أكد أن اليمن أصبح يفتقر إلى كل شيء

الصليب الأحمر الألماني: نعمل مع منظمات الإغاثة لبقاء ملايين اليمنيين قيد الحياة

برلين (ديبريفر - صحيفة
2019-01-10 | منذ 4 سنة

طفلة مصابة بالكوليرا في اليمن

ترجمة خاصة لـ"ديبريفر"

قال رئيس التعاون الدولي للصليب الأحمر الألماني كريستوف جونين، إن اليمن بات يفتقر إلى كل شيء، ويعاني فيه الملايين من الناس أسوأ أزمة جوع في العالم، جراء استمرار الحرب الدامية لقرابة أربع سنوات.

وأضاف جونين في حوار أجرته معه صحيفة "در تاجس شبيجل" الألمانية اليوم الخميس، وترجمته إلى العربية وكالة "ديبريفر" للأنباء: "إن تركيزنا ينصب بشكل واضح على الأوضاع الإنسانية الطارئة وهذا الأمر ليس فقط منذ البارحة، فالصليب الأحمر الألماني يتعاون منذ أكثر من عشر سنوات وهو يعمل بشكل تقليدي ووثيق مع المنظمات المجتمعية، وهناك اثنين من العوامل يلعبان دوراً حاسما في ذلك التعاون".

وأشار إلى أن مشاريع الصحة والأمن الغذائي التي ينفذها الصليب الأحمر الألماني في اليمن، كانت معظمها في البداية مشاريع طويلة الأجل، وكان الهدف منها العمل على تعزيز القدرة على المساعدة الذاتية للسكان.. موضحاً أنه بعد تفاقم الوضع في اليمن، أصبح تركيز العمل محصوراً على المساعدات الإنسانية الطارئة.

وذكر بأن الصليب الأحمر الألماني يعمل على استمرار تشجيع الهلال الأحمر اليمني على الالتزام بالمشاريع طويلة الأجل، لأنه في مرحلة ما سينتهي هذا الصراع الدامي في اليمن، ومن الضروري أن يكون الأساس الذي يتم البناء عليه موجوداً.

وأكد جونين أنه لا يعرف ما إذا كان اليمن قائم ككيان دولة، لكن ما يعرفه هو أن هناك يعيش أكثر من 29 مليون شخصاً، وأن على منظمات الإغاثة الدولية من بينها الصليب الأحمر الألماني العمل على إنقاذهم، من خلال شن معركة متعددة الجبهات.

وتطرق المسؤول الألماني إلى الصعوبات التي تواجهها منظمات الإغاثة في القيام بعملها على الوجه المطلوب في اليمن، وقال "في وسط المعارك المستمرة يتعين على منظمات الإغاثة مكافحة الأمراض وتوزيع الطعام وتزويد الناس بالأدوية، فكيف بالإمكان فعل ذلك كله؟".

ويعيش اليمن منذ قرابة الأربع سنوات، صراعاً دموياً على السلطة بين الحكومة المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي تقوده السعودية، وقوات جماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران. وخلّفت الحرب أوضاعاً إنسانية وصحية صعبة، جعلت معظم السكان بحاجة إلى مساعدات، في أزمة إنسانية تعتبرها الأمم المتحدة "الأسوأ في العالم".

 

كل شيء مفقود ولا  سبب للابتهاج

وحول اتفاق السويد الذي توصل إليه طرفا الصراع في اليمن خلال ديسمبر الماضي، قال رئيس التعاون الدولي للصليب الأحمر الألماني: "لقد باتت أطراف النزاع تتحدث مع بعضها البعض في هذه الأثناء على الأقل، ففي ستوكهولم، اتفق المسئولون في الحكومة اليمنية الشرعية ووفد جماعة الحوثي المعارضة لهم، في ظل وساطة الأمم المتحدة على إطلاق سراح السجناء، وهذه بادرة إنسانية كما أنها خطوة صغيرة أولى محتملة في المشوار المؤدي إلى السلام".

لكن جونين أشار إلى أنه رغم أهمية هذا الاتفاق باعتباره أحد تدابير بناء الثقة، إلا أنه لا تزال عملية الوصول للمحتاجين صعبة للغاية ولها علاقة كبيرة بعدم الثقة، معرباً عن أمله أن يكون لاتفاق السويد تأثير إيجابي على عمل الصليب الأحمر الألماني ومنظمات الإغاثة

ولفت إلى أن "حدة الأوضاع في مدينة الحديدة الساحلية غربي اليمن،  المتنازع عليها، الذي عبر ميناءها تتم عملية تسليم المساعدات، ستخف على الأقل بموجب الاتفاق، ولكن من الصحيح أيضاً أنه لا يوجد سبب للابتهاج، فاليمن بعيد كل البعد عن أي حالة يمكن أن توصف بأنها طبيعية" حد تعبيره.

وتابع المسئول الألماني: "اليمن بات يفتقر إلى كل شيء، إذ أن أقل من 50 بالمائة من مرافق الرعاية الصحية هي التي لا تزال تعمل، وقد قلت فرص العمل، كما أن المرتبات لم تعد تُدفع للموظفين. الاقتصاد في حالة متدهورة، والجوع منتشر بصورة كليه تماماً".. معتبرا أن "كل هذا لا يمكن أن يعوض عن طريق المساعدات الإنسانية وحدها، فيجب أولاً وقبل كل شيء ضمان بقاء الناس على قيد الحياة، وهذا هو السبب في أن العملية السياسية في غاية الأهمية".

 

مخاطر الصراع على العاملين

وذكر جونين أن "الحاجة إلى المساعدة في الوقت الحالي أصبحت أكبر بكثير من الموارد المتاحة،  كما لا يزال الوصول إلى المحتاجين محدوداً للغاية، كما أن الوضع ليس أقل خطورة بالنسبة لمقدمي الإغاثة، فحياتهم غالبا ما تكون مهددة".

وبيّن أنه منذ عام 2015، بداية اندلاع الصراع في اليمن، بعد تدخل تحالف عربي عسكري بقيادة السعودية في 26 مارس 2015، قُتل 14 من المساعدين من الصليب الأحمر والهلال الأحمر في البعثات إلى المناطق التي تدور فيها المعارك، فضلاً عن التعب البدني والعاطفي في الأشهر الأخيرة من العام الماضي.

وعبر عن قلقه من صعوبة وقف دوامة المعاناة والبؤس في اليمن، رغم ثقة تولدت حالياً، في أن يتحقق ذلك ولكنها تظل حذرة جدا، حد قوله.

 

نسيان اليمن

ومضى رئيس التعاون الدولي للصليب الأحمر الألماني قائلاً "يمكن نسيان اليمن مرة أخرى، فقد كان هو حال اليمن في كثير من الأحيان، لذا فإن السؤال الحاسم هو: هل سيتم دعم  السلام في البلاد على المدى الطويل وبصورة مستدامة؟ إذا لم يكن هذا هو الحال، فإنها لن تكون سوى فترة راحة قصيرة. ومنع حدوث ذلك الأمر يعتمد على السياسة".

وفي ما يتعلق بشعور المنظمات الخيرية أحيانا بالإرهاق، أجاب جونين: "المساعدات الإنسانية على هذا النحو عادة لا تكون متعبة، ومع ذلك، فإن المساعدات الإنسانية ستكون مثقلة بالكثير، فهي كثيرا ما تستخدم كبديل لعدم وجود عمل سياسي في وقت مبكر، ففي اليمن تفاقم الوضع أمام أعين الجميع، ومن المفترض أن تغطي المساعدات الإنسانية العلنية العجز السياسي الواضح".

وحول قدرة اليمن على الإدارة دون مساعدات طارئة، أفاد المسؤول الألماني: "إذا لم تنشب عمليات قتالية أخرى، فإن المرافق المدنية والسكان المدنيين لن يتعرضوا مجددا للهجمات، صحيح أن الوضع سيستغرق وقتا طويلاً إلى أن يصل إلى حالة من التحسن ولكن على الأقل سيكون من الممكن إدخال البضائع المهمة إلى البلاد بسهولة أكبر، كما سيتمكن الناس من العودة إلى العمل وإدارة الحياة الاجتماعية بشكل طبيعي، رغم أن المخاطر تظل محدقة بتطلعاتهم".

وأعرب المسئول الألماني عن أمله بأن يكون هناك بداية لعملية سياسية تعيد الحياة لأساسيات سبل العيش وتمكن الناس من التطلع وتمنحهم الأمل، حينها سيكون بالإمكان تحقيق الكثير.

وتصف الأمم المتحدة الأزمة الإنسانية في اليمن بـ"الأسوأ في العالم"، وتؤكد أن أكثر من 22 مليون يمني، أي أكثر من ثلثي السكان، بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية والحماية العاجلة، بمن فيهم 8.4 مليون شخص لا يعرفون كيف سيحصلون على وجبتهم المقبلة، ويعاني نحو مليوني طفل من النقص الحاد في التغذية.

وينفذ التحالف، منذ 26 مارس 2015، عمليات برية وجوية وبحرية ضد جماعة الحوثيين في اليمن، دعماً لقوات الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وحكومته لإعادته إلى الحكم في صنعاء التي يسيطر الحوثيون عليها وأغلب المناطق شمالي البلاد منذ سبتمبر 2014.

وأسفر الصراع في اليمن عن مقتل أكثر من 11 ألف مدني، وجرح عشرات الآلاف، وتشريد ثلاثة ملايين شخص داخل البلاد وفرار الآلاف خارجها.


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet