الصواريخ الإيرانية وخيارات إنهاء الحرب في اليمن (ترجمة خاصة)

ترجمة خاصة لـ "ديبريفر"
2018-05-28 | منذ 6 سنة

 

الكاتب: Gregory D. Johnsen

 

  فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على خمسة مسئولين إيرانيين هربوا صواريخ باليستية لليمن في خرق لإحدى قرارات مجلس الأمن. إنها الخطوة الأولى ضمن خطوات عديدة محتملة يمكن أن تتخذ لضمان منع وصول الصواريخ الإيرانية إلى اليمن, لكنها مهمة جدا.

 قد ينظر الكثير من المراقبين إلى العقوبات على أنها جزء من رغبة إدارة ترامب لعزل ومعاقبة إيران بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية المبرمة بخصوص نووي إيراني بداية هذا الشهر.

 قد يكون ذلك صحيحا، وصحيح أيضا أن الحرب في اليمن ستستمر مادامت إيران تهرب صواريخ باليستية لهذا البلد, لتقدم سلاحا حيويا لقوات الحوثي التي تقاتل التحالف العربي بقيادة السعودية. إن إنهاء تزويد الحوثيين بهذه الصواريخ شيء مهم لعزل الحوثيين وإجبارهم على العودة إلى المفاوضات.

   خلال العامين الماضيين, وبمعية أربعة من زملائي, ظللت أراقب برنامج العقوبات في اليمن بتوجيه من مجلس الأمن. خلال تلك الفترة, قدمنا أربعة تقارير, نشر إثنان ولم ينشر إثنان, مع حالات دراسة جمعت في ألف ورقة. تلخصت استنتاجاتنا في ثلاث نقاط: كل الأطراف انتهكت القانون الإنساني الدولي, العقوبات ليست مجدية, ولا حل عسكري للصراع.

 الحل الدبلوماسي ممكن لو فقط  يوافق الطرفان الرئيسيان, التحالف العربي بقيادة السعودية والحوثيون, على التفاوض بنية حسنة. لم يحدث ذلك حتى إلى الآن.

 

خداعات السلام

 

 هناك خداعات بخصوص السلام في الوقت الذي تستمر الحرب في تدمير المدنيين في اليمن. لقد وصف الأمين العام للأمم المتحدة الأزمة الإنسانية في اليمن بأنها الأسوأ في العالم, ومن السهل اكتشاف لماذا. لقد عادت الكوليرا لليمن وكذلك الدفتيريا, ومياه الشرب تختفي بشكل مستمر, كما أن البنية التحتية في قطاع الصحة غير موجودة تقريبا في الوقت الذي تزداد الصعوبة في الحصول على الأطباء الماهرين والعلاج.

 

  كما أن القاعدة وداعش ينفذون اعتداءات بشكل شبه يومي, والرئيس المعترف به دوليا في المنفى, والجنوب يسعى للانفصال, والمليشيات التي تقاتل بالوكالة حولت معظم البلد إلى عالم أشبه بعالم "ماكس المجنون" حيث لم تعد القوانين تطبق. بالإضافة إلى ذلك, يتم إخفاء المشتبه بهم, والسجناء يعذبون ويتركون كالخبز في حاويات شحن مغلقة الإحكام, والمدارس والمستشفيات تقصف من الجو, وتفجر المنازل على الأرض وتشيع الاغتيالات السياسية في كل مكان.

  الحرب في اليمن هي في الواقع ثلاثة حروب منفصلة ومتداخلة: حرب أهلية, وحرب إقليمية وحرب ضد الإرهاب. لكن الحرب الاقليمية هي الأهم وهي الحرب التي تشنها المملكة العربية السعودية والإمارات بدعم أمريكي يتمثل في تزويد الطائرات بالوقود وتزويد الدولتين بالسلاح والمعلومات الاستخباراتية ضد الحوثيين والذي يتلقون دعما من إيران يتضمن صواريخ باليستية مهربة.

 بدأت هذه الحرب في مارس عام 2015 عندما أطلقت السعودية حملة قصف جوي من أجل استعادة شرعية الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي الذي أسقطه الحوثيون عبر انقلاب.

 لقد دخلت الحرب التي كان من المفترض أن تستمر لأسابيع فقط، عامها الرابع ولا تبدو في الأفق نهاية لهذه الحرب.

 

خيارات السعودية عسكرياً

 

 عسكريا, تبقت لدى السعودية ثلاثة خيارات: الخيار الأول هو الانسحاب بشكل كامل لتترك الحوثيين يسيطرون ومن ثم شرعنة انقلابهم، والخيار الثاني هو أن تزج السعودية بقوات كبيرة لليمن لبدء حربا برية طويلة ودموية دون أن تضمن النجاح لهذه الخطوة، أما الخيار الثالث هو أن تواصل ما بدأته قبل ثلاث سنوات من ضربات جوية مع أمل أن تتحقق نتائج مختلفة هذه المرة.

  لا يبدو أي من الخيارات مغريا أو سيضمن إنهاء الحرب التي تكلف السعودية مليارات الدولارات كل شهر وتدمر اليمن لأجيال قادمة.

  ومهما يكن, فإن ما يعنيه غياب الخيارات العسكرية الناجحة هو أن السعودية وشركائها في التحالف العربي سيجلسون على طاولة المفاوضات وسيتفاوضون وسيقبلون بالحلول الوسط. في حين لن يفعل الحوثيون ذلك. وهنا يبرز غياب التوازن الرئيسي الذي يطيل أمد الحرب.

  سيسافر الحوثيون من أجل المفاوضات وسيحضرونها وسينصتون. لكنهم يريدون الاعتراف بهم وزخارف تصاحب تطلعهم إلى معاملتهم كحكومة، لكنهم لن يقدموا عروضا مقابل عروض الطرف الآخر ولن يدخلوا في أي مفاوضات. السبب البسيط لذلك هو اعتقادهم أنهم ليسوا مضطرين لذلك.

  يعتقد الحوثيون أنهم في موقف قوي وبإمكانهم أن ينتظروا حتى تغادر السعودية. ومهما يكن, فهم يسيطرون على العاصمة صنعاء, ومعظم ما يذهب للمؤسسات الحكومية في الشمال وجزء كبير من الأقاليم المرتفعة. بالإضافة إلى ذلك فهم واقعون تحت ضغط قليل. ومع استثناءات قليلة, تظل القيادة العليا للحوثيين في معزل عن الضربات الجوية التي تشنها السعودية والأزمات التي سببتها الحرب. بالفعل, يجمع معظم قادة المليشيا المال من خلال سيطرتهم على تجارة السوق السوداء المربحة.

 لقد فشلت عقوبات الأمم المتحدة التي تهدف إلى الضغط على صناع القرار الحوثيين. يعتمد برنامج العقوبات على تجميد الأصول وحظر السفر, مع أن ثلاثة من قيادات الحوثي المعاقبين ليس لديهم حسابات بنكية دولية ولا يسافرون للخارج. العقوبات, على الأقل في اليمن, لا معنى لها.

 

ما يهم بالنسبة للحوثيين هو الدعم الإيراني, على وجه الخصوص الصواريخ الباليستية المهربة.

  في يناير من هذا العام, وجدت لجنة الخبراء الأممية الخاصة باليمن, والتي خدمت فيها, أن إيران لا تمتثل لقرار مجلس الأمن الذي يمنعها من تزويد السلاح للحوثيين.

 

فشل مجلس الأمن وتداعياته

 

  لكن مجلس الأمن فشل في اتخاذ أي إجراء أو تحميل إيران المسئولية تجاه انتهاك القرار الأممي. وبدلا من ذلك, وبعد الفيتو الروسي, كل ما أستطاع المجلس عمله فقط كان تمديد عمل اللجنة الفني. لم تتغير صياغة القرار ولا إطار المفاوضات, بل ظلا كما كانا في العام الماضي, وكأن إيران لم تكن مذنبة في عدم الامتثال لهذا القرار.

  إن فشل مجلس الأمن في فرض قراره لا يشجع فقط إيران على تهريب مزيدا من الأسلحة في المستقبل, ولكن يعزز أيضا من قناعة الحوثيين أنهم ليسوا مضطرين للمفاوضات.

 فقط عندما يضمن المجتمع الدولي أن صواريخ إيران لن تصل إلى اليمن, سيضطر الحوثيون للجلوس على طاولة المفاوضات والدخول في مفاوضات السلام، وحتى يحدث ذلك, ستتواصل الحرب وستزداد أسوأ أزمة إنسانية في العالم سوءا.

 


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet