وسط تصاعد حرب التجارة بين أكبر اقتصاديين في العالم

الصين: التعريفات الجمركية الجديدة المفروضة من واشنطن لن تحل إشكالات التجارة

بكين- واشنطن (ديبريفر)
2019-06-02 | منذ 5 سنة

تصاعد الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة

حملت الحكومة الصينية ، اليوم الأحد ، الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولية فشل محادثات  التجارة بين البلدين ، عقب بدء واشنطن بتحصيل رسوم جمركية  أعلى تبلغ 25  بالمائة على سلع صينية كثيرة وصلت للموانىء الأمريكية  أمس السبت ، في تكثيف لحرب التجارة بين أكبر اقتصادين في العالم مما أدى إلى فرض الصين تعريفات جمركية انتقامية.

 واعتبرت وثيقة خاصة بالسياسة نشرتها الحكومة الصينية ، اليوم ، إن أحدث تعريفات جمركية فرضتها الولايات المتحدة على الواردات الصينية لن تحل المشكلات التجارية بين البلدين وإن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية الانتكاسات في عملية المحادثات.

وقالت الوثيقة إن بإمكان الصين ضمان توفر زخم قوي للتنمية الاقتصادية المستدامة كما أن التوقعات الاقتصادية للبلاد "متفائلة للغاية".

 وصدرت هذه الوثيقة التي تقع في 21 صفحة وتلخص المواقف الصينية، غداة  بدء تطبيق زيادة في الرسوم الجمركية على ما قيمته ستين مليار دولار من المنتجات الأمريكية المستوردة سنويا إلى الصين، رداً على العقوبات الأمريكية التي فرضت على ما قيمته 200 مليار من السلع الصينية في 10 مايو الفائت.

وهددت الصين  بفرض حظر على بعض المعادن ووضع "لائحة سوداء" لشركات أجنبية وزيادة الرسوم الجمركية.. ما يشير إلى أن الصين انتقلت مؤخراً إلى الهجوم المضاد بعد عام على بدء مواجهتها الاقتصادية مع واشنطن.

وقال نائب وزير الإعلام الصيني غوو ويمين في بكين إن "الحرب التجارية لم تعد إلى أمريكا عظمتها".

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفع في يوليو 2018 ، الرسوم الجمركية على منتجات صينية، ما أدى إلى رد مماثل من بكين طال سلعا أمريكية قدرت بمليارات الدولارات.

وأكد غوو خلال عرضه "كتابا أبيض" أمام الصحافيين ، اليوم الأحد ، إنه منذ ذلك الحين، ارتفعت الأسعار وكلفة الإنتاج في الولايات المتحدة وتراجعت الصادرات الأميركية إلى الصين وبات النمو العالمي مهدداً.

واعتبر المسؤول الصيني إن "التعاون هو الخيار الوحيد الممكن"، لكنه أكد في الوقت نفسه أن بكين "لن تساوم على المبادىء الأساسية".. موضحاً  أن الاتهامات التي ساقتها واشنطن بسرقة الملكية الفكرية "لا أساس لها إطلاقا".

وأشار غوو إلى أنه ليست لديه أي معلومات عن لقاء ثنائي ممكن بين ترامب ونظيره شي جينبينغ في نهاية يونيو الحالي في طوكيو على هامش قمة العشرين.

وبعد شهر من فشل المفاوضات التجارية الأمريكية الصينية، أكد غوو إن الولايات المتحدة تتحمل "المسؤولية الكاملة" لهذا الإخفاق لأنها غيرت مطالبها مرات عدة.

وكانت الصين أكدت أن المفاوضات ستستأنف في بكين في موعد لم يحدد ، لكن في مؤتمره الصحافي لم يطرح نائب وزير الإعلام الصيني هذا الاحتمال.

بكين مستعدة للرد

في ذات السياق ، أكد وزير الدفاع الصيني وي فينغ في سنغافورة أن ثاني قوة اقتصادية في العالم سترد على هجمات واشنطن.

وقال في منتدى شانغريلا الدولي "إذا كانت الولايات المتحدة تريد الحوار، فسنترك الباب مفتوحا. وإذا أرادت المواجهة فنحن مستعدون".

وفرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الزيادة في الرسوم على قائمة من السلع الصينية تبلغ قيمتها 200 مليار دولار في العاشر من مايو ، لكنه وافق على فترة سماح للبضائع المحمولة بحرا والتي غادرت الصين قبل هذا الموعد ليتم تطبيق الرسوم السارية قبل ذلك وهي عشرة في المئة.

وفي 15 مايو ، حدد مكتب الممثل التجاري الأمريكي الأول من يونيو موعدا نهائيا لهذه السلع التي تصل إلى الولايات المتحدة ، تبدأ بعدها هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية في تحصيل الرسوم التي تبلغ 25 في المئة في الموانئ الأمريكية ، وانتهت المهلة الساعة 12.01 بتوقيت شرق الولايات المتحدة يوم أمس السبت.

وتشمل زيادة التعريفة الجمركية مجموعة كبيرة من السلع الاستهلاكية والمكونات الوسيطة من الصين بما في ذلك خوادم الإنترنت والأثاث والمكانس الكهربائية ومنتجات الإضاءة .

وبدأت الصين في وقت سابق يوم السبت ، في تحصيل رسوم انتقامية أعلى على معظم السلع الواردة في قائمة مستهدفة تشمل بضائع أمريكية قيمتها 60 مليار دولار وكانت هذه التعريفات قد أعلنت في 13 مايو  وبدأ سريانها منتصف ليل الجمعة ،  وتفرض رسوما إضافية تبلغ 20 في المئة أو 25 في المئة على أكثر من نصف 5140 منتجا أمريكيا مستهدفا .

وأثارت الولايات المتحدة غضب الصين منتصف الشهر الماضي، عندما أعلنت عن وضع عملاق تكنولوجيا الاتصالات الصيني هواوي، أكبر مصنّع لمعدات الاتصالات في العالم، في قائمة سوداء وهى خطوة تمنع الشركة الصينية من الحصول على مكونات وتكنولوجيا من شركات أمريكية بدون موافقة من الحكومة.

وقال ترامب للصحافيين إنّ "هواوي شيء خطير للغاية. عندما تنظرون إلى ما فعلوه من وجهة نظر أمنية، من وجهة نظر عسكرية، تجدون أنه خطير للغاية. ولكن من الممكن أن يتم تضمين هواوي في اتفاق تجاري. إذا توصّلنا لاتّفاق، فأنا أرى هواوي مدرجة فيه بطريقة أو بأخرى"، من دون أن يدلي بأي تفاصيل إضافية.

وقالت بكين وقتها إن استئناف المحادثات بين أكبر اقتصادين في العالم سيكون بلا مغزى ما لم تغير واشنطن مسارها.

وتصاعد التوتر بين أكبر اقتصادين في العالم في الآونة الأخيرة ، بعد أن دعت الولايات المتحدة الأمريكية ، الصين للحد من نمو المشروعات المملوكة للدولة ، وهو ما اعتبرته بكين "غزواً" لسيادتها الاقتصادية.

وقالت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) ، السبت قبل الماضي ، إن "الحكومة الأمريكية قدمت على طاولة المفاوضات عدداً من المطالب المتغطرسة للصين من بينها الحد من نمو المشروعات المملوكة للدولة".

واعتبرت شينخوا "هذا أمر يتجاوز بشكل واضح مجال المفاوضات التجارية ويمس النظام الاقتصادي الأساسي للصين".. مؤكدة أن "هذا يثبت أن الولايات المتحدة تحاول من وراء حربها التجارية مع الصين غزو السيادة الاقتصادية الصينية وإجبار الصين على أن تلحق الضرر بمصالحها الأساسية".

ورغم جولات المباحثات بين البلدين ، إلا أن التصعيد في الحرب التجارية بينهما استمر ، خاصة بعد اتهام إدارة الرئيس دونالد ترامب الصين بالتراجع عن وعودها السابقة بإجراء تغييرات هيكلية في ممارساتها الاقتصادية.

 كما تتهم إدارة ترامب، الصين بممارسات تجارية غير نزيهة، مشيرة إلى الدعم الحكومي المقدم للشركات، وعمليات النقل المفروضة في التكنولوجيا الأمريكية لدخول السوق الصينية، وسرقة الملكية الفكرية.

ونفت الصين تراجعها عن وعودها ولكنها أكدت أنها لن تقدم تنازلات بشأن "قضايا مبدئية" للدفاع عن مصالحها الأساسية على الرغم من عدم إعطائها تفاصيل كاملة.

ويصر ترامب على أن الصين ستدفع الرسوم لا المستهلكين الامريكيين ، لكن أسعار عدد من المنتجات ارتفعت مع تحمل الشركات الأمريكية التكاليف.

وانتهج ترامب سياسة ”أمريكا أولا“ التي تهدف إلى إعادة توازن التجارة العالمية لصالح الولايات المتحدة.

كذلك تطالب الإدارة الأمريكية، بكين بشراء مزيد من السلع الأمريكية لتقليص خلل كبير في الميزان التجاري، وتسهيل دخول الشركات الأجنبية السوق الصينية.

وتسبب النزاع التجاري بين أكبر اقتصاديين في العالم في هبوط حاد في أسواق الأسهم وأضر بأسعار الخام، ليغطي على التوترات الجيو سياسية والانخفاضات في الإمدادات من أمريكا اللاتينية وأفريقيا والشرق الأوسط.


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet