الأمم المتحدة: طرفا الصراع اليمني يجتمعان الثلاثاء في عمّان لمناقشة الجوانب الاقتصادية لاتفاق الحديدة

عمّان (ديبريفر) تقرير اقتصادي
2019-05-13 | منذ 4 سنة

فرق للأمم المتحدة تراقب انسحاب قوات الحوثيين من موانئ الحديدة

Click here to read the story in English

أعلن مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، مساء اليوم الاثنين، أن ممثلي طرفي الصراع في اليمن، سيبدؤون غداً الثلاثاء في العاصمة الأردنية عمّان، اجتماعات لمناقشة تنفيذ البنود الاقتصادية لاتفاق الحديدة الذي أُبرم في السويد خلال ديسمبر 2018.

وقال المكتب في بيان على موقعه الإلكتروني ، إن القضايا التي ستتم مناقشتها تشمل إدارة الإيرادات من موانئ الحديدة ورأس عيسى والصليف واستخدامها لدفع رواتب موظفي القطاع العام في محافظة الحديدة وفي جميع أنحاء اليمن.

ووفقاً للبيان، حث المبعوث الخاص للأمم المتحدة، مارتن غريفيث، طرفي الصراع على المشاركة بشكل بنّاء وبحسن نية في ما يتعلق بالاتفاق على طرق تنفيذ تلك البنود، بما يحقق صالح المواطنين في الحديدة وفي اليمن بأسره.

ويتخذ مكتب المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، من العاصمة الأردنية عمّان، مقراً دائماً له.

ويتزامن موعد بدء هذه الاجتماعات مع اليوم الأخير من الفترة المحددة لانسحاب قوات جماعة الحوثيين (أنصار الله) من موانئ محافظة الحديدة غربي اليمن، والتي بدأت بالانسحاب السبت الفائت.

ويدور صراع دموي على السلطة دخل عامه الخامس على التوالي بين الحكومة "الشرعية" المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي عسكري تقوده السعودية، وجماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران والتي تسيطر على العاصمة صنعاء وأغلب المناطق شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية.

واتفق طرفا الصراع خلال مشاورات السويد التي جرت في ديسمبر الماضي برعاية الأمم المتحدة على وقف إطلاق النار في محافظة الحديدة المطلة على البحر الأحمر وإعادة انتشار قواتهما من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى ومدينة الحديدة، إلى مواقع متفق عليها خارج المدينة والموانئ الثلاثة، مع إرسال بعثة تابعة للأمم المتحدة لمراقبة إعادة الانتشار، بالإضافة إلى تبادل كل الأسرى لدى الطرفين وتخفيف حصار الحوثيين على مدينة تعز.

لكن الاتفاق الذي كان من المفترض الانتهاء من تنفيذه في يناير الماضي، تعثر حتى الآن وسط تبادل الطرفين للاتهامات بعرقلة التنفيذ.

ويسيطر الحوثيون على مدينة الحديدة وموانئها منذ أواخر العام 2014، فيما تحتشد قوات يمنية مشتركة موالية للحكومة "الشرعية" والتحالف العربي منذ مطلع نوفمبر الماضي، في أطراف المدينة بغية انتزاع السيطرة عليها من قبضة الحوثيين.

 

المرتبات القضية الرئيسية

وتعد قضية دفع مرتبات الموظفين الحكوميين، من أهم القضايا التي تهم الرأي العام في اليمن، نظراً لارتباطها بمعيشة المواطنين والموظفين، الذي يعاني غالبيتهم سيما في المحافظات الشمالية ذات الكثافة السكانية والوظيفية، أوضاعاً معيشية وإنسانية صعبة، بفعل انقطاع مرتباتهم الشهرية منذ أكثر من عامين ونصف حينما قررت حكومة "الشرعية" في سبتمبر 2016 نقل المقر الرئيس للبنك المركزي اليمني من صنعاء إلى مدينة عدن التي تتخذها هذه الحكومة عاصمة مؤقتة للبلاد، وذلك لحسب السيطرة على البنك المركزي من تحت أيدي الحوثيين.

وتعهدت الحكومة اليمنية "الشرعية" حينما قررت نقل البنك المركزي إلى عدن بصرف مرتبات جميع موظفي الدولة، لكنها عجزت وتملصت عن تنفيذ تعهداتها. وقبل ذلك كان البنك يصرف مرتبات موظفي الدولة في جميع المحافظات رغم سيطرة الحوثيين عليه.

وتصف الأمم المتحدة الأزمة الإنسانية في اليمن بـ"الأسوأ في العالم"،  وتؤكد أن أكثر من 24 مليون يمني، أي ما يزيد عن 80 بالمئة من السكان، بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية والحماية العاجلة، بمن فيهم 8.4 مليون شخص لا يعرفون كيف سيحصلون على وجبتهم المقبلة، ويعاني نحو مليوني طفل من النقص الحاد في التغذية.

في السياق ذكرت مصادر مقربة من قيادة البنك المركزي اليمني في عدن لوكالة "ديبريفر" الدولية للأنباء، أن محافظ البنك المركزي اليمني حافظ فاخر معياد ونائبه شكيب حبيشي، غادرا عدن لحضور هذه الاجتماعات كممثلين عن الحكومة الشرعية.

وأشارت المصادر المصرفية إلى أنه سيتم مناقشة إمكانية إعادة فتح نوافذ بنظام "سويفت" الخاص بالتحويلات المالية الخارجية، للبنوك التجارية في صنعاء بضغوط كبيرة من الأمم المتحدة بعد تمكن البنك المركزي اليمني في عدن من سحب "سويفت" بنك التسليف الزراعي (كاك بنك) الذي يُستخدم بدلاً عن المركزي اليمني في صنعاء لغرض التواصل الخارجي مع البنوك والمؤسسات المالية الدولية

على الجانب الآخر نقلت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) بنسختها في صنعاء والتي تديرها جماعة الحوثيين في صنعاء، اليوم الإثنين، عن مصدر في اللجنة الاقتصادية التابعة للجماعة، أن وفداً من البنك المركزي اليمني في صنعاء غادر مساء الأحد للمشاركة في لقاء اقتصادي بالعاصمة الأردنية عمان، لمناقشة تنفيذ الشق الاقتصادي في اتفاق السويد وفي المقدمة إيرادات الموانئ ودفع مرتبات الموظفين في كافة أنحاء الجمهورية.

وكانت تقارير إخبارية قالت مساء الأحد إن فريق اقتصادي يضم محافظ البنك المركزي اليمني المعين من جماعة  الحوثيين، الدكتور محمد السياني، ومعه مسؤولي عددا من البنوك التجارية غادروا صنعاء إلى العاصمة الأردنية عمان للمشاركة في اجتماعات ترعاها الأمم المتحدة.

ومؤخراً كثفت جماعة الحوثيين (أنصار الله) من ضغوطها على الأمم المتحدة لإجبارها على الضغط على حكومة "الشرعية" لوقف إجراءات البنك المركزي اليمني في عدن التي أدت إلى خنق الجماعة وتقليص مواردها بحسب ما يراه مراقبون ومحللون اقتصاديون.

وفي هذا الشأن سلم وزير الخارجية في حكومة "الإنقاذ" التابعة الحوثيين بصنعاء، هشام شرف عبدالله، الأحد الفائت، المنسق المقيم للأمم المتحدة في اليمن ليز غراندي، رسالة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس ورئيس الدورة الحالية لمجلس الأمن الدولي تتعلق بعدد من ما أسماها "تجاوزات فرع البنك المركزي بعدن والتي تهدف إلى خلق إشكالات مالية واستمرار معاناة البنوك اليمنية الموجودة بالعاصمة صنعاء وإيجاد المزيد من المصاعب والأزمات المالية أمامها".

وأثار استمرار انقطاع مرتبات الموظفين في المحافظات التي يسيطر عليها الحوثيين في شمالي البلاد غضب كثير من النشطاء والمتابعين على منصات التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة. ودشن صحفيون يمنيون "هاشتاغ" لمطالبة الحكومة الشرعية برئاسة معين عبدالملك بصرف مرتبات الصحفيين والموظفين في شمال البلاد أسوة بزملائهم في جنوب اليمن.

ويحمل مراقبون ومحللون اقتصاديون، الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، مسؤولية المأساة الناتجة عن انقطاع المرتبات، باعتبارها المسئولة عن الشعب أمام العالم، ولأنها تملصت من تعهداتها بصرف مرتبات جميع الموظفين.

وأكدوا إن النسبة الأكبر من الموظفين المدنيين الواقعين تحت سلطة جماعة الحوثيين، تعيش وضعاً صعباً حيث يتم تسليم مرتبات الموظفين في المؤسسات الإيرادية فقط.

وأشاروا إلى أن الحكومة التي تقول إنها "شرعية"، تنصلت من وعودها والتزاماتها للأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، حينما شرعت في نقل البنك المركزي قبل أكثر من عامين ونصف، وذلك بصرف مرتبات كافة الموظفين في جميع المحافظات اليمنية، لكنها لم تصرف شيء وبددت الأموال الطائلة في أمور ومشاريع يشوبها فساد كبير طبقا لتقارير رسمية موثقة.

وقال محلل اقتصادي بارز في تصريح سابق لوكالة "ديبريفر" للأنباء: "إن انقطاع مرتبات غالبية موظفي الدولة في اليمن، منذ أكثر من عامين ونصف، وتحديدا في المحافظات الشمالية والغربية، يفوق بتأثيراته الحرب ذاتها، وذلك لأنه يمس حياة أكثر من سبعة إلى ثمانية ملايين يمني، ما ضاعف من حدة الفقر والمجاعة، والكارثة الإنسانية  القائمة في البلاد".

وأضاف المحلل الذي فضل عدم ذكر اسمه لحساسية الموضوع: "المؤسف عدم وجود أي معالجات او اهتمام من قبل الحكومة الشرعية او سلطات الحوثيين، حيث حول طرفا الصراع هذه الورقة إلى أداة اقتصادية أخرى لتبادل الاتهامات والحرب بينهما، لكن اللوم الأكبر يقع على عاتق الحكومة الشرعية التي تتصرف باستخفاف مع مثل هذا الموضوع الذي يمس قوت المواطن وأسرته، وبطريقة غريبة تنم عدم الشعور بالمسئولية الوطنية على عاتقها".

وأكد "أن الأكثر خطورة  من ذلك، هو أن الحكومة الشرعية التي تدفع مرتبات 200 ألف موظف فقط في مناطق سيطرتها، مقابل قرابة المليون موظف مدني في مناطق سيطرة الحوثيين لا يتسلمون أي مرتبات منذ نقل البنك المركزي، لجأت إلى طباعة النقود بشكل مفرط وغير طبيعي وسط غياب أية ضوابط او محاسبة على إنفاقها، فالتقديرات تشير إلى إنها طبعت قرابة أثنين تريليون ريال (ما يعادل أكثر من أربعة مليارات دولار). وفي كل مرة تريد دفع مرتبات تطبع من جديد، في ظل عدم قدرتها على ضبط الإيرادات، وهو ما أفرز عن فقدان العملة المحلية أكثر من نصف قيمتها وارتفعت معدلات التضخم بشكل غير مسبوق، وكل ذلك يهدد بمشاكل اقتصادية خطيرة أشد قسوة من الحرب ذاتها".

 


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet