البنك المركزي اليمني يقر آلية جديدة لتغطية واردات البلاد من المشتقات النفطية

عدن (ديبريفر)
2019-04-02 | منذ 5 سنة

ناقلة نفط ـ أرشيف

أعلن البنك المركزي اليمني، اليوم الثلاثاء ، عن آلية جديدة موحدة لتغطية واردات البلاد من المشتقات النفطية بين البنك المركزي والبنوك المحلية ومستوردي النفط ، في خطوة تهدف كما يبدو إلى تعزيز الاستقرار في سعر العملة المحلية "الريال" المتداعية أمام  العملات الأجنبية.

وقال قطاع الرقابة على البنوك في البنك المركزي اليمني ، ومقره الرئيس مدينة عدن التي تتخذها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً عاصمة مؤقتة للبلاد، في بيان صادر عنه مساء الثلاثاء ، أن الآلية التي تم إقرارها تلزم مستوردي وموزعي المشتقات النفطية بالتعامل بالريال اليمني عبر البنوك المعتمدة فقط وسيتم تغطية المستوردين بالمقابل بالعملات الأجنبية.

وأكد البيان ، أنه تم إبلاغ جميع مستوردي المشتقات النفطية بأنه واعتباراً من اليوم الثلاثاء الموافق 2 أبريل 2019 ، لن يمنح تراخيص استيراد مشتقات نفطية ولن يتم الترخيص لوصول الشحنات إلى الموانئ اليمنية إلا إذا تم تغطية قيمتها وفق الآلية المقرة.

وذكر البنك المركزي في بيانه ، بأنه تم التنسيق مع كافة الأطراف والبنوك اليمنية واللجنة الاقتصادية حول الآلية .. داعياً جميع مستوردي وموزعي المشتقات النفطية بضرورة الالتزام بما ورد في الآلية وحصر تعاملهم بالريال اليمني وعبر البنوك المعتمدة فقط .. محملاً إياهم نتائج أي مخالفة لذلك.

ولم يفصح البنك المركزي اليمني، عن بنود وتفاصيل الآلية الجديدة ، رغم أنه لا توجد شركات تجارية ومستوردين للمشتقات النفطية في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية ، سوى شركة واحدة هي شركة "عرب جلف" وهي شركة تجارية استثمارية مملوكة لرجل الأعمال أحمد العيسي، والذي صدر قراراً بتعيينه أيضا نائبا لمدير مكتب الرئيس هادي للشئون الاقتصادية .

وأشار مراقبون ومحللون اقتصاديون ، إلى أهمية إقرار البنك المركزي اليمني الآلية الجديدة لاستيراد المشتقات النفطية ، وذلك ضمن سلسلة إجراءات اتخذتها قيادة البنك المركزي اليمني الجديدة برئاسة المحافظ الجديد حافظ فاخر معياد .

وذكر هؤلاء بأن الآلية الجديدة هي ضمن خطة عمل طارئة أعلنها البنك المركزي مؤخراً لدعم تعزيز قيمة العملة المحلية في سوق الصرف .

وقال قطاع الرقابة على البنوك في البنك المركزي اليمني ، في بيان صادر عنه يوم 24 مارس الفائت ، إن هدف الخطة هو استعادة استقرار سعر الريال اليمني وتغطية احتياجات الاستيراد، لما يمثله ذلك من أهمية كبيرة في تحسين الوضع الاقتصادي اليمني وتحسين الوضع الإنساني والمعيشي للمواطن اليمني في كل اليمن.

وذكر البيان أن خطة البنك المركزي تهدف إلى إعادة الاعتبار لقطاع الصرافة وبما يخدم مصلحة الوطن والاقتصاد بعد أن تم تشويهه ودخول دخلاء عملوا على الإساءة لقطاع الصرافة.

وفقد الريال اليمني أكثر من ثلاثة أرباع قيمته مقابل الدولار الأمريكي منذ العام 2015، وتسبب في ارتفاع مهول للأسعار وسط عجز الكثير من اليمنيين عن شراء السلع الأساسية لاسيما الغذائية، خصوصاً مع توقف صرف مرتبات الموظفين الحكوميين منذ عامين ونصف عندما قرر الرئيس هادي في سبتمبر ٢٠١٦  نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن التي يتخذها عاصمة مؤقتة للبلاد.

وكان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، أصدر في 20 مارس الجاري، قراراً بتعيين حافظ فاخر معياد محافظا للبنك المركزي اليمني ، خلفاً لمحمد منصور زمام.

وجاء قرار هادي بتعيين معياد أحد الشخصيات الاقتصادية التي كانت مقربة من سلفه الرئيس الراحل، علي عبدالله صالح، بعد أقل من ثمانية أشهر من تعيينه مستشاراً للرئيس ورئيساً للجنة الاقتصادية.

وسبق للرئيس هادي أن أصدر ، مطلع مارس العام الماضي، قراراً قضى بتحرير سوق المشتقات النفطية، وفتح مجال الاستيراد أمام شركات القطاع الخاص، وإخضاع عملية بيع وتوزيع المشتقات للمنافسة بين الشركات.

وبموجب القرار الرئاسي ، تحتكر شركة العيسي عملية استيراد الوقود في عدن، وبقية المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية "الشرعية"، في سابقة هي الأولى من نوعها تُعد على مستوى العالم، إذ سلمت الحكومة أهم مورد اقتصادي ومالي للبلد إلى القطاع الخاص، وجاء قرار تحرير سوق المشتقات النفطية، بعد إحجام حكومة هادي عن تغطية فاتورة واردات الوقود بالعملة الصعبة، وتوقف شركتي النفط الحكومية ومصافي عدن، عن استيراد الوقود، وتم تحويلهما إلى مجرد مخازن خاصة بتجار.

وساهم قرار هادي بتعطيل عمل شركة مصافي عدن العملاقة ، وفي شل نشاط شركة النفط بعدن ، التي أصبحت تشتري الوقود من شركة "عرب جلف" .

وحمل مراقبون وخبراء اقتصاد يمنيون، الرئيس هادي وحكومته مسئولية تردي الأوضاع الخدمية في عدن وتعطل الحركة ، بسبب انعدام الوقود بين حين وآخر ما يزيد من تفاقم الأوضاع الإنساني والمعيشية.

وحذر هؤلاء من خطورة استمرار هذا القرار الرئاسي على الأمن القومي، وقيمة العملة الوطنية، والأوضاع المعيشية للمواطنين، في ظل غياب دور الدولة وأجهزتها الرقابية الحكومية الفاعلة.

وفي منتصف ديسمبر الفائت ، سلطت صحيفة "لوموند" الفرنسية الضوء على دور رجل الأعمال اليمني أحمد صالح العيسي (51 عاماً) في الحياة السياسية والاقتصادية في اليمن هذا البلد الفقير الذي يشهد صراعاً دموياً على السلطة منذ قرابة أربع سنوات بين الحكومة المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عسكري تقوده السعودية، وقوات جماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران، ما أدى إلى "أسوأ أزمة إنسانية في العالم" وفق تأكيدات الأمم المتحدة.

وذكرت الصحيفة الفرنسية بأن هذا الوضع ، يثير ردوداً غاضبة في عدن، فرجل الأعمال متهم بإبقاء المصفاة السوفيتية القديمة في المدينة التي يسيطر عليها معطلة، من أجل مواصلة بيع الوقود للمولدات الخاصة في عدن، ما أدى إلى نقص كبير.

وأشارت الصحيفة بذلك إلى سيطرة العيسي على شركة مصافي عدن الحكومية، وأصبح اليد الطولى في إصدار القرارات الجمهورية المتعلقة بمسئولي هذه الشركة العملاقة التي تأسست مطلع خمسينيات القرن الماضي، كأول شركة لتكرير النفط الخام في منطقة الجزيرة العربية والخليج.

تحرير سوق المشتقات

وأكدت مديرة شركة النفط انتصار العراشة ، في 25 ديسمبر الفائت ، إن قرار تحرير سوق المشتقات النفطية  أوضح في طياته أن يوضع محل الدراسة على أساس أن يتم رفع التقييمات حوله في غضون ثلاثة أشهر، كما تضمن القرار وجود آلية تنفيذية ترافقه كان يفترض أن تصدر من الحكومة، لكن تلك الآلية لم تصدر حتى اليوم، رغم مرور أكثر من 9 أشهر على صدوره.

واعتبرت العراشة، في تصريحات لموقع " أرم نيوز الإماراتي" حينها ، أن عدم صدور هذه الآلية أثر بشكل كبير وسلبي على القرار ذاته، خاصة وأن القرار تم تطبيقه بشكل خاطئ، لاسيما وأن القرار يختص بتحرير سوق المشتقات النفطية في الموانئ اليمنية، مضيفة: “برأيي أن الآلية التي يفترض أن تصدر كانت ستعمل على تنظيم التسويق الداخلي، وبسبب عدم وجود الآلية أدى إلى سوء فهم للقرار، فاليوم تجد شركة النفط إلى جانبها 10 شركات تسويقية”.

وسبق أن أكدت العراشة على ضرورة إصدار آلية تبين كيفية العمل في إطار تحرير السوق، وهذه الآلية هي من ستبين وضع شركة النفط ومصافي عدن مع التاجر، ومازلت الشركة بانتظار صدور هذه الآلية التي وُعدت الحكومة بها.

العيسي ومصافي عدن والفساد

كانت مصادر حكومية وعمالية في شركة مصافي عدن كشفت في وقت سابق لـ"ديبريفر" عن أحد أساليب سيطرة العيسي على المصافي، وأكدوا أن غالبية قيادات "مصافي عدن" مقربين من العيسي، ويدينون بالولاء له، ومن خلال ذلك تمكن من توقيع عقد استئجار طويل الأمد لخزانات المصافي دون علم الحكومة وشركة النفط التي يرتبط عملها بالمصافي، الأمر الذي جعل من قرار تحرير سوق استيراد المشتقات النفطية الذي أعلنه الرئيس هادي في مارس الماضي قراراً مفرغاً من مضمونه، لأن أي شركات أو تجار عاديين لا يستطيعون استيراد أي كمية من المشتقات إلى عدن بسبب عدم وجود خزانات تحفظ لهم كميات الوقود المستوردة، فالخزانات استأجرها العيسي لفترة طويلة جداً، وبات وحده من يملك صلاحية تخزين أي مشتقات فيها.


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet