دعا رئيس الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، الدكتور معين عبد الملك، يوم الخميس، الولايات المتحدة الأمريكية، إلى الاضطلاع بدورها في تصحيح مسار تقديم المساعدات الغذائية لليمنيين، خاصة مع بدء برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة يوم الخميس تعليقا فعليا للمساعدات الإنسانية التي يقدمها للمحتاجين في العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين (أنصار الله).
وقال رئيس الوزراء خلال لقائه اليوم الخميس في مدينة عدن، السفير الأمريكي الجديد لدى اليمن كريستوفر هنزل، إن الولايات المتحدة تعد أحد الدول الكبرى في العالم والرعاة الأساسيين لعملية السلام في اليمن ومن أكبر المانحين، ويقع عليها دور كبير في تصحيح مسار تقديم المساعدات لليمنيين.
وأكد رئيس الوزراء اليمني، أن حكومة بلاده لا تريد إيقاف المساعدات بل تريد المزيد من الضغط على جماعة الحوثيين، من أجل توزيع المساعدات وفقاً للمعايير الإنسانية، في إشارة منه إلى التحذير الذي أطلقه برنامج الأغذية التابع للأمم المتحدة بشأن احتمال البدء في تعليق المساعدات الغذائية في اليمن تدريجياً نهاية هذا الأسبوع.. متهما جماعة الحوثيين، بنهب المساعدات المخصصة للمواطنين اليمنيين الذين يعانون بسبب الحرب الدامية الدائرة في اليمن، للعام الخامس على التوالي.
واعتبر عبد الملك، إن الطريق الوحيد لمساعدة اليمن هو عبر دعم المجتمع الدولي للحكومة الشرعية التي تعمل من أجل استعادة الثقة بالدولة وتعافي الاقتصاد الوطني وتوفير الخدمات للمواطنين اليمنيين.
ويدور في اليمن منذ أكثر من أربع سنوات، صراع دموي على السلطة بين الحكومة "الشرعية" المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي عسكري تقوده السعودية، وجماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران والتي تسيطر على العاصمة صنعاء وأغلب المناطق شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية منذ أواخر العام 2014 ما أنتج أوضاعاً إنسانية صعبة، جعلت معظم سكان هذا البلد الفقير بحاجة إلى مساعدات عاجلة.
وأكد رئيس الحكومة اليمنية الشرعية، حرص حكومته على إيصال المساعدات لكافة محافظات الجمهورية بدون استثناء، وكذا حرصها على تقديم كافة التسهيلات للمنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني .. مجددا الدعوة لانتقال مقرات المنظمات الدولية العاملة في اليمن، للعمل في مدينة عدن التي تتخذها الحكومة الشرعية عاصمة مؤقتة للبلاد.
وزعم عبد الملك، أن حكومته اعتمدت خلال الثمانية الأشهر الماضية نحو 90 ألفاً لكشوفات المرتبات في القطاع العام، وذلك وفقا لما ذكرته وكالة الأنباء اليمنية التابعة للحكومة الشرعية بنسختيها عدن والرياض.
جاءت دعوة رئيس حكومة اليمن الشرعية، لتصحيح مسار تقديم المساعدات للشعب اليمني، في ضوء قرار برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة ، البدء يوم الخميس التعليق فعليا للمساعدات الإنسانية التي يقدمها للمحتاجين في العاصمة اليمنية صنعاء ومناطق شمالي اليمن ، الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين.
الاثنين الماضي دعا ديفيد بيزلي المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية التابع للأمم المتحدة جماعة الحوثيين (أنصار الله) إلى "السماح لنا بالقيام بما نفعله في أرجاء العالم. الأطفال يموتون الآن بسبب ذلك"، مهدداً بتعليق المساعدات في مناطق الحوثيين هذا الأسبوع نتيجة التلاعب بهذه المساعدات وغياب استقلالية العمل في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وقال بيزلي لمجلس الأمن الدولي "إذا لم نتلق هذه التأكيدات، فسنبدأ تعليق المساعدات الغذائية تدريجياً، وعلى الأرجح قرب نهاية هذا الأسبوع".
وأضاف "نحن الآن نساعد في إطعام ما يربو على عشرة ملايين شخص شهريا، لكن بصفتي رئيس برنامج الأغذية العالمي لا يمكنني أن أؤكد لكم أن كل المساعدات ستذهب لمن هم في مسيس الحاجة لها".
الضغط على الشرعية
تأتي تصريحات رئيس الحكومة الشرعية، بأن حكومته اعتمدت مرتبات 90 موظفا خلال الـ 8 الأشهر الماضية، في وقت أكد عدد كبير من الموظفين الساكنين في العاصمة صنعاء والمحافظات الشمالية لوكالة ديبريفر للأنباء الدولية، عدم صحة ما صرح به رئيس الحكومة الشرعية بهذا الشأن.
وأشار هؤلاء إلى أنهم حاولوا خلال الأشهر الماضية، التقدم بكشوفاتهم إلى وزارة المالية في عدن، إلا إنها رفضت ذلك، خاصة أن على أبواب الوزارة تعميم صادر في مارس العام الماضي، أعلنت فيه المالية تعليق استقبال ملفات كشوفات الراتب للموظفين النازحين من المحافظات الخاضعة تحت سيطرة الحوثيين، حتى إشعار أخر، وحتى اليوم لم يتم فتح باب التسجيل لاستقبال كشوفات المرتبات
كما طالب مراقبون ومحللون اقتصاديون محليون، الأمم المتحدة والدول الكبرى على رأسها أمريكا وبريطانيا ، بممارسة مزيد من الضغط على هذه الحكومة ، لإجبارها على تحمل مسئوليتها القانونية والأخلاقية، ودفع مرتبات كافة موظفي الدولة المنقطعة منذ أكثر من عامين ونصف لغالبية الموظفين سيما في المحافظات الشمالية ذات الكثافة السكانية والوظيفية، والذين يعانون أوضاعا معيشية وإنسانية صعبة، بفعل انقطاع مرتباتهم الشهرية منذ قرار حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في سبتمبر 2016 نقل مقر البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، ما ضاعف المعاناة الإنسانية لدى الموظفين والمواطنين بشكل عام.
وحمل هؤلاء الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، باعتبارها هي المسئولة عن الشعب أمام العالم أجمع كما تدعي وتزعم ليل نهار، مسؤولية هذه المأساة الإنسانية، الناجمة عن انقطاع المرتبات.
وأكدوا إن النسبة الأكبر من الموظفين المدنيين الواقعين تحت سلطة جماعة الحوثيين، تعيش وضعا صعبا حيث يتم تسليم مرتبات الموظفين في المؤسسات الإيرادية فقط.. مشيرين إلى إن الحكومة التي تدعي إنها شرعية تنصلت من وعودها والتزاماتها للأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، حينما شرعت في نقل البنك قبل عامين، وذلك بصرف المرتبات من الأموال المطبوعة في روسيا المقدرة بنحو اثنين تريليون ريال " ألفين مليار ريال "، لكافة الموظفين من صعدة إلى المهرة باعتبارها حكومة شرعية مسئولة وحريصة على حقوق كل أبناء الشعب شمالا وجنوبا، لكنها لم تصرف شيء وبددت تلك الأموال الطائلة في أمور ومشاريع يشوبها فساد كبير طبقا لتقارير رسمية موثقة.
ورغم تعهداتها المتكررة بصرف مرتبات جميع موظفي الدولة، إلا أن حكومة "الشرعية" عجزت عن الالتزام بتعهداتها وتملصت منها منذ نقل مقر البنك المركزي إلى عدن. وقبل قرار نقل البنك كانت المرتبات تصرف لجميع موظفي الجهاز الإداري للدولة في جميع المحافظات.
ومنذ أن قررت حكومة هادي في سبتمبر 2016 نقل مقر البنك المركزي من صنعاء إلى عدن وتعيين محافظ جديد له خلفا لمحمد بن همام، تدهور الوضع المالي للبلاد وبات أكثر فوضوية وعبثية في اليمن، وأدى لوجود بنكين مركزين في عدن وصنعاء.
ودائماً ما تؤكد الأمم المتحدة أن الأزمة الإنسانية في اليمن هي "الأسوأ في العالم"، وأن أكثر من 22 مليون يمني، أي أكثر من ثلثي السكان، بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية والحماية العاجلة، بمن فيهم 8.4 مليون شخص لا يعرفون كيف سيحصلون على وجبتهم المقبلة، فيما يعاني نحو مليوني طفل من النقص الحاد في التغذية.