حرب اليمن في عامها الخامس .. تحولات استراتيجية وانقلاب في الموازين

صنعاء - ديبريفر
2019-06-18 | منذ 4 سنة

حرب اليمن في عامها الخامس .. إلى أين؟

 

مع دخول الحرب السعودية الإماراتية في اليمن عامها الخامس، يرى الكثير من الخبراء والمتابعين أن المعادلة على الأرض تغيرت، وباتت السعودية في ورطة حقيقية إزاء ما آلت إليه الأحداث من تطورات مثيرة، جعلت الرياض تستنجد بالعالم لوقف هجمات جماعة الحوثيين (أنصار الله) عليها، رغم وعودها بالقضاء على الحوثيين خلال أسبوعين من انطلاق عمليات عاصفة الحزم.

في العام 2015 وبعد تتويج سلمان بن عبدالعزيز ملكاً على السعودية، أطلقت المملكة تحالفاً عربياً، لإعادة الرئيس هادي وحكومته إلى صنعاء، انضمت إليه الإمارات والبحرين ومصر والسودان لاحقاً، بهدف تركيع الحوثيين، لكنه- وحتى اليوم- لم يحقق شيئاً، رغم التفوق العسكري في التسليح، والدعم اللوجيستي الأمريكي، باستثناء انسحاب الحوثيين من بعض المحافظات جنوباً، مع إحكامهم القبضة على العاصمة صنعاء والمدن المتاخمة لها، فيما الحكومة المعترف بها دوليا قابعة في الرياض، ومن هناك تدار شؤون الدولة.

من الدفاع إلى الهجوم

أربع سنوات كانت كفيلة لأن يقلب الحوثيون الطاولة على التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، وفي ليلة وضحاها، تحولت استراتيجية الحرب الحوثية من الدفاع إلى الهجوم، وفي العمق السعودي باستهداف المنشآت الحيوية عبر مختلف الطرق والآليات التي يملكها الحوثيون.

واعتبر مراقبون ومحللون عسكريون وسياسيون، التصريحات والتهديدات الأخيرة لقيادات جماعة الحوثيين، مؤشراً آخر على انقلاب الموازين مع انتقال الحوثيين من مرحلة الدفاع عن أنفسهم إلى مرحلة الهجوم المسلح على السعودية.

كما يرى هؤلاء أن معادلة المعركة تغيّرت في اليمن، وأن الحوثيين استفادوا من إطالة أمد الحرب والحصار المفروض عليهم بتطوير قدراتهم العسكرية وبالتصنيع العسكري المحلي والذي وصل إلى حد استخدام الطائرات المسّيرة ضد المنشآت والمصالح الحيوية السعودية، في حين أن السعودية استخدمت كل وسائل القصف الجوي المتطور واستنفدت كافة طاقاتها وقدراتها ولم تحقق إلا النزر اليسير من أهداف تدخلها في اليمن.

وأشاروا إلى أنه نتيجة لذلك أصبحت الكفة في الميزان العسكري راجحة لصالح جماعة الحوثيين التي لم تخسر كثيراً في هذه الحرب بقدر ما حققت الكثير من المكاسب العسكرية والسياسية والدبلوماسية وحتى الإعلامية على الصعيدين المحلي والخارجي.

ميدانيا .. وسعت قوات الحوثيين هجومها صوب المناطق الخاضعة للشرعية

أهداف أخرى

يرى متابعون أن الرد الحوثي هذه المرة لن يكون محصوراً في مهاجمة المطارات فحسب، خصوصاً مع التسارع الملحوظ في العمليات التي تنفذها الطائرات الحوثية المسيرة، إذ يمكن لتلك الطائرات أن تصل بكل سهولة إلى أي وجهة تحددها الجماعة، وفي الـ11 من يونيو الجاري أكد المتحدث العسكري باسم قوات الحوثيين أن بنك أهدافهم يتسع يوماً بعد يوم، داعياً المدنيين في السعودية والإمارات إلى "الابتعاد عن كل الأهداف العسكرية والحيوية كونها أصبحت أهدافاً مشروعة" حد قوله.

وقالت قوات جماعة الحوثيين في منتصف مايو الفائت إن لديها بنك أهداف يضم 300 هدف حيوي وعسكري في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

وكثفت جماعة الحوثيين، منذ منتصف مايو الفائت عملياتها العسكرية، لاستهداف منشآت حيوية في السعودية، بطائرات مسيرة بدءاً بمحطتي ضخ النفط الخام في محافظتي الدوادمي وعفيف بمنطقة الرياض، وقصف مطارات نجران وجيزان وأبها الدولي الذي تم استهدافه لأول مرة بصاروخ مجنح نوع "كروز"، وبطائرات مسيرة مفخخة واستهداف قاعدة الملك خالد الجوية في خميس مشيط.

تصاعد التهديدات الحوثية

صعّدت قيادات الجماعة من حدة لهجة تهديداتها وتوعدها لدول التحالف بصورة غير مسبوقة منذ بدء تدخل السعودية في الصراع اليمني قبل أكثر من أربع سنوات، آخرها خلال الثلاثة الأيام الماضية، فمساء الأحد، هدد ضيف الله الشامي وزير الإعلام في حكومة جماعة الحوثيين (أنصار الله) والمتحدث الرسمي باسمها، السعودية والإمارات بـ " مفاجأة " وسلاح جديد وقدرات عسكرية يمتلكونها.

وقال الشامي وهو عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثيين، في حديث لقناة "الميادين" اللبنانية، "سنفاجئ دول العدوان بقدرات تتزايد مع الوقت وسيتفاجأ العالم بامتلاكنا سلاحاً لا يمتلكه أحد في المنطقة".

وأضاف "أهدافنا تتسع في السعودية والإمارات ونختار منها ما يؤثر على النظام واستراتيجيته من دون المساس بالمدنيين"، مؤكداً أن "الإمارات مشمولة في بنك الأهداف وهي الآن تتحسس رأسها".

وحذر الشامي من أن "أي دولة تشارك في العدوان يجب أن تقوم بحساباتها الآن فأدوات الصراع ستتغير، وأي دولة تشارك في العدوان هي ضمن أهدافنا".

واعتبر أن "المعادلة التي أرسيناها هي بعد استنفاد الوسائل الدبلوماسية، المعادلة التي أعلناها تحمل المسارين الدبلوماسي والعسكري، وكل الاحتمالات العسكرية مفتوحة ولدينا سلاح يتميز بالمدى البعيد والقدرة الكبيرة والتخفي".

وكان القيادي البارز عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثيين (أنصار الله) محمد البخيتي توعد، السعودية والإمارات بـ " اقتراب" ما أسماها " المعركة الكبرى" والزحف على العدو في عقر داره، وتعويض الخسائر المادية للشعب اليمني.

عطوان: تبادُل الأدوار في حربِ استنزاف

محور المقاومة..

يقول الكاتب السياسي عبد الباري عطوان إن هذه التطورات تعكس توجهاً للقيادة في حكومة صنعاء بالانتقال من استراتيجية دفاعيّةٍ إلى استراتيجية هجومية، واستخدام أسلحة جويّة وأرضيّة على درجةٍ عاليةٍ من الكفاءة والدقّة في الوقتِ نفسه، فإطلاق صاروخ كروز مُجنّح على مطار أبها الدولي، واختِراقه كُل الدّفاعات الأرضيّة السعوديّة ووصوله إلى هدفه، وقبلها وصول سبع طائرات مُسيّرة مُلغّمة إلى غرب الرياض (13 مايو الماضي) وضرب مُنشآت نفطيّة هي أحد الأدلّة في هذا المِضمار.

وأضاف عطوان في افتتاحية صّحيفة "رأي اليوم اللندنية الإلكترونية" مساء الاثنين: "ولعلّ إسقاط طائرة أمريكيّة مُسيّرة بصاروخ أرض جو فوق ميناء الحديدة على السّاحل الغربي مطلع الشهر الجاري، واعتِراف القيادة العسكريّة الأمريكيّة بذلك، وللمَرّة الأولى مُنذ بدء الحرب يُقدّم دليلًا إضافيًّا ليس على تطوّر هذه القُدرات، وإنّما تدخّل الولايات المتحدة في هذهِ الحرب أيضًا".

وأشار إلى أن "تبريد" جبهة جنوب لبنان، و"تسخين" جبهة اليمن، يُمكن النّظر إليهما من زاوية تبادُل الأدوار في حربِ استنزاف يُمارسها محور المُقاومة بشكلٍ مدروسٍ ضِد الولايات المتحدة وحُلفائها، ربّما تكون نموذجاً مُصغّراً للحرب الكُبرى التي يُمكن أن تشتعل في المِنطقة إذا ما تعذّر جُلوس الطّرفين الأمريكيّ والإيرانيُ على مائِدة الحِوار للتوصّل إلى حلٍّ سياسيٍّ يحول دون المُواجهة العسكريّة.


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet