تضاعف الانقطاعات الكهربائية في عدن وسط اتهامات للعيسي بوقف ضخ الوقود إلى محطات التوليد

عدن (ديبريفر) تقرير اقتصادي خاص
2018-09-29 | منذ 5 سنة

مصفاة عدن (أرشيف)

تضاعفت ساعات انقطاع التيار الكهربائي بمدينة عدن الساحلية جنوبي اليمن منذ بضعة أيام، نتيجة نفاد مادة الديزل والمازوت، مما فاقم حالة  الغضب الشعبي في المدينة التي تتخذها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً عاصمة مؤقتة للبلاد، بسبب استمرار هذه الأزمات وتردي الخدمات العامة وتدهور الأوضاع الاقتصادية.

وقالت مصادر حكومية في عدن لوكالة "ديبريفر" للأنباء إن خدمة الكهرباء تشهد تراجعاً أدى لانخفاض ساعات التشغيل إلى أقل من ساعتين مقابل 5 ساعات من الانقطاع، بعد أن كانت عملية الانقطاعات المبرمجة تصل إلى ساعتين انقطاع مقابلها أربع ساعات تشغيل.

وأشارت إلى أن أسباب تزايد الانقطاعات يعود إلى تخفيض مخصص الوقود لمحطات الكهرباء إلى أقل من النصف.

 وذكرت المصادر ذاتها أنه من المحتمل أن تتوقف محطات كهرباء عدن خلال اليومين القادمين، بشكل كامل نتيجة رفض المستورد الوحيد للمشتقات، التاجر احمد العيسي، السماح بتزويد محطات كهرباء عدن بالمنحة النفطية المقدمة من السعودية.

وأوضحت أن العيسي رفض السماح لشركة النفط بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" بإفراغ الوقود المقدم من السعودية في خزانات شركة مصافي عدن لتزويد كهرباء عدن بالمشتقات النفطية، علماً أن العيسي يستأجر هذه الخزانات بعقد رسمي طويل المدى.

في الأثناء، زعمت تقارير إخبارية وإعلامية في وقت سابق أن الإنقطاعات المتزايدة للتيار الكهربائي بعدن ليست كما يعتقد الكثيرين بأنها مرتبطة بنفاذ مادة الديزل أو تقليل حصتها، بل يأتي ذلك ضمن الأوراق السياسية التي تلعب بها أطرافاً في الحكومة اليمنية "الشرعية" التي يحوم حولها صفقات فساد كبرى، للضغط على السلطات السعودية من أجل تسليم المنحة السعودية من المشتقات النفطية والمقدرة بـ 60 مليون دولار للتاجر أحمد العيسي المقرب من الرئاسة اليمنية والمحتكر لعملية استيراد المشتقات في المحافظات الخاضعة لسيطرة حكومة "الشرعية"، وهو ما رفضته السعودية وأكدت أن شركة أرامكو النفطية ستتكفل بتوصيل وتخزين المشتقات النفطية إلى عدن وباقي هذه المحافظات.

ووقع اليمن والسعودية، في 12 أغسطس الماضي، في الرياض على مذكرة تفاهم خاصة بالمنحة النفطية المقدمة من المملكة لتزويد محطات الكهرباء في اليمن بالمشتقات النفطية بقيمة ٦٠ مليون دولار شهرياً لمدة ثلاثة أشهر قابلة للتمديد.

تأتي هذه المنحة كمحاولة من الحكومتين اليمنية والسعودية لامتصاص الغضب الشعبي في بعض المحافظات اليمنية الجنوبية جراء الانقطاعات المتزايدة في الكهرباء بالإضافة إلى تفاقم الأوضاع المعيشية في البلاد.

وكشفت تقارير إخبارية ومصادر مطلعة، الأسبوع الماضي، أن المملكة العربية السعودية رفضت محاولات الحكومة اليمنية "الشرعية" المعترف بها دولياً، السيطرة على توريد المنحة النفطية المقدمة من المملكة لتزويد محطات الكهرباء في اليمن بالمشتقات النفطية بقيمة ٦٠ مليون دولار شهرياً.

وذكرت المصادر أن الحكومة اليمنية "الشرعية" التي يرأسها الدكتور أحمد بن دغر، حاولت فرض رجل الأعمال اليمني، أحمد العيسي، كمورد لهذه المنحة.

وأوضحت المصادر أنه قبل إتمام الصفقة تفاجأت حكومة "الشرعية"، بصدور توجيهات من الديوان الملكي السعودي بأن يتم تقديم المنحة عبر شركة "أرامكو" النفطية السعودية، التي ستتولى أيضاً إيصال الكميات إلى خزانات مصافي عدن بعيداً عن العيسي وناقلاته النفطية التي رفضت السلطات في المملكة السماح لها بدخول موانئها.

 

العيسي يوقف الضخ

على ذات الصعيد قالت مصادر عمالية في مصافي عدن، الجمعة، إن عملية ضخ مادة ديزل محطات كهرباء عدن من سفينة BW راين في ميناء الزيت التابع للمصافي في البريقة، توقفت بعد أن تم ضخ كمية 3000 طن متري فقط لخزانات شركة مصافي عدن من أصل 66 الف طن متري.

وأكدت المصادر أن التوقف عن الضخ جاء بتوجيه من رجال الأعمال العيسي وذلك حتى يتم التوصل لاتفاق نهائي للمناقصة التي أعلنت عنها شركة مصافي عدن أواخر الشهر الماضي لشراء 92 ألف طن من المنتجات النفطية "ديزل ومازوت" لتزويد محطات كهرباء عدن، وكيفية سداد المديونيات المستحقة للعيسي لدى الحكومة الشرعية والتي تقدر بملايين الدولارات.

وأوضحت أن ضخ هذه الكمية جاء فقط حتى لا تتوقف محطات كهرباء عدن بشكل نهائي بعد أن أوشك الوقود على النفاد من كل المحطات.

وأشارت المصادر إلى أن شركة العيسي أمهلت الحكومة الشرعية حتى بعد غد الأحد، لتسديد ما عليها من مديونية مالم لن يتم تفريغ باقي الكمية من متن الباخرة الرأسية في ميناء الزيت.

ويؤكد مراقبون ومتابعون أنه في حال لم يتم إفراغ شحنة الديزل المتبقية في الباخرة إلى خزانات المصافي ، فأن أربع محافظات هي عدن ولحج وأبين والضالع، ستغرق في ظلام دامس.

وقالت المؤسسة العامة للكهرباء بعدن أن الطاقة التوليدية مساء الاثنين الماضي، بلغت 200 ميجا وات فيما أكثر من 140 ميجا متوقف بسبب عدم التزود بالوقود.

وذكرت المؤسسة أن محطات كهرباء عدن تعاني منذ قرابة شهر من أزمة خانقة في الوقود عقب تخفيض المخصص اليومي إلى النصف، مؤكدة أن عودة الانطفاءات بدأت منذ أسابيع نتيجة لتقليص مخصص الوقود اليومي تدريجيا.

وتتكرر أزمة توقف محطات توليد الطاقة الكهربائية في عدن والمحافظات المجاورة لها كلما رفض التاجر العيسي تسليم شحنات الوقود إلى الحكومة، بذريعة سداد مستحقات متأخرة.

وتسود حالة من الغليان والغضب العارم لدى سكان مدينة عدن بسبب استمرار تفاقم المعاناة نتيجة تدهور الأوضاع وتردي الخدمات الأساسية للحياة في المدينة من وقود وكهرباء ومياه واتصالات وسط تجاهل وصمت الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومته المتواجدون خارج البلاد منذ  مغادرتهم عدن قبل شهرين، عقب مكوثهم فيها قرابة الشهرين فقط.

 

تجدد الاتهام

وجدد سكان وناشطون في مدينة عدن توجيه أصابع الاتهام إلى الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومته لما يجري في مدينتهم من تزايد المعاناة  بسبب الفشل والعجز في إدارة المدن والمناطق الخاضعة لسيطرتهم، وعدم تمكنهم من توفير المتطلبات الأساسية والاحتياجات الضرورية للمواطنين بعد مرور أكثر من ثلاثة أعوام على نجاح مقاتلون محليون وبدعم من قوات إماراتية في طرد الحوثيين من المدينة نهاية يوليو عام 2015.

وحملوا التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات مسؤولية ما يجري في عدن كون الدولتان تقدمان دعم سخي للحكومة اليمنية التي لم تحرك ساكنا للحد من الفساد الكبير المستشري في أجهزة الدولة، وفق اتهاماتهم.

وتسأل بعض السكان التقى بهم مراسل وكالة ديبريفر للأنباء في عدن: "إلى متى ستظل مشكلة الكهرباء المزمنة في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات من تحريرها، وأين ذهبت محطات كهرباء الإمارات التي أعلنت عنها مطلع العام، وأين الدعم السعودي المعلن أخيرا لدعم الوقود لتشغيل محطات كهرباء عدن على مدار الساعة؟!!".

وقالوا: "هناك من له مصلحة من الإدارة بالأزمات ومحاولة تعكير العلاقة بين الشرعية والتحالف"، متهمين "أطرافاً سياسية لا تريد للتحالف تطبيع الأوضاع في الجنوب بعد أكثر من ثلاث سنوات من تحريره من الحوثيين، لأن هذه الأطراف فشلت في تحقيق شيء لها وللتحالف في شمال البلاد" في إشارة إلى حزب الإصلاح ذراع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن.

وأكدوا أن ما يجري في قطاع الكهرباء عدن يشوبه عمليات فساد ضخمة  في صفقات الطاقة المشتراة من القطاع الخاص، مشيرين إلى أن السلطات المحلية في عدن تواجه صعوبات وتحديات غير مسبوقة في ظل الأوضاع المتردية التي تعيشها المدينة.

ويفترض أن تغذي عدن، حالياً، ثلاث محطات رئيسية أبرزها، محطة الحسوة "كهرو حرارية" وتأسست في خمسينيات القرن الماضي وصممت على وقود المازوت وتعمل على إشعال الغلايات لتحويل المياه إلى بخار ويقوم بتدوير التوربين (المولد) لتوليد الطاقة الكهربائية وفي حال انخفاض كمية المازوت بالخزانات يتم تخفيض عملية الإحراق ما يؤدي لخفض الأحمال على التوربينات، وذلك بالإضافة إلى محطتي المنصورة وخور مكسر، فضلاً عن محطات القطاع الخاص "الطاقة المشتراة".

لكن قلة الوقود وعجز السلطات الحكومية والمحلية على توفيرها بالشكل المطلوب في محطتي خور مكسر والمنصورة، يتسبب في تزايد ساعات الانقطاعات الكهربائية في عدن، فضلاً عن حدوث طارئ يخرج أي محطة عن العمل، بينما أصبح ما ينتج حاليا من المحطات الثلاث أقل من 130 ميجاوات يومياً أي ما يقارب 40 بالمائة فقط من الطاقة الإجمالية المطلوبة لعدن والتي تقدر بـ340 ميجاوات.

 

أزمة وقود خانقة

وتشهد مدينة عدن حالياً أيضا، وكذا مدينة صنعاء العاصمة الرسمية للبلاد والتي يسيطر عليها الحوثيون، أزمة وقود خانقة ومتزايدة منذ أكثر من أسبوع.

وارتفعت أسعار مادة البنزين اليوم الجمعة، بشكل كبير ولافت في محطات البيع الخاصة في مديريات عدن الثمان، مع استمرار أزمة انعدام الوقود وازدهار السوق السوداء.

وجددت مصادر حكومية مطلعة في شركة النفط بعدن التأكيد في تصريح خاص لوكالة "ديبريفر" للأنباء أن أزمة المشتقات النفطية المفتعلة حالياً في عدن، سببها رجل الأعمال أحمد العيسي المتعهد الوحيد بتوريد النفط إلى المحافظة، والذي ما يزال يعمل على افتعال الأزمات في الأسواق بين فترة وأخرى، من خلال رفضه تفريغ شحنات البنزين، والديزل، والمازوت المتواجدة على بواخره الراسية في أرصفة ميناء الزيت التابع لمصفاة عدن، التي أصبحت أشبه بالملكية خاصة للعيسي، وفقاً لمسئولين، بعد أن كانت من الممتلكات العامة.

وأشارت إلى أن العيسي يقوم حالياً بإمداد شركة النفط الحكومية بكميات محدودة، وبدورها تقوم الشركة بضخ هذه الكميات إلى المحطات الوقود التابعة لها، لكنها ليست كافية لتغطية السوق بشكل كامل.

وأكدت المصادر عينها أن العيسي ما يزال يصر على استلام مبالغ شراء الوقود بالعملة الصعبة ما يجبر شركة النفط الحكومية على شراء قرابة ثلاثة ملايين دولار شهرياً من شركات الصرافة المحلية بالسعر الحالي، بمبلغ يفوق اثنين مليار و100 مليون ريال يمني لتسديد قيمة الوقود للعيسي، وهو ما يتسبب في أزمة انعدام العملة الصعبة في السوق بصورة مستمرة، ويساهم في انخفاض القيمة المحلية "للريال" أمام الدولار.

مسئولون حكوميون يشغلون مواقع متعددة في شركة النفط اليمنية الحكومية في عدن، قالوا في تحقيق سابق لوكالة الأنباء "ديبريفر" إن العيسى يمارس الابتزاز على شركة النفط الحكومية المختصة بتوزيع الوقود محلياً في المحافظات الجنوبية، كون الشركة تشتري من العيسي المشتقات بالسعر الذي يحدده هو، وبالعملة الصعبة وبزيادة عن الأسعار العالمية، ما يترتب عن ذلك خسائر فادحة على الشركة الحكومية.

وتشتري شركة النفط، الوقود بمختلف أنواعه، من شركة "عرب جلف"، التي تحتكر عملية استيراد الوقود في عدن وبقية المحافظات والمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.

وشركة "عرب جلف"، شركة تجارية استثمارية خاصة مملوكة لرجل الأعمال اليمني أحمد العيسي، الذي صدر مؤخراً قراراً بتعيينه مستشاراً للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي.

وكانت قيادة شركة النفط اليمنية في عدن، قررت مطلع سبتمبر الجاري، تعليق بيع الوقود للمحطات الحكومية إلى حين تدخل الحكومة والبنك المركزي وإيقاف عملية المضاربة بأسعار صرف العملة الصعبة.

وقالت الشركة في بيان وجهته للرأي العام، حينها: "من الأهمية بمكان أن يعلم المواطن أن الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار مقابل الريال اليمني يؤثر وبشكل مباشر في عملية قيام الشركة بشراء المشتقات النفطية لاسيما في ظل عدم تدخل الدولة أو تقديمها الدعم اللازم للمشتقات النفطية, او حتى التدخل العاجل للسيطرة على الصرافين، والمساهمة بالتالي في عملية تثبيت سعر صرف الدولار مقابل الريال".

وأكدت شركة النفط ان عدم تدخل الدولة أو قيام البنك المركزي اليمني بفرض رقابه صارمة على الصرافين، أفسح المجال لهم للمضاربة بأسعار الصرف.. لافتةً إلى أن هذا الأمر سينعكس تلقائياً بالسلب على القيمة الشرائية للمشتقات النفطية، ما يؤدي إلى ارتفاع سعر الوقود تباعاً للارتفاع المتصاعد في أسعار الصرف، لأن الشركة تقوم بشراء المشتقات النفطية التي تسوقها لاحقاً في السوق المحلية، بالعملة الصعبة (الدولار).

وكانت وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" بنسختها في العاصمة السعودية الرياض والتابعة للحكومة اليمنية "الشرعية"، قالت مؤخرا ، إن رئيس مجلس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر، وجه وزارة المالية، والبنك المركزي اليمني، بتخصيص عشرة ملايين دولار لتغطية احتياجات شركة النفط اليمنية لتغطية جزء من احتياجاتها لشراء المشتقات النفطية، على أن يستخدم هذا المبلغ لتوفير حاجة المواطنين من المشتقات النفطية، (ديزل وبترول)، ويورد ما يعادله بسعر السوق بالريال اليمني إلى حساب بديل لصالح إيرادات الدولة.

 

 


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet