توقعت صحيفة "الغارديان" البريطانية، انهيار هدنة في غربي اليمن مع تجدد المعارك حول ميناء الحديدة بين طرفي النزاع، جماعة الحوثيين المدعومة من إيران، والحكومة المعترف بها دولياً مدعومة من تحالف عسكري عربي بقيادة السعودية.
وقالت الصحيفة في تقرير لها يوم الخميس، بعنوان "اليمن: انهيار الهدنة وتجدد المعارك حول الحديدة"، إن هذه التطورات أدت إلى إصدار المبعوث الدولي لليمن، مارتن غريفيث يوم الأربعاء أمام مجلس الأمن الدولي، تحذيرا شديد اللهجة من أن تجدد المعارك يهدد خطة السلام بالكامل حيث كان من المفترض ان ينسحب الحوثيون من ميناء الحديدة وميناءين آخرين على البحر الأحمر، وهو الأمر الذي كان قد بدأ الاثنين الماضي لكنه الآن أصبح مهدداً.
وأشار تقرير الصحيفة البريطانية الذي أعده مراسلاها باتريك وينتور، وبيثان ماكيرنان، إلى أن هذا التصعيد يأتي بعد يوم واحد من الهجوم الذي شنه الحوثيون على منشأتين نفطيتين سعوديتين باستخدام طائرة مسيرة.
وأكد التقرير أن الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً تشعر بشك كبير في التزام الحوثيين بالانسحاب من الحديدة والمواقع الأخرى التي اتفقوا على الانسحاب منها.
وكانت جماعة الحوثيين، أعلنت يوم الاثنين، اختتام المرحلة الأولى من إعادة انتشار قواتها من الموانئ الثلاثة، الصليف ورأس عيسى والحديدة، من جانب أحادي بإشراف ثلاث فرق تابعة للأمم المتحدة تنفيذاً لاتفاق ستوكهولم.
لكن الحكومة اليمنية "الشرعية" المعترف بها دولياً، اعتبرت على لسان مسؤوليها، هذه الخطوة من جانب الحوثيين "تضليل ومسرحية هزلية".
ويعيش اليمن منذ أكثر من أربع سنوات، صراعاً دموياً على السلطة بين الحكومة "الشرعية" المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي عسكري تقوده السعودية، وجماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران والتي تسيطر على العاصمة صنعاء وأغلب المناطق شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية منذ أواخر العام 2014.
واعتبرت "الغارديان" في تقريرها أن الاشتباكات التي اندلعت بعد قليل من بدء الانسحاب وتضمنت قصفا متبادلا بالمدفعية بين قوات الحكومة والتحالف من جانب والحوثيين من جانب آخر، "لم تترك الكثير من الفرص لإتمام الاتفاق".
ويوم الأربعاء، حذر المبعوث الخاص لأمين عام الأمم المتحدة إلى اليمن، البريطاني مارتن غريفيث، من أنه رغم انسحاب الحوثيين من موانئ الحديدة، إلا أن اليمن لا يزال يواجه خطر تجدد الحرب الشاملة.
وقال غريفيث في إحاطته أمام مجلس الأمن "رغم أهمية ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية، إلا أن اليمن لا يزال عند مفترق بين الحرب والسلام".
واكد طرفا الصراع في اليمن أن الاشتباكات تجددت يوم الأربعاء في الحديدة، بعد يوم من إعلان جماعة الحوثيين المسؤولية عن هجوم بطائرات مسيرة أكدت السعودية أنه أصاب محطتين لضخ النفط داخل أراضيها.
وقال رئيس لجنة المراقبين الدوليين رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة، الجنرال الدنماركي مايكل لوليسغارد إنه بينما كانت هناك زيادة في انتهاكات وقف إطلاق النار الأربعاء "فإن العدد ليس مثيرا للقلق. أعتقد بأن العدد الذي لدينا الآن هو تقريبا نفس العدد الذي رأيناه في بعض الأيام قبل شهر رمضان".
و توقع لوليسغارد في مؤتمر صحفي عبر "الفيديو كونفراس"، مع الصحفيين بالأمم المتحدة في نيويورك، أن تبدأ المرحلة الثانية من انسحاب قوات طرفي الصراع، في غضون أسبوعين. وحذر من أنه إذا لم تتوافر تلك الرغبة فإن "الأمر قد يستغرق شهوراً".
واتفق طرفا الصراع في اليمن خلال مشاورات احتضنتها السويد في ديسمبر الماضي برعاية الأمم المتحدة، على وقف إطلاق النار في محافظة الحديدة المطلة على البحر الأحمر وإعادة انتشار قواتهما من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى ومدينة الحديدة، إلى مواقع متفق عليها خارج المدينة والموانئ الثلاثة، مع إرسال بعثة أممية لمراقبة إعادة الانتشار، بالإضافة إلى تبادل كل الأسرى لدى الطرفين وتخفيف حصار الحوثيين على مدينة تعز.
لكن الاتفاق الذي كان من المفترض الانتهاء من تنفيذه في يناير الماضي، تعثر وسط تبادل الطرفين للاتهامات بعرقلة التنفيذ، قبل أن تبدأ الأمور في التحلحل السبت الفائت عندما بدأ الحوثيون انسحاباً أولياً من الموانئ الثلاثة.
ويسيطر الحوثيون على مدينة الحديدة وموانئها منذ أواخر العام 2014، فيما تحتشد قوات يمنية مشتركة موالية للحكومة "الشرعية" والتحالف العربي منذ مطلع نوفمبر الماضي، في أطراف المدينة بغية انتزاع السيطرة عليها من قبضة الحوثيين.
وأدى الصراع الدائر في اليمن إلى أزمة إنسانية هي "الأسوأ في العالم" وفق تأكيدات الأمم المتحدة التي تتحدث عن أن أكثر من 24 مليون يمني، أي ما يزيد عن 80 بالمئة من السكان، بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية والحماية العاجلة، بمن فيهم 8.4 مليون شخص لا يعرفون كيف سيحصلون على وجبتهم المقبلة، ويعاني نحو مليوني طفل من النقص الحاد في التغذية.