أكد البنك المركزي اليمني، أنه لا يعتزم إصدار كميات جديدة من العملة المحلية لزيادة العرض النقدي، لمواجهة مدفوعاته تحت أي ظرف.
وقال المركز الإعلامي للبنك الفي بيان، الليلة الماضية، إنه لا صحة للمعلومات والأخبار المتداولة عن إصدار البنك كميات نقد جديدة.
وأوضح البنك المركزي اليمني أن ما تم تداوله من أخبار بهذا الشأن، جاءت على خلفية استلامه دفعة من أوراق النقد المطبوعة بالخارج والتي سبق وأن صرح البنك بأنه يتم استلامها وفق برنامج زمني حددتها عقود سابقة أبرمتها إدارة البنك بعد قرار نقل مقره الرئيسي إلى عدن، في بدايات العام 2017.
ولفت إلى أنه من المقرر انتهاء تسليم الدفعة الأخيرة من الأموال الجديدة المتبقية من الكميات المطبوعة المتفق عليها سابقاً مع شركة روسية، في الربع الأول من العام المقبل 2019.
وقرر البنك المركزي في وقت سابق من الشهر الماضي، التوقف عن طباعة كميات جديدة من العملة المحلية والاكتفاء بما تم طباعته.
وأكد البنك المركزي اليمني في بيانه الجديد، عدم وجود حاجة ملحة لإصدار أية كميات نقد إضافية، نظراً للتحسن الكبير في مستوى التدفقات النقدية الداخلة نتيجة التعافي المنتظم للدورة النقدية في القطاع المصرفي وتسديدات التجار محلياً للإعتمادات المفتوحة عبر البنوك التجارية بالريال اليمني والمغطاة خارجياً من البنك المركزي عبر الوديعة السعودية، إضافة إلى ما تم رفده إلى البنك مؤخراً من خلال إيداعات الصكوك وشهادات الإيداع التي أصدرها مؤخراً.
وأشار البيان إلى قرار البنك المركزي، بتكوين احتياطي نقدي بالعملة المحلية يقدر بـخمسمائة مليار ريال يمني، وحرصه على انتهاج سياسة نقدية تهدف إلى إصلاح الاختلال في العرض النقدي والحفاظ على استقرار أسعار الصرف.
ويوجد في البنك المركزي اليمني احتياط نقد أجنبي، يزيد عن ثلاثة مليارات دولارات، منها ملياري دولار أودعتها السعودية مطلع العام الجاري، بجانب مليار دولار وديعة سعودية سابقة منذ سنوات، إضافة إلى 200 مليون دولار أعلنت عنها المملكة مطلع أكتوبر الماضي كمنحة لذات البنك، دعماً لمركزه المالي.
وأمس الخميس، تسلم البنك المركزي اليمني ومقره الرئيس مدينة عدن جنوبي البلاد، دفعة جديدة من العملة المطبوعة في الخارج، وسط تحذيرات من معاودة انخفاض وانهيار العملة الوطنية.
وقالت مصادر مصرفية لوكالة "ديبريفر" للأنباء ان البنك المركزي تسلم الخميس دفعة جديدة من الأموال النقدية المطبوعة من إحدى الشركات الروسية فئة الـ 1000 و100 ريال وصلت إلى ميناء الحاويات بعدن.
وأوضحت تلك المصادر أن الأموال، كانت محملة في سبع حاويات كل حاوية بمبلغ 21 مليار ريال ليصل إجمالي المبلغ نحو 147 مليار ريال.
وأكدت المصادر أن العملات النقدية الجديدة سيتم ضخها قريباً في السوق خلال مراحل مزمنة، لتغطية مرتبات موظفي الجهاز الإداري للدولة مدنيين وعسكريين.
وبدأت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا منذ مطلع العام الماضي، بضخ عملات نقدية جديدة طبعت في روسيا ليصل إجمالي ما طبعته الحكومة حتى الآن قرابة تريليونين " ألفين مليار ريال"، أي ما يعادل قرابة أربعة مليار دولار.
فساد بمليارات الريالات
وكشفت تقارير إخبارية اقتصادية مؤخراً، عن أن غالبية المبالغ التي قدرت بمئات المليارات قد تم صرفها العامين الماضي والجاري، عن طريق توجيهات خاصة من الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ورئيس الوزراء السابق الدكتور أحمد عبيد بن دغر، وغالبية تلك المبالغ تم صرفها خارج الموازنة العامة للدولة التي أعلنت من قبل حكومة بن دغر للعام 2018، ولم ترى النور حتى اللحظة, وهي مبالغ ضخمة تثير التساؤلات.
وتشير الاتهامات الموثقة على حكومة بن دغر، إلى وجود بصفقات فساد كبيرة في استيراد المشتقات النفطية إلى عدن والمحافظات الجنوبية الأخرى المحررة، وفي مشاريع أخرى وهمية لم ترى النور على أرض الواقع، وتؤكد توغل الفساد في القطاع الحكومي بصورة غير مسبوقة لم تشهدها أي حكومة في تاريخ اليمن على الإطلاق، وفق مراقبون.
وبات الوضع المالي أكثر فوضوية منذ قررت حكومة هادي في سبتمبر 2016 نقل مقر البنك المركزي من صنعاء إلى عدن وتعيين محافظ جديد له، فيما رفض الحوثيون هذه الخطوة ما أدى إلى وجود بنكين مركزيين متنافسين يعملان في البلاد.
وزجت حالة الارتباك بالكثير من اليمنيين في براثن العوز بعد قرابة أكثر من عامين لم يتسلم المرتبات فيها أكثر من مليون موظف غالبيتهم يعيش في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين بما فيها العاصمة صنعاء.
وأكد مسئول حكومي في تصريح سابق لوكالة "ديبريفر" للأنباء أن عملية ضخ الأموال المطبوعة حديثاً إلى السوق يأتي وفق سياسات اقتصادية ونقدية متعارف عليها، حيث لا يمكن أن يتم ضخ كافة الكميات في وقت واحد، خصوصاً وأن تلك الأموال طبعت بدون غطاء نقدي من العملات الصعبة، وهو ما سيفقد قدرتها الشرائية وسيزيد من انهيار العملة المحلية المتداعية أصلا.
وأشار إلى أن رفد البنك المركزي اليمني بالعملة الجديدة جاء لسد النقص الكبير للعملات النقدية ذات الفئات الصغيرة التي تسببت في اختناقات للمتعاملين في السوق، إضافة إلى تغطية صرف مرتبات موظفي الجهاز الإداري للدولة مدنيين وعسكريين.
يأتي استمرار البنك المركزي اليمني في انتهاج سياسة رفد السوق بالأموال المطبوعة حديثاً، في وقت حذر خبراء اقتصاد واختصاصيين من استمرار الحكومة والبنك المركزي في طبع النقود ورفدها للسوق دون وضع عدة معايير وضوابط تحكمها متعلقة بالغطاء من الذهب والنقد الأجنبي وحجم الإنتاج من السلع والخدمات والناتج المحلي والصادرات يساهم في ارتفاع معدلات التضخم، فضلاً عن التأثير المباشر على تدهور الريال اليمني ، وسياسات وإجراءات ما زالت تستخدمها الحكومة وغياب الرقابة والسياسات النقدية الصحيحة، وجميعها عوامل أدت وستؤدي إلى تواصل انهيار العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية في سوق الصرف.
وحذر هؤلاء من أن ضخ العملات النقدية الجديدة إلى السوق، سيساهم في معاودة انخفاض قيمة العملة المحلية " الريال" مجددا أمام العملات الأجنبية، بعد تحسن نسبي لقيمة "الريال" أمام العملات الأجنبية خلال الفترة القليلة الماضية، في ضوء تنفيذ البنك المركزي اليمني سلسلة من الإجراءات وتوفير العملة الأجنبية لاستيراد السلع الأساسية وإغلاق محلات وشركات الصرافة المخالفة والتي تعمل على المضاربة في السوق.
ويعيش اليمن منذ أكثر من ثلاث سنوات و9 أشهر، صراعاً دموياً على السلطة بين الحكومة المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي تقوده السعودية، وقوات جماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران.
وخلّفت الحرب أوضاعاً إنسانية وصحية صعبة، جعلت معظم سكان اليمن بحاجة إلى مساعدات، في أزمة إنسانية تعتبرها الأمم المتحدة "الأسوأ في العالم".
وتقول الأمم المتحدة إن نحو 14 مليون شخص، أو نصف سكان اليمن، قد يواجهون قريبا مجاعة، فيما تؤكد منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إن نحو 1.8 مليون طفل يعانون من سوء التغذية.
وأدى الصراع الدامي إلى مقتل أكثر من 11 ألف مدني، وجرح عشرات الآلاف، وتشريد ثلاثة ملايين شخص داخل البلاد وفرار الآلاف خارجها.