أعلنت اللجنة الاقتصادية العليا الحكومية في اليمن، اليوم الأحد، إرجاء العمل بالآلية التنفيذية الخاصة بضبط وتنظيم نشاط توريد وشحن السلع الأساسية إلى الموانئ اليمنية من خلال منح الموافقات والتصاريح الصادرة من المكتب الفني للجنة، إلى أجل غير مسمى.
وقالت اللجنة في بيان نقلته وكالة الأنباء "سبأ" بنسختها في الرياض والتابعة للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، ان القرار جاء بناء على طلب اتحاد الغرف التجارية ولتحقيق هدف تسهيل توريد السلع الأساسية وتعزيز المخزون منها في جميع المحافظات وإعادته إلى المستوى الطبيعي.
وأكدت استمرار تقديم الخدمات والتسهيلات المصرفية لتجار السلع الأساسية عبر البنك المركزي اليمني في عدن والمتمثل في خدمة المصارفة بالسعر المحدد والمعلن عنه من البنك وخدمة الاعتمادات المستندية.
وأعلن البنك المركزي اليمني، مساء الأحد الماضي، تعديل السعر الرسمي لصرف العملة المحلية "الريال اليمني" مقابل الدولار الأمريكي والعملات الأخرى، وذلك لتغطية الاعتمادات البنكية للسلع الأساسية الممولة من الوديعة السعودية والموارد الذاتية للبنك وكذلك أسعار بيع العملات للحالات المرضية بموجب تعليمات سابقة.
وقال البنك في بيان صحفي وقتها، إن سعر الدولار الواحد أصبح 570 ريالاً للدولار الواحد بدءاً من يوم الاثنين، وذلك بعدما كان قد حدده الأسبوع قبل الماضي بـ585 ريالاً.
وأضافت اللجنة الاقتصادية في بيانها، بأنه بحسب نتائج اجتماع رئيس الوزراء واللجنة الاقتصادية بقيادة الغرفة التجارية والتجار في كل من عدن وحضرموت والذي عقد الخميس قبل الماضي سيتم مناقشة الآلية المشار إليها التي تم إرجاء العمل بها لاحقاً.
وأكد البيان أنه سيتم تحديد موعد تدشين العمل بتلك الآلية وبما يخدم الصالح العام وذلك في ورشة عمل سيتم تحديد موعدها في إطار التنسيق بين اللجنة واتحاد الغرف التجارية.
وكان رئيس الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، معين عبد الملك سعيد، قال إن حكومته ستوفر العملة الصعبة لجميع التجار على حد سواء، من أجل استيراد المواد الغذائية، وإن آلية البنك المركزي اليمني في الاستفادة من الوديعة السعودية سهلة وميّسرة.
ودعا سعيد، خلال اجتماعه في عدن الخميس الماضي، برئيس وأعضاء الغرفة التجارية والصناعية بمحافظة حضرموت، وعدد من كبار تجار المحافظة، التجار للالتزام بالآليات الرقابية التي وضعتها وزارة الصناعة والتجارة، في تحديد أسعار السلع، والعمل على تدفق السلع الأساسية إلى السوق، وعدم استيراد السلع التي حددتها اللجنة الاقتصادية من أجل ضمان بقاء العملة في الداخل.
وكانت اللجنة الاقتصادية اليمنية أقرت عدداً من الخطوات المتعلقة بدعم الاستيراد للسلع الأساسية، عبر البنك المركزي في عدن، من خلال توفير العملة الصعبة للتجار والمستوردين بسعر أقل مما هو موجود في السوق المصرفية. كما أقرت وضع قيود على خروج العملة الصعبة من مناطق سيطرتها، في مسعى للحد من نزيف تهريبها إلى الخارج.
ويستورد اليمن أكثر من 90 بالمئة من احتياجاته الغذائية بما في ذلك معظم احتياجاته من القمح وكل احتياجاته من الأرز. ويحتاج نحو 21 مليونا من سكان اليمن وعددهم 28 مليون نسمة، إلى شكل من أشكال المساعدات الإنسانية ويعاني ما يربو على نصف السكان من سوء التغذية، بحسب الأمم المتحدة.
الريال يواصل الهبوط
يأتي تعليق العمل بالآلية التنفيذية الخاصة بحصر استيراد السلع الأساسية على الاعتمادات أو الحوالات أو التحصيلات المستندية المصرفية، في وقت مازالت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في اليمن، تشهد مزيداً من التدهور نتيجة الارتفاع المهول في أسعار السلع الأساسية لتزيد أوضاع المواطنين تفاقماً في البلاد التي تشهد "أسوأ أزمة إنسانية في العالم" وفق تأكيدات الأمم المتحدة.
وقال لوكالة "ديبريفر" للأنباء، صرافون ومتعاملون في صنعاء وعدن، مساء اليوم الاحد، إن الريال اليمني واصل هبوطه مجدداً، بعد تحسن سعره المفاجئ والكبير نسبياً الأحد الماضي أمام العملات الأجنبية، عقب الانهيار المتسارع الذي شهده مؤخراً، قبل إيداع السعودية منحة مالية قدرها 200 مليون دولار في البنك المركزي مطلع أكتوبر الماضي.
وذكر صرافون أن الدولار سجل في تداولات مساء الأحد في صنعاء 695 ريالاً للدولار الواحد للشراء، و715 ريالاً للبيع، فيما بلغ في عدن 675 ريالا للشراء و690 ريالا للبيع.
كما ارتفع سعر الريال السعودي مجدداً، في السوق اليمنية المتداولة مساء اليوم الأحد، ليصل في صنعاء إلى 184 ريالاً يمنياً للشراء و190 ريالاً للبيع، أما في عدن فسجل 177 ريالاً للشراء و180 ريالاً يمنياً للبيع.
وكان الريال اليمني، استعاد الأحد الماضي، بعض عافيته وتحسنت قيمته أمام الدولار والعملات الأخرى، مع اتخاذ الحكومة اليمنية "الشرعية" سلسلة إجراءات لتعزيز السياسة النقدية، حيث هبط الدولار الأمريكي مقابل الريال اليمني بنحو 130 ريالاً، إذ وصل سعر الدولار الواحد إلى 620 ريالاً، فيما هبط الريال السعودي 40 ريالاً يمنيا ليبلغ 150 ريالاً، إلا أن حالة من الهلع والخوف دفعت بالكثيرين للاتجاه لتحويل العملات الأجنبية إلى ريال، لتفادي مزيداً من الهبوط ما أدى إلى عودة العملات الأجنبية للارتفاع مجدداً أمام الريال.
وفقد الريال اليمني أكثر من ثلاثة أرباع قيمته مقابل الدولار الأمريكي منذ 2015، وتسبب في ارتفاع مهول للأسعار وسط عجز الكثير من اليمنيين عن شراء بعض السلع الأساسية لتزيد الأوضاع المعيشية للمواطنين تفاقماً في البلاد، خصوصاً مع توقف صرف مرتبات الموظفين الحكوميين منذ أكثر من عامين.
تحذيرات متصاعدة من مجاعة
وتصاعدت تحذيرات أطلقتها منظمات ووكالات دولية للإغاثة في الآونة الأخيرة، من استمرار تدهور الريال اليمني في ظل الركود الاقتصادي في البلاد، وذلك مؤشر خطير يوحي بأن اليمن قاب قوسين أو أدنى من الانهيار الاقتصادي الشامل ما يفاقم معاناة المواطنين المعيشية سيما مع استمرار الصراع في البلاد منذ أكثر من ثلاثة أعوام ونصف.
وحذرت الأمم المتحدة مطلع نوفمبر الجاري، من أن الأزمة الإنسانية في اليمن تشهد تفاقماً، وقد تواجه البلاد مجاعة ستكون الأسوأ في تاريخ العالم الحديث.
ويقوم التحالف العسكري الذي تقوده السعودية منذ 26 مارس 2015، باستهداف جماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من ايران في اليمن جواً، ودعما عسكرياً وفنياً على الأرض لقوات الرئيس عبد ربه منصور هادي لمساعدته على استعادة السيطرة على كامل البلاد بما في ذلك العاصمة صنعاء، التي يسيطر الحوثيون عليها وعلى أغلب المناطق شمالي البلاد منذ أواخر 2014.
وأسفر الصراع في اليمن عن مقتل أكثر من 11 ألف مدني، وجرح مئات الآلاف، وتشريد ثلاثة ملايين داخل البلاد وفرار الآلاف خارجها.