ألزم البنك المركزي اليمني، منشآت وشركات الصرافة العاملة في عموم البلاد، بتشديد الرقابة على العمليات المالية في خطوة تهدف إلى تشديد مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتنظيم عمليات تحويل الأموال سيما الكبيرة منها إلى البلاد.
وأكد قطاع الرقابة في البنك المركزي اليمني ومقره الرئيس مدينة عدن جنوبي البلاد والتي تتخذها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً عاصمة مؤقتة، في تعميم أصدره مساء الأحد، على ضرورة التزام شركات ومنشآت الصرافة بمواد قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ولائحته التنفيذية وتعديلاتهما، وذلك بوضع سياسات وإجراءات وضوابط داخلية بهذا الشأن وتطبيقها على العملاء الحاليين والمستقبليين.
وأشار التعميم إلى أهمية أن يكون المدير التنفيذي أو المالك لشركة الصرافة هو المسؤول عن إصدار وتطبيق وتطوير تلك السياسات والإجراءات والضوابط الداخلية وإبلاغها للموظفين التابعين له على مستوى مركز الشركة وفروعها.
كما ألزم البنك المركزي شركات ومنشآت الصرافة، بإنشاء "وحدة امتثال" على مستوى مركزها الرئيسي والفروع التابعة لها، على أن تكون هذه الوحدة مسؤولة عن إجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وبالنسبة لمنشآت الصرافة الفردية فقد ألزم التعميم مالكها أو من يفوضه للقيام بذلك.
كما وجه التعميم شركات الصرافة بتعيين مسؤول «امتثال» على مستوى المركز الرئيسي للشركة وضباط اتصال في الفروع التابعة لها، وذلك للإشراف مكتبيا وميدانيا على عملية التحقق من تطبيق القوانين والتعليمات المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وموافاة البنك المركزي بالبيانات والمعلومات المطلوبة.
وطالب البنك المركزي اليمني، شركات ومحلات الصرافة بتوفير الإمكانيات اللازمة لمسؤول الامتثال، وتمكينه من الوصول في الوقت المناسب إلى جميع بيانات هوية العملاء والمعلومات الخاصة بإجراءات العناية الواجبة للعميل وسجلات العمليات المنفذة وغيرها من المعلومات ذات العلاقة، لافتاً إلى عدم إنهاء خدمة مسؤول الامتثال أو قبول استقالته إلا بعد الحصول على موافقة البنك المركزي.
وأكد التعميم على أهمية قيام شركات الصرافة بوضع نظم مراقبة والتزام وإجراءات العناية الواجبة ومسك السجلات والكشف عن المعاملات غير الاعتيادية والمشبوهة، والالتزام بالإخطار عن العمليات المشتبه بها والأساليب والتقنيات والاتجاهات العامة بمجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إلى جانب وضع برنامج مستمر لتدريب الموظفين لدى شركات الصرافة يشتمل التعريف بالقوانين والأنظمة وخاصة ما يتعلق بمتطلبات إجراءات العناية الواجبة بالعملاء، والإخطار عن العمليات المشتبه بها.
يذكر أنه سبق أن تم الكشف عن قضايا وعمليات غسيل أموال ومخدرات وفساد واختلاس مال في اليمن خلال السنوات الماضية.
يأتي إلزام البنك المركزي اليمني، شركات الصرافة بتشديد رقابة على التحويلات المالية، في وقت يشهد سوق الصرافة والتعاملات المالية في اليمن حالياً انتعاشاً غير مسبوق إثر تزايد عدد شركات الصرافة والمنشآت العاملة في مجال الصرافة في البلاد وكثير من هذه الشركات، تعمل بدون إي تراخيص من البنك المركزي لمزاولة المهنة، مستغلين الوضع المضطرب الذي تشهده البلاد حالياً نتيجة الحرب المستمرة منذ زهاء أربع سنوات.
وكانت عدد المحلات والشركات والمكاتب العاملة في مجال الصرافة والتحويلات المالية قبل عام 2015م لا يتجاوز (40) ما بين شركات ومنشآت فردية.. إلا أنها مع مطلع الربع الأول من العام 2019، أصبح عددها بالمئات بين شركات ومكاتب ومحال صرافة أغلبها يعمل بدون تراخيص.
وبات الوضع المالي أكثر فوضوية منذ قررت حكومة هادي "الشرعية" في سبتمبر 2016 نقل مقر البنك المركزي من صنعاء إلى عدن وتعيين محافظ جديد له، فيما رفض الحوثيون هذه الخطوة ما أدى إلى وجود بنكين مركزيين متنافسين يعملان في البلاد.
وفقد الريال اليمني أكثر من ثلاثة أرباع قيمته مقابل الدولار الأمريكي منذ 2015، وتسبب في ارتفاع مهول للأسعار أدى إلى عجز الكثير من اليمنيين عن شراء بعض السلع الأساسية لاسيما الغذائية، لتزيد الأوضاع المعيشية للمواطنين تفاقماً، خصوصاً مع توقف صرف مرتبات الشهرية لنحو مليون موظف حكومي منذ نحو عامين ونصف غالبيتهم يقطنون المحافظات الشمالية ذات الكثافة السكانية والوظيفية والخاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين.
ويعيش اليمن منذ زهاء أربع سنوات، صراعاً دموياً على السلطة بين الحكومة "الشرعية" المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي عسكري تقوده السعودية، وجماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران وتسيطر على العاصمة صنعاء وأغلب المناطق شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية، ما أنتج أوضاعاً إنسانية صعبة، جعلت معظم سكان هذا البلد الفقير بحاجة إلى مساعدات عاجلة، في أزمة إنسانية تعتبرها الأمم المتحدة "الأسوأ في العالم".