ترحيب روسي إيراني بدخول القوات الحكومية لمواجهة هجوم محتمل للقوات التركية

الجيش السوري ينتشر في منبج استجابة لدعوة الأكراد .. وتركيا تحذر من أي عمل استفزازي

منبج - أنقرة ( ديبريفر) تقرير
2018-12-28 | منذ 5 سنة

الجيش السوري يدخل منبج

أعلن الجيش السوري ، رسميا اليوم الجمعة ، دخول وحدات من قواته إلى مدينة منبج شمال غربي سوريا والحدودية مع تركيا ، استجابة لطلب قوات سوريا الديمقراطية " الأكراد" التي تسيطر على منبج ، للمساعدة لمواجهة التهديدات التركية، وبالتزامن مع تطورات دبلوماسية متسارعة لصالح النظام السوري .

وأكدت القيادة العامة للجيش السوري ،  دخول قواتها إلى منبج ورفع العلم الوطني فيها، وذلك بعد وقت قليل من توجه "وحدات حماية الشعب" الكردية التي تشكل العمود الفقري لـ"قوات سوريا الديمقراطية" بدعوة رسمية إلى حكومة دمشق لفرض السيطرة والانتشار في المدينة الحدودية، لحمايتها في ظل التهديدات التركية بالتدخل في شرق الفرات.

وأكد  مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لـ "فرانس برس " انتشار أكثر من 300 عنصر من قوات النظام والقوات الموالية لها على خطوط التماس بين مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية والقوات التركية مع الفصائل السورية الموالية لها”.. موضحا إنهم فرضوا “ما يشبه طوقاً عازلاً بين الطرفين على تخوم منطقة منبج من جهتي الغرب والشمال”.

ولطالما أثار مصير مدينة منبج في محافظة حلب، المدينة ذات الغالبية السكانية العربية والواقعة على بعد 30 كلم من الحدود التركية والخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية المعارضة المدعومة من واشنطن،  توتراً بين أنقرة التي هددت باقتحامها، وواشنطن الداعمة للقوات الكردية ، قبل أن يعلن الرئيس دونالد ترامب الأسبوع الماضي قراره سحب قواته من سوريا ، وتنتشر في منبج أيضا قوات أمريكية وفرنسية ضمن التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

 وتعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب الكردية امتدادا لحزب العمال الكردستاني المحظور في أراضيها ، والذي تصنفه أنقرة والولايات المتحدة منظمة إرهابية.

دعوة كردية لحماية منبج

ودعت قيادة الوحدات الكردية الجمعة “الدولة السورية التي ننتمي إليها أرضاً وشعباً وحدوداً إلى إرسال قواتها المسلحة” من أجل “حماية منطقة منبج أمام التهديدات التركية”.

 وقالت القوات الكردية، في بيان اليوم الجمعة، "في ظل التهديدات المستمرة من الدولة التركية لاجتياح مناطق شمال سوريا وتدمير المنطقة وتهجير أهلها المسالمين مثلما حصل في جرابلس وإعزاز والباب وعفرين، فإننا في وحدات حماية الشعب نعلن بأننا بعد أن انسحبنا من منطقة منبج، تفرغنا للحرب ضد داعش والمجموعات الإرهابية الأخرى في شرق الفرات ومناطق أخرى".

وأضاف البيان "لهذا ندعو الدولة السورية التي ننتمي إليها أرضا وشعبا وحدودا إلى إرسال قواتها المسلحة لاستلام هذه النقاط وحماية منطقة منبج من التهديدات التركية".. مؤكدة  تفرغها لمحاربة تنظيم "داعش" الإرهابي في شرق الفرات بعد انسحابها من منبج.

وتسيطر قوات سوريا الديمقراطية التي تقودها وحدات حماية الشعب الكردية على ربع أراضي سوريا تقريبا، وهذه الأراضي يقيم فيها الأكراد حكما ذاتيا، وتشكل أكبر منطقة تقع خارج سيطرة الحكومة السورية ، وتشمل أراضيها الآن الرقة التي كانت قاعدة عمليات تنظيم الدولة الإسلامية ومحافظة دير الزور الواقعة على الحدود مع العراق.

  وتجنبت وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية الصراع مع الرئيس السوري بشار الأسد خلال الحرب الدائرة منذ قرابة ثمان سنوات مما يفرقهما عن مقاتلي المعارضة في غرب سوريا الذين حاربوا للإطاحة به.

  وتقول قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب إنهما لا تسعيان لإقامة دولة مستقلة.

في 21 ديسمبر ، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية " البنتاغون " ،  أنّ الولايات المتحدة ستواصل حملتها الجوية في سوريا في الوقت الراهن على الأقل ، لاستهداف مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) ، غداة إعلان الرئيس دونالد ترامب تحقيق الانتصار على داعش وقرب انسحاب القوات الأمريكية من كامل أراضي سوريا .

وفاجأ ترامب في 20 ديسمبر  ، حلفاءه الدوليين ضمن التحالف الدولي لمحاربة داعش ،  بإعلانه انسحابا أحادي الجانب للقوات الأمريكية المنتشرة في سوريا.. زاعما النصر على تنظيم الدولة الإسلامية وسحب القوات الأمريكية بالكامل من سوريا وسط انتقادات من بعض الجمهوريين ومخاوف الحلفاء وبعض القادة العسكريين الأمريكيين.

وتنشر الولايات المتحدة أكثر من ألفين من قواتها في قاعدة التنف العسكرية، ويتركز الجزء الأكبر منها في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد شمالي سوريا، وجزء أقل في قاعدة التنف العسكرية في ريف حمص تنتشر فيه أيضا قوات فرنسية ضمن التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

  واعتبر مراقبون ومحللون غربيون في وقت سابق ،  إعلان ترامب انسحاب القوات الأمريكية من شمال سوريا يفتح الباب على مصراعيه ويمهد الطريق أمام تركيا لتنفيذ تهديداتها بشن هجوم جديد ضد الأكراد، الذين قد لا يجدون أمامهم، إلا التعاون مع النظام الرئيس بشار الأسد للحفاظ على الحد الأدنى من مكتسباتهم وانتصاراتهم على تنظيم داعش على الأرض .

 مساء أمس الخميس ، أطلقت القاعدة الأمريكية غرب منبج قنابل ضوئية تحذيرية لفصائل المعارضة.

وقال مصدر في مجلس منبج العسكري لوكالة الإنباء الألمانية (دب ا) أطلقت القاعدة الأمريكية في قرية السعيدية غرب مدينة منبج 5 قنابل ضوئية باتجاه الجبهة الغربية”.

وأكد المصدر أن”إطلاق القنابل بسبب الأحوال الجوية والضباب، وهو تحذير لفصائل الجيش الحر من قصف قوات مجلس منبج العسكري”.

وتشهد جبهات مدينة منبج عمليات حشد عسكرية كبيرة من كل أطراف الصراع حيث تحشد فصائل المعارضة على جبهات المدينة الشمالية والغربية، وكذلك مجلس منبج العسكري في حين أرسلت القوات الحكومية السورية تعزيزات عسكرية إلى بلدة العريمة ومنطقة التايه غرب منبج

تهديد تركي

وصعّدت تركيا مؤخراً تهديداتها بشن هجوم جديد ضد مناطق سيطرة قوات سوريا الديموقراطية، بدءاً من مدينة منبج وصولاً إلى مناطق أخرى في شمال شرق البلاد.

 وأرسلت خلال الأيام الماضية تعزيزات عسكرية إلى المنطقة الحدودية مع سوريا، فيما دخلت قوات تركية إلى مواقع قريبة من خطوط التماس قرب منبج. وعززت الفصائل السورية الموالية لأنقرة تواجدها.

 وأعلنت فصائل سورية موالية لأنقرة، الجمعة، أن قواتها مدعومة بالجيش التركي بدأت التقدم نحو جبهة منبج، وذلك بعد ساعات من بيان لوحدات حماية الشعب الكردية حثت فيه القوات الحكومية السورية على حماية المدينة من الهجمات التركية.

وأكدت الفصائل الموالية لأنقرة، في بيان ، جاهزيتها لإطلاق عملياتها العسكرية في منبج التي أعلن الجيش السوري أنه انتشر فيها قبل ساعات، بينما نفت مصادر عربية وكردية ذلك.

ولم يتضح بعد ما إذا كانت القوات الحكومية قد انتشرت في المدينة التي تمركزت فيها قوات أميركية، وأقامت قاعدة في وقت سابق هذا العام.

لكن مصادر أكدت لـ"سكاي نيوز عربية" أن المدينة تخلو من القوات السورية، وأن قوات سوريا الديمقراطية هي الموجودة فيها حتى الآن.

وكان ناشطون تداولوا صورا تظهر قوات النظام السوري وهي ترفع علما على أحد المباني في محيط المدينة من الجهة الغربية.

بينما أظهرت صور متداولة مروحية أباتشي تحوم في سماء منبج لتأمين القوات الأميركية التي قد تنسحب خلال ساعات من منبج، بحسب مصادر محلية.

من جهتها حذرت وزارة الدفاع التركية ، اليوم الجمعة، كل الأطراف من مغبّة القيام “بأي عمل استفزازي” في منبج . وتصنّف أنقرة الوحدات الكردية بالإرهابية  .

 وزعمت الدفاع التركية في بيان ،  أن قوات "وحدات حماية الشعب الكردية"، لا يحق لها دعوة قوة ثالثة إلى منبج، والتصريح باسم الشعب.

وقال البيان  "فيما يتعلق بالحالة في منبج، يتم سماع العديد من التصريحات المشكوك فيها. لا يحق للمجموعة الإرهابية (وحدات حماية الشعب الكردية)، والتي تسيطر على المنطقة بقوة السلاح، الإدلاء بتصريحات نيابة عن الشعب ودعوة قوات أخرى. إننا ندعو جميع الأطراف إلى تجنب التصريحات والإجراءات الاستفزازية التي يمكن أن تؤدي إلى عدم الاستقرار في المنطقة".

فيما وصف الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، دخول الجيش السوري إلى مدينة منبج بـ"الحملة النفسية" .. معتبرا أن "الأمر غير مؤكد حتى الآن".

 وأكد أردوغان في تصريحات للصحفيين في إسطنبول، اليوم الجمعة، أن الجيش السوري يواصل أعماله في المنطقة متخذا كافة التدابير اللازمة.. موضحا أن الوفد التركي الذي سيزور موسكو غدا سيبحث ملف منبج مع الجانب الروسي، مشيرا إلى أنه قد يلتقي نظيره الروسي فلاديمير بوتين.

 وأعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن الهدف الرئيسي لتركيا في سوريا هو طرد الإرهابيين من هناك.. مشيرا إلى أنه إذا تم طرد جميع الإرهابيين من سوريا، فلا يوجد أي سبب لبقاء تركيا هناك..  مؤكدا أن بلاده ضد تقسيم سوريا.

ترحيب روسي إيراني

إلى ذلك أكد المتحدث باسم الرئاسة الروسية "الكرملين" ديميتري بيسكوف ، اليوم الجمعة، أن “توسيع منطقة سيطرة القوات الحكومية ، هو بالتأكيد توجه إيجابي”.

 وقال المتحدث بيسكوف ، تعليقا على تصريحات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عن احتمال لقائه نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، في موسكو أو سوتشي، أن القرار في هذه المسألة سيتخذ بعد المحادثات الروسية التركية المرتقبة يوم غد.. مشيرا  إلى  إنّه سيتم بحث المسألة السبت خلال زيارة يجريها وزيرا الخارجية والدفاع التركيان إلى موسكو ستسمح بـ”تنسيق التحرّك” بين روسيا، حليفة دمشق الرئيسية، وتركيا الداعمة لفصائل سورية.

ويشكل الوضع السوري محور قمة تعقد مطلع العام في موسكو ويحضرها إلى جانب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، نظيراه التركي رجب طيب إردوغان والإيراني حسن روحاني. وكانت قمة مماثلة عقدت في طهران في سبتمبر.

 من جهتها رحبت وزارة الخارجية الإيرانية بدخول الجيش السوري إلى مدينة منبج، لمواجهة هجوم محتمل من قبل تركيا.

وأكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، في بيان اليوم الجمعة، دعم بلاده  دخول الحكومة السورية إلى مدينة منبج لمواجهة الهجوم المحتمل من قبل الجيش التركي".

وأضاف البيان أن "الجمهورية الإسلامية الإيرانية تؤكد على ضرورة احترام السيادة السورية على أراضيها وتؤكد بأن رفع العلم السوري في مدينة منبج خطوة مهمة لتعزيز نشر السلطة الشرعية السورية على جميع أراضيها وخطوة جديدة لحل الأزمة السورية. وإيران تؤيد هذه الخطوة".

 وتدعم موسكو بقوة النظام السوري، وساهم تدخلها العسكري المباشر بجانب إيران وحزب الله اللبناني في الحرب السورية منذ 2015 ، في تغيير موازين القوى على الأرض لصالح النظام السوري الذي خسر في السنوات الأولى مساحة واسعة من الأراضي ، كما تدعم موسكو دمشق في حربها ضد الجماعات المسلحة التي تنتمي إلى تنظيمات مختلفة، أبرزها تنظيما "داعش" وجبهة النصرة، اللذين تصنفهما الأمم المتحدة ضمن قائمة الحركات الإرهابية.

وتسببت الحرب المستعرة في سوريا منذ نحو ثمان سنوات في مقتل أكثر من 350 ألف شخص، وتشريد ستة ملايين شخص داخل سوريا وفرار 5.5 ملايين آخرين إلى الخارج.


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet