قال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، اليوم الأحد، إنه اتفق مع نظيره الإثيوبي، أبي أحمد، على إجراء محادثات جديدة بين البلدين خلال أسبوعين لتسوية الخلافات المتبقية بشأن سد النهضة الإثيوبي الذي لايزال قيد الإنشاء، وتعتبره القاهرة تهديداً لمواردها المائية.
ونقلت وكالة أنباء "الشرق الأوسط" المصرية الرسمية عن مدبولي بعد محادثات أجراها مع أبي أحمد على هامش اجتماعات الدورة الاستثنائية لمؤتمر قمة رؤساء الدول والحكومات للاتحاد الإفريقي المنعقدة بأديس أبابا، قوله إن الجانبين اتفقا على الإسراع في بدء المباحثات الثنائية خلال الأسبوعين المقبلين بشأن التوافق على النقاط الخلافية، التي لم يتم الاتفاق عليها.
وأكد رئيس الوزراء المصري أنه تم التوافق أيضا خلال لقاء نظيره الإثيوبي على إنشاء صندوق بين مصر وإثيوبيا والسودان وسيعقد اجتماع لمحافظي المركزي في الدول الثلاث للاتفاق عليه.. مشيراً إلى أنه سلم رئيس وزراء إثيوبيا خلال لقائه رسالة من الرئيس عبدالفتاح السيسي تتعلق برغبة مصر في دفع عجلة العمل لما تم الاتفاق عليه في لقائهما الذي عقد بالقاهرة يونيو الماضي.
من جهته أكد رئيس الوزراء الإثيوبي مجدداً حرصه على حقوق مصر في نهر النيل وجميع الدول الأفريقية المرتبطة بالنيل وفقا للوكالة المصرية.
كان رئيس الوزراء الإثيوبي اعترف في أغسطس الماضي، بأن اكتمال بناء السد سيتأخر عدة سنوات بعد أن كان من المتوقع الانتهاء منه بحلول عام 2020.
وزار أبي أحمد، مصر في يونيو الماضي، واستقبله السيسي، واتفقا خلال المباحثات على تعزيز التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بين البلدين خلال الفترة المقبلة ومنها إقامة منطقة صناعية مصرية في إثيوبيا، وتجديد العزم على التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن سد النهضة يؤمن استخدامات مصر المائية والتنمية لإثيوبيا، وإنشاء صندوق ثلاثي لتمويل مشروعات البنية التحتية، وفق بيان رئاسي مصري آنذاك.
وأعلنت القاهرة ، عقب اجتماع اللجنة الفنية لوزراء الري مصر وإثيوبيا والسودان، الذي عقد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا ، يومي 5 و6 نوفمبر/ الجاري، التوافق على حلول مقترحة (لم تعلنها) لدفع مسار الدراسات الفنية المتعلقة بسد النهضة، دون تحديد موعد جديد.
ودعت الخارجية المصرية في أواخر أغسطس الماضي، أديس أبابا إلى دفع مسارات التفاوض والوصول لتفاهم بشأن سد النهضة لضمان تحقيق المصالح التنموية لإثيوبيا، والحفاظ على أمن مصر المائي.
وتعثرت المفاوضات الفنية المشتركة بين الدول الثلاث إثيوبيا ومصر والسودان، أكثر من مرة، أبرزها في نوفمبر 2017، وذلك حول عدة أمور أبرزها فترة ملء خزان سد النهضة الإثيوبي وتأثيراته على دولتي المصب مصر والسودان، ولجأت القاهرة لاجتماعات يشارك فيها وزراء الري والخارجية ورؤساء مخابرات البلاد الثلاثة لبحث المعوقات.
وتجري القاهرة والخرطوم وأديس أبابا، منذ سنوات، مفاوضات شاقة بشأن سد النهضة الإثيوبي على نهر النيل، للحيلولة دون أن يؤثر سلبا على دولتي المصب، مصر والسودان.
وتتخوف مصر من تأثيرات سلبية محتملة للسد الإثيوبي على حصتها المائية السنوية البالغة 55.5 مليار متر مكعب، بينما تقول إثيوبيا إنها لا تستهدف الإضرار بالقاهرة، وأن الطاقة الكهربائية التي سيولدها السد ستساعد في القضاء على الفقر، وتعزيز النهضة التنموية في البلاد.
ويُشيد سد النهضة على نهر النيل بتكلفة أربعة مليارات دولار وبلغت نسبة بنائه أكثر من 63 بالمائة، وبمجرد الانتهاء منه، سيولد نحو 6400 ميغاوات وهو ما يزيد على ضعف الإنتاج الحالي لإثيوبيا، البالغ 4000 ميغاوات.
وتسعى إثيوبيا من خلال سد النهضة لأن تصبح أكبر دولة مصدرة للطاقة في أفريقيا، كما تعتزم إنفاق نحو 12 مليار دولار على استغلال أنهارها في توليد الكهرباء من الطاقة المائية في العقدين المقبلين.
وكان مقرراً أن يكتمل بناء السد، القريب من حدود إثيوبيا مع السودان وتبنيه شركة ساليني إمبرجيلو الإيطالية، العام المقبل.
واشتكت إثيوبيا كثيرا من أن مصر تضغط على الدول المانحة والمقرضين الدوليين للانسحاب من المشروع.
وسعت مصر التي تعتمد بالكامل تقريبا على نهر النيل في مختلف احتياجاتها المائية، للحصول على تأكيدات بأن السد لن يؤثر بشكل كبير على المياه المتدفقة إليها في النهر خصوصاً مع النمو السكاني المتسارع لديها.
ووقعت مصر وإثيوبيا والسودان إعلان مبادئ في الخرطوم في مارس 2015 واشتمل على إعطاء أولوية لمصر والسودان، بوصفهما دولتي المصب، في الكهرباء المولدة من السد وهي طريقة لحل الخلافات والتعويض عن الأضرار.
وتعهد الموقعون أيضا بحماية مصالح دولتي المصب عند ملء خزان السد.
ووقعت الدول الثلاث في سبتمبر عام 2016 في الخرطوم عقود الدراسات الفنية الخاصة بسد النهضة الإثيوبي. ومن شأن الدراسات الفنية للسد ضمان أن يتم بناؤه وتشغيله دون إضرار بالمصالح المائية لمصر والسودان.
ويتولى الدراسات الفنية مكتبان استشاريان فرنسيان هما "بي.آر.إل" و "أرتيليا".