هيومن رايتس: أطراف الصراع في اليمن شركاء في تدهور الوضع الإنساني وارتكاب جرائم حرب

نيويورك (ديبريفر)
2019-01-18 | منذ 5 سنة

حافلة مدرسية كانت تقل أطفال شمالي اليمن عندما استهدفها طيران التحالف (أغسطس2018)

اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير حديث لها، أطراف الصراع في اليمن، بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية.

وقالت المنظمة العالمية المعنية الأمريكية بحقوق الإنسان ومقرها الرئيس نيويورك ، في تقريرها العالمي  2019، في تقريرها الذي نشرته الخميس، إن أطراف الصراع في اليمن شركاء في تدهور الوضع الإنساني في جميع أنحاء البلاد التي تعيش منذ قرابة أربع سنوات حرب دامية بين الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والمدعومة من تحالف عسكري تقوده السعودية من جهة، وجماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران من جهة ثانية.

واعتبرت المنظمة أن "التحالف الذي تقوده السعودية، وجماعة الحوثيين المسلحة شاركا في صراع حوّل الأزمة الإنسانية في اليمن إلى كارثة شاملة".

وذكر التقرير الحقوقي العالمي، أنه منذ تصاعد النزاع المسلح في مارس 2015، ارتكبت الأطراف المتحاربة العديد من انتهاكات قوانين الحرب، وزادت من تدهور الحالة الإنسانية للبلد، وفشلت في محاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وموردو الأسلحة الآخرون قد تكون خاطرت بالتواطؤ في الانتهاكات من خلال مبيعات الأسلحة إلى السعودية وحكومات التحالف الأخرى. وحذر  التقرير الأمم المتحدة من أنه بدون تغيير جذري في الوضع، سيواجه نصف سكان اليمن تقريبا خطر المجاعة.

ويعيش اليمن منذ ما يقارب الأربع سنوات، صراعاً دموياً على السلطة بين الحكومة المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عسكري تقوده السعودية، وقوات جماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران.

وخلّفت الحرب أوضاعاً إنسانية وصحية صعبة، جعلت معظم السكان بحاجة إلى مساعدات، في أزمة إنسانية تعتبرها الأمم المتحدة "الأسوأ في العالم".

وأكدت هيومن رايتس ووتش في تقريرها العالمي حول وضع حقوق الإنسان في العالم لعام 2019، الصادر في 674 صفحة، بنسخته الـ29،  أن النزاع المسلح في اليمن ألحق خسائر فادحة بالسكان، حيث قُتل وأصيب آلاف المدنيين جراء القتال، ويعاني الملايين من نقص في الغذاء والرعاية الطبية، ومع ذلك تستمر الأطراف المتحاربة في إعاقة المساعدات، كما يعاني المدنيون في جميع أنحاء البلاد من نقص الخدمات الأساسية، ومن أزمة اقتصادية متصاعدة، وحكم ضعيف، وأزمة في أنظمة الصحة والتعليم والقضاء.

وأشارت المنظمة العالمية الإنسانية إلى أن التحالف العربي شنّ عشرات الغارات الجوية العشوائية وغير المتناسبة، ما أسفر عن مقتل آلاف المدنيين وضرب البنية التحتية الحيوية والهياكل المدنية الأخرى في انتهاك لقوانين الحرب. كما قام الحوثيون بتجنيد الأطفال، واستخدام الألغام الأرضية وقصفوا عشوائيا بالمدفعية والصواريخ مدنا مثل تعز وعدن، ومدنا سعودية.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "إن الحوثيين والتحالف الذي تقوده السعودية هاجموا عشوائيا وساهموا في الإخفاء القسري، ومنع وصول الغذاء والدواء إلى المدنيين اليمنيين. وأضافت: "إما أن تتجاهل الحكومات في جميع أنحاء العالم الوضع بينما يشارف ملايين على الوقوع في المجاعة، أو تستخدم تأثيرها للضغط على الأطراف المتحاربة لوضع حد لانتهاكاتها وفرض عقوبات على من يعرقلون المساعدات".

 

الإخفاء القسري سمة مشتركة

تقرير المنظمة الحقوقية العالمية السنوي، أشار إلى "ارتكاب الحوثيين والقوات التابعة للحكومة اليمنية، والإمارات والفصائل اليمنية التي تدعمها، الاحتجاز التعسفي أو الإخفاء القسري لعشرات الأشخاص، كما احتجز الحوثيون الناس كرهائن، بينما قام مسؤولون يمنيون في عدن بضرب واغتصاب وتعذيب المهاجرين المحتجزين وطالبي اللجوء من القرن الأفريقي، بمن فيهم النساء والأطفال".

ولفت التقرير إلى أن "التحالف العربي لم يفتح  تحقيقات موثوقة في الانتهاكات، كما سعت الدول الأعضاء في التحالف إلى تجنب المسؤولية القانونية الدولية عن طريق رفض تقديم معلومات عن دور قواتها في الهجمات غير القانونية، فيما لم تعاقب جماعة الحوثيين المسلحة قادتها المسؤولين عن جرائم الحرب، ولا يزال كبار المسؤولين المتورطين في الانتهاكات في مواقع السلطة في جميع أنحاء البلاد".

واعتبر التقرير أن إحدى تكاليف حرب اليمن، تتمثل في "إغلاق الأبواب أمام مجموعات المجتمع المدني، واعتقلت الأطراف المتحاربة وضايقت، وهددت، واخفت قسرا النشطاء والصحفيين والمحامين والمدافعين الحقوقيين اليمنيين، كما تعرضت الناشطات اللواتي لعبن دورا بارزا في توثيق الانتهاكات والدعوة إلى إنهائها، للتهديد وحملات التشهير، والضرب والاعتقال. وتعرض العاملون في الإغاثة الإنسانية للقتل والإصابة والاحتجاز".

وذكرت سارة ليا ويتسن أنه "بدلا من المخاطرة بالتواطؤ في الغارة الجوية التالية على حفل زفاف أو على حافلة مليئة بالأطفال، على الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا إخبار السعودية بأن مبيعات الأسلحة لن تستمر حتى تتوقف جرائم الحرب ويحاكم المسؤولون عنها".

وينفذ التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، منذ 26 مارس 2015، عمليات برية وجوية وبحرية ضد جماعة الحوثيين في اليمن، دعماً لقوات الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وحكومته لإعادته إلى الحكم في صنعاء التي يسيطر الحوثيون عليها وأغلب المناطق شمالي البلاد منذ أواخر سبتمبر 2014.

وتصاعدت في الآونة الأخيرة الضغوط الدولية، على قادة السعودية والإمارات من أجل إنهاء الحرب الدموية في اليمن، والتي تسببت في مقتل عدد كبير من المدنيين ودمرت البنية التحتية والاقتصادية للبلد الذي أكدت الأمم المتحدة أنه يعيش حالياً "أسوأ أزمة إنسانية في العالم".

واتهمت الأمم المتحدة في أواخر أغسطس الماضي، التحالف العربي الذي تقوده السعودية والإمارات، وجماعة الحوثيين (أنصار الله)، بارتكاب أعمال ترقى إلى جرائم حرب، لاسيما بعض الضربات الجوية التي نفذها التحالف وراح ضحيتها عشرات الأطفال والنساء والمدنيين.

وفي 24 أغسطس الماضي، قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير لها، إن التحقيقات التي أجراها التحالف بقيادة السعودية في جرائم الحرب في اليمن تفتقر إلى المصداقية، وفشلت في توفير سبل الإنصاف للضحايا المدنيين.

واتهمت المنظمة العالمية المعنية بحقوق الإنسان، المحققين بالتستر على جرائم الحرب بشكلٍ أو بآخر، ووصفت تحقيقات التحالف بـ"الزائفة".

وكشفت المنظمة، في تقريرها آنذاك ، والذي حلّل عمل هيئة التحقيق التابعة للتحالف أو ما يسمى "الفريق المشترك لتقييم الحوادث" على مدى العامين 2016 / 2017  الماضيين، عن أن عمل الفريق لم يرق إلى المقاييس الدولية في ما يتعلق بالشفافية والنزاهة والاستقلالية.

وأضاف تقرير المنظمة: "يواجه القادة السعوديون والإماراتيون، الذين تلعب دولهم أدوارا رئيسية في عمليات التحالف العسكرية، مسؤولية جنائية محتملة كمسؤولية القيادة. على مجلس الأمن الدولي أن يفكر في فرض عقوبات محددة الهدف على كبار قادة التحالف الذين يتقاسمون أكبر قدر من المسؤولية عن الانتهاكات الجسيمة المتكررة".

وتؤكد الأمم المتحدة أن أكثر من 22 مليون يمني، أي أكثر من ثلثي السكان، بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية والحماية العاجلة، بمن فيهم 8.4 مليون شخص لا يعرفون كيف سيحصلون على وجبتهم المقبلة، ويعاني نحو مليوني طفل من النقص الحاد في التغذية.


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet