واشنطن بوست: القاعدة وداعش تتنافسان على السيطرة في اليمن والتحالف يدعمهما لقتال الحوثيين (ترجمة خاصة)

واشنطن – (ترجمة ديبريفر)
2019-04-15 | منذ 4 سنة

جنود يمنيون خلال ضبط مستودع للقاعدة في شبوة

 Click here to read the report in English

أكدت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، يوم الأحد، أن تنظيمي القاعدة في جزيرة العرب، والدولة الإسلامية "داعش"، مستمران في التنافس على السيطرة في بعض مناطق اليمن الذي يعيش حرباً دموية طاحنة منذ أكثر من أربع سنوات بين الحكومة اليمنية المعترف بها خارجياً مدعومة بتحالف عربي تقوده السعودية والإمارات، وجماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران.

وذكرت الصحيفة في تقرير كتبه المحلل السياسي" سودارسان راغافان" ونشرته الأحد، أن الخلاف بين القاعدة وداعش يتوسع باستمرار. ونقلت عن محللين سياسيين قولهم إن الخلاف تُحركه المظالم والطموحات الضيقة أكثر من الرغبة في مهاجمة الغرب، مما يسلط الضوء على تزايد توطين الجماعات الإسلامية المتشددة.

كما نقل التقرير عن زعماء قبليين ومحللين أن الاشتباكات بين التنظيمين تتركز أكثر في محافظة البيضاء وسط اليمن، وهي ناتجة عن مشاجرات طفيفة حدثت في نقاط التفتيش التي خرجت عن نطاق السيطرة بسرعة.

ووفقاً للتقرير، فإن زعماء قبليين آخرون ومسؤولون محليون، أكدوا أن التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن، يمول ويزود القبائل المرتبطة بكل من داعش والقاعدة بالسلاح لمحاربة الحوثيين، وأشاروا إلى أن الخلافات بدأت عندما بدأ التحالف في نقل المزيد من الأسلحة إلى رجال القبائل مع القاعدة في جزيرة العرب، وذلك بهدف فتح ساحات قتال جديدة ضد الحوثيين حتى يتمكنوا أكثر من قتالهم.

وأشار التقرير إلى أن تنظيم الدولة الإسلامية في اليمن برز بعد الفوضى السياسية في أعقاب ثورات الربيع العربي في عام 2011. واليوم بات التنظيم يضم حوالي بضع مئات من المقاتلين وشن حرب عصابات في الجنوب، حيث أرسلت انتحاريين ضد جنود ومسؤولين حكوميين يمنيين.

وتعيد وكالة "ديبريفر" الدولية للأنباء، نشر نص تقرير صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، بعد أن قامت الوكالة بترجمته من الإنجليزية إلى العربية.

وفي مايلي نص التقرير:

 

بقلم: سودارسان راغافان

يخوض تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" و "القاعدة" تنافساً مميتاً في سبيل الحيازة على الأراضي والمجندين وبسط النفوذ في اليمن، الأمر الذي يخلق الشقاق بين القبائل ويعمق عدم الاستقرار في أفقر دولة في الشرق الأوسط، وفقاً لزعماء قبليين ومسؤولين أمنيين ومحللين.

تحدث اشتباكات بصورة منتظمة في وسط محافظة البيضاء بين القوات القبلية اليمنية المتحالفة مع الجماعتين المتطرفتين. وفي الوقت نفسه، تحدث حرب دعائية عبر الإنترنت من خلال مقاطع الفيديو والصور وحتى القصائد في مواقع التواصل الاجتماعي وغرف الدردشة على الإنترنت حيث يسعى الجانبان إلى كسب المزيد من المتابعين والمتعاطفين معهم.

في الأسابيع الأخيرة، تصاعد القتال. قام تنظيم الدولة الإسلامية باستخدام انتحاريين، بمن فيهم مقاتلين صوماليين، للهجوم على مواقع القاعدة، وقتل وجرح أكثر من 10 مقاتلين، بينهم قادة. وهاجم تنظيم القاعدة، ردا على ذلك، مواقع تنظيم الدولة الإسلامية، مدعياً انتزاع ستة من تلك المواقع.

ثم قامت جماعة قبلية مرتبطة بتنظيم القاعدة بشيء لم يسبق له مثيل: عرضت مكافأة قدرها 20 ألف دولار للقبض على زعيم الدولة الإسلامية المحلي أو قتله.

قالت إليزابيث كيندال، الخبيرة بالشؤون اليمنية في جامعة أكسفورد والتي تراقب التوترات عن كثب، الشهر الماضي، إن "التنافس بين تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة في اليمن تطور إلى نزاع دموي خالص".

وعلى الرغم من انهيار الخلافة المزعومة للدولة الإسلامية في سوريا والعراق، تواصل فروع الجماعة شن الحرب ضد الحكومات والأعداء من غرب إفريقيا إلى جنوب شرق آسيا، بينما تواصل أيديولوجيتها إلهام العنف.

في اليمن، يكمن التنافس في إنتاج طلعة جديدة من المتطرفين والمتعاطفين الذين يمكن أن يعرقلوا جهود الولايات المتحدة وحلفائها لإبعاد المتشددين الإسلاميين عن جزء استراتيجي من العالم ويهددون بإبقاء اليمن في حالة اضطراب لسنوات، كما يقول المحللون وزعماء قبليون يمنيون ومسؤولين.

ويقول محللون إن الخلاف تُحركه المظالم والطموحات الضيقة أكثر من الرغبة في مهاجمة الغرب، مما يسلط الضوء على تزايد توطين الجماعات الإسلامية المتشددة.

وقال أحمد فاضل أبو صريمه، نائب محافظ محافظة البيضاء (وسط اليمن)، في مقابلة خلال ديسمبر الماضي: "كل واحد يحاول هزيمة الآخر وإظهار قوته على الأرض، لإظهار أنه أقوى من الآخر".

الصراع بين فرع تنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية الذي يسمى فرع اليمن، هو واحد من بين العديد من النزاعات التي تنشب في هذا البلد الواقع على امتداد ممرات شحن النفط الحيوية.

الحرب الرئيسية تدور بين المتمردين الشماليين المعروفين باسم "الحوثيين" ضد الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والتي تدعمها الولايات المتحدة وتحالف القوى الإقليمية بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

وقد أدى الصراع المستمر في اليمن منذ أربع سنوات إلى تعميق الأزمة الإنسانية التي تعتبرها الأمم المتحدة الأسوأ في العالم، حيث دفعت البلاد إلى شفا هاوية المجاعة وتسببت في نزوح أكثر من 3 ملايين من ديارهم.

 

فتح ساحات القتال الجديدة

استهدف تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، الغرب عدة مرات، بما في ذلك محاولة فاشلة لتفجير طائرة ركاب متجهة إلى الولايات المتحدة فوق ديترويت يوم عيد الميلاد في عام 2009 وإرسال قنابل طرد إلى مواقع في الولايات المتحدة.

برزت الدولة الإسلامية بعد الفوضى السياسية في اليمن في أعقاب ثورات الربيع العربي في عام 2011. واليوم بات التنظيم يضم حوالي بضع مئات من المقاتلين وشن حرب عصابات في الجنوب، حيث أرسلت انتحاريين ضد جنود ومسؤولين حكوميين يمنيين.

شنت إدارة ترامب حملة من الغارات الجوية على كلا التنظيمين. حتى الآن في هذا العام، تم شن ثماني غارات جوية، استهدفت واحدة منها تنظيم داعش فرع اليمن والباقي ضد تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب.

قال الملازم إيرل براون، المتحدث باسم مركز البنتاغون: "لقد استفاد كل من القاعدة في جزيرة العرب و تنظيم داعش فرع اليمن من المساحات غير الخاضعة للحكم في اليمن لتخطيط وتوجيه وإلهام الهجمات الإرهابية ضد الولايات المتحدة ومواطنيها وحلفائها في جميع أنحاء العالم".

وتم شن ضربت من الغارات الجوية على محافظة البيضاء التي تقع في وسط اليمن. المحافظة ذات الكثافة السكانية المنخفضة، هي عبارة عن مناطق ريفية وجبلية، وتوفر غطاءً مثالياً لكل من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وفرع تنظيم داعش في اليمن.

قال زعماء القبائل في مقابلات أجريت معهم إن كلا التنظيمين المسلِمَين من السنة استقطبا مقاتلين أجانب من السعودية ومصر وباكستان ودول أخرى. وبعض الأجانب يحتلون مناصب قيادية.

حتى قبل عام، لم يكن التنظيمين يستهدفان بعضهما البعض أبداً، مفضلين تركيز جهودهما على محاربة الحوثيين الشيعة، معتبرين المتمردين مرتدين. كان لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب وتنظيم داعش قواعد قريبة من بعضهما البعض، وغالبا ما يقوم جنود المشاة بتبديل الولاءات بين المجموعتين. وقد تغير ذلك في يونيو الماضي.

قال صريمة: "لقد كان الخلاف في الأساس حول الممتلكات والمصالح والمواقف".

يقول بعض زعماء القبائل والمحللين إن الاشتباكات هي نتيجة مشاجرات طفيفة حدثت في نقاط التفتيش التي خرجت عن نطاق السيطرة بسرعة. وقال زعماء قبليون آخرون ومسؤولون محليون إن التحالف كان يمول ويزود القبائل المرتبطة بكل من داعش والقاعدة بالسلاح لمحاربة الحوثيين. كما قالوا إن الخلافات بدأت عندما بدأ التحالف في نقل المزيد من الأسلحة إلى رجال القبائل مع القاعدة في جزيرة العرب.

"إن السبب الرئيسي لدعمهم هو أنهم يريدون فتح ساحات قتال جديدة ضد الحوثيين حتى يتمكنوا أكثر من قتالهم"، هذا ما قاله أحد زعماء القبائل المؤثرين في منطقة "قيفة" في مقابلة أجريت معه في ديسمبر. وتحدث بشرط عدم الكشف عن هويته خوفا على سلامته.

وأضاف أن السكان رصدوا شاحنات تحتوي على أسلحة تدخل من مأرب، وهي منطقة يسيطر عليها التحالف، تتجه إلى مواقع القاعدة في جزيرة العرب.

"عندما اكتشف أفراد تنظيم داعش ذلك غضبوا"، هذا ما قاله الزعيم القبلي وكررت روايته شخصيات قبلية أخرى.

وترى كيندال أن الخلاف "مرتبط بالتنافس الإقليمي والتنافس على السلطة"، وربما يكون قد تمت إثارته من قبل التحالف لزرع الخلافات داخل المتشددين الإسلاميين في اليمن.

أخصائي في نزع القنابل يحمل متفجرات صنعها متشددو القاعدة

وفقاً لكيندال، تم توجيه ما يقرب من ثلثي عمليات القاعدة في شبه الجزيرة العربية إلى تنظيم الدولة الإسلامية، وأقل من الربع ضد الميليشيات التي تدعمها الإمارات والتي تقاتل القاعدة في جزيرة العرب، و15 في المائة فقط ضد الحوثيين. كما أن تنظيم الدولة الإسلامية يركز أكثر على مهاجمة القاعدة في جزيرة العرب.

 

قاعدة لإعادة البناء عليها

في غرف الدردشة على شبكة الإنترنت، نشر كلا التنظيمين بيانات وقوع هجمات ضد بعضها البعض. لقد قصفوا سيارات بعضهم البعض ودراجاتهم النارية، واستهدفوا نقاط التفتيش الخاصة بهم، وأخذ كل تنظيم يسجن أفراد الآخر، وهناك معارك استمرت لمدة 10 ساعات. إنهما يسعيان أيضا لجذب المنشقين والمجندين الجدد والمتعاطفين معهم من خلال حربهم الدعائية. لاحظ تنظيم القاعدة أن خلافة داعش آخذة في الانخفاض بينما تباهى داعش بأنه أكثر احترافية من القاعدة في جزيرة العرب.

في فيلم مدته 38 دقيقة، نشره تنظيم القاعدة عرض عمليات تدريب داعش لمقاتليه الانتحاريين. وعنوان شريط الفيديو "شهادات من زنزانات تنظيم الدولة الإسلامية"، يذكر المنشقون عن داعش أنه تم الحكم عليهم بالردة وتعرضوا للتعذيب في سجون داعش الضيقة، وتم جلدهم بالسلاسل وتم حرمانهم من الطعام.

وعرض شريط فيديو لداعش في 1 أبريل الجاري، الحنين إلى الخلافة المفقودة وحياة المقاتلين الإسلاميين الرومانسية، حيث يظهر المقاتلون وهم يطبخون وينظفون الأسلحة ويرددون الشعر.

في نوفمبر الماضي، تعهد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بالانتقام من هجمات داعش في البيضاء في قصيدة عربية قال فيها:

رد قاسي ومؤلم قادم

من رجال الدين والشعب المُدافع

نسل سيوفنا والدم بالدم

 

لقد عمق التنافس الشقاق بين الجماعات الإسلامية المسلحة المتشددة. قالت كيندال "وهذا يعني أن تعقبهم بات أكثر صعوبة. كما أن هذا يعني أن انخراطهم ضمن الشكاوى المحلية في البلد بات أسهل".

مع نهاية الخلافة في سوريا ، يأمل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) كسب مزيد من الأراضي ودعم شعبي أكبر، كما يقول المحللون وزعماء القبائل. لكن معظم اليمنيين ينظرون إلى التنظيم على أنه وحشي ومتعجرف للغاية.

يقول المحللون إن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب يبدو أكثر تركيزاً على القتال من أجل التفوق المحلي أكثر من الإرهاب الدولي. ولكن إلى متى سيستمر ذلك؟.

وقال جريجوري جونسن، المحقق السابق في لجنة الخبراء الخاصة باليمن المكلفة من الأمم المتحدة: "الخطر في الوقت الحالي يكمن في وجود جناح تمرد محلي نشط، يمكن لهذا الجناح أن يعمل كقاعدة لإعادة بناء جناحهم الإرهابي الدولي وإعادة هيكلته".


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet