شن ناشطون يمنيون في مواقع التواصل الاجتماعي حملة انتقادات ضد "المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم من الإمارات العربية المتحدة، متهمين إياه في سياق حديثهم مع وكالة "ديبريفر" للأنباء، بـ"ممارسة التضليل الإعلامي في المشهد السياسي في جنوب اليمن وترويجه لأخبار غير صحيحة تتعلق بتحركات رئيس المجلس خارج اليمن يقول إنها رسمية".
ويدّعي المجلس الانتقالي الجنوبي المسلح أنه الممثل الشرعي الوحيد لجنوب اليمن. لكنه عادة ما يمارس ومؤيدوه سياسة الإقصاء ضد من يختلف معهم. وهو لا يعترف بيمنيته، إذ يدعي انه من الجنوب العربي. وهو كيان مسلح تم إنشائه في مايو 2017 بدعم من الإمارات العربية المتحدة ثاني أهم دولة في تحالف تقوده السعودية لدعم الحكومة اليمنية "الشرعية" المعترف بها دولياً.
وكان المجلس الانتقالي الجنوبي نشر عبر موقعه الالكتروني خبر زيارة قام بها رئيسه عيدروس الزبيدي إلى لندن قال إنها "بناء على دعوة رسمية تلقاها من البرلمان البريطاني"، لكن ناشطين يمنيين كشفوا أن الزيارة تمت بناء على دعوة من مركز الدراسات الدولية في بريطانيا الذي قام باستئجار قاعة في البرلمان البريطاني لإقامة ندوة عن الحرب في اليمن بعنوان "الأزمة اليمنية والقضية الجنوبية" كان المجلس الانتقالي أحد المشاركين فيها عبر تقديمه ورقة كغيره من المشاركين.
وطالب الزبيدي خلال الندوة بـ"وقف الحرب الدائرة في الشمال وتنفيذ الاتفاقات الموقعة بما فيها اتفاق ستوكهولم، والعودة إلى المسار السياسي لحلحلة جميع ملفات ومظاهر الأزمة بما فيها القضية الجنوبية"، وكذا بـ"إعادة النظر في بناء المنظومة الحاكمة من خلال العودة إلى نظام الدولتين في الجنوب والشمال وبناء منظومة جديد من العلاقات والشراكات بين البلدين والشعبين والدولتين الجارتين الجنوبية والشمالية"، معتبراً أن "مشروع الوحدة اليمنية كان محاولة فاشلة".
كما طالب رئيس الانتقالي الجنوبي أن "تكون الدولتين الشقيقتين مستقلتين فيدراليتين تبعا لظروف سكانهما على أن يراعى في ذلك ظاهرة التمايز المذهبي والمدني في الشمال والتفاوتات الجغرافية والاقتصادية والجهوية في الجنوب، ومحاربة الإرهاب ومنع الجماعات المسلحة وحصر احتكار السلاح على الدولتين الشرعيتين وجيشيهما وأجهزتهما الأمنية فقط".
وطالب أيضاً بـ"الشروع في برنامج مكثف لإعادة الإعمار في الدولتين لردم الفجوات التي أحدثتها الحروب والنزاعات وقيام برنامج شامل لإعادة تأهيل البلدين للحاق بدول العالم في البناء الاقتصادي والاجتماعي والخدمي والعلمي والتكنولوجي".
وقال المجلس الانتقالي الجنوبي إن رئيسه وصل أمس الثلاثاء إلى موسكو "تلبية للدعوة التي وُجهت له من وزارة الخارجية الروسية"، مؤكداً على موقعه الالكتروني أن "الرئيس الزُبيدي، سيجري خلال الزيارة عدداً من اللقاءات الهامة مع عدد من كبار المسؤولين الروس في وزارة الخارجية، ومجلس الدوما الروسي، سيتم خلالها مناقشة كافة القضايا المرتبطة بالقضية الجنوبية، وكذا القضايا ذات الاهتمام المشترك وعلى رأسها مكافحة الإرهاب".
وأضاف المجلس: "كان في استقبال الرئيس الزُبيدي والوفد المرافق له على أرض المطار، مستشارون روس"، دون أن ينشر صور المستشارين الروس الذين استقبلوا الزبيدي في المطار، لكنه عوضاً عن ذلك نشر صور عيدروس الزبيدي مع عدد من أعضاء المجلس يجلسون مع بعضهم البعض في غرفة صغيرة في أحد الفنادق الصغيرة في موسكو.
ونشر ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" فيديو قصير اطلعت عليه وكالة "ديبريفر" للأنباء يوثق مراسم استقبال عادية بسيطة لرئيس مجلس الانتقالي الجنوبي في أحد الفنادق الصغيرة في موسكو من قبل فتيات روسيات يعطينه قطعة من الخبز الروسي كتقليد روسي متعارف عليه مع ضيوف بلادهم.
وأكد ناشطون يمنيون أن أحد مراكز الدراسات في موسكو دعا المجلس الانتقالي الجنوبي لزيارة روسيا بناء على طلب تقدم به مكتب الانتقالي في موسكو لتسليط الضوء على القضية الجنوبية.
وظهر اليوم الأربعاء نشر موقع وزارة خارجية روسيا الاتحادية خبر لقاء مع وفد المجلس الانتقالي الجنوبي، مشدداً على القضايا الرئيسية لليمن ومستقبل.
وجاء في خبر موقع الخارجية الروسية: "في 20 مارس، استقبل الممثل الخاص لرئيس الاتحاد الروسي للشرق الأوسط وأفريقيا، نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوجدانوف، وفداً من المجلس الانتقالي الجنوبي اليمني، برئاسة رئيسه عيدروس الزبيدي".
وأضاف الخبر: "في سياق المحادثة التي جرت، تمت مناقشة الوضع العسكري - السياسي والإنساني الحالي في الجمهورية اليمنية (YR) بالتفصيل، وبشكل أساسي في المحافظات الجنوبية. تم إيلاء اهتمام خاص لمهام الإنهاء الفوري للمواجهة المسلحة المستمرة في البلاد، فضلاً عن إنشاء عملية مستدامة لتسوية يمنية شاملة، تشمل جميع القوى السياسية الرائدة في تنسيق القضايا الرئيسية لمستقبل اليمن، بما في ذلك موضوع الهيكل الإداري والإقليمي".
ويستقوي المجلس الانتقالي الجنوبي المسلح بدولة الإمارات العربية المتحدة التي عملت على تأسيسه ودعمه وتمويله لفرض سيطرته العسكرية على جزء من عدن وعدد من المناطق في محافظات مجاورة في جنوب اليمن، بعد قيام الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في 27 أبريل 2017 بإقالة عيدروس الزبيدي من منصبه كمحافظ لعدن.
وكان المجلس الانتقالي الجنوبي شن منتصف العام 2017، حملة ضد رئيس الحكومة اليمنية السابق الدكتور أحمد بن دغر للإطاحة به، وفي نهاية يناير من العام الفائت 2018 قام بمحاولة انقلاب عسكري للإطاحة بحكومة بن دغر وسقط إثر ذلك نحو 70 قتيلاً وعدد آخر من الجرحى، لكن محاولته تلك باءت بالفشل.
وفي ذكرى استقلال جنوب اليمن عن الاستعمار البريطاني في العام 1967، أقام الانتقالي الجنوبي عرضاً عسكرياً في عدن 30 نوفمبر 2018، مستعرضاَ قوته العسكرية في المدينة والتي اقتصرت على وحدات عسكرية ترتدي شعارات "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية" وبحوزتها سلاح خفيف بحضور ضباط إماراتيين.
ويعيش اليمن منذ 26 مارس 2015 في حرب ضارية بين جماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران، والحكومة اليمنية "الشرعية" المعترف بها دولياً مدعومة بقوات تحالف عربي عسكري تقوده السعودية والإمارات، تمكنت فيها قوات الرئيس هادي من استعادة السيطرة على أجزاء كبيرة في البلاد، لكن الحوثيين لا يزالون يسيطرون على العاصمة صنعاء وأغلب المحافظات والمناطق شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية.
وتتخذ الحكومة اليمنية الشرعية المعترف بها دولياً، محافظة عدن، جنوبي اليمن، عاصمة مؤقتة للبلاد. وعدن وفق تقرير لمجموعة الأزمات الدولية صدر في أبريل 2018 "مدينة مأخوذة رهينة في لعبة شد حبال متداخلة: هناك أنصار حكومة هادي من جهة، وخصومهم في المجلس الجنوبي المؤقت من جهة أخرى". ويضيف التقرير: "ثمة نزاع بين مصالح وطنية ومحلية متعارضة يسعى فيه الجميع للسيطرة على الموارد لكن ليس هناك قوة تحكم بشكل فعال".
وكانت صحيفة "غارديان" نشرت تقريراً مطولاً بتاريخ 21 ديسمبر 2018، أكد أن الإماراتيين "هم أعضاء التحالف الوحيدون الذين لديهم استراتيجية واضحة. إنهم يستخدمون جيوشاً خاصة قاموا بتجهزيها ودربوا ومولوا جنودها في محاولة للقضاء على كل من المتشددين الجهاديين والأحزاب السياسية الإسلامية مثل الإصلاح".
وأضاف التقرير: "عبر الساحل الجنوبي – حيث تتحالف الإمارات مع الحركة الجنوبية الانفصالية، التي تعارض كلا من الحوثيين وحكومة هادي – بنى الإماراتيون سلسلة من المعسكرات والقواعد العسكرية، وأسسوا ما هو في الأساس دولة موازية، خدماتها الأمنية الخاصة التي لا تخضع للمساءلة أمام الحكومة اليمنية".
وأشار تقرير الـ"غارديان" إلى أن "منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش كشفتا عن وجود شبكة سجون سرية تديرها الإمارات وقواتها بالوكالة، المتهمون باختفاء وتعذيب أعضاء الإصلاح ومقاتلي الحوثيين من فصائل متناحرة، وحتى نشطاء وناقدين للتحالف السعودي الإماراتي. وقد ذهب الوزراء اليمنيون للإشارة إلى الإماراتيين على أنهم قوة احتلال".
وتتمسك الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً بمرجعيات الحل السياسي الثلاث، وتؤكد أن "مخرجات مؤتمر الحوار الوطني ومسودة الدستور اليمني الجديد، حددت بصورة واضحة شكل الدولة الجديدة التي توافق عليها اليمنيون، وهي الدولة الاتحادية البعيدة عن المركزية، وفق مبادئ العدالة والمواطنة المتساوية والحكم الرشيد"، وهو ما يرفضه المجلس الانتقالي الجنوبي المسلح ويدعو إلى انفصال جنوب اليمن عن شماله واقامة جمهورية الجنوب العربي الفيدرالية.