قالت مصادر سياسية ومحلية أنه من المقرر ان يطرح مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، خلال زيارته للعاصمة صنعاء التي وصلها السبت، على قيادات الحوثيين (أنصار الله) مبادرة أممية تقضي بانسحاب قواتهم من مدينة الحديدة الساحلية غربي اليمن وميناءها الاستراتيجي في خطوة تهدف كما يبدو لتجنيب المدينة المطلة على البحر الأحمر الدمار، خصوصاً وان الميناء يمثل شريان الحياة الذي تتدفق منه الاحتياجات المعيشية للمواطنين في معظم المحافظات الشمالية.
وذكرت المصادر السياسية أن غريفيث سيلتقي عدداً من قادة الحوثيين ومسؤولين في حكومتهم غير المعترف بها دولياً، لبحث ترتيبات إعادة إحياء مفاوضات الحل السياسي، في إطار رؤية يعتزم المبعوث الأممي عرضها على مجلس الأمن خلال يونيو الجاري.
وأشارت إلى ان أبرز القضايا التي سيبحثها المبعوث الأممي تجنيب مدينة وميناء الحديدة معركة عسكرية، وإقناع الحوثيين بالانسحاب منها، وتسليم الإشراف عليها للأمم المتحدة.
وتأتي زيارة المبعوث الدولي في وقت أفادت فيه مصادر ميدانية في القوات المشتركة لصحيفة "الشرق الأوسط"، بأن ساعة الصفر لاقتحام المدينة باتت وشيكة، حيث من المتوقع أن تكون سريعةً وخاطفة، ومن أكثر من محور، وبغطاء جوي وبحري مكثف.
وبدأت سفينة تابعة للأمم المتحدة خلال الساعات الماضية عملية إجلاء عدد من موظفي المنظمات الدولية والإغاثية من محافظة الحديدة (260 كلم غرب صنعاء).
وذكرت مصادر محلية لوكالة الأنباء "ديبريفر" أن السفينة (Ba Madhaf) التابعة للمنظمة الدولية رست، الجمعة، في رصيف ميناء الحديدة المطل على البحر الأحمر لنقل رعايا أجانب من المحافظة.
وأكدت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً السبت حرصها على بسط سيطرتها على المؤسسات الحكومية الحيوية في مدينة الحديدة، في حال نجاح قوات الشرعية والقوات التابعة للتحالف العربي المساند لها في استعادة السيطرة على ميناء الحديدة الاستراتيجي.
وأعلن نائب وزير النقل اليمني، ناصر شريف، بالتوازي مع العمليات العسكرية التي تنفذها قوات الشرعية والتحالف العربي، بهدف استكمال معركة الساحل الغربي وتحرير ميناء الحديدة الاستراتيجي، عن استعداد وزارته لاستكمال فتح ميناء المخا، الذي يبعد 115 كيلومتراً غرب مدينة تعز اليمنية.
ونقلت وكالة الأنباء اليمنية " سبأ " بنسختها التابعة لحكومة هادي عن شريف قوله إن "وزارة النقل تعكف على تخصيص موانئ بديلة عن ميناء الحديدة ومنافذ برية من أجل إدخال المساعدات الإنسانية عبر المنافذ التي تسيطر عليها السلطة الشرعية".
وسبق ان رفض الحوثيين مبادرة أممية قدمها المبعوث الأممي السابق إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد منتصف العام الماضي، وتقضي بتسليم مدينة الحديدة مقابل تسليم مرتبات الموظفين الحكوميين دون استثناء، إضافة إلى مقترحات التعامل مع الإيرادات العامة للدولة، وضمان توريدها للبنك المركزي في ظل إدارة مستقلة.
وتوقفت صرف مرتبات موظفي الدولة منذ عام ونصف العام لقرابة مليون موظف أغلبهم في محافظات شمال اليمن الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وذلك على خلفية نقل مقر البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن.
ومنذ أن قررت الحكومة اليمنية المعترف بهاد دوليا في سبتمبر أيلول 2016 نقل مقر البنك المركزي من صنعاء إلى عدن وتعيين محافظ جديد له خلفا لمحمد بن همام، تدهور الوضع المالي للبلاد وبات أكثر فوضوية وعبثية في اليمن.
وقبل صدور قرار نقل البنك كانت الرواتب تصرف لجميع موظفي الجهاز الإداري للدولة في جميع المحافظات.
ويأتي تناقل هذه المعلومات حول المبادرة الأممية الجديدة القديمة لتسليم الحوثيين مدينة الحديدة طواعية وسط استعدادات مكثفة يجريها التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية لاقتحام مدينة الحديدة ومينائها الاستراتيجي وانتزاعه من أيدي الحوثيين (أنصار الله)، سيما بعد الانتصارات التي حققتها القوات اليمنية المشتركة مسنودة بالتحالف وما يسمى بـ"المقاومة الشعبية".
ونقل موقع "سبتمبر نت" الناطق باسم القوات التابعة للرئيس هادي، عن مصادر ميدانية متطابقة السبت، قولها إن القوات الحكومية "تواصل عملياتها العسكرية في الساحل الغربي وتقترب من تنفيذ خطة محكمة لتحرير مدينة الحديدة ومينائها الاستراتيجي".
وأضافت المصادر أن "تلك القوات نفذت عمليات تمشيط واسعة لما تبقى من جيوب الحوثيين، وتوغلت في مديرية التحيتا حتى منطقة المدمن ومناطق شرقي الفازة وتقترب من مركز المديرية".
كما توغلت في مديريات بيت الفقيه والحسينية، ونزعت عشرات من الألغام في مديرية الدريهمي التي تبعد عن مدينة الحديدة نحو 30 كيلومتراً.
وقال مصدر عسكري إن 30 مسلحاً حوثيا، قتلوا السبت، بمعارك عنيفة في الحديدة .. مشيرا إلى إن الحوثيين حاولوا استعادة بعض المواقع وشنوا هجوماً عنيفاً على مواقع قوات هادي في منطقة الفازة من اتجاه الشرق، وإن مواجهات عنيفة دارت بين الطرفين، خلال الساعات الماضية.
وأكد المصدر أن قوات هادي تمكنت من إحباط الهجوم، بعد معارك عنيفة أدت إلى مقتل 30 حوثياً على الأقل، وأسر مجموعة منهم.
من جهتها أكدت مصادر ميدانية لـ"ديبريفر" أن قوات جماعة الحوثيين (أنصار الله) ألحقت بالقوات المشتركة اليمنية المدعومة من التحالف العربي خسائر كبيرة في معارك قرب مدينة الحديدة بالساحل الغربي لليمن.
وقالت المصادر إن أكثر من 20 فرداً من القوات المشتركة لقوا مصرعهم وجرح أكثر من 25 آخرين في هجمات نفذها الحوثيون، اليومين الماضيين، على مواقع سيطرت عليها القوات المشتركة خلال الأيام الماضية.
وأوضحت المصادر الميدانية لوكالة الأنباء "ديبريفر" أن الحوثيين دمروا عدد من الآليات العسكرية التابعة للقوات المشتركة في مديريتي الدريهمي والتحيتا جنوب الحديدة.
وذكرت المصادر أن الحوثيين كثفوا من زراعة الألغام في مطار الحديدة ومحيطه وعدة مناطق في مديريتي الدريهمي والتحيتا بغية منع القوات المشتركة من التقدم، مشيرةً إلى أن الحوثيون يستخدمون قذائف الهاون من خلف المساحات المزروعة بالألغام لاستهداف القوات المدعومة من التحالف العربي.
وكانت القوات المشتركة حققت الأسبوع الماضي تقدماً متسارعاً في معارك الساحل الغربي ووصلت إلى محيط مطار الحديدة جنوب المدينة قبل أن تتوقف وتتراجع بضعة كيلو مترات بعد معارك ضارية مع الحوثيين.
والقوات المشتركة اليمنية تم تشكيلها من قوات طارق صالح (نجل شقيق الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، وألوية العمالقة (تابعة للمقاومة الجنوبية)، والمقاومة التهامية، وجميعها مدعوم من الإمارات العربية المتحدة، الشريك الرئيسي في التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن الذي تقوده السعودية وينفذ منذ 26 مارس 2015 ضربات ضد جماعة الحوثيين بهدف إعادة الرئيس عبدربه منصور هادي إلى الحكم في صنعاء.
إلى ذلك نقلت وكالة الأنباء اليمنية سبأ الخاضعة لسيطرة الحوثيين بصنعاء عن مصدر عسكري في قوات الحوثيين، أن الدفاعات الجوية التابعة لهم أصابت، اليوم السبت، طائرة أباتشي تابعة للتحالف، وتم رصدها تغيب في أفق البحر والدخان يتصاعد منها.
وقال المصدر إن قوات الحوثيين دمرت عدد كبير من الآليات والدبابات بينها دبابات إبرمز في جبهة الساحل وسقط على إثر ذلك عشرات القتلى والجرحى من القوات المشتركة.
وأشار المصدر إلى أن قوات الحوثيين نفذت عملية نوعية في جبهة الجاح شمال التحيتا على الساحل الغربي، أسفرت عن مصرع وإصابة العشرات من القوات المشتركة وأسر ثلاثة آخرين وتدمير آليتين محملتين بالذخائر والمؤن العسكرية واغتنام آليتين فيما لاذ البقية في الموقع المستهدف بالفرار، حد زعم المصدر.
ونشرت وسائل إعلام تابعة للحوثيين، اليوم وأمس، صوراً لعدد من القتلى وآليات محترقة، قالت إنها تابعة للقوات المشتركة وتم استهدافها خلال مهاجمة الحوثيين لها.
تحذيرات دولية من مهاجمة الحديدة
وكانت وكالات الإغاثة الدولية، حذرت يوم الجمعة، من مغبة الهجوم على ميناء الحديدة الإستراتيجي غربي اليمن المطل على البحر الأحمر.
وقالت الوكالات إن مهاجمة الميناء ستكون عواقبه وخيمة وستؤدي إلى كارثة إنسانية وقطع شريان أساسي لحياة ملايين المدنيين في عموم المدن الشمالية.
ودعا مسؤولون كبار بوكالات الإغاثة القوى الغربية التي تزود التحالف العربي بالأسلحة ومعلومات المخابرات إلى دفع التحالف للعودة إلى المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة مع الحوثيين لوقف إراقة الدماء وإنهاء الحرب الدائرة منذ أكثر من ثلاث سنوات.
ويشن التحالف العربي ضربات جوية في اليمن منذ 26 مارس 2015 بهدف إعادة الحكومة المعترف بها دوليا إلى السلطة، بينما أطلق الحوثيون عشرات الصواريخ الباليستية على السعودية، كما تسبب الصراع في مقتل نحو عشرة آلاف شخص وتشريد ثلاثة ملايين.
ويستورد اليمن 90 بالمئة من غذائه وتدخل أغلب الواردات من الحديدة حيث يقوم مفتشون من الأمم المتحدة بتفقد الشحنات للتأكد من عدم دخول أسلحة.
ووفقاً لمسئولي "الشرعية اليمنية" والتحالف العربي الداعم لها، فإن ميناء الحديدة يمثل العصب الرئيسي الذي تستقبل منه جماعة الحوثي الأسلحة والصواريخ المهربة من إيران، وهو ما تنفيه الجماعة.
وقالت منظمة العفو الدولية يوم 17 مايو المنصرم إن عشرات الآلاف من اليمنيين يفرون من الحديدة مع احتدام القتال على خطوط الجبهة بالقرب من المحافظة الغربية التي يسيطر عليها الحوثيون، وحذرت من أن هناك "ما هو أسوأ" إذا وصلت الحرب مناطق الحضر.
وأشارت المنظمة إلى إن الأمم المتحدة تقدر عدد النازحين بطول الساحل الغربي لليمن في الشهور الأخيرة بنحو 100 ألف معظمهم من الحديدة ثاني أكبر محافظة من حيث عدد السكان.