تحدثت عن السبب الرئيس لعدم توجيه أبو ظبي اتهاماً رسمياً ومباشراً إلى إيران

مجلة بريطانية تكشف عن تكتم الإمارات على هجوم استهدف بئراً نفطياً

لندن (ديبريفر)
2019-06-03 | منذ 5 سنة

محمد بن زايد خلال قمة مكة أواخر مايو المنصرم

كشفت مجلة بريطانية عن أن الإمارات العربية المتحدة تتكتم على هجوم استهدف بئر نفطية لها خلال الأيام الماضية.

ونقلت مجلة "ميدل ايست آي" البريطانية في عددها الصادر أمس الأحد، عن مصدر إماراتي وصفته بـ"مطلع"، تأكيده إن الهجوم استهدف بئر نفطٍ إماراتية في الخليج، وذلك قبل أيام من الهجوم الذي استهدف أربع ناقلات نفطٍ قُبالة ميناء إمارة الفجيرة الإماراتية في 12 مايو المنصرم.

ووفقاً للمجلة، أفاد المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه، بأن "الأضرار الناجمة عن الهجوم على البئر النفطية كانت محدودة. ومثله مثل الألغام الأخرى التي استهدفت ناقلات النفط الأربع، كان الغرض من الهجوم إرسالُ رسالة".

وقال المصدر: "تسبب الهجوم في أضراراً ولكنها لم تكن جسيمة. لكن نحن قلقون جداً حيال هذا. مستشارُ الرئيس الأمريكي للأمن القومي، جون بولتون، لا يتقدم بالسرعة التي كانت تأملها أبو ظبي".

وذكرت المجلة البريطانية في مقال لرئيس تحريرها، ديفيد هيرست، فإن "أبو ظبي مرعوبة، إذ يبدو أنها أكثر من سيدفع ثمن التصعيد الذي خلقته بنفسها في منطقة الخليج، حيث تظهر الأحداث المتوالية ضعف الإمارات في مواجهة أي انتقام إيراني".

ولفت هيرست إلى أن "الإمارات تتجنب اتهام إيران بالمسؤولية عن الهجمات التي تتعرض لها البلاد، بل الأكثر من ذلك، إنها تحاول إخفاء وقوع هذه الهجمات"، معتبراً أن "ضعف الإمارات في مواجهة أي انتقام إيراني ظهر من خلال هذه الهجمات".

ورأى الصحفي البريطاني، أن "ثلاثُ هجماتٍ على مرافق نفطية وخط أنابيبٍ سعودي، كشفت بوضوح وفعالية ضعفَ أبو ظبي أمام هجماتٍ في أي مكانٍ في الخليج وجنوب مضيق هرمز في حال نشبت حربُ خليجٍ ثالثة شاملة".

هيرست اعتبر أيضاً أن القمم الثلاث (عربية، وخليجية، وإسلامية) التي استضافتها مكة المكرمة في السعودية أواخر الأسبوع المنصرم، وحضرها كلها محمد بن زايد، فشلت في الوصول إلى رد متماسك على تلك الهجمات، مشيراً إلى أن مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون تعهد الأسبوع الماضي بأن بلاده ستقدم أدلةً على تورط إيران في الهجوم إلى مجلس الأمن الدولي، لكنه لم يقدم أي أدلة حتى الآن.

وأوضح أن ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، ساند كل إجراءٍ ضد إيران، ومنها انسحاب واشنطن من اتفاقها النووي مع إيران، والعقوبات ضد طهران، وتشكيل حلف الناتو العربي، وإقامة مؤتمرٍ معادٍ لإيران في بولندا، وتصنيفُ الحرسِ الثوري الإيراني منظمةً إرهابية.

وذكر أن كل ما فعله محمد بن زايد، "يهدف إلى جعل إمارته الصغيرة ركناً أساسياً في سياسة واشنطن تجاه إيران، والآن يدفع الأمير ثمنَ هذه المواقف".

وقال هيرست إن الرسالة الأكثر تماسكاً أتت من المعسكر الآخر يوم السبت الماضي، حينما حذَّر زعيم حزب الله اللبناني المدعوم من إيران، حسن نصر الله، أن المنطقة كلها ستشتعل إن بدأت الولايات المتحدة حرباً ضد إيران، ما سيدفع سعر برميل النفط للارتفاع إلى 300 دولار. لكن نصر الله كان متأكداً مع ذلك من أن هذا لن يحدث بسبب كل ما يعنيه ذلك لأن "الجميع متورطون" حد تعبيره.

وأضاف أن المقصود بالرسالة هو جيرانُ إيران في الخليج، وأن الهجمات التي كان الغرض منها جذب انتباه العالم ولكنها لم تسبب أضراراً تذكر، أرسلت رسالةً قويةً إلى محمد بن زايد بشكل شخصي.

وأكد رئيس تحرير مجلة "ميدل ايست آي" البريطانية أنه أياً كان من قام بالهجمات، يبدو أنه كان يقول لمحمد بن زايد: "ثمة طرفان يمكن أن يقوما بالتصعيد، وإمارتك الصغيرة ستكون في واجهة الفوضى التي خلقتها أنت بنفسك".

 

الإمارات تنكر والحوثيون يثبتون

ولفت الصحفي هيرست، إلى أن الإمارات أنكرت في البداية أن حدوث هجمات على ناقلات النفط قبالة الفجيرة، مثلما أنكرت الهجمات الحوثية بطائراتٍ من دون طيار على مطاري أبوظبي ودبي خلال صيف العام الماضي.

وأشار إلى أن الحوثيين (أنصار الله) أثبتوا صحة كلامهم بمقاطع فيديو نشروه في مايو المنصرم تم التقاطه لطائرة من دون طيار تحلق فوق المدرج الأول من مطار أبو ظبي قبل أن تتحول بعد انفجارها إلى كرة من النار، ما فنّد الإنكار الإماراتي.

 

سر تهرب الإمارات من اتهام إيران

وكشف الكاتب البريطاني عن السبب الرئيس وراء تهرب الإمارات العربية المتحدة من توجيه اتهامات رسمية ومباشرة إلى إيران بالوقوف وراء الهجمات التي استهدفت ناقلات النفط والبئر النفطية في الإمارات، حتى بعد قمم مكة الثلاث التي خصصت لحشد الدعم الخليجي، والعربي والإسلامي ضد إيران.

وقال هيرست "بالنسبة لأبوظبي الاتهامُ العلني لا يقل خطورةً، فتوجيه الاتهام الرسمي لإيران يعني أن الجمهورية الإسلامية قامت بإعلان الحرب، حربٍ لا أحد مستعدٌ لها، وخاصةً الإمارات. كما سيؤدي ذلك أيضاً إلى ارتفاع رسوم التأمين ويفزع السفن التجارية ويقلص حركة الشحن التي اجتذبتها الإماراتُ إلى موانئها، وخاصةً ميناء الفجيرة، ثاني أضخم ميناء في العالم لتزويد السفن بالوقود".

واعتبر أن هذه السياسات أطلقت انتقادات داخلية ضد بن زايد، حيث كان حجم التجارة غير النفطية الإيرانية مع الإمارات بقيمة 16.83 مليار دولار في عام 2018، معظمها عبر دبي. الآن وبسبب الحزمة الأخيرة من العقوبات، تم طردُ العديد من الشركات الإيرانية التي انتقلت إلى عُمان وقطر وتركيا. هذا أيضاً خلق توتراتٍ بين دبي وأبو ظبي.

 

خلافات إماراتية

وأشار رئيس تحرير مجلة "ميدل ايست آي" إلى أنه يتم التعبير عن السياسات العدائية تجاه محمد بن زايد على أعلى المستويات داخل الإمارات، فنائب الرئيس الإماراتي ورئيس الوزراء، محمد بن راشد آل مكتوم، أعلن في تغريداتٍ على تويتر معارضته للسياسات "الكريهة"، وقال إن التاريخ سيقرر ما إذا كان الحكام العرب لديهم "إنجازاتٌ عظيمة تتحدث عن نفسها أم مجرد خطابات فارغة مكونة من صفحاتٍ وكلماتٍ بلا قيمة".

ولفت إلى أن التوتر في الإمارات واضحٌ أيضاً على شبكات التواصل الاجتماعي بين شخصياتٍ رسمية، فحين عبر الأكاديمي عبدالخالق عبدالله عن الموقف الرسمي قائلاً في تغريدةٍ إن "دول الخليج لا تريد الحرب ولكن إن نشبت الحرب فإنها محصَّنةٌ بأقوى درعٍ دفاعي يمكن تخيله. كما أنها ستكون في موقفِ المستفيد من تقليص نفوذ إيران وتقزيمها ونزع مخالبها". رد رجل الأعمال البارز خلف أحمد الحبتور، الذي يدعم إقامة علاقاتٍ أقوى مع إسرائيل: "أخي الدكتور عبدالخالق، ما من رابح في الحرب. صحيحٌ أننا محميون دفاعياً، لكن اقتصادنا لن ينجو من نتائج أي هجومٍ عسكري على إيران، وهذا سيشلُّ المنطقة اقتصادياً لسنوات. لا نريد حرباً في منطقتنا ونطالب زعماءنا بالبحث عن حلٍ للأزمة بأي طريقةٍ عدا الحل العسكري".

 

طائرات الحوثيين المسيّرة

وقال هيرست: "في هذه الأثناء، لدى بولتون حاملة طائرات أبراهام لينكولن وقاذفات بي 52 التي كان نشرها حسب ما قال في نهاية الأسبوع الماضي بتوصيةٍ من الجيش الأمريكي، لكنه شخصياً أعلن الخبر، فيما لدى الحوثيين بنكٌ من 300 هدف لطائراتهم بدون طيار، وهم ينوون استخدامها كلها.

وتساءل قائلاً "هل حقق بن زايد أهدافه من كل هذه المغامرات؟"

وخلص الصحفي البريطاني إلى القول إن "المعضلة الحالية لأبو ظبي هي بلا شك صنيعةُ يديها. لقد أظهر العقلُ الأقل توازناً في الشرق الأوسط، ونعني عقلَ ولي عهدها، أظهر بشكل متكرر قدرةً على اختلاق النزاعات في جهاده المستمر ضد الإخوان المسلمين وإيران".

واختتم مقاله قائلاً: "قواته (بن زايد) غارقةٌ في مستنقع اليمن، عملاؤه لم يصلوا لنتيجةٍ في ليبيا، وهو يحاول تكرار نفس المعادلة في السودان. قد يدرك ترامب متأخراً حقيقةَ أن أكبر حلفائه يشكل أكبر خطرٍ على مصالح أمريكا العسكرية في الخليج".


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet