في محاولة لإنقاذ الاتفاق النووي

روسيا والصين والاتحاد الأوروبي يتفقان على تفعيل آلية التجارة مع إيران للالتفاف على العقوبات الأمريكية

بروكسل (ديبريفر)
2019-06-29 | منذ 4 سنة

محاولات أوروبية لإنقاذ الاتفاق النووي

أعلن الاتحاد الأوروبي ومعه روسيا والصين، يوم السبت، البدء رسميا بتفعيل آلية مالية خاصة للدفع لتسهيل التجارة مع إيران، أنشأتها القوى الأوروبية الكبرى، مطلع العام، بهدف الالتفاف على العقوبات الأمريكية.

وقال الاتحاد الأوروبي في بيان إن بريطانيا وفرنسا وألمانيا لديها آلية تجارة خاصة مع إيران جاهزة ومفعلة بهدف تفادي العقوبات الاقتصادية الأمريكية.

وذكر الاتحاد في بيان أن ”فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة أبلغت المشاركين بأن " إنستيكس " INSTEX " ،تعمل حاليا ومتاحة لكل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وأنها تباشر حاليا أولى معاملاتها“.

وأكد البيان أن الأطراف الأخرى الموقعة على الاتفاق النووي "ستكثف جهودها لرفع العقوبات" من أجل تطبيع التجارة مع إيران.

وأوضح البيان المشترك في أعقاب المحادثات النووية التي عقدت، الجمعة في فيينا، أن إيران أسست أيضا كيانا للتجارة مع أوروبا، مضيفا أن دولا أخرى بالاتحاد تنضم للآلية كمساهمين.

وجاء إعلان الاتحاد الأوروبي أعلاه، بعد محادثات هامة عقدت في فيينا، أمس الجمعة، بين إيران والدول التي لا تزال ملتزمة بالاتفاق النووي بعد انسحاب الولايات المتحدة وهي روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا. وعقد الاجتماع الذي شارك فيه، مسؤولون كبار من إيران وبقية الأطراف الموقعة على الاتفاق النووي بهدف محاولة إنقاذ الاتفاق النووي المبرم بين إيران وست قوى عالمية كبرى تم التوقيع عليه في يوليو 2015، وقررت الولايات المتحدة الأمريكية الانسحاب من جانب واحد في مايو العام الماضي، مما زاد توتر العلاقات بين إيران والولايات المتحدة.

لكن باقي الدول الموقعة على الاتفاق النووي الإيراني، وهي روسيا والصين وألمانيا وفرنسا وبريطانيا، رفضت الانسحاب من الاتفاق، وأكدت التزامها به.

وعُقد اجتماع للجنة المشتركة لخطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) في فيينا لتقييم ومناقشة آخر التطورات في إطار كل من رفع العقوبات وتنفيذ الالتزامات المتعلقة بالاتفاق النووي المبرم في 2015.

وترأست اللجنة المشتركة بالنيابة عن الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني، الأمين العام للرابطة الأوروبية هيلغا شميد وحضرتها دول الصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والمملكة المتحدة وإيران على مستوى نواب وزراء الخارجية.

وأشار المشاركون إلى "الأهمية الرئيسية لاستمرار التنفيذ الكامل والفعال للاتفاق من جانب جميع الأطراف"، كما اعتبروا أن "رفع العقوبات هو جزء أساسي من الاتفاق واستعرضوا التزاماتهم في هذا الصدد"، كما قاموا بتقييم الجهود ذات الصلة الهادفة إلى التخفيف من الآثار السلبية للانسحاب الأمريكي وإعادة فرض العقوبات الأمريكية، وهي الإجراءات التي أعربوا عن "أسفهم العميق لها مرارًا وتكرارًا".

وأكد المشاركون على الدور الرئيسي الذي تلعبه الوكالة الدولية للطاقة الذرية وهي "الهيئة المحايدة الوحيدة المسؤولة عن رصد تنفيذ إيران لالتزاماتها المتعلقة بالسلاح النووي بموجب خطة العمل المشتركة JCPOA وقرار مجلس الدولي رقم 2231 من أجل التحقق من الطبيعة السلمية الخالصة للإيرانيين"، حسبما ورد في البيان.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، أواخر يناير الماضي، آلية مالية " إنستكس "، للتبادل التجاري في محاولة لحماية جزء من الاقتصاد الإيراني على الأقل من العقوبات الأمريكية.

لكن تلك الآلية لم تُفعل حتى الآن، في وقت كثفت واشنطن ضغوطها على طهران، اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، في الآونة الأخيرة بصورة غير مسبوقة.

وقال دبلوماسيون إنها ستكون قادرة على التعامل مع أحجام صغيرة من السلع فحسب مثل الأدوية وليس مبيعات النفط الكبيرة كما تطلب إيران.

وذكرت تقارير إخبارية غربية، أن الآلية الجديدة ستكون محددة الهدف وقائمة على نظام المقايضة للبضائع أو المدفوعات، وإجراء المعاملات التجارية مع إيران بعملات غير "الدولار" الأمريكي، كـاليورو، تجنباً للعقوبات الاقتصادية القاسية الأمريكية على صادرات إيران النفطية.

وأعادت واشنطن في ضوء الانسحاب إجراءات الحظر التي كانت متوقفة بعد تنفيذ الاتفاق النووي، الأولى بدأت في 7 أغسطس ، فيما بدأت أمريكا بتنفيذ الحزمة الثانية من العقوبات في 5 نوفمبر الماضي ، وهي أكثر العقوبات الاقتصادية تشددا وقسوة ، كونها تستهدف صادرات النفط الإيرانية ، وبلغت العقوبات ذروتها ، حينما أوقفت الولايات المتحدة منذ ٢ مايو ، مشتري النفط الإيراني، عن الشراء بشكل نهائي، وحذرت المخالفين من الدول بفرض عقوبات، وذلك بهدف تحقيق "صادرات صفر" من الخام إيران البلد الذي يعد ثالث أكبر عضو منتج في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).

وتضغط الولايات المتحدة على الدول الأخرى للالتزام بالعقوبات، بينما يرى الأوروبيون أن العقوبات الأمريكية تعدياً على سيادتهم وعلى مصالحهم الاقتصادية وليس فقط على المصالح الإيرانية.

وهددت إيران مراراً، على لسان كبار مسئوليها، بالانسحاب من الاتفاق النووي بين طهران والقوى الست الكبرى، في حال عدم تلبية احتياجاتها الاقتصادية من القوى الأوروبية في إطار الاتفاق. وتعهد الأوروبيون بمساعدة الشركات على إجراء معاملات مع إيران ما دامت تلتزم بالاتفاق.

وأفلحت العقوبات الأمريكية الجديدة إلى حد كبير في إقناع الشركات الأوروبية بالتخلي عن خطط للاستثمار في إيران، وقالت واشنطن إنها لا تتوقع أن يتغير ذلك بسبب مسعى الاتحاد الأوروبي الذي يعرف بالآلية ذات الغرض الخاص.

وألحقت العقوبات الأمريكية أضراراً فادحة بالاقتصاد الإيراني، حيث ارتفعت معدلات التضخم وانخفضت قيمة العملة الوطنية فيما باتت أسعار الواردات باهظة الثمن.

أخر فرصة

أمس الجمعة، أكدت إيران، إن اجتماع فيينا يوم الجمعة بين الأطراف الباقية في الاتفاق النووي هو ”آخر فرصة“ لإنقاذ الاتفاق بعد انسحاب الولايات المتحدة في العام الماضي وحذرت من أنها لن تقبل أي حلول ”ظاهرية“ فيما يتعلق بالعقوبات الأمريكية.

وتهدد إيران بتجاوز الحد الأقصى المسموح لها من اليورانيوم المخصب بموجب الاتفاق ردا على عقوبات تكبل اقتصادها فرضتها واشنطن عليها في العام الماضي.

ويقول دبلوماسيون إن أياما تفصل طهران عن بلوغ هذا الحد وأضافوا أن تجاوزه قد يؤدي لانهيار الاتفاق.

وأكد عباس موسوي المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية للتلفزيون الحكومي يوم الجمعة إن إيران ستتخذ خطوات أكثر حسما إذا فشلت الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي في حماية البلاد من العقوبات التي أعادت الولايات المتحدة فرضها.

وأضاف موسوي ”إذا فشلت آلية المدفوعات الأوروبية في تلبية مطالب إيران في إطار الاتفاق النووي ستكون خطواتنا التالية أكثر حسما“ .. موضحا أن ”تنفيذ آلية التجارة مع الاتحاد الأوروبي قد تأخر بسبب الافتقار إلى الالتزامات.

وأعلنت إيران في 17 يونيو الجاري، أن إنتاجها من اليورانيوم منخفض التخصيب سيتجاوز الحدود المتفق عليها دولياً في الاتفاق النووي خلال عشرة أيام، مؤكدة أن احتياطاتها من اليورانيوم ستزداد بوتيرة متسارعة.

ونص الاتفاق النووي الذي أبرمته الدول الكبرى مع إيران عام 2015 على ألا يتجاوز مخزون طهران من اليورانيوم المخصب 300 كيلو غرام.

كانت طهران، أعلنت في 8 مايو الماضي أنها قررت وقف الالتزام باثنين من التعهدات التي قطعتها بموجب الاتفاق النووي واللذين يحددان احتياطي اليورانيوم المخصب بـ 300 كلغ واحتياطي المياه الثقيلة بـ 130 طنا.

وفي اليوم ذاته، أعطت إيران الدول التي لا تزال موقعة على الاتفاق مهلة 60 يوما للالتفاف على العقوبات الأمريكية التي أعادت واشنطن فرضها عليها بعد قرار الرئيس دونالد ترامب الانسحاب من جانب واحد من الاتفاق في مايو 2018.

وهددت إيران في حال عدم تلبية مطالبها خلال مهلة 60 يوما بتجاوز بندين آخرين من تعهداتها التي قطعتها بشأن برنامجها النووي.

وفي السياق نفسه قال الرئيس الإيراني حسن روحاني في 17 يونيو الجاري، إنه لم يعد أمام أوروبا متسع من الوقت لإنقاذ الاتفاق النووي الدولي.

وأضاف روحاني خلال اجتماع مع سفير فرنسا الجديد بإيران "إنها لحظة حاسمة ولا يزال بوسع فرنسا العمل مع موقّعين آخرين على الاتفاق ولعب دور تاريخي لإنقاذه في هذا الوقت القصير للغاية".

وأشار إلى أن انهيار الاتفاق النووي لن يكون في مصلحة المنطقة والعالم.

الثلاثاء الفائت، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال اتصال هاتفي مع نظيره الإيراني، حسن روحاني، إن "فرنسا سعت وتسعى إلى الالتزام بالاتفاق النووي، كما تسعى إلى إقناع الأطراف المفاوضة عليه وخاصة أمريكا للالتزام فيه".

كما أكد الرئيس الفرنسي على أهمية "تعاون الجميع للحيلولة دون زيادة التوتر في المنطقة، والابتعاد عن التحركات التي تسبب رفع التوتر"، وفقا لبيان الرئاسة الإيرانية الثلاثاء.

كما تعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس في طوكيو ببذل “أقصى” ما بوسعه خلال الأيام المقبلة لـ”تفادي تصعيد عسكري” بين إيران والولايات المتحدة.

وقال ماكرون للصحافيين في اليوم الثاني من زيارته لليابان حيث يشارك في قمة مجموعة العشرين “سنبذل أقصى الجهود” حتى “لا يرتكب أي طرف ما لا يمكن تصحيحه”.

من جهته أكد الرئيس الإيراني، حسن روحاني، الفرنسي، أن بلاده لن تعيد التفاوض على الاتفاق النووي الإيراني.. معتبرا، أن الأوضاع في المنطقة، لن تتغير حتى ترفع أمريكا عقوباتها عن طهران.

وتراهن إيران بشكل كبير على الشراكة التجارية مع الاتحاد الأوروبي الذي يسعى لتفادي هذه العقوبات وتجنبها، حيث أكد تقرير حديث للمفوضية الأوروبية أن الصادرات الأوروبية لإيران في العام الماضي 2017 حققت نمواً كبيرا، وتجاوز إجمالي قيمة البضائع المستوردة من الاتحاد الأوروبي سبعة مليارات يورو، مقارنة بأكثر من خمسة مليارات يورو خلال الفترة نفسها من العام السابق له.

تهديد أمريكي ورفض صيني

وهدد المبعوث الأمريكي الخاص بشؤون إيران براين هوك يوم الجمعة إن واشنطن ستعاقب أي دولة تستورد النفط الإيراني .. موضحا أنه لا توجد إعفاءات في الوقت الحالي.

ويوم الاثنين فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقوبات على الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي وغيره من كبار المسؤولين الإيرانيين متخذا خطوة غير مسبوقة لزيادة الضغط على إيران بعد إسقاطها طائرة أمريكية مسيرة الأسبوع الماضي.

وقال المبعوث هوك للصحفيين في لندن، ردا على سؤال حول مبيعات الخام الإيراني لآسيا ”سنفرض عقوبات على أي واردات من النفط الخام الإيراني... في الوقت الحالي لا توجد أي إعفاءات على النفط“ مضيفا أن الولايات المتحدة ستنظر في التقارير بشأن مبيعات من النفط الإيراني في طريقها للصين.. مؤكدا، أن بلاده ستفرض عقوبات على أي مشتريات غير مشروعة للخام الإيراني.

وتمارس واشنطن أكبر قدر من الضغوط على الجمهورية الإسلامية من أجل ما تصفه بدفع إيران إلى التفاوض من جديد حول اتفاق أكثر صرامة، وتقديم تنازلات أكثر من التي قدمتها بموجب اتفاقها النووي عام 2015، وتندد بتدخل طهران "المزعزع للاستقرار" في الشرق الأوسط.

من جهته أكد المبعوث الصيني للمحادثات الرامية لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني فو كونغ يوم الجمعة، أن بلاده ترفض العقوبات الأمريكية على إيران.

وقال فو كونغ المدير العام لإدارة الحد من الأسلحة بوزارة الخارجية الصينية للصحفيين عقب المحادثات ”نحن نرفض فرض عقوبات من جانب واحد وبالنسبة لنا أمن الطاقة أمر مهم“.

وعندما سُئل هل ستشتري الصين النفط الإيراني رد قائلا ”نحن لا نقبل سياسة الولايات المتحدة هذه (التي تفرض حظرا كاملا على بيع الخام)“.

والصين والهند وتركيا من أكبر مستوردي النفط الإيراني، بجانب خمس دول أخرى هي اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان واليونان والعراق، وهذه الدول منحتها واشنطن إعفاءات دامت ستة أشهر، من العقوبات الأمريكية التي بدأت في نوفمبر الماضي.


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet