Click here to read the report in English
سلطت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، الضوء على الآثار اليمنية المسروقة بسبب الحرب الذي يعيشه اليمن منذ زهاء أربع سنوات بين الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي عسكري تقوده السعودية، وجماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران والتي تسيطر على أغلب المناطق في شمالي اليمن بما فيها العاصمة صنعاء.
وتحدث تقرير للصحيفة الأمريكية كتبه توم ماشبيرج عن دور الجماعات المسلحة والإرهابية في نهب متاحف يمنية وتهريب وبيع القطع الأثرية إلى خارج البلاد للتكسب المادي من ذلك.
وتطرق التقرير إلى جهود الحكومة اليمنية في استعادة تلك الآثار، وتفاعل الولايات المتحدة الأمريكية والمنظمات ذات العلاقة في هذا الشأن.
وكالة "ديبريفر" الدولية للأنباء، وبعد أن ترجمت التقرير من الإنجليزية إلى العربية، تعيد نشر نص التقرير الذي نشرته "نيويورك تايمز" أمس الأول، في السطور التالية:
بقلم: توم ماشبيرج
يتذكر نائب وزير الثقافة اليمني عبد الهادي العزعزي، وقوفه قبل عامين وسط أنقاض متحف وطني في مسقط رأسه بمحافظة تعز التي مزقتها الحرب.
وسط الحطام المتفحم ورفوف العرض التي سقطت من أماكنها لم يجد العزعزي قطعاً كان معجب بها منذ صغره. تلك القطع كانت عبارة عن منحوتات كلسية قديمة ومخطوطات التوراة المذهبة والخناجر الإسلامية المرصعة بالجواهر ومومياء عمرها 2500 سنة.
وقال نائب وزير الثقافة اليمني في مقابلة عبر الهاتف "لقد دُمر المتحف وسُرق كل شيئ. ومثل هذا الشيء نراه يحدث الآن في كل مكان في بلدنا".
لفتت المعاناة الإنسانية الانتباه العالمي إلى اليمن بعد مرور أربعة أعوام على اندلاع حرب أهلية حارب فيها أعضاء من فصيل يمني شمالي معروف باسم "الحوثيين"، القوات اليمنية المدعومة من قبل السعودية ووصلت إلى طريق مسدود.
لم تلحظ المؤسسات الثقافية والأثرية ماهي القطع الأثرية التي فُقدت والتي تلفت أثناء النزاع، بما في ذلك آلاف القطع الأثرية التي نُهبت من متاحف اليمن.
وفي محاولة لاستعادة بعض تلك القطع، زار مسؤولون يمنيون واشنطن ونيويورك في الأيام الأخيرة ليطلبوا من إدارة ترامب والأمم المتحدة مساعدتهم في الحيلولة دون تشتت تراث يعود إلى ما يقرب من أربعة آلاف عام. وكان طلبهم الأساسي هو أن تصدر الولايات المتحدة أمراً طارئاً يمنع استيراد القطع الأثرية اليمنية التي لا تحمل وثائق خاصة.
عادةً، لا يمكن للآثار التي تصل من الخارج أن تدخل الولايات المتحدة الأمريكية بدون وثائق متفق عليها في اتفاقيات ثنائية بين بلد المنشأ والولايات المتحدة. ولأن اليمن ليس طرفاً في أي اتفاق من هذا القبيل، فإن قطعه الفنية تحتاج ببساطة إلى الإعلان عنها في الجمارك بطريقة روتينية.
وتأمل الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية أن تفرض الولايات المتحدة قواعد جديدة تطالب المستوردين بإثبات أن هذه الأشياء قد تم الحصول عليها بشكل قانوني. ويمكن أن يكون هذا الإثبات في صورة إذن حكومي أو مستندات تثبت أن هذه القطع كان لها بلاد منشأ راسخ يعود تاريخه إلى ما قبل الحرب الأهلية.
قال مروان دماج وزير الثقافة اليمني في نيويورك يوم الأربعاء الفائت: "اليمن كان مهداً للعديد من الحضارات وموطناً لأديان متعددة ازدهرت هناك، خصوصاً اليهودية والمسيحية والإسلام". واستنكر دماج النهب ووصفه بأنه "إهانة جسيمة للإنسانية ككل".
وعادة ما يتم التفاوض بشأن القيود المفروضة على واردات القطع التي تعود للعصور القديمة بشق الأنفس وتحتاج الدولة إلى أن تقدم العرائض لإثبات وجود سرقات مستمرة وحفريات غير مشروعة وصادرات غير مشروعة. ويتم الحرص على عدم تعطيل أي تجارة قانونية في ما يتعلق بالتراث الثقافي لبلد ما أو التدخل في القروض المتبادلة بين المتاحف والتبادل بالقطع لأغراض تعليمية. يجب على الدول التي تسعى إلى فرض القيود أن تظهر أنها تعمل على اتخاذ إجراءات صارمة ضد الأسواق السوداء وحماية آثارها.
ومع ذلك، أصدرت الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة أوامر الطوارئ نيابة عن العراق وسوريا وليبيا ومالي. في حالة سوريا، على سبيل المثال، صوت الكونجرس الأمريكي لفرض القيود في عام 2016 بعد أن وجد أن الجماعات الإرهابية تربح من آثار البلاد لدفع ثمن الأسلحة والتجنيد.
ويقول اليمنيون إن لديهم أدلة قوية على أن القطع الأثرية يتم بيعها من قبل المقاتلين الحوثيين والجماعات الإرهابية مثل تنظيمي القاعدة في الجزيرة العربية والدولة الإسلامية، التي تمددت في البلاد خلال الاضطرابات الحالية.
ولتعزيز هذه الادعاءات، قام دماج بتعميم تقرير مكون من 290 صفحة باللغتين العربية والإنجليزية يورد تفاصيل عمليات النهب في كل من متحف عدن الوطني ومتحف تعز الوطني والمتحف الوطني في زنجبار بمحافظة أبين.
وأُرفق مع المذكرة كتالوج يضم 1631 صورة لقطع أثرية فُقدت من المتاحف. وتشمل القائمة عناصر تمتد إلى أعماق الحضارة في منطقة تعرف باسم "مفترق طرق تجاري حيوي قديم"، بما في ذلك تماثيل عاجية من مملكة سبأ القديمة (عالم أسطوري لملكة سبأ)، وعملات ذهبية من العصر الروماني وتماثيل رخامية، ومخطوطات نحاسية ومخطوطات عبرية مر عليها عدة قرون عندما كان اليهود يسكنون ما يعرف الآن بجنوب شبه الجزيرة العربية.
وقال دماج الذي التقى بمسؤولي وزارة الخارجية والخزانة وسلطات إنفاذ القانون الأميركية وكذا الأمم المتحدة: "من الواضح أن المتطرفين العنيفين ينهبون كنوزنا ويهربونها إلى الخارج".
وقال مسؤولو وزارة الخارجية الأمريكية إن الطلب قيد الدراسة. وأضافت الوزارة في تصريح لها: "من المهم ان نتخذ الآن الخطوات لمنع مزيد من التدهور الثقافي وتدهور المواقع التراثية في اليمن. نحن نريد أن نساعد في منع الجهات الفاعلة الخبيثة من نهب وسرقة وبيع آثار البلاد ذات الصراع".
وقال دماج أنه تم إلقاء القبض على حوثيين عدة مرات وهم متورطون في عملية تهريب للآثار. وقد تمت رؤيتهم يفتشون المواقع الأثرية وينهبونها.
نحن في صحيفة "نيويورك تايمز" لا يمكننا التأكد من كل الادعاءات، ولكن جميع المنظمات التي قدمت لمتابعة محنة اليمن شهدت أيضاً بأن للحوثيين دوراً في نهب بعض المواقع الأثرية.
وشهدت منظمة "مواطنة"، وهي منظمة يمنية مستقلة تُعنى بحقوق الإنسان، أن تلك القوات قد قامت بنهب عدة متاحف كما اتهمت المنظمة سلاح الجو السعودي بقصف مواقع أثرية، بحجة أن الحوثيين اتخذوا منها مأوىً لهم.
وفي الشهر الماضي، اتهمت المنظمة الإسلامية للعلوم والثقافة ومقرها ماليزيا، الحوثيين بنهب النصوص التاريخية والآثار الإسلامية من مكتبة زبيد، التي كانت عاصمة اليمن من القرن الثالث عشر وحتى القرن الخامس عشر.
وقالت ديبورا لير، رئيسة تحالف الآثار، وهي جماعة في واشنطن تحارب الابتزاز الثقافي وتساعد اليمن على تجميع ونشر النسخة الإنجليزية من تقريرها، إن مجموعتها كانت على اتصال مع علماء الآثار الأجانب الموجودين على الأرض في اليمن الذين أبلغوا عن أدلة تؤكد نهب الحوثيين للآثار.