نيويورك تايمز: أخطأ اللاجئون اليمنيون حينما توقعوا ترحيباً حاراً في كوريا الجنوبية (تقرير ترجمة ديبريفر)

جيجو (كوريا الجنوبية) - صحيفة "نيويورك تايمز" – ترجمة خاصة لـ"ديبريفر"
2018-09-13 | منذ 6 سنة

تظاهرة لكوريين جنوبيين رفضاً لطالبي اللجوء في جيجو

Click here to read the report in English

سلط تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أمس الأربعاء، الضوء على معاناة اليمنيين طالبي اللجوء في كوريا الجنوبية، والمعاملة العنصرية التي يتعرضون لها.

واستعرض التقرير الذي نشر تحت عنوان "رسالة عاجلة من كوريا الجنوبية. توقع المهاجرون الترحيب الحار على جزيرة المنتجع الكورية. لقد كانوا مخطئين"، ما يتعرض له اليمنيون في جزيرة "جيجو" الكورية في وقت هربوا من جحيم الحرب الكارثية في بلادهم، لكنهم أصبحوا عالقين في هذه الجزيرة.

وكالة "ديبريفر" للأنباء، ترجمت التقرير من الإنجليزية إلى العربية، وتعيد نشر نص التقرير في ما يلي:

بقلم: تشوي سانج-هون

جزيرة جيجو في كوريا الجنوبية هي جزيرة شبه استوائية تشتهر ببحارها الفيروزية والنباتات المتنوعة وملاعب الغولف، وهي بقعة تجذب الكوريين الجنوبيين لقضاء شهل العسل عليها، ولكن الجزيرة التي تعد منتجعاً سياحياً، استقبلت في الأشهر الأخيرة نوعاً جديداً من الزوار، إنهم طالبي اللجوء الفارين من الكارثة في اليمن.

هاني الجنيد، صحفي يمني يبلغ من العمر 37 عاماً، أحد الواصلين إلى جزيرة جيجو وطالبي اللجوء في كوريا الجنوبية. قال الجنيد الذي يُعد التقارير الإخبارية عن الصراع الدائر في اليمن الذي تصفه الأمم المتحدة بـ"أكبر أزمة إنسانية في العالم" صنعت على يد العديد من الجماعات المسلحة المتناحرة في البلاد: "لم يكن هناك مكان آمن في اليمن لكي أختبئ فيه".

ووصل الجنيد إلى جزيرة جيجو، قبالة الساحل الجنوبي لكوريا الجنوبية في مايو، وما زال ينتظر أن تتخذ السلطات الكورية إجراءات بشأن طلب اللجوء الذي تقدم به، وقال: "سمعت أن كوريا الجنوبية كانت مفتوحة أمام اليمنيين".

لقد أثار وصول مئات اليمنيين موجة من المعارضة، ما أدى إلى ما يعتبر أول حركة مناهضة للجوء في كوريا الجنوبية.

هتف الناس في مسيرة نُظمت في 30 يونيو الماضي في الجزيرة، ضمن جزء من موجة مشتعلة مناهضة للهجرة تجتاح البلاد رافقها احتجاجات مماثلة في أماكن أخرى، بما في ذلك سيول، طوال فصل الصيف، هتفوا قائلين: "دعونا نطرد اللاجئين المزيفين!".

تقع جزيرة جيجو قبالة السواحل الجنوبية لكوريا الجنوبية

لماذا جيجو؟

في سنوات ماضية تراجعت شعبية "جيجو" كوجهة محلية لقضاء أيام الإجازات، حيث بدأ الكوريون الجنوبيون الذين يرتفع دخلهم في السفر جواً إلى وجهات أبعد في الخارج.

ومن أجل إعادة تنشيط صناعة السياحة، حصلت الجزيرة على تصريح في العام 2002 بالعمل بسياسة الدخول بدون تأشيرات لمعظم الزوار الأجانب، وبذلك مُلأت فنادقها بالسياح من الصين وجنوب شرق آسيا.

وعندما بدأت الخطوط الجوية لطيران AirAsia بتشغيل رحلاتها مباشرة من كوالالمبور في ماليزيا إلى جيجو في ديسمبر، لفت الانتباه في الجزيرة فجأة وجود طالبي اللجوء اليمنيين، الذين رأوا أنها نقطة انطلاق إلى كوريا الجنوبية، لأنهم أيضا كانوا معفيين من تأشيرات الدخول.

وكان قد فر الآلاف من اليمنيين إلى ماليزيا بسبب العلاقة الإسلامية بين البلدين، ولأن ماليزيا لم تفرض عليهم تأشيرات سياحية. لكنهم لم يتمكنوا من البقاء هناك لأكثر من 90 يوماً ولم تمنحهم الدولة وضعية اللاجئ، لذلك أغرتهم جيجو كملاذ آمن.

في الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري، وصل 561 يمنياً، بزيادة 51 عن العام الماضي. وكان الجنيد قد وصل في 29 مايو، أي في الوقت المناسب. ففي 1 يونيو، أضافت كوريا الجنوبية اليمن إلى قائمة 11 دولة أخرى تحتاج إلى تأشيرات لدخول جيجو.

في 30 أبريل، قبل شهر من ظهور الجنيد، كانت الحكومة الكورية قد منعت 487 من طالبي اللجوء اليمنيين الذين ما زالوا موجودين في جيجو من المغادرة إلى البر الرئيسي، وذلك حتى يتم استعراض طلباتهم للحصول على وضع لاجئ في كوريا الجنوبية.

قال جمال نصيري (43 عاما) وهو مسؤول سابق في وزارة الزراعة في اليمن، جاء إلى جيجو في شهر مايو مع زوجته وبناته الخمس، تتراوح أعمارهن بين 8 و 18 عاماً: "كانت جيجو خيارنا الأفضل"، وأضاف "نحن نفكر في مستقبلنا، وكيف نحافظ على أطفالنا في مكان آمن ونرسلهم إلى المدرسة لأجل حياة أفضل، لأننا بشر".

هرب معاذ جلال محمد الرازقي وزوجته الحامل من اليمن في مايو ثم وصلوا إلى جيجو بعد ستة أيام، حيث استقلوا رحلة طيران بقيمة 150 دولاراً من ماليزيا.

قال الرازقي: "في اليمن تفجير، تفجير، تفجير في كل وقت. لا ماء ولا كهرباء ولا عمل ولا مدرسة ولا شيء. كيف أوفر حياة جيدة لابني؟ انتشر الحديث عن جزيرة جيجو، وقلت ربما أتيحت لي فرصة".

تُقدم الصليب الأحمر والمجموعات المحلية لمساعدة طالبي اللجوء، المساعدة الطبية والغذاء والبطانيات لطالبي اللجوء وهم في انتظار صدور القرارات بشأن طلباتهم، ووجد الرازقي وزوجته ملجأً مؤقتاً عندما وافق مدرس اللغة الإنجليزية الأمريكية أن يشاركه شقته. ولكن ليس الجميع مُرحب بهم في جيجو.

بنات جمال نصيري مثل بقية اليمنيين يظهرون في شوارع جيجو

"من الذين يأتي أولاً؟"

مع أن المئات من اليمنيين لا يشكلون سوى نسبة ضئيلة من عدد سكان الجزيرة البالغ عددهم 660 ألف نسمة، إلا أن وجودهم قد أثار الكثير من القلق والخوف في أوساط السكان.

قال كيم جين يي (32 عاما)، الذي شارك في الاحتجاج بجزيرة جيجو: "إذا كان هناك أمان لهؤلاء الناس، فلماذا لم تسمح لهم الحكومة بالانتقال إلى البر الرئيسي كما أرادوا؟".

تفخر كوريا الجنوبية بمجتمعها المتجانس، ولطالما كانت تعارض قبول طالبي اللجوء. وبسبب موقعها، لم تكن البلاد مقصداً رئيسياً للاجئين، إلى جانب أولئك الذين يفرون من كوريا الشمالية والذين يتم قبولهم عموماً كمواطنين.

لكن هذا تغير منذ عام 2013، عندما اعتمدت كوريا الجنوبية، تحت ضغط جماعات حقوق الإنسان، قانوناً جديداً يوفر الحماية للاجئين. ارتفع عدد طالبي اللجوء منذ ذلك الحين إلى 9,942 في العام الماضي من 2,896 في العام 2014.

ومع ازدياد عددهم، يتفاقم القلق العام مع تفاقم التوترات في جيجو منذ أن كان بقاء اليمنيين محصور عليها.

وهتف 50 متظاهراً، معظمهم من النساء كانوا يطوفون مدينة سيتي هال في جزيرة جيجو تحت المطر، قائلين: "من الذي يأتي أولاً ، شعبنا أم اللاجئين؟".

محتج مناهض للمهاجرين في جيجو يرفع لافتة تقول

وأثناء المسيرة، وجه المتحدثون شتائم إلى طالبي اللجوء بأن من المحتمل أن يكونوا مجرمين أو مهاجرين غير شرعيين وأنهم سارقي الوظائف. وأخذوا يتساءلون: "لماذا على كوريا الجنوبية قبول اللاجئين، في حين تغلق الولايات المتحدة حدودها؟".

قالت أوه مي جين، البالغة من العمر 44 عاماً، التي تزرع الملفوف والقرنبيط في جيجو: "إذا تم اختراق جيجو، فسوف يتم اختراق كوريا الجنوبية". وأضافت أنها كانت غاضبة من أن الحكومة قد تركت سكان الريف مثلها "يعملون بمفردهم في الحقول، معرضين للخطر الذي يشكله الرجال المهاجرين".

أكثر من 90 بالمائة من طالبي اللجوء اليمنيين في جيجو هم من الرجال. ويقولون إنهم يريدون فقط مكاناً آمناً للعمل، لكن بعض سكان الجزيرة قالوا إنهم كانوا خائفين جداً من المهاجرين وأنهم يخشون السماح لأطفالهم باللعب في الهواء الطلق.

وقالت بيون جين يونج، 40 عاما، أم لطفلين: "عندما يتحركون في مجموعات، تتحاشاهم النساء".

ويحذر تجار الخوف في كوريا على شبكة الإنترنت من غزو الإرهابيين العرب أو المغتصبين.

وقال يانغ أون أوك، البالغ من العمر 70 عاماً، وهو أحد قادة تظاهرة جيجو، موجها بعض المشاعر المعادية للإسلام: "إنهم يتعلمون في سن مبكرة كيفية معاملة النساء مثل عبيد الجنس ويضربوهن كما يحلو لهم". وأضاف: "ويمكن أن يكون للواحد منهم عدة زوجات ويخلف العديد من الأطفال، والآن، يوجد هنا 500 منهم، فبعد 10 و 20 سنة كم سيكون عددهم؟".

يمنيون من طالبي اللجوء يتناولون الطعام في جيجو

"ما الذي يخشاه الكوريون الجنوبيون أيضا؟"

يشعر المئات من اليمنيين الباقين في جيجو بأنهم محاصرون.

مروان سعيد ( 38 عام) مهندس كمبيوتر من صنعاء، عاصمة اليمن، وصل في أواخر مايو، بعد أن قام ببيع سيارته الهيونداي المستعملة ومجوهرات زوجته لجمع المال للقيام بهذه الرحلة. بعد أن نفدت أمواله، انتقل من غرفة رخيصة في فندق على الطريق العام وسكن في خيمة لمدة 11 يوماً في صراع مع الرياح الموسمية والبعوض.

وقال مروان سعد: "أعتقد أنه يمكنني الحصول على المزيد من الخيارات خارج جيجو، لكنهم يعاملوننا هنا كالحيوانات، لأن البشر لديهم حق في الحركة. ما الفرق بين اليمنيين واللاجئين من الدول الأخرى؟".

تحاول الحكومة الكورية الجنوبية المركزية مساعدة طالبي اللجوء في العثور على وظائف مؤقتة في قوارب الصيد، وفي المزارع السمكية وفي المطاعم أثناء انتظارهم لفحص طلباتهم، الأمر الذي قد يستغرق شهوراً.

قالت كيم أون يونغ وهي من أهالي جيجو التي تقدم دروساً في اللغة الكورية للعديد من اليمنيين، إنه إذا كان هناك مكاناً في كوريا الجنوبية ينبغي أن يتعاطف مع محنة اليمنيين، فيجب أن يكون جيجو.

منذ أواخر الأربعينيات من القرن العشرين خلال الحرب الكورية، قامت الميليشيات العسكرية والشرطة والجناح اليميني بقتل الآلاف من سكان الجزيرة باسم قتال الشيوعيين، وفر العديد من السكان، بما في ذلك عمة السيدة كيم، إلى اليابان كلاجئين.

وقالت السيدة كيم: "لقد عملوا بجد في المدن اليابانية مثل أوساكا وأرسلوا الأموال لبناء قاعات جماعية وتمهيد الطرق وشراء اللوازم المدرسية في مدنهم على جيجو".

إن الأحكام المسبقة للسكان المحليين تثير غضب العديد من اليمنيين هنا. أما ماجد (28 سنة)، الذي طلب أن لا يُذكر سوى اسمه الأول فقط لأنه مطلوب في اليمن بسبب نشاطه الإلحادي، دافع عن موطنه ومعاملة النساء فيه.

قال ماجد: "نحن لا ننظر للنساء كما تعتقدون"، وتسائل قائلاً: "ما الذي يخشاه الكوريون الجنوبيون أيضاً؟ أنوفنا؟، حسناً، لا يمكنني تغيير أنفي، هل يمكنني ذلك؟".

باع مروان سعيد ، سيارته ومجوهرات زوجته ليصلا إلى جيجو، لكنهما الآن عالقان فيها ولا يجدان عملا

 


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet