اليمن.. تعز تستقبل العيد بمشاعر ممتلئة إلا من الفرح..!

تعز - - ديبريفر- عبدالملك النمري
2018-06-15 | منذ 5 سنة

صورة لطفل من تعز تشرح واقع الحال - ارشيف


ربما لم يعد من اليسير إقناع الأطفال بأن يرقبوا العيد في ثياب قديمة هذا العام، فهذه ليست المرة الأولى التي يطلب ذلك منهم؛ كي يغفروا فيها حرمانهم من فرحهم الأكبر تحت ذرائع أسرية عديدة.

تلك اسطوانة مضى عليهم وهم يسمعونها ثلاثة أعوام لدرجة أن أولياء أمورهم استهلكوا خلالها ما في حوزتهم من أعذار، وحتى وعودهم، من كثرة إخلافها، ما عادت قابلة لأن تصدق، بل غدت في نظر الأبناء محض كذبات يقترفها أباؤهم بحقهم كل عام مرتين.


وعلى ذكر الآباء، ومن باب الإنصاف، يجدر القول بانهم هم الآخرين ضحايا لوعود سيادية عليا.وإن كانت مختلفة نوعا ما، عدا أنها جميعا تصير إلى وهم في نهاية المطاف.غير أن ذلك يجب ألا يلغي حقيقة أن خذلان الآباء لأطفالهم مترتب، كل مرة، عن خذلان سيادي أعلا.


” فالنفاق الذي تمارسه الحكومة الشرعية في خصوص مسألة صرف مرتبات الموظفين، وتبني أسر الشهداء، وكفالة جرحى الحرب في تعز؛ ينتهي لا محالة إلى وضع الموظف، والجريح وكذا الأرملة، في موقف المذنب أمام أسرته” كما يقول التربوي محمد العزعزي في تصريح لوكالة الأنباء” ديبريفر”.


فمنذ نقلت الحكومة الشرعية المركز الرئيس للبنك المركزي اليمني إلى العاصمة المؤقتة ” عدن ” منتصف سبتمبر/أيلول2016، لم يقبض موظفو تعز في القطاع المدني سوى أربعة مرتبات فحسب، فيما بقيت الوعود من حينها في انهمار متواصل!

الحصار فرض واقعا أمر على سكان تعز - ارشيف


محمد العزعزي حتى وبعد استلامه مرتبا في بديات مارس/آذار 2018 يجد صعوبة في توفير أبسط احتياجات أسرته المكونة من ثلاث بنات وأربعة صبيان، حتى أنه لجأ إلى العمل سائقا لدراجة نارية 'موتور' محاولا بذلك سد فراغ انقطاع مرتبه.

وبرغم ذلك يؤكد العزعزي لـ”ديبريفر” بإن حالته المادية ما تزال على حالها شديدة البؤس؛ فالمال المكتسب من وراء عمله الجديد قليل بالكاد يفي بشراء المتطلبات اليومية للأسرة، في حين يجب على محمد، نهاية كل شهر، دفع إيجار المنزل، فضلا عن متطلبات أخرى كثيرة.

العيد بهجة معلقة

وعن اقتراب عيد الفطر وما يرافقه من التزامات، كشراء ملابس للأطفال وادخار بعض المال لأجل التنزه وغيرها، يتحدث محمد العزعزي لوكالة الأنباء ”ديبريفر” بأنه يعلق كل ذلك على أمل أن يصدق ” توجيه محافظ البنك المركزي اليمني، الدكتور محمد زمام، بصرف مرتبات موظفي محافظة تعز فوراً ودون أي تأخير !! ” توجيه المحافظ صدر في السادس من شهر يونيو الجاري.

في ذات الوقت يشكو المواطنون في تعز من ارتفاع أسعار الملابس إلى أرقام مهولة لم يكن في وسعهم دفعها بالأيام العادية، ناهيك الآن ومدينتهم في ظل حرب محتدمة منذ أربع سنوات وكذا محصارة من قبل الحوثيين للمدة الزمنية ذاتها، فضلا عن التناسي الحكومي الواضح.

ويرجع التجار سبب غلاء المشتريات إلى ازدياد ثمن توصيل البضائع سواء من المحافظات أو استيرادها من الخارج، وذلك نتيجة الحصار الكبير على اليمن مرورا بالأضيق منه حول تعز، مضافا إلى كل ذلك انخفاض سعر العملة المحلية.

التجار أنفسهم أكدوا بانخفاض نسبة الشراء هذا العام، وأن إقبال الزبائن خف بدرجة كبيرة مقارنة بالأعياد السابقة. وهذا لا يدل سوى على أن المواطنين قد وصلوا إلى وضع مادي لا يطاق.

الدمار والخراب أهم ملامح المدينة

 

فرح مرهون بمعجزة

أهو سوء طالع، أم سوء تصرف سكانيها، أو أنها لعنة قديمة..؟! في الواقع لا أحد يعلم، على وجه الدقة، لماذا مدينة تعز عاثرة الحال هكذا، بيد أن ثمة إجماع كبير على الرأي القائل بإن سيرورة المدينة معلقة على أهواء وأمزجة من خارج إرادتها، كحال التربوي محمد العزعزي وباقي زملائه في القطاع المدني، المعلقين تحسن وضعهم على ما ستجود به الحكومة الشرعية من مال.

مع هذا وإن بنيت بهجة أسر موظفي تعز على أمل هزيل طالما باء بالخيبة، فهم أفضل حال من غيرهم، مازال لديهم أمل يتشبثون به على الأقل، في حين فقد كثير من أطفال المدينة عائلهم وصاروا يعيشون على”باب الله” طعامهم، شرابهم، وفرحتهم في العيد أيضا غدت كلها- بالنسبة إليهم- أشياء توفرها مرهون بحصول معجزة.!

في تقريره الجديد والذي أصدره الجمعة 8 يونيو2018 أعلن ” إئتلاف الإغاثة الإنسانية بتعز عن أن 84 أسرة فقدت عائلها بعد أن قتلوا بسبب الحرب، كما تعرض نحو 150 شخص آخر كانوا يعولون أسرهم للتوقف عن أعمالهم جراء الإصابات التي تعرضوا لها، وذلك فقط خلال شهري أبريل ومايو من العام الجاري .”

ولفت التقرير ” إلى أن الحرب الدائرة في تعز خلال الشهرين الماضيين بين مختلف الأطراف ، خلفت وراءها 325 يتيم، يحتاجون للرعاية وتقديم المساعدات اللازمة ".

”الإتلاف ” -وهو مكون مدني- وصى في نهاية تقريره الجهات الحكومية والإغاثية باستمرار أنشطتها والتزاماتها تجاه المدنيين في مديريات محافظة تعز كافة؛ نظرا للوضع الإنساني المتردي الذي تعيشه المحافظة.

على غير العالم، يُستقبل العيد منذ سنوات ثلاث في تعز بأذرع مخضبة بدم بدلا للحناء الأسود الجميل، وعلى عكس العالم أيضا أضحى العيد لدى ساكنيها ذكرى لا تثير فيهم سوى مشاعر حزينة.

 


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet