تتجه منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وعدد من كبار منتجي النفط خارج المنظمة بقيادة روسيا، إلى تمديد اتفاق أوبك لخفض إنتاج النفط لـ "التسعة الأشهر القادمة، في خطوة لدعم الأسعار في سوق النفط، وسط زيادة الإمدادات من الولايات المتحدة وتباطؤ الاقتصاد العالمي.
وقالت ثلاثة مصادر بأوبك لـ " رويترز " يوم الاثنين، إن المنظمة اتفقت على تمديد خفض إمدادات النفط حتى مارس 2020، مع تجاوز الأعضاء خلافاتهم بهدف دعم سعر الخام وسط ضعف الاقتصاد العالمي وارتفاع الإنتاج الأمريكي.
ويتوقع أن تُغضب تلك الخطوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي طلب من السعودية أكبر منتج في أوبك زيادة إمدادات الخام، والمساهمة في خفض أسعار الوقود، إذا أرادت الرياض الحصول على دعم عسكري أمريكي في أزمتها مع عدوها اللدود إيران.
وقال جاري روس من بلاك جولد انفستورز ” تبذل السعودية قصارى جهدها للوصول بأسعار النفط إلى 70 دولارا للبرميل، رغم ما يريده ترامب، منها تخفيف جهودها الرامية لزيادة أسعار الخام ، لكنهم لم يتمكنوا من تحقيق ذلك رغم تراجع الصادرات النفط الإيرانية والفنزويلية. والسبب في ذلك هو ضعف الطلب ونمو الإنتاج الصخري الأمريكي“.
وبدأت منظمة أوبك وحلفاء لها فيما يعرف باسم أوبك+، يوم الاثنين، اجتماعاتها في فيينا، لمناقشة اتفاق خفض الإنتاج بواقع 1.2 مليون برميل يوميا. ولا تشارك الولايات المتحدة في الاتفاق.
وسيعقب اجتماع أوبك يوم الاثنين محادثات مع روسيا وحلفاء آخرين، فيما يُعرف باسم تحالف لأوبك+، يوم الثلاثاء.
وارتفع خام القياس العالمي برنت بما يزيد عن 25 في المائة منذ بداية العام، بعدما شدد البيت الأبيض العقوبات على فنزويلا وإيران العضوين في أوبك، وهو ما أدى إلى انخفاض صادراتهما النفطية.
وتخفض أوبك وحلفاؤها بقيادة روسيا إنتاج النفط منذ 2017 للحيلولة دون هبوط الأسعار، وسط ارتفاع الإنتاج من الولايات المتحدة التي تفوقت على روسيا والسعودية لتصبح أكبر منتج في العالم.
وزادت المخاوف بشأن تراجع الطلب العالمي نتيجة الخلاف التجاري بين الولايات المتحدة والصين من التحديات التي تواجهها أوبك المؤلفة من 14 دولة.
والولايات المتحدة، أكبر مستهلك للنفط في العالم، ليست عضوا في أوبك، ولا تشارك في اتفاق خفض الإمدادات. وربما تؤدي قفزة في أسعار النفط إلى ارتفاع تكلفة البنزين، وهي مسألة مهمة لترامب الذي يسعى لإعادة انتخابه العام القادم.
وارتفع خام برنت دولارين يوم الاثنين صوب 67 دولارا للبرميل، وهو ما عزاه المتعاملون إلى قرار أوبك بخفض الإنتاج.
السبت الفائت، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن روسيا اتفقت مع السعودية على تمديد اتفاق أوبك لخفض إنتاج النفط الحالية البالغة 1.2 مليون برميل يوميا، بما يعادل 1.2 بالمائة من الطلب العالمي، لما بين ستة وتسعة أشهر.
وقال بوتين في مؤتمر صحفي عقب محادثات مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على هامش قمة مجموعة العشرين في مدينة أوساكا اليابانية، أن الاتفاق، الذي انتهى العمل به أمس الأحد، سيمدد بشكله الحالي وبالكميات ذاتها.
واعتبر بوتين” أن الشراكة الإستراتيجية داخل أوبك+ أدت لاستقرار أسواق النفط وسمحت بخفض الإنتاج وزيادته حسب مقتضيات الطلب في السوق وهو ما يسهم في التكهن بآفاق الاستثمارات ونموها في القطاع“.
وأكد بوتين، أن روسيا والسعودية ستدعمان التمديد، فيما يتعلق بفترة التمديد لم نقرر بعد إذا كانت ستة أو تسعة أشهر، ربما ستكون تسعة أشهر“.
ويعني التمديد لمدة تسعة أشهر أن يستمر العمل بالاتفاق حتى 30 مارس 2020. كما أن موافقة روسيا تعني أن اجتماع أوبك+ قد يكون سلسا إذ أقرت إيران أيضا هذا الإجراء.
واتفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وعدد من كبار منتجي النفط خارج المنظمة بقيادة روسيا خلال ديسمبر 2018، على خفض الإنتاج بدءاً من يناير 2019، بواقع 1.2 مليون برميل يومياً، ولمدة ستة أشهر، بهدف وقف زيادة المخزونات ودعم الأسعار لتحقيق التوازن في السوق، بعد هبوط أسعار النفط إلى 60 دولاراً من أكثر من 80 دولار في أكتوبر الماضي.
مخاطر جيوسياسية متفاقمة
أظهر استطلاع أجرته رويترز لآراء محللين أن أسعار النفط ربما تتعثر، إذ يضغط تباطؤ الاقتصاد العالمي على الطلب في حين يغرق النفط الأمريكي السوق.
وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح ”أعتقد أن تسعة أشهر تتيح لنا مساحة كافية للانتظار حتى تتوازن السوق“، مؤكدا ، أن السعودية ستواصل خفض الإمدادات إلى العملاء في يوليو.
وانخفضت صادرات إيران إلى 0.3 مليون برميل يوميا في يونيو حزيران من 2.5 مليون برميل يوميا في أبريل نيسان 2018 بسبب العقوبات الجديدة التي فرضتها واشنطن.
وتضع العقوبات إيران تحت ضغوط غير مسبوقة. وحتى في 2012 عندما انضم الاتحاد الأوروبي إلى واشنطن في فرض عقوبات على طهران، ظلت صادرات البلاد عند حوالي مليون برميل يوميا. ويسهم النفط بالجانب الأكبر من إيرادات الميزانية الإيرانية.
وتقول واشنطن إنها تريد تغيير ما تصفه بأنه نظام "فاسد" في طهران. ونددت إيران بالعقوبات واعتبرتها غير شرعية، وتقول إن البيت الأبيض يديره أشخاص "متخلفون عقليا".
وقالت آن لويز هيتل، نائبة الرئيس في وود ماكنزي الاستشارية ”التوترات المتفاقمة بين الولايات المتحدة وإيران تزيد من احتمال حدوث تقلبات في أسعار النفط قد يصعب على أعضاء أوبك إدارتها“.
كان وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، حذر في 10 يونيو، من هبوط أسعار النفط الخام إلى 30 دولاراً للبرميل، في حال عدم تمديد اتفاق خفض الإنتاج النفطي الذي وقعته موسكو وعدد من كبار منتجي النفط مع منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) الذي من المقرر أن ينتهي قبل أول يوليو القادم.
وقال نوفاك، للصحفيين عقب لقائه نظيره السعودي خالد الفالح في موسكو حينها ، إن هناك مخاطر كبيرة بحدوث فائض في الإمدادات في السوق، وأن موسكو بحاجة لمراقبة سوق النفط بصورة أكبر كي يتسنى اتخاذ قرار متوازن في مطلع يوليو القادم، في إشارة إلى اجتماع مهم يعقد في فيينا لدول أعضاء أوبك وحلفاءها بقيادة روسيا في ما يعرف باسم "تحالف أوبك+"، لإقرار ما إذا كانوا سيمددون اتفاقية خفض المعروض من عدمه.
من جهته قال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، إن سوق النفط تحتاج إلى مراقبة مستمرة في جانب العرض، لمواصلة توجيه السوق نحو الاستقرار.
وأكد الفالح، في مقابلة مع وكالة تاس الروسية، بعدما التقى في موسكو، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الروسي ألكسندر نوفاك حينها، ثقته التامة من أن جميع أعضاء أوبك يتفقون على أننا بحاجة إلى تمديد إعلان الاتفاق .. مشيرا إلى أن الإمارات والكويت وجميع كبار المنتجين في أوبك، وكذلك العديد من الدول غير الأعضاء فيها مثل سلطنة عمان وكازاخستان وأذربيجان، تدعم تمديد الاتفاق.
وذكر الوزير الفالح، بأن روسيا، هي الدولة الوحيدة في اتفاق تحالف أوبك + لم تقرر موقفها بعد من تمديد الاتفاق حتى نهاية 2019.. موضحا ": أن روسيا أكبر منتج في أوبك + ، تنتج أكثر قليلا مما تنتجه المملكة التي تعد أكبر منتج في (أوبك) ، لذلك من الواضح أنني أقول دائما أن كبار المنتجين يجب أن يكونوا مثالاً يحتذى به":.
وأظهرت بيانات رسمية روسية، الثلاثاء الفائت، إن متوسط إنتاج روسيا النفطي بلغ 10.87 مليون برميل يوميا في الفترة من الأول إلى الثالث من يونيو الحالي، انخفاضا من متوسط قدره 11.11 مليون برميل يوميا في مايو.
وانتهى، أمس الأحد، أجل اتفاق "أوبك+"، التي تضم أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) علاوة على منتجين آخرين من بينهم روسيا، لخفض الإنتاج 1.2 مليون برميل يوميًا.
ويبلغ خفض الإنتاج الفعلي الذي تطبقه أوبك وحلفاؤها نحو مليوني برميل يوميا، نصيب أوبك من المتفق عليه من تخفيضات الإنتاج هو 800 ألف برميل يومياً لكن الخفض الفعلي أكبر بكثير بسبب الإنتاج المفقود من إيران وفنزويلا نتيجة العقوبات الأمريكية على البلدين، وكليهما مستثنى من الخفض الطوعي بموجب الاتفاق الذي تقوده أوبك.
وتشهد أسعار النفط العالمية تذبذبا حادا، منذ مايو الماضي، بلغت خلاله فجوة أعلى وأدنى سعر 11 دولارا للبرميل، بين 61 و72 دولارا بالنسبة لخام برنت، وسط احتمال تعطل الإمدادات جراء تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، والذي قابلته مخاوف من أن تؤدي حرب تجارية طويلة بين أكبر اقتصاديين في العالم، الولايات المتحدة والصين، إلى كبح الطلب على الخام، في ظل سوق تعاني من شح بالفعل في الوقت الذي تكبح فيه منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وروسيا ومنتجون آخرون الإمدادات منذ بداية العام ولمدة ستة أشهر لدعم الأسعار.