يسعى محافظ البنك المركزي اليمني، حافظ فاخر معياد، خلال زيارته إلى واشنطن إلى طمأنة الهيئات المالية الدولية على رأسها صندوق النقد الدولي، بصحة الإجراءات المتبعة من قبل البنك لإعادة دوره الطبيعي في قيادة دفة الاقتصاد في اليمن، بما يسهم في إعادة تدفق المساعدات الخارجية، وفتح حسابات المركزي اليمني والإفراج عن أمواله المجمدة لدى صندوق النقد وبعض البنوك الدولية.
وقال محافظ البنك المركزي اليمني في منشور على صفحته في "فيسبوك" يوم السبت، إنه غادر وبرفقته فريق عمل فني متخصص إلى واشنطن؛ للتباحث مع قيادة صندوق النقد والاحتياطي الأمريكي، حول اعتماد البنك المركزي كقناة وحيدة لاستقبال المعونات والمساعدات الخارجية.
وتوقع معياد، أن يلتقي قيادة صندوق النقد الدولي لبحث آليات وإجراءات اعتماد البنك المركزي كقناة وحيدة لاستقبال المساعدات والمعونات الخارجية.
وذكر أنه سيتم خلال الزيارة، التحضير لمؤتمر المانحين، الذي سيناقش مشروع تطوير وتحديث البنك المركزي اليمني.
وأكد مصدر مسؤول بالبنك أن المحافظ معياد، سيقوم بزيارة لمقر الاحتياطي الأمريكي Federal Reserve System لبحث أوجه التعاون والدعم الذي يقدمه الاحتياطي الأمريكي للبنك اليمني، والتعاون الفني لدعم مشروع إعادة هيكلة وتحديث البنك المركزي وفق أفضل الممارسات وبما يلبي متطلبات التطور المالي والمصرفي.
وكان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، أصدر في 20 مارس الماضي، قراراً بتعيين حافظ فاخر معياد محافظا للبنك المركزي اليمني، خلفاً لمحمد منصور زمام .
يأتي قرار هادي، بتعيين معياد أحد الشخصيات الاقتصادية، التي كانت مقربة من سلفه الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، بعد أقل من ثمانية أشهر من تعيينه مستشاراً للرئيس ورئيساً اللجنة الاقتصادية في اليمن.
حسابات خارجية مجمدة
وما تزال الحسابات الخارجية للبنك المركزي اليمني مجمدة، ما أدى إلى تعطيل البنك عن أداء عدد من وظائفه، وعجزه عن إدارة الاحتياطيات النقدية في الخارج.
وتسعى الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، للإفراج عن حساباتها المجمدة في عدد من البنوك والمؤسسات المالية في الخارج، التي ترفض إلغاء الحظر عليها، في محاولة لدعم الاحتياطي النقدي الأجنبي المتآكل، والحد من الأزمة المالية الخانقة التي تشهدها اليمن.
وكان محافظ البنك المركزي اليمني السابق محمد زمام، أعلن في أواخر يناير الماضي، أن منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن، ليز غراندي، أبلغت قيادة البنك بأن الأمم المتحدة اتخذت قراراً إيجابياً خاصاً بتحويل مبالغ المنظمات الدولية العاملة في اليمن عبر البنك المركزي اليمني ومقره في مدينة عدن جنوبي البلاد.
ويوجد في البنك المركزي اليمني احتياط نقد أجنبي بأكثر من ثلاثة مليارات دولار، عبارة عن ملياري دولار أودعتها المملكة العربية السعودية مطلع العام الفائت، إلى جانب مليار دولار وديعة سعودية سابقة منذ سنوات، إضافة إلى 200 مليون دولار أعلنت عنها المملكة في مطلع أكتوبر الماضي كمنحة لذات البنك دعماً لمركزه المالي.
وفي 25 يناير الفائت، أكدت تقارير إخبارية اقتصادية عربية، أن صندوق النقد الدولي اشترط على الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، التوصل لاتفاق مالي واقتصادي مع جماعة الحوثيين (أنصار الله)، بما يسهم في فتح حسابات البنك المركزي اليمني والإفراج عن الأموال المجمدة لدى صندوق النقد وبعض البنوك الدولية.
ونقلت التقارير الإخبارية عن مصدر مسؤول في المقر الرئيسي للبنك المركزي اليمني بمدينة عدن جنوبي اليمن تأكيده، أن حسابات البنك المركزي من بينها مبالغ احتياطية للبنك في صندوق النقد الدولي وأموال أخرى في بنك انجلترا لا تزال مجمدة منذ يوليو 2016، دون أي تفسير حتى اللحظة رغم الإيضاحات التي طالبت بها الحكومة اليمنية "الشرعية" ممثلة بإدارة البنك.
وذكر المصدر البنكي أن الرد الرسمي لصندوق النقد الدولي والبنك البريطاني على طلب إدارة البنك المركزي اليمني، طلب إجراءات إدارية وفنية، في الوقت الذي تعتبرها إدارة البنك نوعاً من الضغوطات السياسية لإجراء تسوية سياسية مع جماعة الحوثيين في صنعاء.
أول اختبار خارجي لمعياد
إلى ذلك كشف المحلل والصحفي الاقتصادي المتخصص في شئون البنك المركزي اليمني ماجد الداعري، يوم الأحد، عن أن محافظ البنك حافظ معياد، اختار واشنطن كأول وجهة واختبار خارجي لأول زيارة عمل دولية رسمية له ووفده المرافق، وذلك بغرض ما أسماه "تصحيح دمار المحافظ المقال محمد زمام وتوضيح حقائق تقاريره المغلوطة ومعلوماته المضللة عن الوضع الأمني وبيئة العمل المصرفي في مدينة عدن التي تتخذها الحكومة الشرعية عاصمة مؤقتة للبلاد".
وأشار الداعري في منشور على صفحته في "فيسبوك" رصدته وكالة "ديبريفر" للأنباء، إلى أن معياد سيتباحث مع قيادة صندوق النقد والبنك الفيدرالي ومؤسسات مالية أمريكية ودولية أخرى حول تفعيل علاقة التعامل مع البنك المركزي في عدن وضرورة إعادة النظر في قرار المقاطعة الأممية والأمريكية المستمرة لمركزي عدن وتحويل المساعدات الدولية والإغاثية المختلفة عبره بدلاً عن الاستمرار في التعامل مع بنك صنعاء المختطف من قبل الحوثيين، حد تعبيره.
تعهد بصرف المرتبات
وقال الصحفي الاقتصادي اليمني، إن محافظ البنك المركزي سيتعهد للمؤسسات المالية الدولية، بقيام البنك في عدن بكل التزاماته المحلية المتعلقة بصرف مرتبات كل موظفي الدولة والإيفاء بالالتزامات الدولية المتعلقة بتفعيل الأدوات الرقابية للبنك وإنشاء قطاع غسيل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وإلزام البنوك بتفعيل وحداتها الخاصة بذلك دون أي تهرب كما كان عليه حال قيادات البنك السابقة.
وفي 23 ديسمبر الفائت أظهرت دراسة اقتصادية لصندوق النقد الدولي، أنه لم يعد هناك مالية عامة في اليمن بالشكل المعهود، بعد أربع سنوات من الصراع في هذا البلد الفقير.
وأكدت الدراسة أن في اليمن صناديق لصرف المال توزعت على مساحات الصراع والنفوذ في جميع أرجاء البلاد التي تشهد صراعاً دموياً على السلطة بين الحكومة المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عسكري تقوده السعودية، وجماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران.
وقالت أحدث البيانات الأولية التي تضمنتها الدراسة، إن مستوى تحصيل الإيرادات العامة مستمر في التراجع من 24 بالمئة قبل الصراع إلى 8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام الحالي 2018.
وكشفت الدراسة عن أن هناك إيرادات لا تدخل الخزينة العامة للدولة ومصدرها المبيعات المحلية للنفط والغاز، حيث تقدر بنحو 1 بالمائة تقريباً من الناتج المحلي الإجمالي.
وأفادت الدراسة التي استمدت بياناتها من موظفي البنك المركزي اليمني، بأن الانكماش الحاصل في حصة الدولة من الاقتصاد منذ نهاية العام 2014 التي هي ذاتها شهدت تراجعاً كبيراً، تعد مؤشراً للانقسام المتزايد ولتضاؤل قدرات الدولة وشرعيتها.
وأكد مراقبون ومحللون اقتصاديون يمنيون لـوكالة "ديبريفر" أن البنك المركزي في عدن لا يزال معطلاً، منذ القرار الكارثية بنقل مقره من صنعاء إلى عدن والإقالة غير المدروسة للمحافظ السابق محمد بن همام، إذ تعثّر في دفع رواتب موظفي الدولة لأكثر من عامين ونصف، وتوفير خطوط ائتمان لمستوردي الأغذية والوقود من القطاع الخاص، ما أدى إلى تعطل شبه تام للقطاع التجاري.
وأشاروا إلى أن احتفاظ الحوثيين بمقر البنك المركزي في العاصمة اليمنية صنعاء وعدم قدرة الحكومة الشرعية على تشغيل مقره عدن، تسبب في شلل مصرفي.
وفقد الريال اليمني أكثر من ثلاثة أرباع قيمته أمام الدولار الأمريكي منذ 2015، وتسبب في ارتفاع مهول للأسعار وسط عجز الكثير من اليمنيين عن شراء بعض السلع الأساسية لتزيد الأوضاع المعيشية للمواطنين تفاقماً في البلاد التي تشهد "أسوأ أزمة إنسانية في العالم" وفق تأكيدات الأمم المتحدة.
وانقطعت المرتبات الشهرية لموظفي الدولة في اليمن منذ أكثر من عامين ونصف، حينما قررت حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في سبتمبر 2016 نقل مقر البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، ما ضاعف المعاناة الإنسانية لدى الموظفين والمواطنين بشكل عام.
وقبل صدور قرار نقل البنك كانت المرتبات تُصرف لجميع موظفي الجهاز الإداري للدولة في جميع المحافظات.