قالت صحيفة الـ"غارديان" البريطانية إن الولايات المتحدة وبعض الأعضاء الآخرين في مجلس الأمن الدولي طالبوا، وبضغط سعودي إماراتي، بأرجاء مناقشة مشروع قرار تقدمت به بريطانيا، حول وقف القتال في اليمن، واستئناف إيصال المساعدات الى البلاد، التي تعاني من حرب منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف.
وذكرت الصحيفة في تقرير نشرته اليوم الخميس، نقلاً عن مصادر دبلوماسية في الأمم المتحدة، أن طلب تأجيل التصويت على مشروع القرار كان على خلفية "حملة لوبي" أطلقتها السعودية والامارات، أكبر دولتين في التحالف العربي الذي يخوض عمليات قتالية في اليمن ضد جماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من ايران.
ويدعو مشروع القرار الذي وزعته البعثة البريطانية على أعضاء مجلس الأمن قبل أكثر من أسبوع، إلى وقف النار فوراً في ميناء الحديدة الاستراتيجي، ويمهل طرفي النزاع أسبوعين لإزالة جميع العوائق أمام إيصال المساعدات الإنسانية الى جميع مناطق البلاد عبر هذا الممر البحري الحيوي.
وقالت الـ"غارديان" أن الدبلوماسيين البريطانيين كانوا مقتنعين تماماً بأن مشروع القرار سيحظى بدعم الولايات المتحدة، غير أن التحرك البريطاني من أجل إقرار المشروع الذي كان سريعاً، واجه فجأة معارضة من قبل واشنطن وغيرها من أعضاء مجلس الأمن.
وطالبت كلا من الولايات المتحدة والصين وكازاخستان وإثيوبيا، بحسب الصحيفة، بإرجاء التصويت على مشروع القرار إلى ما بعد مفاوضات السلام المقرر إجراؤها بين الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والحوثيين في السويد أوائل ديسمبر المقبل.
ونقلت الـ"غارديان" عن مصادر دبلوماسية تأكيدها بأن ثلاثة دول فقط، وهي بولندا وهولندا وبيرو، دعمت مطالب بريطانيا بطرح مشروع القرار على التصويت سريعاً، بينما اتخذت فرنسا وروسيا والسويد موقفاً متحفظاً إزاء الموضوع.
وأفادت الصحيفة البريطانية نقلاً عن دبلوماسيون مطلعون على سير المشاورات في مجلس الأمن الدولي تأكيداتهم بأن السعودية والإمارات مارستا خلال الأسبوعين الماضيين ضغوطاً قوية على بعثات في مجلس الأمن، مهددتين بأن وفد الحكومة اليمنية ربما لن يتوجه إلى السويد في حال إقرار مشروع القرار البريطاني.
وقال أحد الدبلوماسيين إن سبب معارضة السعودية والإمارات لهذه الوثيقة يكمن في أنهما لا تريدان تضييق حرية تصرفاتهما في اليمن والحد من قناعتهما بأنهما قادرتان على دحر الحوثيين عسكرياً.
ولفتت "غارديان" إلى ما تضمنه مشروع القرار من انتقادات مباشرة إلى التحالف بقيادة السعودية، مذكرة بما أوردته بعض وسائل الإعلام عن غضب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إزاء الوثيقة عندما أطلعه عليها وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت أثناء زيارته إلى الرياض في وقت سابق من نوفمبر الجاري.
وأفادت الصحيفة بأن الدبلوماسيين البريطانيين شددوا على أن خطر المجاعة في اليمن بلغ مستوى كارثياً، مما يتطلب إقرار مشروع القرار في أسرع وقت ممكن، وفاجأهم جدا امتناع مجلس الأمن عن دعم الوثيقة.
في سياق متصل، توقع السفير البريطاني لدى اليمن مايكل آرون، اليوم الخميس، انطلاق مشاورات السلام في السويد الأسبوع القادم، قائلاً: "إن الحل السياسي هو السبيل للمضي قدما، وهذه المشاورات تعد خطوة كبيرة لتحقيقه".
وسبق أن أفادت وسائل إعلام بأن الولايات المتحدة وبريطانيا تعتزمان استخدام الضغوط الدولية القوية التي تتعرض لها الرياض على خلفية مقتل جمال خاشقجي داخل قنصلية المملكة في اسطنبول، بهدف إنهاء الحرب في اليمن وتسوية الأزمة الخليجية مع دولة قطر.
بدأ الصراع في اليمن نهاية عام 2014 عندما سيطرت جماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران، على أغلب المناطق شمالي اليمن ثم على العاصمة صنعاء، وفر الرئيس عبد ربه منصور هادي منها إلى عدن مطلع 2015 ومنها إلى السعودية أواخر مارس من العام ذاته.
وتصاعدت حدة الصراع بشكل كبير في مارس/آذار 2015، عندما بدأت السعودية بقيادة تحالف يضم دولاً عربية وإسلامية، وبدعم من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، عمليات عسكرية مباشرة، لدعم القوات الموالية للحكومة اليمنية "الشرعية" لاستعادة السيطرة على المناطق التي استولى عليها الحوثيين بما فيها العاصمة صنعاء.
وخلفت الحرب في اليمن، عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، وشردت ثلاثة ملايين مواطن داخل البلاد وفر الآلاف خارجها، فضلا عن تسببها بـ"أسوأ أزمة إنسانية في العالم" وفقاً للأمم المتحدة.