محلل سياسي عربي: شرعيتان وليس شرعية واحدة في اليمن

لندن (ديبريفر)
2019-04-20 | منذ 5 سنة

مجلس النواب اليمني - جلسة في سيئون

قال محلل سياسي عربي بارز، أنه أصبح في اليمن شرعيتان وليس شرعية واحدة، بعد أن اعترفت الأمم المتحدة عملياً بأمر واقع فرضته جماعة الحوثيين (أنصار الله) على الأرض، منذ العام 2014 في بلد تحتاج عملية إعادة تركيبه إلى صيغة جديدة كلّيا.

وأشار الكاتب والمحلل السياسي اللبناني خيرالله خيرالله في مقال تحليلي نشرته جريدة العرب اللندنية اليوم السبت، إلى أن انعقاد مجلس النوّاب اليمني في سيئون بمحافظة حضرموت يبقى حدثاً إيجابياً، خصوصاً أن المجلس انتخب رئيساً جديداً له هو سلطان البركاني.

وذكر أن البركاني، وكان قياديا في «المؤتمر الشعبي العام»، وهو الحزب الذي أسّسه علي عبدالله صالح، حلّ مكان يحيى الراعي. والراعي أيضا من قياديي المؤتمر في عهد الرئيس الراحل الذي أصرّ الحوثيون على اغتياله في صنعاء في الرابع من ديسمبر من العام 2017.

ولفت إلى أن مشكلة الراعي، تعود كونه من محافظة ذمار جنوب صنعاء حيث كرسي الزيدية، ولكونه أيضاً أسير الحوثيين (أنصار الله) الذين يسيطرون على العاصمة اليمنية منذ الواحد والعشرين من سبتمبر 2014. كلّ من يوجد في صنعاء رهينة لدى هؤلاء.

وأضاف المحلل العربي: "يعتقد الحوثيون أنّ في استطاعتهم البقاء في المدينة إلى الأبد، خصوصاً بعد اعتراف الأمم المتحدة بهم مجددا، عبر مبعوث الأمين العام مارتن جريفيثس، كـ "شرعية أخرى"، أما بالنسبة إلى جريفيثس الذي استطاع التوصّل إلى اتفاق ستوكهولم، بين ممثلي الشرعية والحوثيين، هناك شرعيتان وليس شرعية واحدة في اليمن. اعترفت الأمم المتحدة عمليا بأمر واقع فرضه الحوثيون على الأرض، منذ العام 2014 في بلد تحتاج عملية إعادة تركيبه إلى صيغة جديدة كلّيا".

ويعيش اليمن منذ أكثر من أربع سنوات ، صراعاً دموياً على السلطة بين الحكومة المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عسكري تقوده السعودية، وقوات جماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران، والتي تسيطر على العاصمة صنعاء وأغلب المناطق شمالي البلاد منذ أواخر العام 2014.

 

نفوذ المشايخ

وواصل الكاتب العربي خير الله خير الله المهتم بالشأن اليمني قائلاً: "لا بدّ لمثل هذه الصيغة أن تأخذ في الاعتبار الحاجة إلى أن تكون هناك شرعية واحدة بدل الشرعيتين. هذا يستدعي في طبيعة الحال إعادة تركيب الشرعية القائمة عن طريق الاستعانة بشخصية مثل سلطان البركاني، وهو من محافظة تعز وينتمي إلى عائلة لها موقعها، على الرغم من أنّ ليس في الإمكان المقارنة بين مشايخ الشمال، مشايخ بكيل وحاشد خصوصا، ومشايخ تعز".

وتابع: "عندما يتعلّق الأمر بنفوذ المشايخ الذين من تعز، لا يمكن مقارنة النفوذ، القليل نسبيا لهؤلاء، بذلك النفوذ الحقيقي الذي يمتلكه مشايخ الشمال اليمني الذين استطاع الحوثيون احتواءهم وترويضهم عن طريق القوّة والقمع أحيانا، والمال الذي مصدره إيران وغير إيران في أحيان أخرى، فلا شكّ أن قدرة الحوثيين على ترويض مشايخ الشمال لعبت دورا مهمّا في فتح الطريق إلى صنعاء تمهيدا لتصفية علي عبدالله صالح. أقْدموا على جريمتهم حين وجدوا أن الوقت صار مناسبا لذلك وأنّه آن أوان الأخذ بالثأر منه".

وأردف خير الله خير الله: "إلى أيّ حدّ سيساهم تولي شخص مثل سلطان البركاني رئاسة مجلس النواب في ترميم الشرعية التي على رأسها عبدربه منصور هادي وإعادة إنتاجها؟ السؤال يطرح نفسه بعدما أصبح هناك رئيس للوزراء من تعز أيضا هو معين عبد الملك سعيد. إلى الآن، لم يؤد تعيين معين عبد الملك رئيسا للوزراء إلى تحقيق أي هدف يذكر. مضى على وجود الرجل في موقع رئيس الوزراء نحو ستة أشهر، لكن أحدا لم يسمع بأيّ إنجاز له على أي صعيد كان".

واعتبر الكاتب العربي أن "الهدف الوحيد من وضع معين عبدالملك في ذلك الموقع كان يبدو، الإتيان برئيس للوزراء من تعز بغية تغطية الإتيان برئيس لمجلس النواب من محافظة أبين الجنوبية مسقط رأس عبد ربه منصور".

لكنّ خير الله لفت إلى أن هناك "قوى واعية عملت على إحباط هذه المحاولة التي كانت ستزيد وضع الشرعية سوءا، خصوصا أن عبد ربه منصور ليس سوى رئيس انتقالي لمدة سنتين، أي حتّى فبراير 2014… وليس رئيساً إلى الأبد كما يتخيّل بعض الرؤساء العرب من الذين راحوا ضحيّة هذا الوهم بعدما أدخلوا بلدانهم في متاهات كانت في غنى عنها".

وأضاف "يظلّ المجيء بسلطان البركاني رئيسا لمجلس النوّاب أفضل من الإتيان بشخص آخر من أبين. تبقى شخصية مثل شخصية البركاني، على الرغم من وجود اعتراضات كثيرة عليه، أفضل بكثير من الاستعانة بشخص آخر من أبين يظلّ كلّ همّه محصورا في استرضاء الرئيس المؤقت والقريبين منه، وحده الوقت سيجيب عن سؤال في غاية الأهمّية يتعلّق بمدى مساهمة البركاني في ترميم الشرعية وإعادة إنتاجها، هل سيعوّض رئيس مجلس النواب الجديد عن الفراغ الذي تعاني منه الشرعية في ظلّ وجود عبدربه منصور هادي في موقع الرئيس، وعلي محسن صالح في موقع نائب الرئيس، ومعين عبد الملك سعيد في موقع رئيس الوزراء؟".

 

مشكلة اليمن

وقال الكاتب العربي في مقاله التحليلي "تكمن المشكلة في اليمن الذي يعاني أهله من الجوع والمرض والبؤس بكلّ أنواعه، فضلاً عن انسداد الآفاق السياسية، في الجمود على الصعيد العسكري. ففي غياب أي تغيير في موازين القوى على هذه الجبهة أو تلك، خصوصا في الحديدة، يظلّ الوضع يراوح مكانه. ستظلّ هناك شرعيتان وليس شرعية واحدة. ليس ما يشير، إلى إشعار آخر، أنّ الحوثيين على استعداد لأيّ تفاهم يسمح لقوات تابعة للأمم المتحدة أو مراقبين دوليين بالإشراف على ميناء الحديدة".

واتفق طرفا الصراع في مشاورات السويد التي جرت في ديسمبر الماضي على إعادة الانتشار لقواتهما من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى ومدينة الحديدة غربي اليمن، إلى مواقع متفق عليها خارج المدينة والموانئ الثلاثة، ووقف إطلاق النار فيها، مع السابع من يناير الماضي، بالإضافة إلى تبادل الأسرى لدى الطرفين وتخفيف حصار الحوثيين على مدينة تعز، غير أن ذلك لم يتم حتى الآن، وسط اتهامات متبادلة بين الطرفين بإفشال الاتفاق.

ويسيطر الحوثيون على مدينة الحديدة وموانئها منذ أواخر العام 2014، فيما تحتشد قوات يمنية مشتركة موالية للحكومة "الشرعية" والتحالف العربي منذ نوفمبر الماضي، في أطراف المدينة بغية انتزاع السيطرة عليها.

 

حاجة إيرانية أكبر إلى اليمن

وأشار خير الله إلى أن هناك في الوقت الحاضر حاجة إيرانية، أكثر من أيّ وقت، إلى الورقة الحوثية وإلى الحديدة. تريد إيران، التي بدأت العقوبات الأمريكية تؤثر عليها، تأكيد أنّها ما زالت قادرة على استخدام أوراقها، أي ميليشياتها المذهبية، في اليمن والعراق وسوريا ولبنان. هناك حاجة إيرانية أكبر إلى اليمن، كي تقول إيران إنّها موجودة على البحر الأحمر أيضا".

ومضى الكاتب العربي قائلاً "في ظلّ هذه المعطيات، ليست هناك حاجة إلى إعادة إنتاج الشرعية اليمنية فحسب، هناك أيضا حاجة أكثر من أيّ وقت إلى اختراق ذي طابع عسكري في أيّ مكان بغية إفهام الحوثيين أنّهم ليسوا «الشرعية الأخرى» في اليمن على الرغم من اعتراف الأمم المتحدة بهم وإصرار مبعوث الأمين العام على ذلك. الواقع أن جريفيثس لم يكن المبعوث الأوّل الذي اعترف بالحوثيين، هناك لوم يقع على عبدربّه منصور هادي الذي اعترف بهم ووقّع معهم «اتفاق السلم والشراكة» بعد دخولهم صنعاء في 2014".

وتابع "وُقّع الاتفاق وقتذاك بحضور ممثل الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك  الذي كان اسمه جمال بن عمر. كان أوّل ما فعله أنصار الله مباشرة بعد توقيع اتفاق السلم والشراكة، وضع الرئيس الانتقالي في الإقامة الجبرية وإجباره على الاستقالة. لم يستطع العودة عن الاستقالة إلا بعد إخراجه من صنعاء عن طريق التهريب، وذلك في وقت بدأت القوى الإقليمية، على رأسها المملكة العربية السعودية، تدرك خطورة الوجود الإيراني، في صنعاء خصوصا واليمن عموما، على أمن كلّ دولة من دول الخليج العربي".

 

خطوة أولى مهمّة

واختتم الكاتب العربي مقاله التحليلي عن الوضع في اليمن بالقول "من الواضح الآن، أنّ اجتماع مجلس النوّاب اليمني في سيئون وانتخاب سلطان البركاني رئيسا جديدا للمجلس، يشكلان خطوة أولى مهمّة على طريق إعادة تشكيل الشرعية. ما الخطوة التالية كي يفهم الحوثيون أن هناك شرعية واحدة وليس شرعيتان في اليمن؟ سيعتمد الكثير على ما إذا كان في الإمكان كسر الجمود العسكري. في حال كان ذلك مستحيلا لماذا لا تعلن الأمم المتحدة صراحة أن الصيغة الجديدة المطلوب فرضها في اليمن تنطلق من وجود شرعيتين ومن كيان خاص بالحوثيين وأن على المناطق الأخرى التي هي خارج سيطرة أنصار الله، البحث عن كيفية تدبير أمورها بالتي هي أحسن. أي عن طريق إقامة كيانات تعيد الأمل بالحياة إلى كلّ منطقة من المناطق اليمنية التي تقع خارج الهيمنة الإيرانية".


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet