مع بزوغ أول خيط نور فجر الاثنين للأسبوع قبل الماضي انطلقت في تعز (جنوب غربي اليمن) حملة أمنية مشكلة من وحدات الجيش والأمن، وانتشرت في عدد من الأحياء الشرقية للمدينة.
منظمو الحملة أعلنوا حينها في بيان إن الحملة تهدف إلى إحلال الأمن وضبط متهمين بجرائم اغتيال شهدتها المدينة طيلة الأسابيع الماضية، لتقديمهم لمحاكمة عادلة، استجابة لمطالب شعبية تمثلت في مظاهرة غاضبة نفذفها عشرات الموطنين أمام مبنى المحافظة، رافعين شعارات تعبر عن استيائهم الشديد مما وصل إليه وضع مدينتهم.
وصاحب الحملة الأمنية منذ انطلاقها ردود أفعال كثيرة من المتابعين وناشطي مواقع التواصل الاجتماعي، تنوعت بين الساخر منها والمشكك في مدى جديتها، فيما قلة قليلة راحوا يغرقونها بالمديح والأمل المفرط.
تمييع القضية
ناشطون تابعوا الحملة الأمنية بنوع من الريبة وعدم الوثوق في تحقيقها للأهداف المعلن عنها، لأنها برأيهم ليست سوى استئناف لحملات أخرى مشابهة انطلقت أواخر الشهر الماضي ثم توقفت، بينما بقي شبح الاغتيال على حاله طاغيا ذلك مالم يكن نشاطه قد تضاعف كثيرا في حصد الأرواح، آخرها تصفية قائد لواء العصبة العميد رضوان العديني على أيدي مسلحين في منطقة المستشفى الجمهوري شرقي المدينة، ناهيك عن حوادث الخطف المتكررة.
الحقوقية" إشراق المقطري" في تغريدة لها على تويتر قالت بإن جدية الحملة الأمنية من عدمها لن تتضح << إلا بعد إلقاء القبض على قتلة 250 ضحية اغتيالات وقدرة الناس على التحرك بسهولة في سوق الصميل والأشبط والعرضي والجمهوري دون اختطاف أو تقطع أو تحكم من أي أحد>> ما لم فإن الحملة، بحسب إشراق، << فلاش دعائي فقط لتمييع الحقيقة واستمرار الموت الخطط له من خارج تعز>>.
وفي تغريدة أخرى مشابه وصف عبدالسلام محمد الحملة الأمنية << بالمسرحية >> خصوصا بمجيئها بعد هروب المطلوبين، ويرى عبدالسلام أن الحملة لا تختلف كثيرا عن عملية الاستلام والتسليم التي تمت قبل أسابيع.
وتابع في تغريدته بالقول<<وطالما دويلة أبو العباس قائمة بالتوازي مع محافظة تعز فسيبقى الاٍرهاب وستتكرر المذابح وسنرى الدموع والحزن من جديد في ضيافة مدينة تعز المنكوبة بقيادتها>>.
من جانبه لم يخفِ الصحفي بسام الحسامي يأسه من جدية الحملة الأمنية ففي حديثه لوكالة الأنباء"ديبريفر" أعتبر أن الحملة ماهي إلا محاولة لامتصاص غضب الرأي العام من تردي مستوى الأمن في المدينة، خصوصا بعد وجهات نظر ساخطة، بدأت مؤخرا في التشكل تجاه أداء الجهات الأمنية، وقد تمخضت عن مظاهرات واحتجاجات شعبية.
هذا وبحسب مصادر أمنية فالحملة ما تزال مستمرة إلى اليوم وأن وحدات من الجيش والأمن لم تفتأ منتشرة في الأحياء المستهدفة بها، بينما لم تذكر المصادر معلومات عن إلقاء القبض على أية مطلوبين، وآخرهم قتلة العديني قائد لواء العصبة.
وكشف مصدر أمني-فضل عدم ذكره-لوكالة الأنباء "ديبريفر" عن وضع قناصة تابعين للحملة الأمنية، على أسطح مبان مطلة على حي الجمهوري وحوض الأشراف وباقي الأحياء، تأهبا لحصول أي طارئ.
حاميها حرميها
في سياق متصل أثارت مشاركة" كتائب أبي العباس"التابعة للواء35مدرع في الحملة الأمنية إستهجان المتابعين، حيث يرون ذلك نوعا من السخرية، إذ كيف لمن يثبت يوما بعد آخر ضلوعه فيما تعيشه المدينة من قلق واختلال أمني أن توكل إليه مهمة تأمين المدينة أو القبض على مطلوبين، يجري الحديث بإنهم في حمايته.
وأعتبر المتابعون ذلك سببا رئيسا في إخفاق الحملة الأمنية، حيث كتب هارون الأغبري على حائطه بصفحة التواصل الاجتماعي "فيسبوك" قائلا <<الحملة الأمنية تداهم أوكار المطلوبين أمنياً في تعز ولم تجد أحد فكيف سيجدون المجرم وهو من يرشدهم الطريق و يفتح لهم الأبواب>>في إشارة مبطنة لكتائب أبي العباس التي يقودها عادل فارع الذبحاني، المدعوم من الامارات العربية المتحدة.