكانت كل من المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين ومصر والأردن قد منعت قناة الجزيرة أو أغلقت مكاتبها كجزء من أزمة دبلوماسية أوسع نطاقا اندلعت العام الماضي مع قطر التي تمول القناة. وبحسب رويترز سحبت قطر قواتها من التحالف على أعقاب تلك المواجهة.
وأفادت وسائل إعلامية أخرى في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة عن ضغوط مماثلة. حيث قال أحمد الزرقة، مدير قناة "بلقيس" الفضائية اليمنية المستقلة، للجنة حماية الصحفيين إن القناة توقفت عن التغطية الإخبارية في المنطقة الساحلية الغربية لليمن، بين مدينتي المخا والحديدة، بعد أن تلقت تهديدات من قيادة الحزام الأمني في عدن، الذي تشرف عليه الإمارات مباشرة. تقع مدينة الحديدة تحت سيطرة الحوثيين والمنطقة كلها مسرح رئيسي لجهود التحالف العسكرية ضد الجماعة المتمردة.
وأضاف الزرقة أن التحالف والميليشيات التي تنضوي تحت مظلته هددوا بالانتقام من القناة إذا استضافت صحفيين مستقلين ينتقدون أنشطة التحالف. ووفقا لبيان من القناة نقله الزرقة للجنة حماية الصحفيين، فقد أمرت قوات الحزام الأمني في 31 يوليو الماضي استوديو مملوك للقطاع الخاص تستخدمه قناة بلقيس لإعداد البرامج، بمنع ظهور الصحفي المستقل سامي الكاف في أحد برامجها.
قال الكاف، الذي كتب لعدد من الوسائل ورئيس تحرير الموقع الإخباري المستقل "الملاعب"، للجنة حماية الصحفيين إنه يشتبه في أن الحظر مرتبط بمداخلات قدمها في برنامج "أمسية يمنية" على قناة بلقيس، انتقد فيها الحزام الأمني والميليشيات الأخرى، وكذلك الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي لاستمرار انعدام الأمن والقتال في عدن. في مداخلة آخر، اتهم المجلس الانتقالي الجنوبي وميليشياته المتحالفة بـ "القيام بانقلاب" ضد الحكومة اليمنية.
وقال الكاف إن الزملاء حذروه من أنه قد يتعرض للاختطاف أو الاعتقال بسبب معارضته لقوات الأمن في عدن. وأضاف أن الحكومة اليمنية لم تحقق في تلك التهديدات، وأن زملائه نصحوه بمغادرة البلاد حفاظا على سلامته الشخصية.
وعلى الرغم من المخاطر والتهديدات، يستمر الكاف في إعداد التقارير من اليمن الجنوبي، كما يفعل العديد من الصحفيين الآخرين. ولكن في الأثناء التي يتمسك فيها وكلاء دولة الإمارات العربية المتحدة ببسط السيطرة في المنطقة، باتت هجماتهم ضد حرية الصحافة تلقي بظلالها على التقارير المستقلة.
قال الزرقة للجنة حماية الصحفيين: "إن أي قناة معارضة للتحالف أو الإمارات محظورة من المناطق التي يكون لها تأثير فيها".
_____
* جوستين شيلاد باحث في لجنة حماية الصحفيين مختص بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا