توقع مركز للدراسات والبحوث تابع لناشطين في حزب الإصلاح (فرع الاخوان المسلمين في اليمن)، ألا تحقق مشاورات السلام بين أطراف الصراع اليمنية الجارية حالياً في السويد برعاية الأمم المتحدة، نجاحاً ملموساً يفضي إلى خارطة سلام مقبولة من كل الأطراف المتحاربة في اليمن.
وأوضح مركز "أبعاد" للدراسات والبحوث في اليمن، في دراسة مطولة نشرها اليوم تحت عنوان "السلام الصعب لليمنيين.. هل يولد في مشاورات السويد؟"، أن هذا التوقع يأتي رغم حصول تقدم في إجراءات بناء الثقة من خلال ملف الأسرى والمعتقلين، مع إمكانية حصول جولة ثانية "ربما في الكويت".. معتبراً أن طريق السلام لا يزال طويلاً وصعباً مع دخول أطراف جديدة في الحرب لم تكن موجودة في مارس 2015م.
وذكر المركز الذي يعد أحد الأذرع الإعلامية والبحثية التابعة لحزب الإصلاح (فرع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن)، في دراسته، أنه لا يمكن التعويل على المشاورات الحالية في إيجاد نهاية للحرب أو إيقافها.
ومن المقرر أن تنتهي مشاورات السلام الجارية حالياً في السويد يوم 14 ديسمبر الحالي، وستكون هناك جولة جديدة في يناير في دولة أخرى قد تكون في الكويت.
وقالت الدراسة: "قد يحقق الطرفان اتفاقاً بشأن مطار صنعاء إذا قبل الحوثيون بالتفتيش في المطارات اليمنية، كما أن إحداث تقدم في ملف الأسرى والمعتقلين مصلحة مشتركة للطرفين، لكن إحداث تقدم في ميناء الحديدة والبنك المركزي سيكون صعباً، ومع التزام الحكومة بتسليم رواتب الموظفين في صنعاء ووقف انهيار الريال كما حدث في نوفمبر فإن الحوثيين سيخسرون جانباً من سيطرتهم الاقتصادية. أما بالنسبة لمعضلة أيهما أولاً: السياسي أم الأمني؟، فلا يبدو أن الطرفين سيتمكنان من إحداث تقدم".
وأشارت الدراسة إلى التحرك الأخير للمبعوث الخاص لأمين عام الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، جاء محمولاً برغبة دولية لوقف الحرب في اليمن وإنهاء ما وصفته الأمم المتحدة بـ"أكبر أزمة إنسانية من صنع الإنسان شهدها العالم في العصر الحديث".
وأكدت أن مبعوث الأمم المتحدة استغل الضغط الدولي بشأن مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في الضغط على السعودية من أجل تحقيق تقدم في الرؤية التي يقترحها من أجل السلام.
وأضافت: "تبدو إستراتيجية غريفيث التي تقوم على شعار، خطوة تتبعها خطوة غير واضحة، وتستغرق وقتا طويلا مع إمكانية جعل أحد المتحاربين المفاوضات رهينة لمطالب، غير معقولة".
وأشارت الدراسة إلى أن جوهر الخلاف يكمن في الترتيبات الأمنية والسياسية ومن يملك القيادة الانتقالية.. موضحة أن الحوثيين مصرون على أن يتم البدء في التفاوض على الجانب السياسي، وهو ما يجعل الحرب تحتاج إلى أشهر من المفاوضات قبل أن تتجدد بشكل أكثر عنفاً.
معركة صنعاء
وذكرت الدراسة أنه لا يمكن التعويل على المشاورات الحالية في إيجاد نهاية للحرب أو إيقافها، ففي منطقة "نهم" شرق العاصمة اليمنية صنعاء، تستعد ثلاث مناطق عسكرية لخوض "معركة صنعاء" بأكثر من 25 لواء ووحدة عسكرية إلى جانب كتائب المهمات الخاصة التي تدربت طوال الفترة الماضية على الحرب مع العصابات المسلحة واقتحام المدن.
وأردفت قائلة: "في حال انتهت المشاورات دون اقتناع الحوثيين بعودة الشرعية كسلطة انتقالية يشاركون فيها وتقديم الأمني على السياسي، قد يعاود التحالف دعم الشرعية وخوض حرب السيطرة على ميناء الحديدة، وإن كان ذلك مكلفاً وقد تحصل ضغوط دولية لمنع حدوث مثل هذا الأمر لتبعاته الإنسانية، لكن ستبقى معركة الحديدة جبهة استنزاف على طول 70 كم، وقد يبدأ التحرك العسكري الفعلي في منطقة "نهم" شرق صنعاء باتجاه مديرية أرحب، خلال الفترة بين ديسمبر2018 ويناير2019".
وزعم مركز أبعاد للدراسات والبحوث، أن تحرك جبهة نهم يبدو هذه المرة بدافع شعبي (قبلي) عسكري، أكثر من كونه توجها للتحالف الذي قد يقدم خدمات لوجستية وبعض طلعات الطيران الجوية، لكن لن يستطيع منع هذه المعركة.
وقالت الدراسة بأن في "معركة نهم" تتموضع المنطقة العسكرية الثالثة على يسار جبهة نهم، فيما المنطقة السادسة على يمين الجبهة، والسابعة في قلب الجبهة، ويسعى "الجيش الوطني" التابعة للشرعية، والمقاومة في معركة نهم، التقدم باتجاه صنعاء والوصول إلى البوابة الشمالية لأمانة العاصمة في أرحب، وقطع إمدادات الحوثيين باتجاه صنعاء.
محاصرة صنعاء
كما زعمت الدراسة بأنه بذلك ستكون صنعاء محاصرة على الخط من الجنوب في "صرواح" إلى الشرق في نهم وصولاً إلى أرحب في الشمال في خط اشتباكات يصل إلى 60كم، ما يعني السيطرة على مطار صنعاء فعلياً حتى لو بقت الجهة الغربية للعاصمة خارج الحسابات كمنفذ للحوثيين، وبالسيطرة على المطار يمكن إعلان انتهاء الحرب وهزيمة الحوثيين وبدء تفكيك "الانقلاب" عملياً على الأرض، حد تعبيرها.
وخلصت الدراسة إلى أنه "يمكن للأمم المتحدة والرعاة الغربيين وجماعة الحوثي والحكومة الشرعية أن يتحدثوا عن طموحات بشأن المشاورات لكن الحديث عن أمل في وقف الحرب يبدو مستحيلاً، فطريق السلام في البلاد ما يزال طويلاً وصعباً وهناك أطراف عدة دخلت على الحرب لم تكن موجودة في مارس/آذار 2015م".
واختتم مركز أبعاد دراسته بالقول "ليس أمام المتحاورين في السويد إلا الوصول إلى اتفاق يوقف الحرب ويعيد مؤسسات الدولة، ويجعل السلاح حق حصري للجيش الذي سيتشكل تحت إشراف محلي وإقليمي ودولي بحيث تكون نواته الجيش الوطني التابع للرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي، وبدون تحقيق ذلك ستظل البلاد في دورات عنف متجددة حتى لو حدث اتفاق شكلي بضغوط خارجية، ومالم يحصل الاتفاق أو انتصار طرف على طرف، فإننا أمام حرب طويلة تؤسس لفوضى في اليمن سرعان ما تخترق جدار الأمن الإقليمي وتهدد أمن دول الخليج بالذات وتضع ممرات التجارة الدولية في قلب تلك الفوضى".
يأتي إعلان مركز أبعاد التابعة لحزب الإصلاح، عن استعدادات تجرى في نهم لاقتحام صنعاء، في وقت نفى فيه القيادي في ذات الحزب ومحافظ مأرب سلطان العرادة، الجمعة الماضية، تمترس قوات في منطقة صرواح استعداداً لغزو الجنوب.
وقال العرادة خلال استضافته على الهواء ببرنامج "اليمن في أسبوع" على قناة "أبوظبي" الفضائية، يوم الجمعة: "لا تمترس لنحو 400 ألف جندي في منطقة صرواح القريبة لجبهات القتال باتجاه صنعاء، وذلك استعداداً لغزو جنوب العاصمة، ومثل هذه المعلومات ليست إلا مجرد أقاويل ولا أساس لها من الصحة، ولا يجب التفكير بهذه الأمور حالياً، وإنما يجب التفكير باستكمال تحرير البلاد من الحوثيين"، مشيراً إلى أن عدد الجنود المتواجدين في صرواح لا يتجاوز ألف و500 إلى 3 آلاف جندي فقط".
ويرى مراقبون ومتابعون سياسيين يمنيون أن الدراسات والأبحاث التي يقوم بنشرها في الآونة الأخيرة، مركز "أبعاد" التابع لجماعة الاخوان المسلمين في اليمن، تأتي لصرف الأنظار عن الدور السلبي والمتخاذل لحزب الإصلاح (فرع الجماعة الاخوانية في اليمن)، الذي يسيطر على القرار في الرئاسة اليمنية المعترف بها دولياً.
وأكد المراقبون أن أغلب التوقعات العسكرية التي ينشرها المركز، لا يتحقق منها شيء على أرض الواقع، وإنما هي دراسات "لذر الرماد في العيون والتخفيف من حدة الاتهامات والانتقادات الحادة التي توجه للإصلاح".
اتهامات ضد حزب الإصلاح
وتصاعدت الاتهامات ضد حزب الإصلاح مؤخراً بصورة غير مسبوقة، ويتعرض باستمرار لانتقادات لاذعة في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية لدوره الذي يصفه منتقدوه بالـ"مشبوه" في العمليات العسكرية التي تخوضها قوات الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والمشكلة في كثير من وحداتها من عناصر حزب الإصلاح، وكذا قوات ما يسمى بـ"المقاومة الشعبية" بتشكيلاتها المختلفة، وخصوصاً تخاذل الحزب في تحريك جبهات طوق العاصمة صنعاء "نهم، صرواح، والبيضاء".
وأكد هؤلاء المراقبين في تصريحات لوكالة "ديبريفر" للأنباء، أن مركز "أبعاد" سخر دراساته الأخيرة في مهاجمة دول التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن الذي تقوده السعودية والإمارات، وآخرها الدراسة التي نشرها في أواخر سبتمبر الماضي حول نفوذ الإمارات في اليمن، زعم فيها وجود تنافس سعودي إماراتي أدى إلى إضعاف "الشرعية" والحكومة اليمنية في المناطق التي تسيطر عليها وأعطى فرصة للحوثيين في تقوية نفوذهم في المناطق الأخرى التي يسيطرون عليها، كما اتهم أبوظبي، دون غيرها، بانحراف دورها عن أهداف عاصفة الحزم إلى إسقاط الشرعية.
ويرى مراقبون سياسيون أن القوات الحكومية "المهجّنة" من الإصلاحيين وبعض التشكيلات العسكرية ذو الولاء القبلي، لا تحمل مشروع وطني لإعادة "الشرعية" التي جاء التحالف لدعمها ومساندتها، مشيرين إلى أن قوات "الشرعية" ظلت مخترقة ومجزأة لقرابة أربع السنوات من الحرب.
وعزا المراقبون تأخر حسم قوات "الشرعية" في معظم جبهات شمالي اليمن، إلى رغبات وقناعات لدى مسؤولين عسكريين ومدنيين داخل حكومة الشرعية وفي مؤسسة الرئاسة اليمنية، إذ يسعون إلى إطالة الحرب وعدم تمكين الرئيس عبدربه منصور هادي من أي نصر قد يعيد رسم خارطة سياسية جديدة لليمن، ومنها مشروع الأقاليم الستة التي تعارضه وتتصدى له كثير من القوى السياسية الشمالية.
ويدور في اليمن منذ قرابة أربع سنوات، صراعاً دموياً على السلطة بين الحكومة المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي تقوده السعودية، وقوات جماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران.
وينفذ التحالف، منذ 26 مارس 2015، عمليات برية وجوية وبحرية ضد جماعة الحوثيين في اليمن، دعماً لقوات الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وحكومته لإعادته إلى الحكم في صنعاء التي يسيطر الحوثيون عليها وأغلب المناطق شمالي البلاد منذ سبتمبر 2014
وتقول الأمم المتحدة أن القتال المستمر في اليمن منذ قرابة أربع سنوات خلف "أكبر أزمة إنسانية في العالم" في هذا البلد الفقير، بالإضافة إلى قتل وجرح عشرات الآلاف من المدنيين.
وبفعل استمرار الصراع الدموي، أصبح أكثر من 22 مليون يمني، أي أكثر من ثلثي السكان، بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية والحماية العاجلة، بمن فيهم 8.4 مليون شخص لا يعرفون كيف سيحصلون على وجبتهم المقبلة، ويعاني نحو مليوني طفل من النقص الحاد في التغذية.