كشف محافظ البنك المركزي اليمني الدكتور محمد زمام، اليوم السبت، أن البنك بانتظار ودائع بقيمة 3 مليارات دولار، جاري العمل عليها، في خطوة ستساهم في دعم قيمة العملة المحلية "الريال" التي شهدت تراجعاً غير مسبوق خلال الأشهر الماضية، قبل أن تعود للتحسن ملحوظاً أمام العملات الأجنبية خلال الأسبوع الماضي.
وقال زمام في تصريح لوكالة الأنباء (سبأ) بنسختها في عدن والرياض والتابعة للحكومة اليمنية الشرعية، إن البنك المركزي سيتخذ العديد من القرارات ليستمر التحسن في سعر صرف العملة الوطنية، وهناك مجموعة من القرارات ستتخذها الأمم المتحدة أو بعض الدول فيما يخص الودائع الجديدة.
واشترط زمام ليكون التعافي مستقراً ومستداماً وقابلاً للديمومة، اتخاذ بعض الإجراءات في الداخل والخارج مع إعلان الحكومة عن البدء بإعداد موازنة للعام القادم 2019م.
واعتبر أن جزء من هذه الإجراءات سيكون له الأثر الكبير في استقرار العملة المحلية, بالإضافة إلى وعي المواطنين وعدم المضاربة من قبل الصرافين والتفاف البنوك الأخرى حول البنك المركزي، حد قوله.
وكان محافظ البنك المركزي اليمني، أعلن أمس الأول الخميس، أن السعر العادل للعملة المحلية "الريال اليمني" مقابل الدولار الواحد هو 450 ريالاً، و 120 ريالاً يمنياً مقابل الريال السعودي الواحد، وذلك بعد أن تراجعت قيمة الدولار إلى 350 ريالاً صبيحة اليوم ذاته.
ويوجد في البنك المركزي اليمني احتياطي نقد أجنبي، مايزيد عن ثلاثة مليارات دولارات، منها ملياري دولار أودعتها المملكة العربية السعودية مطلع العام الجاري، بجانب مليار دولار وديعة سعودية سابقة منذ سنوات، إضافة إلى 200 مليون دولار أعلنت عنها المملكة في مطلع أكتوبر الماضي كمنحة للبنك المركزي اليمني، دعماً لمركزه المالي.
ودفعت المستجدات المتسارعة التي شهدها الاقتصاد اليمني خلال الأشهر القليلة الماضية، بفعل تدهور العملة المحلية إلى أدنى مستويات لها على الإطلاق، الأسعار للارتفاع إلى مستويات قياسية للمواد الغذائية الضرورية التي تعتمد البلاد على استيرادها من الخارج مثل الأرز والسكر والقمح والدقيق، ما فاقم الأعباء على كاهل الأسر اليمنية التي تعيش غالبيتها في ظل أوضاع اقتصادية صعبة نتيجة الحرب المستمرة في هذا البلد الفقير منذ أكثر من ثلاث سنوات و8 أشهر.
ويستورد اليمن أكثر من 90 بالمائة من احتياجاته الغذائية بما في ذلك معظم احتياجاته من القمح وكل احتياجاته من الأرز.
الوضع المالي والنقدي
في سياق متصل قالت وكالة الأنباء "سبأ" التابعة للحكومة اليمنية الشرعية، إن محافظ البنك المركزي اليمني محمد زمام، ناقش خلال لقاءه اليوم السبت في العاصمة السعودية الرياض، مع الأمين العام المساعد للأمم المتحدة للشئون الإنسانية مارك لوكوك والممثل المقيم للأمم المتحدة في اليمن ليزا جرانداي، الوضع المالي والنقدي في اليمن.
وذكرت الوكالة أن اللقاء تطرق إلى الخطوات التي اتخذها البنك المركزي والتي قوبلت بارتياح وإشادة كبيرة خصوصاً فيما يتعلق بفتح الاعتمادات المستندية لجميع المواد الأساسية والوصول إلى الموافقات التي تمت للسحب من الوديعة بنحو 300 مليون دولار الجزء الكبير منها تم تحويله إلى البنوك التجارية والجزء الآخر في طريقه إلى التحويل رغم العقبات التي تعترض ذلك.
وأوضح محافظ البنك المركزي اليمني أن التحسن الذي حصل للعملة المحلية، لم يكن نتيجة المضاربات كما قيل وإنما نتيجة للإجراءات المتخذة من البنك والتي من ضمنها إعادة الإدارة النقدية والسيولة بالإضافة إلى أن كل المبالغ التي يتم طباعتها حالياً تذهب إلى الاحتياطي.
وقال زمام: "لدينا احتياطي 500 مليار ريال يمني وحالياً ندفع مرتبات لكل المتقاعدين في اليمن وسنبدأ بدفع المرتبات في صنعاء الأسبوع القادم". وأشار إلى استمرار البنك في تأدية عمله، رغم ما يواجه من إشكالية في النقدية، بالإضافة إلى استعداد البنك توفير النقدية إلى الأماكن التي تطلبها في جميع مناطق البلاد.
وأشار إلى أنه "تم الاتفاق على النظر في تحويل جميع المبالغ عن طريق الأمم المتحدة والدول الأخرى عبر البنك المركزي لتعزيز احتياطيات البنك المركزي التي تعود بالنفع على الريال اليمني الذي اعتبره حالياً في "السعر العادل".
وأكد أن تحويل أي مبالغ من المعونات والمساعدات يجب أن تكون عبر البنك المركزي أو أي بنك تجاري يعمل في الجمهورية اليمنية وتحت إشراف البنك المركزي لضمان استخدامها استخداماً مناسباً في تمويل التجارة.. موضحا أنه يتم تمويل جميع المواد الأساسية عبر "المركزي" ومن الوديعة السعودية وأيضا يتم إدارة المشتقات النفطية منعا للمضاربة.
200 مليون دولار لتمويل التجارة
وقالت تقارير إخبارية، أمس الجمعة، إن البنك المركزي اليمني بعدن، سيحصل على منحة جديدة من الدول المانحة مقدرة بـ 200 مليون دولار كدفعة أولى لتمويل التجارة اليمنية وإعطاء التجار اليمنيين خيار آخر لتمويل التجارة والتغطية التي يقدمها البنك المركزي للاعتمادات من الوديعة السعودية.
جاء ذلك خلال اجتماع احتضنته العاصمة اللبنانية بيروت مساء الخميس وضمت محافظ البنك المركزي اليمني، محمد زمام، وقيادات من المؤسسة الدولية للتمويل IFC التابعة للبنك الدولي.
وناقش الاجتماع وفقاً لوكالة "سبأ" آليات البدء بتنفيذ الدفعة الأولى من تمويل المؤسسة الدولية للتمويل IFC للتجارة اليمنية بإشراف البنك المركزي اليمني، والبدء بتنفيذ برنامج تمويل التجارة الممول من عدد من الدول المانحة بمبلغ 500 مليون دولار بحسب قرار الرباعية في اجتماعها الأخير وستكون الدفعة الأولى منه 200 مليون دولار.
واتفق الجانبان على اتخاذ العديد من الخطوات أبرزها، العمل على بدء العمل في برنامج التمويل هذا، من شهر فبراير 2019، وقيام مؤسسة التمويل الدولية بإجراء مراجعة للبنوك التجارية لتأهيلها في الدخول في البرنامج من خلال مراجعة كافة إجراءات البنوك وخاصة آليات تطبيق متطلبات الامتثال والحوكمة في مجالس الإدارات والإدارات التنفيذية، إضافة إلى قيام البنك المركزي بتسهيل إجراءات توقيع الاتفاقيات مع الدول المانحة فيما يخص التمويل، على أن تعمل المؤسسة على تقليل الرسوم التي ستأخذ من البنوك أو التجار بهدف تقليل التكاليف لتصل بالمواد الأساسية بأسعار منافسة.
وتضمن الاتفاق أيضا أن يعمل البنك المركزي والمؤسسة على حشد التمويل لكامل البرنامج بمبلغ ٥٠٠ مليون دولار والسعي لتجديده لمدد أطول بتمويلات أخرى.
وفي 15 نوفمبر الفائت، دعت السعودية والإمارات والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، المجتمع الدولي إلى مساعدة اليمن الغارق في الحرب منذ أن أعلن تحالف تقوده السعودية أواخر مارس 2015 تدخله عسكرياً لإعادة السلطة للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، بعد أن سقطت العاصمة صنعاء ومحافظات حيوية أخرى في قبضت جماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران أواخر العام 2014.
وقال بيان صادر حينها، عقب اجتماع حضره مسئولين كبار وسفراء بالدول الأربع في العاصمة السعودية الرياض، إنهم اتخذوا خطوات من أجل دعم اقتصاد اليمن وعملته المحلية، بالإضافة إلى الوضع الإنساني الذي تصفه الأمم المتحدة أنه "أكبر أزمة إنسانية في العالم".
وأوضح البيان أن تلك الخطوات تتمثل في الموافقة على تأسيس لجنة استشارية فنية تجتمع شهرياً، بهدف اتخاذ تدابير إضافية لتحقيق استقرار الريال اليمني، وتعزيز إدارة تدفقات العملات الأجنبية، ودعم جهود الحكومة اليمنية لتحسين إدارتها الاقتصادية.
واليمن منقسم بسبب الحرب الأهلية التي اندلعت في 26 مارس 2015 بين جماعة الحوثي المدعومة من إيران، وقوات الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عسكري تقوده السعودية شن آلاف الضربات الجوية على جماعة الحوثيين في حملة لإعادة رئيس اليمن عبدربه منصور هادي إلى الحكم في العاصمة صنعاء، لكن الحملة لم تنجح حتى الآن في إخراج الحوثيين من صنعاء وأغلب المناطق شمالي البلاد.
وبات الوضع المالي أكثر فوضوية منذ قررت حكومة الرئيس هادي في سبتمبر 2016 نقل مقر البنك المركزي من صنعاء إلى عدن وتعيين محافظ جديد له، فيما رفض الحوثيون هذه الخطوة ما أدى إلى وجود بنكين مركزيين متنافسين يعملان في البلاد.
وزجت حالة الارتباك بالكثير من اليمنيين في براثن العوز بعد أكثر من عامين على عدم صرف المرتبات لأكثر من مليون موظف غالبيتهم يعيش في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين بما فيها العاصمة صنعاء.
ويعاني اليمن ضائقة مالية غير مسبوقة منذ سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء وتوقف تصدير النفط منذ أكثر من ثلاثة أعوام حيث كانت إيراداته تشكل 70 بالمئة من إيرادات البلاد، فضلا عن توقف الرسوم الجمركية والضريبية وجميع المساعدات الخارجية والاستثمارات الأجنبية وعائدات السياحة وهو ما جعل المالية العامة والقطاع الحكومي للدولة الفقيرة أصلاً على حافة الانهيار.
وتقول الأمم المتحدة إن اليمن بسبب الحرب بات يعاني من "أسوأ أزمة إنسانية في العالم"، إذ سقط عشرات الآلاف بين قتيل وجريح غالبيتهم نتيجة غارات طيران التحالف، فيما يحتاج 22 مليون شخص، أي نحو 75 بالمائة من عدد السكان، إلى شكل من أشكال المساعدة والحماية الإنسانية، بما في ذلك 8.4 مليون شخص لا يعرفون من أين يحصلون على وجبتهم القادمة.