الأكراد يهددون بوقف قتال "داعش" للاحتماء من تركيا بعد انسحاب القوات الأمريكية من سوريا

باريس ( ديبريفر)
2018-12-21 | منذ 5 سنة

الهام أحمد مع رياض ضرار (أرشيف)

هدد "مجلس سوريا الديمقراطية"، الذراع السياسي لقوات سوريا الديموقراطية "وحدات حماية الشعب" الكردية، اليوم الجمعة، بأن المقاتلين الأكراد المدعومين من الولايات المتحدة الأمريكية، قد يتوقفوا عن القتال ضد مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في محافظة دير الزور شرقي سوريا، آخر معاقل التنظيم الإرهابي في البلاد، وذلك لاتخاذ إجراءات تحميها من هجوم تركي محتمل.

يأتي تحذير هذه القوى الكردية بعد يومين من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، انسحاب قواته من كامل أراضي سوريا.

وقالت الرئيسة المشتركة لمجلس سوريا الديمقراطية، الهام أحمد في مؤتمر صحفي مع المسؤول في المجلس رياض ضرار، في باريس اليوم الجمعة: "عندما لم يكن الأمريكيون موجودين في المنطقة كنا نحارب الإرهاب، سنستمر في مهمتنا هذه، لكن مواجهة الإرهاب هذا سيكون أمرا صعباً لأن قواتنا ستضطر للانسحاب من الجبهة في دير الزور لتأخذ أماكنها على الحدود مع تركيا".

وحذرت الهام من إمكانية خروج الوضع في المنطقة عن السيطرة، وقد لا يتمكن الأكراد من مواصلة احتجاز جهادي تنظيم "داعش" المسجونين لدى القوات الكردية.

ويُشكل اعتقال مقاتلين أجانب مع أفراد من عائلاتهم عبئاً على الإدارة الذاتية الكردية، مع رفض العديد من الدول تسلم مواطنيها الذين التحقوا خلال سنوات النزاع السوري بالتنظيم الجهادي. وتطالب الإدارة الذاتية الدول التي يتحدر منها جهاديو "داعش" بتسلم مواطنيها ومحاكمتهم لديها.

وفاجأ ترامب الأربعاء الفائت ، حلفاءه الدوليين ضمن التحالف الدولي لمحاربة داعش، بإعلانه انسحاباً أحادي الجانب لكامل القوات الأمريكية المنتشرة في سوريا.

ودافع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس الخميس عن قراره المفاجئ وأعلن النصر على تنظيم الدولة الإسلامية وسحب القوات الأمريكية بالكامل من سوريا وسط انتقادات من بعض الجمهوريين ومخاوف الحلفاء وبعض القادة العسكريين الأمريكيين.

وتنشر الولايات المتحدة أكثر من ألفين من قواتها في سوريا، ويتركز الجزء الأكبر منها في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد شمالي سوريا، وجزء أقل في قاعدة "التنف" العسكرية في ريف حمص التي تنتشر فيه أيضاً قوات فرنسية ضمن التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش".

وتقع "التنف" على طريق سريع استراتيجي يربط دمشق ببغداد وكان في وقت من الأوقات طريق إمداد رئيسيا للأسلحة الإيرانية إلى سوريا. ويجعل ذلك من القاعدة العسكرية حصنا ضد إيران وجزءا من حملة أوسع لمواجهة التوسع العسكري الإيراني في الشرق الأوسط.

وأكدت المسئولة الكردية الرفيعة أنه في ظل استمرار تهديدات تركيا، قد تضطر قوات سوريا الديمقراطية، وهي تحالف يضم فصائل عربية وكردية، للتوقف عن قتال "داعش" في المنطقة، تمهيداً لإعادة نشر قواتها لمواجهة هجوم تركي محتمل.

واعتبرت أن "أي هجوم تركي على الأكراد سيساهم في إمكانية إنعاش داعش مرة أخرى، ما قد يخرج الوضع عن السيطرة وألا يعد بإمكاننا حظرهم في المنطقة التي يتواجدون فيها"، مؤكدة أن ذلك سيفتح المجال أمام انتشار مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية .

وتشن قوات سوريا الديموقراطية، منذ ١٠ سبتمبر الماضي، هجوماً على آخر جيب يتحصن فيه التنظيم في شرق البلاد، بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن.

وكانت قوات سوريا الديمقراطية، طردت في 17 أكتوبر 2017، بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، تنظيم الدولة الإسلامية من مناطق واسعة في شمال وشمال شرق البلاد، أبرزها محافظة الرقة التي شكّلت أبرز معاقله في سوريا لفترة طويلة.

ومُني التنظيم خلال العامين الماضيين بهزائم متلاحقة في سوريا على يد المقاتلين الأكراد، ولم يعد يسيطر سوى على جيوب محدودة في أقصى محافظة دير الزور وفي البادية السورية شرق حمص.

وتسيطر قوات سوريا الديمقراطية التي تقودها "وحدات حماية الشعب الكردية" على ربع أراضي سوريا تقريباً. وهذه الأراضي التي يقيم فيها الأكراد حكما ذاتيا، تشكل أكبر منطقة تقع خارج سيطرة الحكومة السورية، وتشمل أراضيها الآن محافظتي الرقة دير الزور.

بدوره عبر رياض درار الرئيس المشارك لمجلس سوريا الديمقراطية الذي كان يتحدث بجانب رئيسة المجلس خلال المؤتمر الصحفي في باريس، عن أمله بأن تلعب فرنسا دوراً أكثر فعالية في سوريا بعد أن قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب القوات الأمريكية.. موضحاً: "نخشى بسبب الفوضى ألا نتمكن من حماية المقار التي يتواجدون فيها"، في إشارة إلى الأماكن التي يعتقل الأكراد فيها مقاتلي داعش.

وأشار إلى أن قيادات مجلس سوريا الديمقراطية، يجري مباحثات مع المسؤولين في أوروبا "لأن لهم مسؤولية تاريخية في الحفاظ على أمن المنطقة وفي مواجهة الإرهاب الذي يهدد العالم"، مشدداً على "ضرورة عدم “انسحاب القوات المتحالفة معنا حتى ينتهي أمره".

 

دعم فرنسي

من جانب آخر دعت الهام أحمد الحكومة الفرنسية إلى تقديم دعم للأكراد، وقالت: "الحكومة الفرنسية كان لها مواقف واضحة في الأسبق لكنها لم تستطع ان تغير كثيرا من القرار التركي، نأمل منها أن تلعب دورها بشكل أقوى في هذه المرحلة".

وأضافت: "لها القدرة أن تلعب دورها ضمن الاتحاد الأوروبي وأن يتم فرض حظر جوي على هذه المناطق على الأقل كي لا يتم إعادة إنتاج داعش مرة أخرى وهو لسلامة الأمن الدولي".

من جهتها اعتبرت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بارلي، اليوم الجمعة، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "اتخذ قرارا فادحا للغاية" بسحب القوات الأمريكية من سوريا.

وقالت لإذاعة (آر.تي.إل): "لا نتفق مع التحليل بأنه تم القضاء على (تنظيم) الدولة الإسلامية، هذا قرار فادح للغاية ونعتقد أن المهمة لم تنته".

وقدمت بارلي تحية لوزير الدفاع الأمريكي المستقيل جيم ماتس، ووصفته بأنه "جندي عظيم" و"شريك في كل الظروف" وذلك بعد أن أعلن استقالته بشكل مفاجئ أمس الخميس بسبب خلافات مع ترامب بشأن سوريا.

وأضافت الوزيرة الفرنسية إنه “في حين يقول الرئيس ترامب إن داعش قد اندثر، نعتبر من جهتنا أن سيطرته على الأراضي لم تعد كما كانت في العام 2014، وصحيح أن نطاق سيطرته انحسر بشدّة تدريجياً، لكن لا يزال له جيب يقبع فيه الجهاديون".

وتابعت بارلي “لا بدّ في نظرنا من إنجاز هذه المهمة. ونحن لا نأخذ بالتحليل القائل إنه تمّ القضاء على سيطرة (التنظيم) على الأراضي. ويحقّ للشركاء أن يكون لهم تحليلات مختلفة"، مشيرة إلى أنه “في حال لم ينجز العمل، يكمن الخطر في أن تبقى مجموعات قائمة وتستعيد نشاطها".

وأكدت فرنسا وبريطانيا وألمانيا حلفاء واشنطن في حلف شمال الأطلسي، استمرار العمليات العسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية، الذي لا يزال المتشددين يشكلون خطرا حتى رغم إعلان ترامب هزيمتهم.

واعتبرت الدول الثلاث أن التحول المفاجئ في مسار الولايات المتحدة تجاه سوريا، في إطار وفاء ترامب بتعهد انتخابي عام 2016، يهدد بتقويض المعركة ضد داعش.

وفرنسا عضو بارز في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ويحارب المتشددين في سوريا والعراق ولها نحو ألف جندي بينهم أفراد من القوات الخاصة متمركزين في شمال البلاد إلى جانب القوات العربية والكردية.

 

تركيا ترحب وتتريث ضد الأكراد

ويرى مراقبون ومحللون أن إعلان ترامب انسحاب القوات الأمريكية من شمال سوريا يفتح الباب على مصراعيه ويمهد الطريق أمام تركيا لتنفيذ تهديداتها بشن هجوم جديد ضد الأكراد، الذين قد لا يجدون أمامهم، إلا التعاون مع النظام الرئيس بشار الأسد للحفاظ على الحد الأدنى من مكتسباتهم وانتصاراتهم على تنظيم داعش على الأرض.

ورحب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الجمعة، بقرار واشنطن سحب قواتها من شمال سوريا. وأكد في كلمة له في حفل لتوزيع جوائز لكبار المصدّرين الأتراك في مدينة إسطنبول، أن أنقرة ستؤجل عملية عسكرية مقررة في شرق نهر الفرات شمال شرق سوريا، على أن تبدأ الحملة في الشهور المقبلة.

وقال أردوغان: "مكالمتي الهاتفية مع (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب، واتصالات أجهزتنا الدبلوماسية والأمنية، فضلا عن التصريحات الأمريكية الأخيرة، دفعتنا إلى التريث لفترة، لكنها بالتأكيد لن تكون فترة مفتوحة"، وزعم أن بلاده ليس لديها أطماع في الأراضي السورية ولكن موقفها واضح تجاه الهجمات الإرهابية التي تستهدف تركيا من تلك الأراضي.

وأضاف: "أولويتنا هي ضمان أمن المنطقة، والخطوات التي نخطوها سواء مع روسيا أو إيران هدفها تحقيق الأمن".

وتوترت العلاقات بين أنقرة وواشنطن، البلدين الحليفين في الحلف الأطلسي الناتو بسبب خلافات تتعلق بسوريا.

ودعمت واشنطن وحدات حماية الشعب في المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية، بينما تعتبر تركيا، أن الفصيل الكردي، منظمة إرهابية وامتداد لحزب العمال الكردستاني.

وتشكو الولايات المتحدة منذ فترة طويلة من أن التوتر بين تركيا وقوات سوريا الديمقراطية التي تشمل وحدات حماية الشعب الكردية السورية، أبطأ في بعض الأوقات التقدم في محاربة التنظيم المتشدد.


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet