المركزي اليمني يقر سحب 62 مليون دولار من الوديعة السعودية لوقف انهيار العملة المحلية

الرياض (ديبريفر)
2018-09-11 | منذ 5 سنة

البنك المركزي اليمني في عدن (أرشيف)

أعلن محافظ البنك المركزي اليمني، محمد منصور زمام، مساء الاثنين، سحب دفعة ثانية من الوديعة السعودية لتغطية الاعتمادات البنكية للمواد الأساسية لما قيمته تزيد عن 62 مليون دولار بعدد 23 طلب.

يأتي هذا الإجراء في وقت عاود سعر صرف العملة المحلية "الريال اليمني" الإنهيار مجدداً إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، وفي ظل ارتفاع هائل في أسعار السلع والمواد الغذائية.

وأكد محافظ البنك في بيان نقلته وكالة الأنباء اليمنية الحكومية "سبأ" بنسختها في الرياض والتابعة للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، أن البنك استكمل إجراءات الموافقات المطلوبة من الجهات المختصة بوزارة المالية السعودية للموافقة على سحب الدفعة الثانية من الوديعة.

وكانت المملكة العربية السعودية أودعت في 17 يناير الماضي، مبلغ ملياري دولار لدى البنك المركزي اليمني للحفاظ على العملة المحلية من الانهيار مجدداً أمام العملات الأجنبية.

وقال زمام إن البنك المركزي اتخذ عدد من الخطوات بالتنسيق مع الحكومة واللجنة الاقتصادية بهدف تخفيف الضغوط على أسواق العملات وتوفير السلع الأساسية للمواطن بأسعار مناسبة في مختلف محافظات اليمن.. مشيراً إلى قيام البنك بتوفير الاعتمادات ولنفس السلع الأساسية والمقدمة من البنوك التجارية اليمنية للمبالغ التي تقل عن 200 ألف دولار وبتمويل مباشر من البنك المركزي بالتنسيق مع الحكومة.

وذكر أن التعليمات المنفذة صدرت لجميع البنوك اليمنية باستقبال الطلبات من مؤسسات وشركات وأفراد القطاع الخاص، حيث يقوم البنك المركزي بتغذية أرصدة البنوك الخارجية بالمبالغ بحسب الموازنات المرصودة لكل بنك.

ولفت زمام إلى أن المركزي اليمني، قام بتكليف البنوك التجارية اليمنية ببيع 2000 دولار، للمواطن المغادر من عدن أو سيئون بهدف العلاج بموجب متطلبات إجرائية مبسطة ويقوم البنك المركزي بتعويض البنوك التجارية عن تلك المبالغ فور ورود المطالبات وبالعملات الخارجية المدفوعة.

ولم يذكر محافظ البنك المركزي اليمني، القيمة التي سيباع مبلغ ألفين دولار للمواطن، وذلك بعدما حدد البنك مؤخرا بموجب تعميم رسمي صادر منه لشركات الصرافة المحلية أسعار الصرف عند 492 ريالاً للدولار الواحد و132 ريالاً للريال السعودي، غير أن سعر الدولار في السوق تجاوز 600 ريال.

وكان البنك المركزي اليمني في عدن أقر في أغسطس الماضي، سحب الدفعة الأولى من الوديعة السعودية لتغطية الاعتمادات البنكية للمواد الأساسية بمبلغ وقدره 20 مليون و428 ألف دولار.

كما أعلن البنك المركزي، أنه سيتدخل بشكل مباشر لإنقاذ سعر العملة المحلية وإعادة الاستقرار إليها عبر ضخ العملة الصعبة إلى السوق ودعم الاستيراد للسلع الأساسية وتزويد التجار بالعملة الصعبة بسعر أقل من السوق السوداء، اعتماداً على الوديعة السعودية البالغة ملياري دولار، غير أن هذه الإجراءات لم تثبت فاعليتها على الواقع، في ظل استمرار انهيار الريال اليمني أمام الدولار.

والسبت الماضي أعلن مستشار الرئيس اليمني، رئيس اللجنة الاقتصادية، حافظ فاخر معياد، عن انتهاء اللجنة من إجراءات ستعمل على إيقاف انهيار الريال اليمني وتخفيض الأسعار وتوفير المشتقات النفطية في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية "الشرعية".

وقال معياد في منشور له على صفحته بالفيسبوك: "استكملت اللجنة الاقتصادية السبت الآلية المنظمة لعملية استيراد السلع الخمس الرئيسية (القمح، الأرز، السكر، الحليب، وزيت الطعام) بالإضافة إلى الأدوية، وكذا آليات حل مشكلة المشتقات النفطية بما من شأنه تغطية ما يمكن من الاستهلاك المحلي وتصدير الفائض، وسوف تسلم اللجنة الآليات كاملة لرئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر، وذلك لتكليف المختصين بعقد ورشة عمل مع التجار والمعنيين لمناقشة الآلية وتوضيحها للقطاع التجاري، مع العلم أن هذه الآليات كفيلة بالحفاظ على العملة من الانهيار في ظل قرار مجلس الوزراء".

وعمت المحافظات الجنوبية والشرقية في اليمن والخاضعة لسيطرة الحكومة "الشرعية" احتجاجات شعبية واسعة منذ الأسبوع الماضي،  احتجاجاً على انهيار العملة وارتفاع الأسعار.

وشهدت العملة اليمنية "الريال" هبوطًا حاداً مؤخراً حيث تجاوز سعر الدولار الأمريكي الواحد 600 ريال يمني، قابل ذلك ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية.

وقالت مصادر مصرفية ومتعاملون بشركات الصرافة لوكالة "ديبريفر" للأنباء، إن سعر الريال في سوق الصرافة في عدن عاد مجددا للانهيار حيث سجل سعر الصرف، يوم الاثنين، ارتفاعا ليصل إلى 610 ريالا للدولار الواحد للشراء و620 ريالا للبيع، بعد انخفاض سعر الصرف خلال اليومين الماضيين إلى 580 ريالا للدولار الواحد.

كما ارتفع سعر الريال السعودي وسائر العملات الأجنبية في السوق اليمنية المتداولة ليصل إلى 162 ريالاً، فيما الدرهم الإماراتي 163 ريالاً وذلك من 128 و129 ريالاً قبل شهر للعملتين على الترتيب.

ودفعت التطورات في السوق واستمرار تدهور العملة المحلية، الأسعار للارتفاع إلى مستويات قياسية للمواد الغذائية الضرورية التي تعتمد البلاد على استيرادها من الخارج مثل الأرز والسكر والقمح والدقيق ما يزيد من الأعباء على كاهل الأسر اليمنية التي تعيش غالبيتها في ظل أوضاع اقتصادية صعبة.

ويستورد اليمن أكثر من 90 بالمائة من احتياجاته الغذائية بما في ذلك معظم احتياجاته من القمح وكل احتياجاته من الأرز.

ويحتاج نحو 21 مليونا من سكان اليمن وعددهم 28 مليون نسمة إلى شكل من أشكال المساعدات الإنسانية، ويعاني ما يربو على نصف السكان من سوء التغذية.

وبات الوضع المالي أكثر فوضوية منذ قررت حكومة هادي في سبتمبر 2016 نقل مقر البنك المركزي من صنعاء إلى عدن وتعيين محافظ جديد له، فيما رفض الحوثيون هذه الخطوة ما أدى إلى وجود بنكين مركزيين متنافسين يعملان في البلاد.

وزجت حالة الارتباك بالكثير من اليمنيين في براثن العوز بعد أكثر من عام ونصف شهد عدم صرف الرواتب لأكثر من مليون موظف غالبيتهم يعيش في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين بما فيها العاصمة صنعاء.

ويعاني اليمن ضائقة مالية غير مسبوقة منذ سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء وتوقف تصدير النفط منذ أكثر من ثلاثة أعوام حيث كانت إيراداته تشكل 70 بالمئة من إيرادات البلاد، فضلا عن توقف الرسوم الجمركية والضريبية وجميع المساعدات الخارجية والاستثمارات الأجنبية وعائدات السياحة وهو ما جعل المالية العامة والقطاع الحكومي للدولة الفقيرة أصلاً على حافة الانهيار.

واليمن منقسم بسبب الحرب الأهلية التي اندلعت في 26 مارس 2015  بين جماعة الحوثي المدعومة من إيران، قوات الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عسكري تقوده السعودية شن آلاف الضربات الجوية على جماعة الحوثيين في حملة لإعادة رئيس اليمن عبدربه منصور هادي إلى الحكم في العاصمة صنعاء، لكن الحملة لم تنجح في إخراج الجماعة من صنعاء وأغلب المناطق شمالي البلاد.

وتسبب الصراع الدائر في اليمن منذ أكثر من ثلاث سنوات في مقتل نحو 11 ألف مدني، وجرح مئات الآلاف، وتشريد ثلاثة ملايين داخل البلاد وفرار الآلاف خارجها.

وتحذر الأمم المتحدة منذ أكثر من ثلاثة أعوام من أن اليمن أصبح على شفا المجاعة، وتصف الأزمة الإنسانية في اليمن بـ"الأسوأ في العالم"،  مؤكدة أن أكثر من 22 مليون يمني، أي أكثر من ثلثي السكان، بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية والحماية العاجلة، بمن فيهم 8.4 مليون شخص لا يعرفون كيف سيحصلون على وجبتهم المقبلة، ويعاني نحو مليوني طفل من النقص الحاد في التغذية.


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet