يعتقد عدد من النساء في جنوب اليمن أن الأمم المتحدة قامت بإقصائهن من مؤتمر عقدته في الأردن عني بـ"مناقشة الدور المفترض للمرأة اليمنية في تحقيق سلام شامل" في بلد دخلت الحرب التي تعصف به عامها الخامس.
وقدم نحو 100 من النساء في جنوب اليمن، رسالة اعتراض إلى الأمم المتحدة بسبب ما أسمينه "اقصائهن من المؤتمر" الذي عُقد في الأردن خلال الفترة 27 – 29 مارس المنصرم تحت عنوان "المرأة اليمنية وسيطات سلام".
ويعيش اليمن منذ 26 مارس 2015 صراعاً دموياً على السلطة بين الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي عسكري تقوده السعودية والإمارات، وجماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران والتي تسيطر على العاصمة صنعاء وأغلب المناطق شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية.
في حين مدينة عدن في جنوبي اليمن، والتي تتخذها الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً عاصمة مؤقتة للبلاد، هي وفق تقرير لمجموعة الأزمات الدولية صدر في أبريل 2018 "مدينة مأخوذة رهينة في لعبة شد حبال متداخلة: هناك أنصار حكومة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي من جهة، وخصومهم في المجلس الجنوبي المؤقت من جهة أخرى".
ويضيف التقرير: "ثمة نزاع بين مصالح وطنية ومحلية متعارضة يسعى فيه الجميع للسيطرة على الموارد لكن ليس هناك قوة تحكم بشكل فعال".
وكان مؤتمر "المرأة اليمنية وسيطات السلام" الذي نظمته هيئة الأمم المتحدة للمرأة، جمع 100 امرأة من مختلف مناطق اليمن لـ"مناقشة دور المرأة في صنع وبناء السلام".
في حين عبّرت النساء من جنوب اليمن في رسالة اعتراضهن، وأغلبهن من المنتميات الى المجلس الانتقالي الجنوبي المسلح الذي لا يعترف بيمنيته ويدعو إلى انفصال الجنوب عن الشمال، عن استغرابهن مما أسمينه "تكرار تهميش وإقصاء النساء الجنوبيات ذوات التوجه المطالب باستقلال الجنوب، أي مطلب استعادة دولته وهويته الوطنية الجنوبية بحدودها ما قبل 22 مايو 1990م عن دولة الجمهورية اليمنية".
وتساءلن في رسالتهن: "كيف يكون السلام مُستداماً في حين يتم اقصاء النساء اللواتي يحملن هدف ممارسة حق الشعوب في تقرير مصيرها"، وأكدن انه "في سبيل تحقيق صيغة السلام المستدام لا بد من اشراكهن في أنشطة المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة وفي مقدمتها الـ UN Women".
ويدّعي المجلس الانتقالي الجنوبي المسلح انه الممثل الشرعي الوحيد لجنوب اليمن. لكنه عادة ما يمارس ومؤيدوه سياسة الإقصاء ضد من يختلف معهم. وهو كيان يستقوي بدولة الإمارات العربية المتحدة التي عملت على تأسيسه ودعمه وتمويله لفرض سيطرته العسكرية على أجزاء من عدن وعدد من المناطق في محافظات مجاورة في جنوب اليمن، بعد قيام الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في 27 أبريل 2017 بإقالة عيدروس الزبيدي من منصبه كمحافظ لعدن.
ومنتصف العام 2017، شن المجلس الانتقالي الجنوبي حملة ضد رئيس الحكومة اليمنية السابق الدكتور أحمد بن دغر للإطاحة به، وفي نهاية يناير من العام الفائت 2018 قام المجلس بمحاولة انقلاب عسكري للإطاحة بحكومة بن دغر وسقط إثر ذلك نحو 70 قتيلاً وعدد آخر من الجرحى، لكن محاولته تلك باءت بالفشل.
من جهته أكد المبعوث الأممي الى اليمن مارتن غريفيث أن "دمج النساء أمر حيوي من أجل عملية سلام ناجحة في اليمن".
وشدد غريفيث خلال مشاركته بمؤتمر "المرأة اليمنية وسيطات السلام" على الدور المهم للمرأة اليمنية في تحقيق سلام شامل، مُسلطاً الضوء على مساهمة المجموعة الاستشارية النسوية المتخصصة التي عملت مع مكتبه عن كثب خلال مشاورات السويد، وأنها "ستواصل العمل في جولات المشاورات المقبلة".
وأكد غريفيث، في بيان نشره على موقعه الالكتروني، قناعته بأن دمج النساء أمر مهم لتحقيق فهم أفضل للصراع في اليمن، مشيراً إلى أن ذلك "أمر أساسي لعملية سلام ناجحة"، معرباً عن أمله في زيادة تمثيل المرأة على المستوى الرسمي في المشاورات المقبلة.
وتابع: "علينا أن نمضي في الطريق الصعب، في ما يتعلق بدمج النساء وأيضاً في ما يتعلق بالقضايا الأخرى"، مؤكداً حرصه على ضمان إشراك النساء والشباب وممثلي المجتمع المدني بشكل أفضل من خلال أدوات مختلفة، بخلاف المشاركة في المنتديات الرسمية.
لكن النساء الموقّعات على رسالة الاعتراض أشرن إلى أن ذلك المؤتمر "اغفل تحقيق التمثيل للمرأة الجنوبية ذات التوجه السياسي المطالب بـ(استقلال الجنوب)".
وأضفن في رسالتهن: "وكأن مؤتمركم غير ملتزم باحترام حق تقرير المصير للشعوب باعتبار ذلك في مقدمة القواعد الملزمة في ميثاق الأمم المتحدة، ومن جهة أخرى إن السياق المعلن للأمم المتحدة بالتعامل مع الأزمة اليمنية من منطلق التزامها بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة ومخرجات الحوار وغيرها كمرجعيات لتعاملاتكم في حلها - مع أن المفهوم القائم على وجود الوحدة لم يعد واقعي، وليس له قبول جنوبياً - فإنكم قد خالفتم أحد أهم نص في مخرجات الحوار وهو التمثيل مناصفة بين الجنوب والشمال، والتي لطالما اكدت عليها خطابات الأمم المتحدة ومبعوثوها".
ورأت هدى العطاس المُوقّعة الأولى على رسالة الاعتراض في تعليق لها في منشور لوميض شاكر على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" اليوم الثلاثاء رصدته وكالة "ديبريفر" للأنباء، أن مؤتمر "المرأة اليمنية وسيطات سلام" هو "تفصيل على مقاس خطاب واحد".
وهدى العطاس شاركت ضمن فريق استشاري خاص لمارتن غريفيث في مفاوضات السلام التي جرت في ستوكهولم بالسويد خلال الفترة من 6 – 13 ديسمبر 2018.
من جهتها قالت وميض شاكر، المُشاركة في المؤتمر، في منشور على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" اليوم الثلاثاء رصدته وكالة (ديبريفر) للأنباء، إن "المؤتمر نظمته هيئة الأمم المتحدة للمرأة، وهي هيئة معنية بدعم المكونات النسائية الفاعلة في السلام، التي تلعب دور في تقريب وجهات النظر بين طرفي الصراع الرئيسيين، وبنفس الوقت تدعم قرارات الأمم المتحدة ومرجعيات التفاوض الثلاث. لذا من الصعب دعوة أي مكون لا يندرج تحت هذه المعايير. ربما في مناسبة مختلفة أو وقت لاحق كمرحلة الحوار السياسي وليس التفاوض سيكون ذلك بل حتماً وهن من سيقود تلك المرحلة".
وأوضحت وميض شاكر أن "المكونات السياسية سواءً كانت نسائية أو شبابية أو غيرها، يجب ألا تحرم من المشاركة، ولهذا وجد مسار الوساطة الثاني بقيادة الاتحاد الأوروبي وجزء كبير من عمله يسهله، علي حسن، عبر مؤسسة برجهوف، وهناك مؤسسات أخرى دولية ووطنية تفعل الشيء نفسه بدعم من الاتحاد الأوربي والمانحين الآخرين. كما ييسر عمله مكتب المبعوث عبر مستشاريه في السياسة والأمن، لكن هيئة الأمم المتحدة للمرأة تصب تركيزها على تمكين النساء الداعمات للأجندة الرسمية للمفاوضات، وعندما نقول رسمية أي الوساطة مع طرفي الصراع الرئيسيين، العمل وفق منهجية مكتب المبعوث وقرارات مجلس الأمن، ومرجعيات المفاوضات الثلاث".
وكان مجلس الأمن الدولي شدد في اجتماعه بتاريخ 4 فبراير 2019 على ما أسماها "الحاجة لإحراز تقدم للتوصل إلى اتفاق سياسي شامل للصراع في اليمن، وفق ما دعت إليه قرارات وبيانات مجلس الأمن الدولي ومبادرة مجلس التعاون الخليجي ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني"؛ مُجدداً دعوته للتطبيق "الكامل لقرارات وبيانات المجلس".
وأعلن أعضاء مجلس الأمن نيتهم النظر في اتخاذ مزيد من الإجراءات وفق الضرورة لدعم تطبيق كل القرارات ذات الصلة، مُشددين "على التزامهم القوي بوحدة وسيادة واستقلال اليمن وسلامة أراضيه".
وكان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، حدد مسار "القضية الجنوبية" في المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة للوصول إلى حل سياسي ينهي النزاع المسلح في اليمن المستمر منذ أواخر مارس 2015.
وقال غريفيث قبل مشاورات السويد التي جرت في ديسمبر الماضي: "من الضروري أن يدرك الجنوبيون ما سيحدث في المشاورات، ولاحقاً في المفاوضات لأنها ستؤثر فيهم. إن مسألة مستقبل الجنوب لن يتمّ التفاوض بشأنها في هذه المشاورات. بل ستكون جزءاً من نقاش يمني في المرحلة الانتقالية. لقد شرحنا ذلك للجنوبيين، وقد أوضحنا ذلك لجميع المعنيين وهم يوافقون على ذلك".
وأضاف: "بصفتي مبعوث الأمم المتحدة أؤمن بسيادة ووحدة وأمن أي دولة، التي هي قيم الأمم المتحدة، فإننا لا ندعم الانفصال، نحن لا ندعم أي انفصال ما لم يكن نتيجة عملية توافقية داخل تلك الدولة العضو، لذلك نحن بالفعل نأخذ الرأي القائل إن وحدة اليمن مهمة، وهي فعلاً كذلك. إذا انفصل اليمن اليوم فسيكون ذلك كارثياً".