اليمن.. رئيس اللجنة الاقتصادية يتهم محافظ "المركزي" بالتباطؤ في تنفيذ توصيات اللجنة

عدن (ديبريفر)
2018-09-24 | منذ 5 سنة

حافظ معياد (أرشيف)

وجه حافظ فاخر معياد رئيس اللجنة الاقتصادية في اليمن المشكلة حديثاً بقرار الرئيس عبدربه منصور هادي، اتهامات مبطنة مساء أمس الأحد، إلى محافظ البنك المركزي اليمني محمد زمام، بعدم تنفيذ توصيات والآراء التي تطرحها اللجنة بشأن إيقاف التدهور الاقتصادي في البلاد وانهيار العملة المحلية "الريال اليمني".

وقال معياد في منشور على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: "يسألني الكثيرين عن سبب ارتفاع الدولار، وهنا أود التوضيح أننا في اللجنة الاقتصادية نقدم رأي ولسنا مخولين قانونا بالتنفيذ، والاخ محافظ البنك المركزي هو المعنى قانوناً بذلك، ونحن جاهزين لمساعدته عند الحاجة ".

وأضاف: "ننصحه (محافظ البنك المركزي اليمني) بخطوتين هما.. الأولى: تسريع خطوات فتح الاعتمادات، لأن الثقة منزوعة تماماً من قبل التجار في الاجراءات. ثانياً: الدخول بحزم ضد المضاربين في العملة ونحن جاهزون لمساعدته إذا طلب منا كيفية السيطرة وإخراج المضاربين من السوق".

واعتبر مراقبون أن تصريح معياد، اتهام واضح لمحافظ البنك المركزي محمد زمام، بالتباطؤ في تنفيذ توصيات واستشارات اللجنة الاقتصادية.

جاء تصريح معياد عقب يوم واحد من اجتماع اقتصادي عقد في العاصمة المصرية القاهرة، السبت، برئاسة رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر وحضور محافظ البنك المركزي محمد زمام ورئيس اللجنة الاقتصادية حافظ معياد وعدد من المسؤولين اليمنيين لمناقشة وشرح الإجراءات التنفيذية لقرار مجلس الوزراء اليمني بشأن حصر استيراد المشتقات النفطية عن طريق الاعتمادات أو الحوالات أو التحصيلات المستندية، وتأهيل الموردين للعمل في هذا القطاع.

وقال محللون سياسيون واقتصاديون إن حديث حافظ معياد مساء الأحد، يؤكد وجود خلافات تطفوا على السطح بين اللجنة الاقتصادية والبنك المركزي، معتبرين الحديث الأخير لمعياد، إخلاء لمسؤوليته اللجنة عن التدهور الاقتصادي والانهيار غير المسبوق للعملة المحلية".

وأكد خبراء اقتصاديين في وقت سابق أن إجراءات وقرارات اللجنة الاقتصادية والبنك المركزي وقبلهما الحكومة الصادرة مؤخراً، إن نفذت بشكل كامل وفوري، وإن كانت هناك جدية ووضوح لتطبيقها، فإن ذلك كفيل بالحد من تدهور العملة المحلية التي بلغت أدنى مستوى طوال تاريخها.

وذهب ناشطون آخرون للرد على منشور معياد بالقول أن اللجنة الاقتصادية تشكلت بقرار رئاسي لإيجاد الحلول وإخراج اليمن من الأزمة الاقتصادية، وهذا القرار يخولها بإيجاد الحلول وتطبيقها ويجب على محافظ البنك المركزي الخضوع لذلك، مشيرين بأن تشكيل اللجنة الاقتصادية ، وإضافة أعباء مالية جديدة على الدولة، كل ذلك ليس لتقديم الرأي والمشورة فقط وإنما لتنفيذ وتطبيق الحلول والمعالجات المناسبة لإنقاذ الاقتصاد والعملة اليمنية.

وكان الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي أصدر في 8 سبتمبر الجاري، قراراً بتشكيل اللجنة الاقتصادية برئاسة الخبير المالي حافظ فاخر معياد الرئيس السابق لبنك التسليف الزراعي (كاك بنك)، وهو أيضاً أحد رجالات الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح.

ويرى مراقبون أن قرار الرئيس اليمني، بتعيين حافظ فاخر معياد مستشاراً له ورئيساً للجنة الاقتصادية في البلاد، محاولة منه للاستفادة من خبراته في إيقاف الانهيار الاقتصادي للبلاد، بالإضافة إلى استمالة واستقطاب قيادات من حزب المؤتمر الشعبي العام، أكبر الأحزاب في اليمن، والذي كان يرأسه الرئيس الراحل "صالح" قبل مقتله في 4 ديسمبر الماضي على أيدي جماعة الحوثيين حينما قرر فض الشراكة معها.

ويُعد معياد أحد المقربين من الرئيس السابق الذي كلفه بمهام اقتصادية نجح في أغلبها سيما في بنك التسليف الزراعي اليمني، فيما يتهمه معارضون بالفساد، ويؤكدون أنه أحد المقربين من جلال نجل الرئيس هادي الذي تدور حوله الكثير من شبهات الفساد.

وكان أحمد غالب عضو اللجنة الاقتصادية التي شكلها الرئيس هادي، اتهم بعد يوم واحد من تشكيل اللجنة، الحكومة والبنك المركزي اليمني بالتخلي عن مهامهم في معالجة انهيار العملة المحلية الذي وصل تدهوره لمستويات قياسية.

بينما يرى اختصاصيون وخبراء اقتصاد فشل الحكومة "الشرعية" اليمنية وعجزها عن مواجهة تهاوي الريال، بلغ ذروته في مختلف مناحي الحياة المعيشية ما وضع المواطن المغلوب على أمره أمام كارثة حقيقية في الجانب الاقتصادي جراء الانهيار المخيف للريال اليمني أمام العملات الأجنبية وارتفاع الأسعار.

وأكد مراقبون ومتابعون اقتصاديون في وقت سابق لوكالة "ديبريفر"  للأنباء، أن الحكومة اليمنية والبنك المركزي إذا كانا جادين في وقف انهيار العملة المحلية وتحسين الأوضاع في المناطق الخاضعة لسيطرتها، فعليهما العمل فوراً على إلغاء قرار تعويم العملة المحلية التي انتهجها البنك المركزي اليمني في أغسطس العام الماضي بدون آليات لضبط سعر الصرف، ما أدى إلى خسارة الريال أكثر من نصف قيمته ودفعه إلى الانهيار المستمر في السوق وسط غياب أي دور رقابي للمؤسسات المالية والنقدية للدولة وعجز البنك على وقف انهيار العملة المحلية والتحكم بالسوق المحلية وما تحويه من عملات أجنبية، في المقابل لم تستطع الحكومة توفير الكميات اللازمة من العملة الأجنبية، سيما الدولار، وهو السبب الرئيس في هذا التدهور.

وحررت الحكومة سعر صرف الريال العام الماضي وأصدرت توجيهات للبنوك باستخدام سعر الريال الذي تحدده السوق بدلا من تثبيت سعر محدد. بينما حدد البنك المركزي اليمني في وقت سابق خلال سبتمبر الجاري، السعر الرسمي للدولار الواحد عند 490 ريالاً فقط والريال السعودي 130 ريالاً يمنياً.

وأكد خبراء الاقتصاد أن تحديد تسعيرة ثابتة صادرة من البنك المركزي في عدن، لأسعار صرف العملات الأجنبية، فتحت أبواب السوق السوداء على مصراعيها، خصوصاً وأن قرار التعويم الصادر من المركزي مازال ساري المفعول، إذ أن قرار التعويم وتحديد سعر ثابت لأسعار الصرف، قراران لا يتوافقان مع وضع اقتصادي هش كالأوضاع التي تعيشها اليمن.

ولفت هؤلاء إلى عدم وجود الإرادة لهذه الحكومة في تحسين الوضع العام في البلد والحد من الفساد الكبير في أجهزتها، وعدم رغبتها في إلغاء قرار تحرير المشتقات النفطية الصادر من الرئيس هادي، بما يسهم في عودة نشاط أهم موردين اقتصاديين للبلد وهما شركتي النفط ومصافي عدن الحكوميتين.

وأشاروا إلى أن قرار هادي بتحرير سوق النفط، عطل إحدى أهم الموارد المالية للدولة، وعمالقة اقتصاد البلاد (شركتي النفط ومصافي عدن الحكوميتين)، فضلاً عن أن القرار لم يطبق منه شيئاً يذكر بسبب سيطرة تاجر واحد على جميع خزانات شركة مصافي عدن، في إشارة إلى رجل الأعمال اليمني أحمد العيسي، المورد الوحيد للمشتقات النفطية إلى عدن والمحافظات المجاورة لها.

وحذروا من خطورة استمرار هذا القرار الرئاسي على الأمن القومي، وقيمة العملة الوطنية، وانعكاسات ذلك على الأوضاع المعيشية للمواطنين، في ظل غياب دور الدولة، وأجهزتها الرقابية الحكومية الفاعلة.

ويُعد احتكار شركة العيسي لاستيراد الوقود في عدن، وبقية المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية "الشرعية"، سابقة هي الأولى من نوعها على مستوى العالم، إذ سلمت الحكومة أهم مورد اقتصادي ومالي للبلد إلى القطاع الخاص، بموجب قرار أصدره الرئيس هادي مطلع مارس الماضي، والقاضي بتحرير سوق المشتقات النفطية، وفتح مجال الاستيراد أمام شركات القطاع الخاص، وإخضاع عملية بيع وتوزيع المشتقات للمنافسة بين الشركات.

ويشهد الاقتصاد اليمني منذ بضعة أسابيع، تدهور مستمر ينذر بانهيار اقتصادي كامل وكارثة إنسانية كبرى في البلد الذي يعيش حرب مستمرة منذ ثلاث سنوات ونصف، وتؤكد الأمم المتحدة أنه يعيش حالياً "أسوأ أزمة إنسانية في العالم".

كما تشهد مدينة عدن التي أعلنتها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً عاصمة مؤقتة للبلاد، وكذا مدينة صنعاء العاصمة الرسمية للبلاد والتي يسيطر عليها الحوثيون، أزمة وقود خانقة ومتزايدة منذ أيام.

وتحاول الحكومة اليمنية "الشرعية" المعترف بها دولياً اتخاذ إجراءات وخطوات لوقف تسارع التدهور الاقتصادي، اعتماداً على الوديعة السعودية لدى البنك المركزي اليمني البالغة ملياري دولار والتي كان الحفاظ على الريال من الانهيار مجدداً أحد أسباب إيداعها ، غير أن محاولاتها وإجراءاتها لم تثبت فاعليتها على الواقع العملي.

وتبدو الحكومة "الشرعية" عاجزة عن إيقاف هذا التدهور بعدما اتخذت إجراءات عديدة خلال الأيام الماضية لم تفلح لوقف انهيار الاقتصاد واستمرار تدهور سعر الحملة المحلية "الريال اليمني" مقابل العملات الأخرى ما أدى إلى ارتفاع مهول في أسعار المواد الغذائية والأساسية ومختلف السلع في ظل عدم انتظام صرف مرتبات الموظفين الحكوميين سيما في شمال البلاد التي يسيطر عليها الحوثيون والتي لم يستلم فيها الموظفون مرتباتهم منذ زهاء عامين.

وزجت حالة الارتباك بالكثير من اليمنيين في براثن العوز بعد نحو عامين من عدم صرف المرتبات لأكثر من مليون موظف غالبيتهم يعيش في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين بما فيها صنعاء.

ويعاني اليمن ضائقة مالية غير مسبوقة منذ سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء وتوقف تصدير النفط منذ أكثر من ثلاثة أعوام حيث كانت إيراداته تشكل 70 بالمائة من إيرادات البلاد، فضلا عن توقف الرسوم الجمركية والضريبية وجميع المساعدات الخارجية والاستثمارات الأجنبية وعائدات السياحة وهو ما جعل المالية العامة والقطاع الحكومي للدولة الفقيرة أصلاً على حافة الانهيار.

واليمن منقسم بسبب الحرب الأهلية التي اندلعت في 26 مارس 2015 بين جماعة الحوثي (أنصار الله) المدعومة من إيران، وقوات الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي تقوده السعودية شن آلاف الضربات الجوية على جماعة الحوثيين في حملة لتمكين الرئيس هادي وحكومته من ممارسة عمله في العاصمة صنعاء، لكن الحملة لم تنجح في إخراج الجماعة من صنعاء.

وتسبب الصراع الدائر في اليمن منذ أكثر من ثلاث سنوات في مقتل أكثر 10 ألف شخص وجرح مئات الآلاف وتشريد ثلاثة ملايين داخل اليمن وفرار الآلاف خارج البلاد .

وتحذر الأمم المتحدة منذ أكثر من ثلاثة أعوام من أن اليمن أصبح على شفا المجاعة، فيما يؤكد برنامج الأغذية العالمي أن عدد المحتاجين لمساعدات عاجلة ارتفع إلى 22 مليونا العام الماضي 2017، أي أكثر من ثلثي سكان البلاد بالمقارنة مع 17 مليونا عام 2016.

 

 


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet