وسط تزايد مخاوف من اتساع رقعة الجوع بعد قرار تعليق المساعدات

الأغذية العالمي يرفض شروط الحوثيين لاستئناف نشاطه وإعادة توزيع المساعدات في صنعاء

صنعاء - ديبريفر
2019-07-01 | منذ 5 سنة

مواطنون يتسلمون مساعدات غذائية من برنامج الغذاء العالمي

أكدت مصادر مطلعة في برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، في العاصمة اليمنية صنعاء، يوم الأحد، أن البرنامج رفض الشروط التي طرحتها جماعة الحوثيين (أنصار الله)، للتحكم بقاعدة البيانات للمستحقين للمساعدات الغذائية، عبر الهيئة الوطنية للإغاثة التي أنشأتها وتسيطر عليها الجماعة، بما يسهم في عدول برنامج الأغذية العالمي، عن قراره بتعليق تقديم المساعدات الغذائية لسكان صنعاء ، الخاضعة لسيطرة الجماعة منذ أواخر سبتمبر 2014، ما يفاقم من المعاناة الإنسانية في هذا البلد الفقير بسبب استمرار الحرب الدامية للعام الخامس على التوالي.

وأشارت المصادر لـ " نيوزيمن " ، إلى مفاوضات تجريها قيادات الحوثيين ، ، مع مسؤولي البرنامج عقب الخلافات الأخيرة بين الطرفين ، والتي أدت إلى اتخاذ الأغذية العالمي قرار بالتوقف جزئيا عن تقديم المساعدات .

وذكرت مصادر إعلامية، بأنه خلافاً لحملة الاتهامات التي تروجها جماعة الحوثيين ضد برنامج الغذاء العالمي، إلا أن عملية مفاوضات تجريها قيادات الجماعة في صنعاء مع مسؤولي البرنامج لاستئناف المساعدات الإغاثية المقدمة من البرنامج وفقاً وشروط تطرحها جماعة أنصار الله.

ويدور في اليمن منذ قرابة أربع سنوات صراعاً دموياً على السلطة بين الحكومة المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عسكري تقوده السعودية، وجماعة الحوثيين (أنصار الله ) المدعومة من إيران، ما أنتج أوضاعاً إنسانية وصحية صعبة، جعلت معظم السكان بحاجة إلى مساعدات، في أزمة إنسانية تعتبرها الأمم المتحدة "الأسوأ في العالم".

وأعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، في 20 يونيو الجاري، تعليقاً جزئياً لتوزيع المساعدات في المناطق اليمنية الخاضعة لسيطرة الحوثيين. واتهم البرنامج، الجماعة الدينية، باستغلال المساعدات للتربح وتحويلها بعيداً عن المستحقين .. مؤكدا أنه يسعى من هذه الإجراءات إلى الاتفاق على آلية تضمن وصول الأغذية إلى من يحتاجون إليها.

ويسعى برنامج الغذاء العالمي لعملية تصحيح للاختلالات التي رافقت عملية توزيع المساعدات الإغاثية للسكان في مناطق سيطرة الحوثيين، بعد اكتشاف عمليات نهب لهذه المساعدات من خلال الإصرار على استخدام نظام البطاقات الإليكترونية ونظام البصمة الذي سيمنع مسؤولي الجماعة من التحكم في توزيع المساعدات على من يريدون.

التحكم بقاعدة البيانات

وقالت المصادر، إن جماعة الحوثي التي تدعي أن هذه الإجراءات إحدى وسائل التخابر التي يمارسها برنامج الأغذية العالمي وافقت على استخدام البرنامج لآليته الجديدة لكنها اشترطت أن يكون مقر السيرفر الخاص بالبيانات التي سيجمعها البرنامج عن المستحقين للمساعدات في مقر الهيئة الوطنية للإغاثة التي أنشأتها جماعة الحوثيين مؤخرا وتسيطر عليها ، وهو الأمر الذي رفضه البرنامج بشكل قاطع.

واعتبرت المصادر، إن البرنامج لو وافق على أن يكون سيرفر البيانات لدى هيئة الإغاثة الحوثية فإنه بذلك سيعمق من عمليات الفساد والسرقات التي تمارسها الجماعة الحوثية للمساعدات وسيكون بذلك قدم أكبر خدمة للمليشيات للعبث بالمساعدات الإغاثية.

وأكدت المصادر إن هيئة الإغاثة الحوثية التي تريد جماعة الحوثيين، أن يكون مقر السيرفر الخاص ببيانات المستحقين للإغاثة لديها هي السبب الرئيس والأبرز في الخلاف الحاصل بين برنامج الغذاء العالمي والحوثيين، كونها هيئة أنشئت من قبل سلطة الأمر الواقع الخاضعة للجماعة، بعيداً عن أي مرجع دستوري أو قانوني، إضافة إلى كون الهيئة مسيطراً عليها بشكل كامل ومطلق من قبل عناصر وقيادات الجماعة التي تديرها، وبالتالي هي التي كانت السبب في عمليات الفساد التي تتم للمساعدات من قبل الحوثيين.

وجاء قرار تعليق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، الجزئي لعمليات تقديم المساعدات الغذائية في العاصمة اليمنية صنعاء التي تسيطر عليها جماعة الحوثيين، بسبب عدم التوصل لاتفاق مع الحوثيين بشأن تطبيق نظام بيانات القياسات الحيوية للتحقق من الهوية، ما يسهم في وضع ضوابط تمنع تحويل الغذاء لغرض غير المخصص له وهو إطعام الأشخاص الأشد احتياجا في البلاد، وبعد انتهاء المهلة التي حددها البرنامج الدولي، بـ20 يونيو الجاري للالتزام بنظام البصمة خلال تسليم المساعدات الغذائية.

وقال برنامج الأغذية في بيان وصل إلى وكالة ديبريفر للأنباء إنه "تم اتخاذ هذا القرار بوصفه الحل الأخير بعد توقف مفاوضات مطولة بشأن الاتفاق على إدخال ضوابط لمنع تحويل مسار الأغذية بعيداً عن الفئات الأشد احتياجاً في اليمن".

وأضاف البرنامج أنه "لطالما كان يسعى للحصول على دعم من سلطات صنعاء من أجل إدخال نظام التسجيل البيومتري للمستفيدين (نظام البصمة البيولوجية) الذي كان سيحول دون التلاعب بالأغذية ويحمي الأسر اليمنية التي يخدمها البرنامج ويضمن وصول الغذاء لمن هم في حاجة ماسّة إليه" ولكن "لسوء الحظ، لم نتوصّل بعد إلى اتفاق".

وأشار إلى أن بعض الأفراد يسعون للتربح على حساب المحتاجين وتحويل مسار الأغذية بعيداً عن الأماكن التي تكون في أمس الحاجة إليه، وذلك في إشارة لبعض قيادات جماعة الحوثيين.

خوف من الجوع

تأتي هذه التطورات بشأن المفاوضات الجارية بين جماعة الحوثيين، والأغذية العالمي في وقت تزايدت مخاوف كثير من الأسر والسكان في العاصمة صنعاء، خاصة الذين نزحوا من محافظات أخرى كالحديدة إلى صنعاء، بفعل قرار الأغذية العالمي، التوقف عن تقديم المساعدات الغذائية .

وقال علي محمد سعيد " 40 عاما " موظف حكومي، أن ظروف الحرب القاسية أجبرته على النزوح من مدينة الحديدة، وأسرته مكونة من ستة أفراد، والآن ينتابه الخوف من عدم قدرته على إطعام أسرته بعد أن كان يتلقى شهريا حصة غذائية من برنامج الأغذية العالمي.

وأضاف سعيد لوكالة ديبريفر للأنباء، أنه نظرا لتوقف صرف المرتبات لموظفي الدولة لأكثر من عامين ونصف، وتوقف كثير من الأعمال بسبب الحرب، كانت المعونة الغذائية من المنظمة الدولية، تساعده كثيرا على توفير لقمة العيش لأسرته، رغم أنه لا يكفينا .

الثلاثاء الفائت، ناشدت لجنة محلية تابعة لجماعة الحوثيين (أنصار الله) برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، العدول عن قراره بتعليق تقديم المساعدات الغذائية في العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة منذ سبتمبر 2014.

وحذرت اللجنة الفنية للإغاثة الإنسانية بأمانة العاصمة صنعاء، التابعة لجماعة الحوثيين في اجتماع لها يوم الثلاثاء، من حدوث كارثة إنسانية في صنعاء إذا نفذ برنامج الأغذية العالمي قراره بتعليق المساعدات فيها، وفقاً لوكالة الأنباء اليمنية "سبأ" بنسختها في صنعاء والتي يديرها الحوثيون.

وناشدت اللجنة، برنامج الأغذية العالمي بالعدول عن قراره لما له من تبعات في حرمان الآلاف من المواطنين من المساعدات الغذائية بما فيهم النازحين الذين تتزايد أعدادهم نتيجة القتال في البلد منذ أكثر من أربع سنوات.

ويؤثر قرار تعليق المساعدات الإنسانية على 850 ألف شخص في العاصمة صنعاء من بين أكثر من عشرة ملايين شخص في أفقر دول شبه الجزيرة العربية يعتمدون على المساعدات الغذائية، لكن برامج التغذية للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية وللحوامل والمرضعات ستستمر.

ويهدف تطبيق نظام التحقق من الهوية، المعمول به عالمياً، إلى مكافحة الفساد في توزيع المساعدات، والتحكم والسيطرة في نظام بيانات القياسات الحيوية الذي يستخدمه برنامج الأغذية لضمان عدم توجيه الطعام لمن لا تستهدفهم المساعدات، منذ أن أُكتشفَ في ديسمبر 2018 حدوث تلاعب بصورة منهجية في المساعدات الغذائية التي يتم توزيعها في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين من خلال شريك محلي على صلة بالسلطات.

ويتضمن هذا النظام، عمل مسح لقزحية العين وأخذ بصمات الأصابع والوجه، وهو نظام معمول به بالفعل في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والمدعومة من تحالف عربي عسكري بقيادة السعودية.

ويقول الحوثيون إن هذه العملية يجب أن تتم تحت إدارة صندوق الرعاية الاجتماعية اليمني الذي يتخذ من صنعاء مقراً له وينسق مع منظمات الإغاثة الدولية.. معتبرا إن إصرار البرنامج على التحكم في البيانات يخالف القانون اليمني.

واتهمت جماعة الحوثيين، الخميس قبل الماضي، المنظمات الدولية باستخدام العمل الإنساني وسيلة للضغط والتكسب السياسي، مجددة رفضها برنامج العمل بنظام القياسات الحيوية للتحقق من الهوية لتحديد الأشخاص الأكثر احتياجاً للمساعدات في البلد الذي بات على شفا المجاعة.

وتقول وكالات أخرى إن المشكلات تزايدت في مناطق الحوثيين في الأشهر الأخيرة من بينها مضايقة موظفيها والتدخل في قائمة التوزيع وصعوبة الحصول على تأشيرات وفرض قيود على التنقل.

كان المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي ديفيد بيزلي اتهم في 21 يونيو الجاري، المتشددين داخل حركة أنصار الله، بأنهم لا يعبئون بالشعب ولا يعبئون بأي شيء سوى تحقيق المكاسب وزعزعة الاستقرار".

وأضاف بيزلي في مقابلة مع رويترز "في هذه المرحلة يمكن القول بوضوح إن النظام الإنساني يمول عمليات عسكرية وسياسية. نحن جهة مستقلة ومحايدة وغير منحازة وإذا لم نستطع ضمان ذلك فلا يجب أن نتواجد هناك".

وتابع "النظام الإنساني بكامله معرض للخطر هنا".

وعبر المدير التنفيذي للبرنامج الأممي عن تطلعه لأن "تفكر السلطات في صنعاء بحكمة وتفعل ما في صالح الشعب".

وأوضح بيزلي أن برنامج الأغذية يدرس كل الخيارات الأخرى منذ 18 شهراً لكنه لم يجد خياراً سوى تعليق توزيع المساعدات.

وكان برنامج الأغذية العالمي اكتشف في ديسمبر 2018 حدوث تلاعب ممنهج في الأغذية التي يجري توزيعها في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين من خلال شريك محلي على صلة بالسلطات.

وتسبّب الصراع الدامي الدائر في اليمن، لأكثر من أربع سنوات، في مقتل وجرح عشرات آلاف الأشخاص، وتصف الأمم المتحدة الأزمة الإنسانية في اليمن بأنها الأسوأ في العالم، وتؤكد أن أن أكثر من 22 مليون يمني، أي أكثر من ثلثي السكان، بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية والحماية العاجلة، بمن فيهم 8.4 مليون شخص لا يعرفون كيف سيحصلون على وجبتهم المقبلة، ويعاني نحو مليوني طفل من النقص الحاد في التغذية.


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet