محلل اقتصادي لـ"ديبريفر": سحب الريال اليمني لتمويل استيراد المواد الأساسية سبب رئيس لتحسنه

صنعاء (ديبريفر) من : ريام محمد مخشف
2018-11-04 | منذ 5 سنة

الريال يتحسن واليمنيون ينتظرون انخفاض الأسعار

اعتبر المحلل الاقتصادي اليمني مصطفى نصر، أن حالة التحسن في سعر العملة المحلية "الريال اليمني" التي شهدها السوق اليوم الأحد، أمام الدولار والعملات الأخرى، مؤشر إيجابي لتعزيز حالة الثقة في السياسات والإجراءات التي اتخذها البنك المركزي اليمني مؤخرا.

وقال نصر في تصريح خاص لوكالة "ديبريفر" للأنباء، اليوم الأحد، إن سحب السيولة المحلية من الريال لتمويل استيراد المواد والسلع الأساسية، من خلال توفير البنك المركزي النقد الأجنبي وتغطية الاعتمادات البنكية للمواد الأساسية، ساهم في تشجيع التجار والمستوردين على شراء العملة الصعبة.

وأضاف المحلل الاقتصادي مصطفى نصر، وهو رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي في اليمن: "إن تبسيط إجراءات الحصول على تمويل استيراد المواد الأساسية بالدولار من الوديعة السعودية وطلب مقابلها ريال يمني بالإضافة فتح الاعتمادات المستندية ورفع سعر الفائدة إلى ٢٧ بالمئة وتكوين احتياطي نقدي محلي بمبلغ ٥٠٠ مليار ريال، كلها إجراءات عززت من قدرة البنك المركزي على إدارة السياسة النقدية والحد من المضاربة في السوق".

وأشار إلى أن حالة الهلع ولجوء أصحاب الدولار والسعودي للبيع التي يشهدها اليمن اليوم، تشبه إلى حد كبير حالة التصاعد المخيف وغير المبرر لسعر الريال الذي حدث نهاية سبتمبر الماضي.

المحلل الاقتصادي اليمني مصطفى نصر

وتوقع نصر أن تحدث أزمة سيولة للريال اليمني خلال المرحلة المقبلة لكنها لكن تكون كبيرة إذا ما تمكن البنك المركزي من تفعيل الدورة المالية للنقود وفعّل من أدواته في السيطرة علي السوق المصرفية.

كما اعتبر أن حالة التفاؤل بالحكومة اليمنية الجديدة برئاسة الدكتور معين عبد الملك، والتوجهات والضغوطات الدولية والإقليمية للبدء قريباً في المفاوضات ومشاورات التسوية لحل الأزمة ووقف الحرب الدامية في اليمن المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف، جميعها عوامل عززت من حالة الثقة وقادت إلى تحسن سعر صرف الريال أمام العملات الأجنبية.

فيما رأى مراقبون ومحللون اقتصاديون أن أسباب ارتفاع الريال اليمني أمام الدولار، قد يكون بسبب المنحة النفطية السعودية البالغ تكلفتها 60 مليون دولار شهرياً، والمخصصة لتزويد محطات الكهرباء في عدن والمحافظات المجاورة، وكذا بدء البنك المركزي التصرف بالوديعة السعودية بعد وضع الإطار العملي لاستخدامها.

وأعلن محافظ البنك المركزي اليمني محمد زمام، أمس السبت، أن مجلس إدارة البنك، وافق على ثلاث دفعات سحب من الوديعة السعودية لدى البنك بمبلغ إجمالي 170 مليون دولار يمثل الدفعتين الرابعة والخامسة والمتأخرات من الدفعتين السابقتين الثانية والثالثة.

وذكر محافظ البنك في بيان، أن تلك المبالغ موزعة على كل البنوك المتقدمة لتغطية واردات القمح والأرز والسكر والحليب وزيت الطعام والذرة الشامية.. مشيراً إلى أن السعر المتعامل به 585 ريال للدولار بالنسبة للمواد الأساسية.

كانت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، وافقت في اجتماعها الخميس في عدن برئاسة الدكتور معين عبدالملك، على قرار مجلس إدارة البنك المركزي اليمني بإيقاف السحب على المكشوف من قبل الحكومة بدءاً من يناير 2019 القادم.

وقرر البنك أيضا تكوين احتياطي نقدي من العملة المحلية بمبلغ 500 مليار ريال، على أن تكون الأموال المطبوعة مؤخراً ضمن هذا الاحتياطي مع عدم استخدامها إلا وفقاً لسياسات نقدية واضحة.

وكانت لجنة السندات في الحكومة اليمنية، وافقت في اجتماعها، الأحد الماضي في الرياض، برئاسة رئيس الحكومة، على طلب وزارة المالية لاقتراض مبلغاً 100 مليار ريال (135 مليون دولار) من السوق المحلية لسد عجز الموازنة، وذلك عبر إصدار سندات حكومية مالية طويلة الآجل.

ورفع البنك المركزي اليمني ومقره الرئيس في مدينة عدن التي تتخذه الحكومة "الشرعية" عاصمة مؤقتة للبلاد، أواخر سبتمبر  الماضي، قيمة الفائدة إلى المثلين تقريباً في مسعى لتحقيق الاستقرار للريال، بعد تظاهرات شعبية غاضبة من تدهور العملة المحلية وتردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية.

ويعد الملف الاقتصادي أحد التحديات التي تواجه الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، والتي عادت الأسبوع الماضي إلى مدينة عدن لممارسة أعمالها من داخل البلاد.

وشهد الاقتصاد اليمني انهيارات متسارعة منذ منتصف يونيو الماضي جراء استمرار تدهور العملة المحلية "الريال" إلى مستويات مخيفة وأسباب أخرى، ما فاقم المعاناة المعيشية للمواطنين وأدى إلى تصاعد حالة والغضب لدى الشارع في اليمن.

وأعلنت المملكة العربية السعودية، مطلع شهر أكتوبر المنصرم، عن تقديم مبلغ 200 مليون دولار أمريكي كمنحة للبنك المركزي اليمني، دعماً لمركزه المالي، بجانب ما أودعته في 17 يناير الماضي، بمبلغ ملياري دولار لدى البنك ذاته للحفاظ على العملة المحلية المتداعية من الانهيار أمام العملات الأجنبية.

 

الريال يستعيد بعض عافيته

واستعاد الريال اليمني، مع بزوغ صباح اليوم الأحد، بعض عافيته وتحسنت قيمته أمام الدولار والعملات الأجنبية، بعد أسابيع من الانهيار المخيف وهبوطه لأدنى مستوياته على الإطلاق ما أدى إلى ارتفاع مهول في أسعار السلع الأساسية لتزداد الأوضاع المعيشية للمواطنين تفاقماً في البلاد التي تشهد صراعاً دموياً أدلى إلى "أسوأ أزمة إنسانية في العالم" وفق تأكيدات الأمم المتحدة.

وقال لوكالة "ديبريفر" للأنباء، صرافون ومتعاملون في العاصمة صنعاء و مدينة عدن جنوبي اليمن، مساء اليوم الأحد، إن الريال اليمني واصل ارتفاعه أمام الدولار، ليبلغ 620 ريالا للدولار الواحد للشراء و630 ريالا للبيع بعدما كان 735 ريالا مساء أمس السبت، وذلك من 485 ريالاً وهو السعر السائد قبل نحو شهرين.

كما انخفض سعر الريال السعودي وسائر العملات الأجنبية في السوق اليمنية المتداولة مساء الأحد، ليصل إلى 160 ريالاً من 193 ريالا أمس السبت.

وترفض معظم شركات ومحلات الصرافة في عدن وصنعاء تحويل أي مبالغ صغيرة أو كبيرة من العملة اليمنية إلى الدولار، وعلقت عمليات بيع الدولار والريال السعودي اليوم الأحد، وأبقت على نشاط الشراء فقط للعملات الأجنبية خصوصاً الدولار والريال السعودي، بمبالغ محددة، وترفض شراء المبالغ الكبيرة من العملات الأجنبية.

 

انتظار شعبي لانخفاض أسعار السلع

ويأمل المواطنون في اليمن، أن تنعكس حالة التحسن المفاجئ للعملة المحلية، إيجابياً على الحالة المعيشية للمواطن الذي أصبح يواجه يومياً تقلبات مخيفة لأسعار المواد الغذائية والاستهلاكية التي ارتفعت إلى مستويات قياسية غير مسبوقة بلغ بعضها أكثر من 300 بالمئة، وزادت أسعار الخضروات بنسبة 150 المئة عما كانت عليه قبل يونيو الماضي، فيما ارتفعت قيمة تسعيرة الدجاجة إلى قرابة ألفي ريال والكيلو اللحم إلى 5 آلاف ريال، وذلك في بلد يعتمد بشكل شبه الكلي على الاستيراد من الخارج للمواد الغذائية الأساسية كالأرز والسكر والقمح والدقيق، ما يزيد من الأعباء على كواهل الأسر اليمنية التي أغلبيتها تعيش أصلاً في ظروف اقتصادية صعبة للغاية.

وشدد مواطنون في صنعاء التقاهم محرر وكالة "ديبريفر" للأنباء، على ضرورة تفعيل الدور الحكومي الرقابي، على كبار التجار والمستوردين في هذه المرحلة بعد مؤشرات تحسن سعر الريال أمام الدولار، والوقوف بحزم أمام جشع التجار واستغلالهم لهذه الظروف، حيث عملوا خلال الفترة الماضية على رفع الأسعار إلى مستويات قياسية بما يتجاوز مئة في المئة لمعظم المواد الغذائية، بحجة ارتفاع الدولار ولأن بضائعهم وسلعهم يشترونها بالعملة الصعبة وفق سعر الصرف في السوق.

ويستورد اليمن أكثر من 90 بالمئة من احتياجاته الغذائية بما في ذلك معظم احتياجاته من القمح وكل احتياجاته من الأرز، ويحتاج نحو 22 مليوناً من سكان اليمن وعددهم 28 مليون نسمة، إلى شكل من أشكال المساعدات الإنسانية، ويعاني ما يربو على نصف السكان من سوء التغذية، وفق إحصاءات الأمم المتحدة.

وتقود السعودية تحالفاً عربياً عسكرياً ينفذ، منذ 26 مارس 2015، عمليات برية وجوية وبحرية ضد جماعة الحوثيين في اليمن، دعماً لقوات الرئيس عبدربه منصور هادي لإعادته إلى الحكم في صنعاء التي يسيطر الحوثيون عليها وأغلب المناطق شمالي البلاد منذ أواخر عام 2014.

وأسفر الصراع في اليمن عن مقتل أكثر من 11 ألف مدني، وجرح مئات الآلاف، وتشريد ثلاثة ملايين شخص داخل البلاد وفرار الآلاف خارجها.

وتصف الأمم المتحدة الأزمة الإنسانية في اليمن بـ"الأسوأ في العالم"، وتؤكد أن 8.4 ملايين شخص لا يعرفون كيف سيحصلون على وجبتهم المقبلة، فيما يعاني نحو مليوني طفل من النقص الحاد في التغذية.

 


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet