قالت صحيفة يمنية بارزة، يوم الاثنين، إن جماعة الحوثيين (أنصار الله) هي من قامت بتغيير نص إحاطة المبعوث الخاص لأمين عام الأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، في مجلس الأمن الدولي، الأربعاء الفائت.
ونقلت صحيفة "الأيام" اليمنية الصادرة في عدن في عددها يوم الإثنين عن مصدر قالت إنه في المكتب السياسي لجماعة الحوثي في صنعاء، قوله إن الناطق الرسمي للجماعة ورئيس وفدها التفاوضي محمد عبدالسلام، هو من قام بتغيير إحاطة غريفيث قبل إلقائها في مجلس الأمن الدولي.
وذكر المصدر أن "المكتب السياسي تلقى نسخة من إحاطة المبعوث الأممي الأولى قبل إلقائها في مجلس الأمن، وأن التغيير أرسل إلى غريفيث في الساعة الأخيرة قبل الإحاطة".
وأفاد المصدر الحوثي الذي لم تسميه الصحيفة، بأن "محمد عبدالسلام لديه علاقة خاصة وقوية بالمبعوث الأممي، وهذه ليست المرة الأولى التي يحدث فيها مثل هذا الأمر".
وكانت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية قد نشرت السبت الفائت نص الإحاطة الأصلية والإحاطة التي تمت عليها التعديلات.
واتهمت صحيفة الإندبندنت البريطانية، جهة لم تسمها، بتغيير نص إحاطة المبعوث الخاص لأمين عام الأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، في مجلس الأمن الدولي.
وقالت الصحيفة البريطانية إن جلسة مجلس الأمن الدولي الأخيرة حول اليمن، الأربعاء الماضي، حملت مفارقة في كيفية تعامل المبعوث الأممي إلى اليمن مع التطورات الأخيرة التي شهدتها المنطقة، وتحديداً استهداف منشآت نفطية سعودية من قبل طائرات مسيرة تابعة لجماعة الحوثيين في اليمن.
وأكدت "اندبندنت عربية" أنها حصلت من مصادر موثوقة على نسختين من خطابه أمام مجلس الأمن، تظهران هذا التناقض.
وأفادت مصادر الصحيفة والتي شاركت في جلسة مجلس الأمن الدولي، بأن غريفيث وزع نسخة عن إحاطته قبل دخوله إلى الجلسة كانت تشير إلى تصاعد أعمال العنف في محافظة الضالع، جنوبي اليمن، وتذكر حادثة استهداف منشآت شركة "أرامكو" السعودية عبر الطائرات المسيرة باعتبارهما "أحداثاً تذكرنا بأن الإنجازات التي تحققت بصعوبة يمكن أن تمحى بسهولة، ولايمكن تجاهل تأثيراتها في العملية السياسية"، وإن كان لم يذكر هوية مطلقي هذه الطائرات.
وأوضحت اندبندنت أن غريفيث في الكلمة التي ألقاها أمام مجلس الأمن، تحاشى ذكر استهداف المنشآت النفطية السعودية، مستبدلاً جملته السابقة كلياً، مكتفياً بالحديث عن أن "اشتداد الصراع بكل أبعاده، كما سنسمع، يستمر في إثارة القلق، وهذا التصعيد في جوانبه كافة يذكّر بأن الإنجازات التي تحققت بصعوبة يمكن بسهولة أن تمحى، ولا يمكننا تجاهل كيف ستؤثر الحرب في العملية السياسية وفي المضي قدماً في مسار السلام".
وذكرت الصحيفة أنها تواصلت مع مكتب المبعوث الأممي، البريطاني مارتن غريفيث، لكن أحد الموظفين في المكتب رفض التعليق على مسودة الخطاب، التي حصلت عليها الصحيفة من مصادر خاصة، مشيراً إلى النص الذي ألقاه غريفيث هو النص المعتمد.
وأشارت الصحيفة إلى أن الموظف في مكتب المبعوث الأممي، سألها أكثر من ثلاث مرات "من أين حصلتم عليها؟"، وعندما كررت "اندبندنت عربية" السؤال عن مسودة الخطاب، سأل مجدداً "من أين حصلتم عليها؟" من دون نفيها.
ولم يعلق المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، أو مكتبه، على ما أوردته الصحيفة البريطانية أو صحيفة "الأيام" اليمنية، حتى كتابة هذا الخبر.
ويعيش اليمن منذ أكثر من أربع سنوات، صراعاً دموياً على السلطة بين الحكومة "الشرعية" المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي عسكري تقوده السعودية، وجماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران والتي تسيطر على العاصمة صنعاء وأغلب المناطق شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية
وأثارت إحاطة المبعوث الأممي في مجلس الأمن الدولي الأربعاء الفائت، استياء الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً (الشرعية) التي انتقد بعض مسؤوليها موقف غريفيث واتهموه بعدم الحياد ومخالفة مهامه.
وجاءت آخر هذه الانتقادات على لسان رئيس المكتب الفني لفريق الحكومة اليمنية في مشاورات السويد المهندس محمد العمراني، الذي اتهم مساء الأحد، غريفيث بتجاوز حدوده أكثر بالعمل لصالح جماعة الحوثيين ومهادنتها حول اتفاق ستوكهولم، وعدم التزامه بالقرارات الدولية.
وقال العمراني في مقابلة مع قناة اليمن الفضائية الرسمية مساء الأحد، إن "المبعوث الأممي استقوى بالأمم المتحدة لاستصدار القرار 2452 ليتمكن من طرد رئيس فريق المراقبين السابق، الجنرال الهولندي باتريك كاميرت لموقفه الصلب تجاه تنفيذ اتفاق ستوكهولم".
واعتبر أن الحوثيين أغلقوا كل الملفات في وجه "غريفيث" ثم أعطوه فتات الانسحاب الأحادي من موانئ الحديدة ليطير بها فرحا إلى مجلس الأمن ويقدمها في إحاطته الأخيرة.
وذكر أن الجنرال الدنماركي رئيس فريق المراقبين الأمميين الحالي، مايكل لوليسغارد أعترف أكثر من مرة انه لا يوجد لدى الأمم المتحدة آلية لمراقبة وقف إطلاق النار في الحديدة.
وأشار إلى أن الحوثيين رفضوا نزع الألغام من كيلو 8 ومدينة الصالح في مدينة الحديدة.
وقال، إن فتح طريق الحديدة صنعاء منصوص عليها في اتفاق السويد وقبل الفريق الحكومي بذلك لدواعي إنسانية إلا أن "غريفيث" التف على هذا الاتفاق واستبدله بطريق الخمسين تلبية لرغبة الحوثيين.
وأضاف: "أتمنى أن يتم إنهاء دور غريفيث لأنه ينطلق من مبادئ خاطئة ويساوي بين حكومة شرعية وميليشيات.
وأردف العمراني الذي شارك في محادثات الأردن الاقتصادية في العاصمة الأردنية عمّان: "في الأردن كنا نتفق مع مكتب المبعوث الأممي على خطوات محددة وفي اليوم التالي بناء على توصيات غريفيث يقدمون أطروحات تخدم الحوثي وتنسف كل ما تم الاتفاق عليه".
وتابع: "طلبنا من المبعوث الزام الحوثيين بالحضور للتفاوض في مناطقنا بالحديدة كما نحضر في مناطقهم، فرفضوا وتدخل المبعوث وتم استئجار سفينة بملايين الدولارات لعقد لقاء في البحر بعدها رفض الحوثيون اللقاء إلا بعد رسوها في مناطق سيطرتهم".
وفي إحاطته لمجلس الأمن الدولي، الأربعاء الفائت، أكد المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، أن هناك مؤشرات مقلقة بشأن الصراع المستمر منذ أكثر من أربع سنوات في هذا البلد الفقير رغم الخطوة الملموسة الأولى في تنفيذ اتفاق الحديدة غربي البلاد.
وقال غريفيث إن "اليمن ما زال في مفترق طرق بين الحرب والسلام، على الرغم من التقدم المحرز خلال الأيام الماضية بعد إعادة انتشار قوات الحوثيين من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى. وبينما يبقى وقف إطلاق النار في الحديدة قائماً، هناك تصعيداً مقلقاً للصراع في جوانب شتى".
واعتبر أن "التغيير في الحديدة قد صار واقعاً، وهناك مؤشرات على بداية جديدة في الحديدة"، مشيراً إلى أن قوات جماعة الحوثيين (أنصار الله) نفذت "بين 11 و14 مايو الجاري إعادة انتشار أولية من موانئ الحديدة وصليف ورأس عيسى بمراقبة الأمم المتحدة. وغادرت القوات العسكرية التابعة لأنصار الله تلك الموانئ الثلاثة".
واتفق طرفا الصراع في اليمن خلال مشاورات احتضنتها السويد في ديسمبر الماضي برعاية الأمم المتحدة، على وقف إطلاق النار في محافظة الحديدة المطلة على البحر الأحمر وإعادة انتشار قواتهما من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى ومدينة الحديدة، إلى مواقع متفق عليها خارج المدينة والموانئ الثلاثة، مع إرسال بعثة أممية لمراقبة إعادة الانتشار، بالإضافة إلى تبادل كل الأسرى لدى الطرفين وتخفيف حصار الحوثيين على مدينة تعز.
لكن الاتفاق الذي كان من المفترض الانتهاء من تنفيذه في يناير الماضي، تعثر وسط تبادل الطرفين للاتهامات بعرقلة التنفيذ، قبل أن تبدأ الأمور في التحلحل في 11 مايو الجاري عندما بدأ الحوثيون انسحاباً أولياً من الموانئ الثلاثة.
ويسيطر الحوثيون على مدينة الحديدة وموانئها منذ أواخر العام 2014، فيما تحتشد قوات يمنية مشتركة موالية للحكومة "الشرعية" والتحالف العربي منذ مطلع نوفمبر الماضي، في أطراف المدينة بغية انتزاع السيطرة عليها من قبضة الحوثيين.