تعهد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، يوم السبت، بعدم السماح لخطة السلام الأمريكية لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، التي وصفها عباس بصفقة العصر، لأنها تنهي القضية الفلسطينية برمتها.
وجدد عباس، لدى ترأسه اجتماعا للجنة المركزية لحركة فتح التي يتزعمها في مدينة رام الله :” التأكيد على موقف القيادة الفلسطينية الرافض بشدة ما يتعلق عليها إعلاميا "صفقة القرن " قائلا :" “نؤكد على رفضنا لصفقة العصر وأنها لا يمكن أن تمر لأنها تنهي القضية الفلسطينية”.
كما أكد الرئيس الفلسطيني على الموقف الفلسطيني بمقاطعة مؤتمر اقتصادي أمريكي مقرر في البحرين هذا الأسبوع.
وقال عباس، :”موقفنا أن ورشة البحرين لن نحضرها؛ لأن بحث الوضع الاقتصادي لا يجوز قبل الوضع السياسي”.
وأضاف: ”نحن لا نتعامل مع وضع اقتصادي من دون حل سياسي”.
وينتظر أن يعقد المؤتمر الأمريكي في البحرين يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين تحت شعار “السلام من أجل الازدهار” لبحث الجوانب الاقتصادية المرتبطة بخطة الإدارة الأمريكية لحل القضية الفلسطينية المعروفة باسم “صفقة القرن” أو “صفقة العصر”.
ويعد مؤتمر البحرين الاقتصادي، الجزء الأول من خطة سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين تبناها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتُعرف بـ"صفقة القرن".
ومن المتوقع أن تشجع الخطة، الدول العربية المانحة على الاستثمار في الضفة الغربية وقطاع غزة قبل معالجة القضايا السياسية الشائكة التي تمثل جوهر الصراع.
وتعتقد الإدارة الأمريكية أن الفلسطينيين سيشعرون بالرضا عن استثمارات وحوافز اقتصادية تنتشلهم من الواقع الاجتماعي والاقتصادي المتراجع، كبديل "مفترض" عن الدولة المستقلة التي يطالب بها الفلسطينيون ويعتبرونها شرطاً لأي مفاوضات سلام دائم مع الإسرائيليين.
من جهة أخرى، قال عباس إن السلطة الفلسطينية مصرة على موقفها برفض استلام أموال عائدات الضرائب الفلسطينية من إسرائيل “منقوصة”.
وأضاف أن “على إسرائيل دفع هذه الأموال كاملة، ونحن مستعدون لأي نقاش بعد ذلك، فاقتطاع أي مبالغ مالية بحجة دفع رواتب للشهداء والأسرى أمر لا يمكن قبوله”.
وتابع :”مستعدون للحوار مع إسرائيل حول كافة القضايا المعلقة بيننا وبينهم، بما يشمل ملف عائدات الضرائب وكافة الملفات الاقتصادية والمالية”.
ورفضت السلطة الفلسطينية استلام أموال عائدات الضرائب من إسرائيل منذ فبراير الماضي ردا على إقرار قانون إسرائيلي باقتطاع ما يتم دفعه من رواتب للقتلى والأسرى الفلسطينيين من تلك العائدات.
تفاصيل صفقة القرن
تأتي تصريحات الرافضة بشدة لخطة السلام الأمريكية المثيرة للجدل، في وقت أعلن البيت الأبيض اليوم السبت عن تفاصيل خطة السلام في الشرق الأوسط المعرفة إعلاميا بـ “صفقة القرن، قبل أيام من مؤتمر اقتصادي في البحرين بشأن الفلسطينيين.
وقال بيان للبيت الأبيض، أن الخطة المقترحة المكونة من 40 صفحة، تشمل إنشاء صندوق استثمار عالمي، تأمل الولايات المتحدة في أن يؤدي إلى رفع المستوى الاقتصادي للفلسطينيين والاقتصاديات العربية المجاورة.
وأشار البيان، إلى أنه سيتم إنفاق أكثر من نصف المبلغ المحدد لذلك الصندوق وقيمته 50 مليار دولار في الأراضي الفلسطينية على مدى عشرة أعوام، حسب الخطة.
وقال كبير مستشاري الرئيس الأمريكي، وصهره جاريد كوشنر، إن إدارة ترامب تأمل بأن تغطي دول أخرى، وبشكل أساسي دول الخليج الغنية، ومستثمرو القطاع الخاص قدرا كبيرا من هذه الميزانية.
وأضاف كوشنر خلال مقابلتين مع رويترز أنه يرى أن خطته المفصلة ستغير قواعد اللعبة على الرغم من أن كثيرين من خبراء الشرق الأوسط يرون أنه لا توجد أمامه فرصة تذكر للنجاح حيث أخفقت جهود السلام التي دعمتها الولايات المتحدة على مدى عقود.
وأكد كوشنر، على الزعماء الفلسطينيين الذين رفضوا خطته بوصفها محاولة لإنهاء طموحاتهم بإقامة وطن .. قائلا ”أضحك عندما يهاجمون ذلك بوصفها ’صفقة القرن‘.
وزعم أن تلك ستكون ’فرصة القرن‘ إذا كانت لديهم الشجاعة للالتزام بها“.
وقال كوشنر إن بعض المسؤولين التنفيذيين من قطاع الأعمال الفلسطيني أكدوا مشاركتهم في المؤتمر ولكنه امتنع عن كشف النقاب عنهم.
وقال رجال أعمال في مدينة رام الله بالضفة الغربية لرويترز إن الغالبية العظمى من أوساط قطاع الأعمال الفلسطيني لن تحضر المؤتمر.
ويقود كوشنر، الذي يوصف بمهندس "صفقة القرن"، فريقاً من البيت الأبيض يعمل على صياغة خطة السلام المثيرة للجدل، والتي ما زالت قيد السرية، لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، ويتردد أنها تقوم على إجبار الفلسطينيين على تنازلات مجحفة لصالح إسرائيل بما فيها القدس واللاجئين والمستوطنات.
وسعى هذا الفريق لممارسة أقصى قدر من الضغوط والنفوذ التفاوضي على الفلسطينيين، والحصول على إجماع عربي ودولي حول خطة للسلام في الشرق الأوسط، إلا أن هذه الصفقة قوبلت برفض شديد من الفلسطينيين وأطراف عربية ودولية.
ويرفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس بشدة هذه الخطة، ويتهم واشنطن بالانحياز لإسرائيل، وتعهد مراراً بعدم السماح بتمرير الصفقة التي يقول إنها "تسقط القدس واللاجئين وتبقي المستوطنات الإسرائيلية، وتعطي إسرائيل هيمنة أمنية"، مقارناً بينها وبين وعد بلفور الذي قطعه عام 1917 وزير الخارجية البريطاني آنذاك اللورد آرثر بلفور وتعهّد فيه باسم المملكة المتّحدة بإنشاء وطن قومي لليهود.
ورفض مسؤولون فلسطينيون يوم السبت المقترحات التي كشف النقاب عنها جاريد كوشنر صهر الرئيس دونالد ترامب بإقامة مشروعات بتكلفة ضخمة لتمثل الشق الاقتصادي لخطة إدارة ترامب للسلام في الشرق الأوسط والتي طال انتظارها.
وقالت حنان عشراوي المسؤولة البارزة بمنظمة التحرير الفلسطينية إن خطط كوشنر كلها مجرد ”وعود نظرية“ مشيرة إلى أن الحل السياسي فقط هو الذي يحل الصراع.
وتتضمن خطة السلام في شقها الاقتصادي "المعلن" مساعدة الفلسطينيين على تعزيز اقتصادهم وتوفير مستقبل أفضل للفلسطينيين، بينما يتضمن الشق السياسي "غير المعلن" ما يتعلق بالقضايا الجوهرية مثل حق العودة والمستوطنات والوضع النهائي للقدس وقضايا أخرى تفضل الإدارة الأمريكية تأجيل البت بها ومناقشتها في المرحلة الراهنة.
وأعلنت السلطة الفلسطينية مقاطعتها لمؤتمر البحرين، فيما أعلنت السعودية والإمارات إنهما ستشاركان في المؤتمر، كما نقل مسؤول أمريكي بارز عن مسؤولين من قطر قولهم في أحاديث خاصة إن بلادهم من المتوقع أن تحضر كذلك.
ومن المتوقع أن يشارك في مؤتمر المنامة ما بين 300 و400 ممثل ومسؤول تنفيذي من أوروبا والشرق الأوسط وآسيا وربما بعض رجال الأعمال الفلسطينيين.
صندوق استثماري عالمي
وقال مسؤولون أمريكيون ووثائق راجعتها رويترز إن خطة إدارة الرئيس دونالد ترامب الاقتصادية للسلام في الشرق الأوسط التي يبلغ حجمها 50 مليار دولار تدعو لإقامة صندوق استثمار عالمي لدعم اقتصاديات الفلسطينيين والدول العربية المجاورة وبناء ممر بتكلفة خمسة مليارات دولار يربط بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
وقالت الوثائق إن الخطة تشمل 179 مشروعا للبنية الأساسية وقطاع الأعمال. ومن المقرر أن يقدم جاريد كوشنر صهر ترامب الخطة خلال مؤتمر دولي في البحرين هذا الأسبوع.
وذكرت الوثائق، بأنه سيتم إنفاق أكثر من نصف الخمسين مليار دولار في الأراضي الفلسطينية المتعثرة اقتصاديا على مدى عشر سنوات في حين سيتم تقسيم المبلغ المتبقي بين مصر ولبنان والأردن. وسيتم إقامة بعض المشروعات في شبه جزيرة سيناء المصرية التي يمكن أن تفيد الاستثمارات فيها الفلسطينيين الذين يعيشون في قطاع غزة المجاور.
وتقترح الخطة أيضا نحو مليار دولار لبناء قطاع السياحة الفلسطيني وهي فكرة تبدو غير عملية في الوقت الحالي في ضوء المواجهات التي تندلع بين الحين والآخر بين القوات الإسرائيلية ومقاتلي حركة حماس التي تحكم غزة والأمن الهش في الضفة الغربية المحتلة.
وقطع الفلسطينيون اتصالاتهم مع البيت الأبيض بعدما أعلن ترامب في 6 ديسمبر 2017، اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، ثم نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، في 14 مايو الماضي.
ومنذ ذلك التاريخ يرفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس التعاطي مع إدارة ترامب، كما رفض الاجتماع مع فريق ترامب الخاص لإعداد خطة السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين "صفقة القرن"، متهماً واشنطن بالانحياز لإسرائيل.
ودعت القيادة الفلسطينية إلى رعاية دولية لعملية السلام كبديل عن الرعاية الأمريكية وإن كانت تقبل أن تكون الولايات المتحدة جزءاً من هذه الرعاية الدولية.
واحتلت إسرائيل الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة خلال حرب عام 1967، ولا تعترف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالتغييرات الديموغرافية التي تقوم بها إسرائيل وتوسعها ببناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتعتبر أغلب الدول المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية غير قانونية ولم تعترف بها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي. وتعترض إسرائيل على ذلك وتتعلل بأن حقها في تلك المناطق قائم على روابط تاريخية وسياسية ودينية واحتياجات أمنية.
ويريد الفلسطينيون أن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المنشودة في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية. واحتلت إسرائيل تلك الأراضي عام 1967 وضمت إليها القدس الشرقية وأعلنت عام 1980 كامل القدس بشطريها "عاصمة أبدية" لها.